- تشريع العمرة من الجعرانة:
أحرم النبي ^ بعمرة من الجعرانة، وكان داخلا إلى مكة وهذه هي السنَّة لمن دخلها من طريق الطائف وما يليه، وأما ما يفعله كثير مما لا علم عندهم من الخروج من مكة إلى الجعرانة ليحرم منها بعمرة ثم يرجع إليها فهذا لم يفعله رسول الله ^, ولا استحبه أحد من أهل العلم، وإنما يفعله عوام الناس زعموا أنه اقتداء بالنبي وغلطوا، فإنه إنما أحرم منها داخلا إلى مكة ولم يخرج منها إلى الجعرانة ليحرم منها( ).
22- إرشاده ص للأعرابي بأن يصنع في العمرة ما يصنع في الحج:
قال يعلى بن منبه: جاء رجل إلى النبي ^ وهو بالجعرانة وعليه جبة، وعليها خلوق( ) -أو قال: أثر صفرة- فقال: كيف تأمرني أصنع في عمرتي؟ قال: وأُنزل على النبي ^ الوحي، فستر بثوب, وكان يعلى يقول: وددت أني أرى النبي ^ وقد أنزل الوحي عليه, قال: فرفع عمر طرف الثوب عنه فنظرت إليه، فإذا له غطيط (قال) فلما سري عنه قال: «أين السائل عن العمرة؟ اغسل عنك الصفرة -أو قال: أثر الخلوق- واخلع عنك جبتك، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك» ( ).
23- من قتل قتيلاً فله سلبه:
قال أبو قتادة: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله, فأسرعت إلى الذي يختله فرفع ليضربني وأضرب يده فقطعتها, ثم أخذني فضمني ضمًّا شديدًا حتى تخوفت, ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته, وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله, ثم تراجع الناس إلى رسول الله، فقال رسول الله ^: «من أقام بينة على قتيل قتله، فله سلبه»، فقمت لألتمس بينة قتيلي فلم أر أحدًا يشهد لي فجلست, ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله ^ فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي، فأرضه منه, فقال أبو بكر: كلا لا يعطه( ) أصيبغ من قريش ويدع( ) أسدًا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله، قال: فقام رسول الله ^ فأداه إليَّ فاشتريت منه خرافًا( ), فكان أول مال تأثلته في الإسلام( ).
ونلحظ في هذا الخبر أن أبا قتادة الأنصاري حرص على سلامة أخيه المسلم، وقتل ذلك الكافر بعد جهد عظيم، كما أن موقف الصديق فيه دلالة على حرصه على إحقاق الحق، والدفاع عنه, ودليل على رسوخ إيمانه وعمق يقينه وتقديره لرابطة الأخوة الإسلامية وأنها بمنزلة رفيعة بالنسبة له( ).
24- النهي عن الغلول:
أخذ النبي ^ يوم حنين وبرة من سنام بعير من الغنائم، فجعلها بين إصبعيه ثم قال: «أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط, وإياكم والغلول، فإن الغلول عار، ونار، وشنار على أهله في الدنيا والآخرة»( ).
ولما سمع الناس هذا الزجر بما فيه من وعيد من رسول الله ^ أشفقوا على أنفسهم وخافوا خوفا شديدًا فجاء أنصاري بكبة خيط من خيوط شعر، فقال: يا رسول الله, أخذت هذه الوبرة لأخيط بها برذعة بعير لي دبر، فقال له ^: «أما حقي منها، وما كان لبني عبد المطلب فهو لك», فقال الأنصاري: أما إذا بلغ الأمر فيها ذلك فلا حاجة لي بها, فرمى بها من يده( ).
وأما عقيل بن أبي طالب فقد دخل على امرأته فاطمة بنت شيبة يوم حنين، وسيفه ملطخ دمًا، فقال لها: دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك، فدفعها إليها, فسمع المنادي
يقول: من أخذ شيئًا فليرده، حتى الخياط والمخيط, فرجع عقيل فأخذ الإبرة من امرأته، فألقاها في الغنائم( ).
وهذا التشديد في النهي عن الغلول، وتبشيعه بهذه الصورة الشائهة المرعبة، ولو كان في شيء تافه لا يلتفت إليه، يمثل معلما من أهم معالم المنهج النبوي في تربية الأفراد على ما ينبغي أن يكون عليه الفرد المسلم في حياته العملية, إيمانًا وأمانة, وفي التزام الأفراد بهذا التوجيه يتطهر المجتمع المسلم من رذيلة الخيانة، لأن التساهل في صغيرها يقود إلى كبيرها، والخيانة من أرذل الأخلاق الإنسانية التي لا تليق بالمجتمع المسلم( ).
25- وفاء نذر كان في الجاهلية:
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما قفلنا من حنين سأل عمر النبي ^ عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكافًا فأمره النبي ^ بوفائه( ).
26- أنس بن أبي مرثد الغنوي وحراسة المسلمين:
قال رسول الله ^ قبل اندلاع معركة حنين: «من يحرسنا الليلة؟» فقال أنس بن أبي مرثد: أنا يا رسول الله، قال ^: «فاركب» فركب ابن أبي مرثد فرسا له، وجاء إلى رسول الله ^ فقال له ^: «استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ونُغَرَنَّ من قبلك الليلة».
قال سهيل بن الحنظلية: فلما أصبحنا خرج رسول الله ^ إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال: «هل أحسستم فارسكم؟» قالوا: ما أحسسناه، فثّوب بالصلاة, فجعل ^ يصلي، وهو يلتفت إلى الشعِّب، حتى إذا قضى صلاته، قال: «أبشروا فقد جاءكم فارسكم», فجعل ينظر إلى خلال الشجر في الشعب, فإذا هو قد جاء حتى وقف عليه فقال: إني انطلقت حتى إذا كنت في أعلى الشعب حيث أمرني ^، فلما أصبحت طلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا، فقال ^: «هل نزلت الليلة؟» فقال: لا، إلا مصليا أو قاضي حاجة، فقال له ^: «قد أوجبت، فلا عليك أن تعمل بعدها»( ) وفي هذا الخبر يظهر لنا المنهج النبوي الكريم في الاهتمام بالأفراد، فقد ظهر اهتمام النبي ^ بطليعة القوم حتى جعل يلتفت في صلاته، وما كان ذلك ليحدث إلا لأمر مهم، ثم إنه ^ قال: «أبشروا فقد جاء فارسكم», إنها الكلمة التي يستعملها ^ في إخبارهم بما يسرهم من الأمور العظيمة، تلك هي أهمية الفرد في المجتمع الإسلامي، إنه ليس كمَّا مهملاً، ولا رقمًا في سجل ولا بزالاً في آلة، يستغنى عنه عند الضرورة ليؤتى بغيره، إنها بعض التفسير للمنهج الإلهي( ) في قوله: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً .
كما أن في هذه القصة معلمًا من معالم المنهج النبوي الكريم في وجوب اليقظة وتعرف أحوال العدو، ومراقبة حركاته، ومعرفة ما عنده من القوة عددًا وعدة, وما رسمه من خطط حربية، وهي سياسة مهمة بالنسبة للقادة الذين يسعون لإعلاء كلمة الله في الأرض( ).
وأما قول الرسول ^: «قد أوجبت فلا عليك أن تعمل بعدها» فهذا محمول على النوافل التي يكفر الله بها السيئات، ويرفع بها الدرجات، والمقصود أنه عمل عملا صالحـًا كبيرًا يكفي لتكفير ما قد يقع منه من سيئات في المستقبل، ويرفع الله به درجاته في الجنة، وليس المقصود أن هذا العمل يكفيه عن أداء الواجبات( ).
27- شجاعة أم سليم يوم حنين:
قال أنس : إن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا( ) فكان معها, فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله ^: «ما هذا الخنجر» قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله ^ يضحك، قالت: يا رسول الله, اقتل من بعدنا( ) من الطلقاء( ) انهزموا بك( ), فقال رسول الله: «يا أم سليم, إن الله قد كفى وأحسن»( ).
28- الشيماء بنت الحارث أخت النبي ^ من الرضاعة:
كان المسلمون قد ساقوا فيمن ساقوه إلى رسول الله الشيماء بنت الحارث، وبنت حليمة السعدية، أخت رسول الله ^ من الرضاعة، وعنفوا عليها في السوق، وهم لا يدرون, فقالت للمسلمين: تعلمون والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله، ولما انتهت الشيماء إلى رسول الله ^ قالت: يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال: «ما علامة ذلك؟» قالت: عضة عضضتها في ظهري، وأنا متوركتك( ), وعرف رسول الله ^ العلامة، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه، وخيَّرها، وقال: «إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت» فقالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي( ). ومتعها رسول الله ^ فأسلمت، وأعطاها رسول الله ^ ثلاثة أعبد وجارية ونعماء وشاء( ).
29- إسلام كعب بن زهير –الشاعر– والهيمنة الإعلامية على الجزيرة:
لما قدم رسول الله ^ من الطائف، جاءه كعب بن زهير -الشاعر ابن الشاعر- وكان قد هجا رسول الله ^ ثم ضاقت به الأرض، وضاقت عليه نفسه, وحثه أخوه (بجير) على أن يأتي رسول الله ^ تائباً مسلما، وحذره من سوء العاقبة إن لم يفعل ذلك، فقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله ^ والتي اشتهرت بـ (قصيدة بانت سعاد), فقدم المدينة، وغدا إلى رسول الله ^ حين صلى الصبح، ثم جلس إليه، ووضع يده في يده، وكان رسول الله ^ لا يعرفه، فقال لرسول الله ^ : إن كعب بن زهير جاء يستأمنك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه؟ فوثب عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله, دعني وعدو الله، أضرب عنقه، فقال رسول الله ^: «دعه عنك فقد جاء تائبًا نازعًا», وأنشد كعب قصيدته اللامية التي قال فيها:
متيم إثرها لم يفد مكبول
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول(
إلا أغنُّ قرير العين مكحول( )
وما سعاد غداة الطرف إذ رحلوا
ومنها:
مهند من سيوف الله مسلول
إن الرسول لنور يستضاء به
ببطن مكة لما أسلموا: زولوا
في عصبة من قريش قال قائلهم
من نسج داود في الهيجا سرابيل( )
شُمُّ العرانين أبطال لبوسُهم
ويقال إنه لما أنشد رسول الله قصيدته أعطاه بردته، وهي التي صارت إلى الخلفاء( ). قال ابن كثير: هذا من الأمور المشهورة جدًّا، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه، فالله أعلم( ).
ويقال: إن الرسول ^ قال له بعد ذلك: «لولا ذكرت الأنصار بخير فإن الأنصار لذلك أهل!»( )، فقال:
في مقنب من صالحي الأنصار( )
من سره كرم الحياة فلا يزل
إن الخيار هم بنو الأخيار
ورثوا المكارم كابرًا عن كابر
كسوالف الهندي غير قصار( )
المكرهين السمهريَّ بأذرع
كالجمر غير كليلة الأبصار
والناظرين بأعين محمرَّة
للموت يوم تعانق وكرار
والبائعين نفوسَهم لنبيهم
بالمشرفي وبالقنا الخطار( )
والقائدين( ) الناس عن أديانهم
بدماء من علقوا من الكفار
يتطهرون يرونه نسكًا لهم
إلى أن قال:
فيهم لصدقني الذين أماري( )
لو يعلم الأقوام علمي كله
للطارقين( ) النازلين مقاري( )
قوم إذا خوت النجوم فإنهم
وبإسلام كعب بن زهير نستطيع القول إن الشعراء المعارضين للدعوة الإسلامية قد انتهى دورهم، فقد أسلم ضرار بن الخطاب وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن هشام، والعباس بن مرداس، وتحولوا إلى الصف الإسلامي, واستظلوا بلوائه عن قناعة وإيمان، ولم يكتف بعضهم بأن تكون كلمته في الدفاع عن الإسلام, بل كان سيفه إلى جانب كلمته، وهذا من بركات فتح مكة( ).
30- رفع الصوت للحاجة:
الرسول عليه الصلاة والسلام ذم رفع الصوت لغير الحاجة؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿ واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ﴾ فأما رفع الصوت للحاجة فلا بأس به.
قال البخاري في كتاب العلم: باب من رفع صوته بالعلم، ثم أتى بحديث ابن عمرو : « أن الرسول عليه الصلاة والسلام رفع صوته وقال: ويل للأعقاب من النار » فهنا رفع ^ صوته ينادي في الناس، وقال للعباس : ارفع صوتك وناد في الناس، فأخذ يقول: «يا أهل سورة البقرة, يا من بايع النبي ^ تحت الشجرة» حتى يأتون.
31- تأثير قبضتي الحصى والتراب في أعين الأعداء:
من الأسلحة المادية التي أيد الله بها رسوله ^ يوم حنين تأثير قبضتي الحصى والتراب اللتين رمى بهما وجوه المشركين، حيث دخل في أعينهم كلهم من ذلك الحصى والتراب فصار كل واحد يجد لها في عينيه أثرًا، فكان من أسباب هزيمتهم( ), قال العباس : ثم أخذ رسول الله ^ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: «انهزموا وربِّ محمد» قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلاً وأمرهم مدبرا( ).
32- فضل أبي سفيان بن الحارث :
وهو أبو سفيان بن الحارث ليس أبا سفيان بن حرب , فـ أبو سفيان بن الحارث ابن عم رسول الله ^، والرسول عليه الصلاة والسلام كان له أعمام عشرة منهم الحارث ابنه أبو سفيان هذا، وما أسلم إلا قبل الفتح بأيام, سمع أن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقدم فاتحاً لـ مكة , وعلم أنه أساء مع الرسول عليه الصلاة والسلام في المقاتلة وأساء في المهاجاة؛ لأن أبا سفيان كان شاعرا يرسل القصائد يهجو بها رسول الله ^ والمسلمين، فلما علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقدم مكة فاتحا أخذ أطفاله، وكانوا صغارا كأنهم فراخ الطير من البنات ومن الأبناء, وخرج بهم من مكة ولقيهم علي بن أبي طالب دون مكة بين عسفان و مكة في طريق رحب في شعب من الشعاب.
فقال علي ابن عمه: إلى أين يا أبا سفيان ؟ قال: يا علي قاتلنا محمدا وآذيناه وشتمناه وطردناه وأخرجناه؛ سوف أخرج بأطفالي هؤلاء وأموت جوعاً وعرياً وعطشاً في الصحراء, والله لئن قدر علي ليقطعني بالسيف إرباً إربا.
فقال علي بن أبي طالب : أخطأت يا أبا سفيان ! إنك لا تعرف رسول الله ^، فهو أحلم الناس وأكرمهم وأرحمهم، فعد إليه وسلم عليه بالنبوة، وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف:
﴿ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ﴾ لأنهم إخوان وأبناء عم، فأتى أبو سفيان بأطفاله يقودهم بأيديهم, فلما وقف عند خيمة أم سلمة وكان الرسول ^ داخل الخيمة، قال: ائذنوا لي أدخل على رسول الله ^، قال الرسول ^ : من في الباب؟ قالوا: يا رسول الله أبو سفيان بن الحارث ، قال: لا يدخل علي، لأنه أساء كل الإساءة ما ترك أمرا إلا وكاد به رسول الله ^ ، فأخذت أم سلمة تبكي وتقول: يا رسول الله! لا يكون ابن عمك وقريبك أشقى الناس بك، وأخذت تناشده الله عز وجل، قال: أدخلوه علي، فدخل.
فقال: السلام عليك يا رسول الله، أما بعد: ﴿ لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ﴾ قاتلناك يا رسول الله وآذيناك وأخرجناك والله لا أدع موقفا قاتلتك فيه إلا قاتلت فيه معك، ولا نفقة أنفقتها في حربك إلا أنفقتها معك، ثم أخذ يعدد، فرفع ^ طرفه وعيناه تنزل الدموع، قال: ﴿ لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ﴾ فقال: يا رسول الله! اسمع مني، قال: قل، قال:
لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد
لك المدلج الحيران أظلم ليله فهذا أواني يوم أهدى وأهتدي
هداني إلى الرحمن ربي وقادني إلى الله من طردت كل مطرد
فقام عليه الصلاة والسلام فعانقه وضرب على صدره وقال: أنت طردتني كل مطرد، فأخذ يخدم محمداً ^، لا يرتحل مرتحلا إلا قام وحزم له متاعه وشد له رحله، وأخذ ببغلته يقودها, فهو قائد البغلة يوم حنين اليوم الأكبر من أيام الله, يوم ثبت رسول الهدى ^ ونزل يقارع الأبطال وهو يقول: « أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب ».
أحرم النبي ^ بعمرة من الجعرانة، وكان داخلا إلى مكة وهذه هي السنَّة لمن دخلها من طريق الطائف وما يليه، وأما ما يفعله كثير مما لا علم عندهم من الخروج من مكة إلى الجعرانة ليحرم منها بعمرة ثم يرجع إليها فهذا لم يفعله رسول الله ^, ولا استحبه أحد من أهل العلم، وإنما يفعله عوام الناس زعموا أنه اقتداء بالنبي وغلطوا، فإنه إنما أحرم منها داخلا إلى مكة ولم يخرج منها إلى الجعرانة ليحرم منها( ).
22- إرشاده ص للأعرابي بأن يصنع في العمرة ما يصنع في الحج:
قال يعلى بن منبه: جاء رجل إلى النبي ^ وهو بالجعرانة وعليه جبة، وعليها خلوق( ) -أو قال: أثر صفرة- فقال: كيف تأمرني أصنع في عمرتي؟ قال: وأُنزل على النبي ^ الوحي، فستر بثوب, وكان يعلى يقول: وددت أني أرى النبي ^ وقد أنزل الوحي عليه, قال: فرفع عمر طرف الثوب عنه فنظرت إليه، فإذا له غطيط (قال) فلما سري عنه قال: «أين السائل عن العمرة؟ اغسل عنك الصفرة -أو قال: أثر الخلوق- واخلع عنك جبتك، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك» ( ).
23- من قتل قتيلاً فله سلبه:
قال أبو قتادة: لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله, فأسرعت إلى الذي يختله فرفع ليضربني وأضرب يده فقطعتها, ثم أخذني فضمني ضمًّا شديدًا حتى تخوفت, ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته, وانهزم المسلمون وانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس، فقلت له: ما شأن الناس؟ قال: أمر الله, ثم تراجع الناس إلى رسول الله، فقال رسول الله ^: «من أقام بينة على قتيل قتله، فله سلبه»، فقمت لألتمس بينة قتيلي فلم أر أحدًا يشهد لي فجلست, ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله ^ فقال رجل من جلسائه: سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي، فأرضه منه, فقال أبو بكر: كلا لا يعطه( ) أصيبغ من قريش ويدع( ) أسدًا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله، قال: فقام رسول الله ^ فأداه إليَّ فاشتريت منه خرافًا( ), فكان أول مال تأثلته في الإسلام( ).
ونلحظ في هذا الخبر أن أبا قتادة الأنصاري حرص على سلامة أخيه المسلم، وقتل ذلك الكافر بعد جهد عظيم، كما أن موقف الصديق فيه دلالة على حرصه على إحقاق الحق، والدفاع عنه, ودليل على رسوخ إيمانه وعمق يقينه وتقديره لرابطة الأخوة الإسلامية وأنها بمنزلة رفيعة بالنسبة له( ).
24- النهي عن الغلول:
أخذ النبي ^ يوم حنين وبرة من سنام بعير من الغنائم، فجعلها بين إصبعيه ثم قال: «أيها الناس إنه لا يحل لي مما أفاء الله عليكم قدر هذه، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط, وإياكم والغلول، فإن الغلول عار، ونار، وشنار على أهله في الدنيا والآخرة»( ).
ولما سمع الناس هذا الزجر بما فيه من وعيد من رسول الله ^ أشفقوا على أنفسهم وخافوا خوفا شديدًا فجاء أنصاري بكبة خيط من خيوط شعر، فقال: يا رسول الله, أخذت هذه الوبرة لأخيط بها برذعة بعير لي دبر، فقال له ^: «أما حقي منها، وما كان لبني عبد المطلب فهو لك», فقال الأنصاري: أما إذا بلغ الأمر فيها ذلك فلا حاجة لي بها, فرمى بها من يده( ).
وأما عقيل بن أبي طالب فقد دخل على امرأته فاطمة بنت شيبة يوم حنين، وسيفه ملطخ دمًا، فقال لها: دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك، فدفعها إليها, فسمع المنادي
يقول: من أخذ شيئًا فليرده، حتى الخياط والمخيط, فرجع عقيل فأخذ الإبرة من امرأته، فألقاها في الغنائم( ).
وهذا التشديد في النهي عن الغلول، وتبشيعه بهذه الصورة الشائهة المرعبة، ولو كان في شيء تافه لا يلتفت إليه، يمثل معلما من أهم معالم المنهج النبوي في تربية الأفراد على ما ينبغي أن يكون عليه الفرد المسلم في حياته العملية, إيمانًا وأمانة, وفي التزام الأفراد بهذا التوجيه يتطهر المجتمع المسلم من رذيلة الخيانة، لأن التساهل في صغيرها يقود إلى كبيرها، والخيانة من أرذل الأخلاق الإنسانية التي لا تليق بالمجتمع المسلم( ).
25- وفاء نذر كان في الجاهلية:
قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: لما قفلنا من حنين سأل عمر النبي ^ عن نذر كان نذره في الجاهلية اعتكافًا فأمره النبي ^ بوفائه( ).
26- أنس بن أبي مرثد الغنوي وحراسة المسلمين:
قال رسول الله ^ قبل اندلاع معركة حنين: «من يحرسنا الليلة؟» فقال أنس بن أبي مرثد: أنا يا رسول الله، قال ^: «فاركب» فركب ابن أبي مرثد فرسا له، وجاء إلى رسول الله ^ فقال له ^: «استقبل هذا الشعب حتى تكون في أعلاه ونُغَرَنَّ من قبلك الليلة».
قال سهيل بن الحنظلية: فلما أصبحنا خرج رسول الله ^ إلى مصلاه، فركع ركعتين، ثم قال: «هل أحسستم فارسكم؟» قالوا: ما أحسسناه، فثّوب بالصلاة, فجعل ^ يصلي، وهو يلتفت إلى الشعِّب، حتى إذا قضى صلاته، قال: «أبشروا فقد جاءكم فارسكم», فجعل ينظر إلى خلال الشجر في الشعب, فإذا هو قد جاء حتى وقف عليه فقال: إني انطلقت حتى إذا كنت في أعلى الشعب حيث أمرني ^، فلما أصبحت طلعت الشعبين كليهما فنظرت فلم أر أحدا، فقال ^: «هل نزلت الليلة؟» فقال: لا، إلا مصليا أو قاضي حاجة، فقال له ^: «قد أوجبت، فلا عليك أن تعمل بعدها»( ) وفي هذا الخبر يظهر لنا المنهج النبوي الكريم في الاهتمام بالأفراد، فقد ظهر اهتمام النبي ^ بطليعة القوم حتى جعل يلتفت في صلاته، وما كان ذلك ليحدث إلا لأمر مهم، ثم إنه ^ قال: «أبشروا فقد جاء فارسكم», إنها الكلمة التي يستعملها ^ في إخبارهم بما يسرهم من الأمور العظيمة، تلك هي أهمية الفرد في المجتمع الإسلامي، إنه ليس كمَّا مهملاً، ولا رقمًا في سجل ولا بزالاً في آلة، يستغنى عنه عند الضرورة ليؤتى بغيره، إنها بعض التفسير للمنهج الإلهي( ) في قوله: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً .
كما أن في هذه القصة معلمًا من معالم المنهج النبوي الكريم في وجوب اليقظة وتعرف أحوال العدو، ومراقبة حركاته، ومعرفة ما عنده من القوة عددًا وعدة, وما رسمه من خطط حربية، وهي سياسة مهمة بالنسبة للقادة الذين يسعون لإعلاء كلمة الله في الأرض( ).
وأما قول الرسول ^: «قد أوجبت فلا عليك أن تعمل بعدها» فهذا محمول على النوافل التي يكفر الله بها السيئات، ويرفع بها الدرجات، والمقصود أنه عمل عملا صالحـًا كبيرًا يكفي لتكفير ما قد يقع منه من سيئات في المستقبل، ويرفع الله به درجاته في الجنة، وليس المقصود أن هذا العمل يكفيه عن أداء الواجبات( ).
27- شجاعة أم سليم يوم حنين:
قال أنس : إن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرا( ) فكان معها, فرآها أبو طلحة، فقال: يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر، فقال لها رسول الله ^: «ما هذا الخنجر» قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فجعل رسول الله ^ يضحك، قالت: يا رسول الله, اقتل من بعدنا( ) من الطلقاء( ) انهزموا بك( ), فقال رسول الله: «يا أم سليم, إن الله قد كفى وأحسن»( ).
28- الشيماء بنت الحارث أخت النبي ^ من الرضاعة:
كان المسلمون قد ساقوا فيمن ساقوه إلى رسول الله الشيماء بنت الحارث، وبنت حليمة السعدية، أخت رسول الله ^ من الرضاعة، وعنفوا عليها في السوق، وهم لا يدرون, فقالت للمسلمين: تعلمون والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله، ولما انتهت الشيماء إلى رسول الله ^ قالت: يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال: «ما علامة ذلك؟» قالت: عضة عضضتها في ظهري، وأنا متوركتك( ), وعرف رسول الله ^ العلامة، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه، وخيَّرها، وقال: «إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت» فقالت: بل تمتعني وتردني إلى قومي( ). ومتعها رسول الله ^ فأسلمت، وأعطاها رسول الله ^ ثلاثة أعبد وجارية ونعماء وشاء( ).
29- إسلام كعب بن زهير –الشاعر– والهيمنة الإعلامية على الجزيرة:
لما قدم رسول الله ^ من الطائف، جاءه كعب بن زهير -الشاعر ابن الشاعر- وكان قد هجا رسول الله ^ ثم ضاقت به الأرض، وضاقت عليه نفسه, وحثه أخوه (بجير) على أن يأتي رسول الله ^ تائباً مسلما، وحذره من سوء العاقبة إن لم يفعل ذلك، فقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله ^ والتي اشتهرت بـ (قصيدة بانت سعاد), فقدم المدينة، وغدا إلى رسول الله ^ حين صلى الصبح، ثم جلس إليه، ووضع يده في يده، وكان رسول الله ^ لا يعرفه، فقال لرسول الله ^ : إن كعب بن زهير جاء يستأمنك تائبًا مسلمًا، فهل أنت قابل منه؟ فوثب عليه رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله, دعني وعدو الله، أضرب عنقه، فقال رسول الله ^: «دعه عنك فقد جاء تائبًا نازعًا», وأنشد كعب قصيدته اللامية التي قال فيها:
متيم إثرها لم يفد مكبول
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول(
إلا أغنُّ قرير العين مكحول( )
وما سعاد غداة الطرف إذ رحلوا
ومنها:
مهند من سيوف الله مسلول
إن الرسول لنور يستضاء به
ببطن مكة لما أسلموا: زولوا
في عصبة من قريش قال قائلهم
من نسج داود في الهيجا سرابيل( )
شُمُّ العرانين أبطال لبوسُهم
ويقال إنه لما أنشد رسول الله قصيدته أعطاه بردته، وهي التي صارت إلى الخلفاء( ). قال ابن كثير: هذا من الأمور المشهورة جدًّا، ولكن لم أر ذلك في شيء من هذه الكتب المشهورة بإسناد أرتضيه، فالله أعلم( ).
ويقال: إن الرسول ^ قال له بعد ذلك: «لولا ذكرت الأنصار بخير فإن الأنصار لذلك أهل!»( )، فقال:
في مقنب من صالحي الأنصار( )
من سره كرم الحياة فلا يزل
إن الخيار هم بنو الأخيار
ورثوا المكارم كابرًا عن كابر
كسوالف الهندي غير قصار( )
المكرهين السمهريَّ بأذرع
كالجمر غير كليلة الأبصار
والناظرين بأعين محمرَّة
للموت يوم تعانق وكرار
والبائعين نفوسَهم لنبيهم
بالمشرفي وبالقنا الخطار( )
والقائدين( ) الناس عن أديانهم
بدماء من علقوا من الكفار
يتطهرون يرونه نسكًا لهم
إلى أن قال:
فيهم لصدقني الذين أماري( )
لو يعلم الأقوام علمي كله
للطارقين( ) النازلين مقاري( )
قوم إذا خوت النجوم فإنهم
وبإسلام كعب بن زهير نستطيع القول إن الشعراء المعارضين للدعوة الإسلامية قد انتهى دورهم، فقد أسلم ضرار بن الخطاب وعبد الله بن الزبعرى، وأبو سفيان بن الحارث بن هشام، والعباس بن مرداس، وتحولوا إلى الصف الإسلامي, واستظلوا بلوائه عن قناعة وإيمان، ولم يكتف بعضهم بأن تكون كلمته في الدفاع عن الإسلام, بل كان سيفه إلى جانب كلمته، وهذا من بركات فتح مكة( ).
30- رفع الصوت للحاجة:
الرسول عليه الصلاة والسلام ذم رفع الصوت لغير الحاجة؛ لأن الله عز وجل يقول: ﴿ واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ﴾ فأما رفع الصوت للحاجة فلا بأس به.
قال البخاري في كتاب العلم: باب من رفع صوته بالعلم، ثم أتى بحديث ابن عمرو : « أن الرسول عليه الصلاة والسلام رفع صوته وقال: ويل للأعقاب من النار » فهنا رفع ^ صوته ينادي في الناس، وقال للعباس : ارفع صوتك وناد في الناس، فأخذ يقول: «يا أهل سورة البقرة, يا من بايع النبي ^ تحت الشجرة» حتى يأتون.
31- تأثير قبضتي الحصى والتراب في أعين الأعداء:
من الأسلحة المادية التي أيد الله بها رسوله ^ يوم حنين تأثير قبضتي الحصى والتراب اللتين رمى بهما وجوه المشركين، حيث دخل في أعينهم كلهم من ذلك الحصى والتراب فصار كل واحد يجد لها في عينيه أثرًا، فكان من أسباب هزيمتهم( ), قال العباس : ثم أخذ رسول الله ^ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: «انهزموا وربِّ محمد» قال: فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلاً وأمرهم مدبرا( ).
32- فضل أبي سفيان بن الحارث :
وهو أبو سفيان بن الحارث ليس أبا سفيان بن حرب , فـ أبو سفيان بن الحارث ابن عم رسول الله ^، والرسول عليه الصلاة والسلام كان له أعمام عشرة منهم الحارث ابنه أبو سفيان هذا، وما أسلم إلا قبل الفتح بأيام, سمع أن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقدم فاتحاً لـ مكة , وعلم أنه أساء مع الرسول عليه الصلاة والسلام في المقاتلة وأساء في المهاجاة؛ لأن أبا سفيان كان شاعرا يرسل القصائد يهجو بها رسول الله ^ والمسلمين، فلما علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقدم مكة فاتحا أخذ أطفاله، وكانوا صغارا كأنهم فراخ الطير من البنات ومن الأبناء, وخرج بهم من مكة ولقيهم علي بن أبي طالب دون مكة بين عسفان و مكة في طريق رحب في شعب من الشعاب.
فقال علي ابن عمه: إلى أين يا أبا سفيان ؟ قال: يا علي قاتلنا محمدا وآذيناه وشتمناه وطردناه وأخرجناه؛ سوف أخرج بأطفالي هؤلاء وأموت جوعاً وعرياً وعطشاً في الصحراء, والله لئن قدر علي ليقطعني بالسيف إرباً إربا.
فقال علي بن أبي طالب : أخطأت يا أبا سفيان ! إنك لا تعرف رسول الله ^، فهو أحلم الناس وأكرمهم وأرحمهم، فعد إليه وسلم عليه بالنبوة، وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف:
﴿ قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ﴾ لأنهم إخوان وأبناء عم، فأتى أبو سفيان بأطفاله يقودهم بأيديهم, فلما وقف عند خيمة أم سلمة وكان الرسول ^ داخل الخيمة، قال: ائذنوا لي أدخل على رسول الله ^، قال الرسول ^ : من في الباب؟ قالوا: يا رسول الله أبو سفيان بن الحارث ، قال: لا يدخل علي، لأنه أساء كل الإساءة ما ترك أمرا إلا وكاد به رسول الله ^ ، فأخذت أم سلمة تبكي وتقول: يا رسول الله! لا يكون ابن عمك وقريبك أشقى الناس بك، وأخذت تناشده الله عز وجل، قال: أدخلوه علي، فدخل.
فقال: السلام عليك يا رسول الله، أما بعد: ﴿ لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ﴾ قاتلناك يا رسول الله وآذيناك وأخرجناك والله لا أدع موقفا قاتلتك فيه إلا قاتلت فيه معك، ولا نفقة أنفقتها في حربك إلا أنفقتها معك، ثم أخذ يعدد، فرفع ^ طرفه وعيناه تنزل الدموع، قال: ﴿ لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ﴾ فقال: يا رسول الله! اسمع مني، قال: قل، قال:
لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد
لك المدلج الحيران أظلم ليله فهذا أواني يوم أهدى وأهتدي
هداني إلى الرحمن ربي وقادني إلى الله من طردت كل مطرد
فقام عليه الصلاة والسلام فعانقه وضرب على صدره وقال: أنت طردتني كل مطرد، فأخذ يخدم محمداً ^، لا يرتحل مرتحلا إلا قام وحزم له متاعه وشد له رحله، وأخذ ببغلته يقودها, فهو قائد البغلة يوم حنين اليوم الأكبر من أيام الله, يوم ثبت رسول الهدى ^ ونزل يقارع الأبطال وهو يقول: « أنا النبي لا كذب, أنا ابن عبد المطلب ».
2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977
» موقع اخبارى مميز
2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى
» مكتبه الفنان عبده النزاوي
2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون
» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه
» فيلم الحرمان فيروز نيللي
2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه
» المسلسل البدوي البريئة
2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه
» مسلسل وضحا وابن عجلان
2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه