أديب وشاعر مصري، أثرى المكتبة الأدبية بالعديد من المؤلفات والتي تنوعت بين الدواوين الشعرية والروايات الأدبية والتاريخية، بالإضافة لعدد من الكتب المدرسية، كما كانت له مساهمات فعالة في المحافظة على اللغة العربية حيث اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من المحافظة على المكانة الشعرية للشعراء المصريين بعد كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم وغيرهم.
حياته وعمله
علي صالح عبد الفتاح الجارم ، ولد بمدينة رشيد عام 1881م هذه المدينة التي شهدت الكثير من الأحداث المرتبطة بتاريخ مصر وفيها نبتت جذور الجارم، وكان والده الشيخ محمد صالح الجارم أحد علماء الأزهر والقاضي الشرعي بمدينة دمنهور وتوفي عام 1910م.
التحق الجارم بالكلية الجامعة بـ اكستر ومكث بها ثلاث سنوات درس خلالها علم النفس وعلوم التربية والمنطق والأدب الإنجليزي، حصل على إجازة في كل المواد وعاد إلى مصر في أغسطس سنة ١٩١٢ ، ثم عين مدرسا بمدرسة التجارة المتوسطة ثم نقل منها بعد سنة على دار العلوم مدرسا لعلوم التربية، في مايو سنة ١٩١٧ نقل مفتشا بوزارة المعارف..ثم رقي إلى وظيفة كبير مفتشي اللغة العربية وظل فيها حتي ١٩٤٠ حين نقلا وكيلا لدار العلوم وظل فيها إلى أن أحيل إلى المعاش سنة ١٩٤٢.
عرف الجارم كمحاضر متميز الأمر الذي أهله لتمثيل مصر في العديد من المؤتمرات الخارجية، فذهب إلى بغداد لحضور تأبين الشاعر الزهاوي، وإلي لبنان لحضور افتتاح المؤتمر الطبي، ومؤتمر الثقافة ببيروت عامي 1943، 1944، كما أرسل إلى السودان للإشراف على امتحانات المدارس المصرية.شخصية الجارم
عرف الجارم بروحه المرحة الخفيفة، فكان مجلسه يمتلئ بالضحك فيما يروي من حديث ونوادر، وما يعلق على أحداث، وعلى الرغم من مرضه وبعض المآسي التي ألمت به، لم تختفي ابتسامته والتي كانت تظهر على وجهه لتحجب من خلفها الحزن والألم الذي في قلبه.
قال عنه أحمد أمين عضو مجمع اللغة العربية وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة سابقاً " كان شاعراً من الطراز الأول، مشرق الديباجة، رصين الأسلوب، جيد المعنى والمبنى، وكان شعره مرحاً ضاحكاً، حتى إذا أصيب بفقد ابنه - وكان طالباً في الهندسة – تلون شعره بلون حزين باك، فكان يجيد كل الإجادة في الرثاء والحسرة على فوات الشباب".
وكان الجارم صاحب إحساس عالي يتذوق المعنى، ويتأمل الأفكار الجديدة، وكانت له بصمة واضحة وإضافة مؤثرة في كل عمل التحق به، فساهم في تبسيط النحو والبلاغة من خلال كتبه التي ألفها في ذلك، وكانت له مساهمات فعالة في المجمع اللغوي فشارك في وضع المعجم الوسيط، واشرف على إخراج مجلة المجمع، وشارك في أكثر لجانه مثل لجنة الأدب، ولجنة تيسير الكتابة، وكان احد دعائم "لجنة الأصول" وهي اللجنة التي زودت المجمع بالقواعد التي يقوم عليها التعريب والاشتقاق والتضمين والنحت والقياس وغيرها، وكانت أخر مساهماته الفعالة محاضرة قيمة ألقاها عن الموازنة بين الجملة في اللغة العربية واللغة الأوربية، بالإضافة لمناداته بإصلاح الإملاء.
كما ترك الجارم أعمالا مثل المعارضات في الشعر العربي، شارك في تأليف كتب أدبية منها المجمل في الأدب العربي، المفصل في الأدب العربي، النحو الواضح في ٦ أجزاء بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم، البلاغة الواضحة جزآن بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم أيضا، علم النفس وآثاره في التربية والتعليم بالاشتراك مع نفس الزميل وكان هذا الكتاب من أوائل الكتب التي ألفت بالعربية في علم النفس .
أبيات تقطر حباً للإسلام
كان الإسلام محورًا لأغلب أعمال علي الجارم، إذ استوحى في رواياته وقصصه وأشعاره العديد من المعاني القرآنية، واستمد من السيرة النبوية المطهرة والتاريخ الإسلامي أروع إبداعاته، مثل "هاتف من الأندلس" و"غادة رشيد" و"الشاعر الطموح".
اهتم الجارم بالتاريخ العربي فقدم العديد من الروايات الأدبية التاريخيةنذكر منها: "الذين قتلهم شعرهم"، "فارس بني حمدان"، "الشاعر الطموح" ويتضمن دراسة عن حياة وشخصية الشاعر أبي الطيب المتنبي، "خاتمة المطاف"، وقصتي "الفارس الملثم"، و"السهم المسموم"، كما قدم "مرح الوليد" وهو سيرة كاملة للوليد بن يزيد الأموي، "سيدة القصور" أخر أيام الفاطميين في مصر، "غادة رشيد" هذه القصة التي تتناول كفاح الشعب ضد الاستعمار الفرنسي 1798 – 1801، "هاتف من الأندلس"، و"شاعر ملك" قصة المعتمد بن عباد، "قصة ولادة مع ابن زيدون"، "نهاية المتنبي" بالإضافة لقيامه بترجمة كتاب المستشرق البريطاني استانلي لين بول "قصة العرب في أسبانيا".
وقام الجارم بتأليف عدد من الكتب المدرسية في النحو منها "النحو الواضح" مع مصطفى أمين وكان يدرس بالمدارس المتوسطة والثانوية بالعراق، وشارك في إصدار كتب أخرى مثل المجمل من الأدب العربي، والمفصل، والبلاغة الواضحة، وكتب مدرسية في النحو والتربية.
كما نشر عدد من المقالات في مجلة المجمع مثل المجلة الفعلية أساس التعبير في اللغة العربية،
قدر العالم العربي على الجارم حق قدره فمنحته مصر وسام النيل ١٩١٩ والرتبة الثانية سنة ١٩٣٥ ، انعم عليه العراق بوسام الرافدين سنة ١٩٣٦ وانعم عليه لبنان بوسام الأرز من رتبة كومندور سنة ١٩٤٧ ،
جاءت وفاته مفاجأة بالقاهرة وهو مصغ إلى أحد أبنائه وهو يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراشي، عام 1949م.
قالوا عنه :
معاصروه من الأدباء : شاعر العروبة والإسلام
الأديب الكبير عباس العقاد في تقديمه لديوانه الشعري : "الجارم عالم باللغة، وعالم مع اللغة بفنون التربية وفروعها، وهو الشاعر الذي زوده الأدب والعلم بأسباب الإجادة والصحة، فكان شعره زادا لطالب البيان في عصره، ومثالاً صالحًا للثقافة التي أسهم فيها بأدبه وعلمه".
الدكتور حلمي قاعود : " علي الجارم شاعر وواحد من مدرسة البيان في النثر الحديث .
الناقد محمد أبوبكر حميد : كانت شاعريته تكمن خلف وقوفه عند أعلام شعرنا القديم، مثل ابن زيدون في رواية (هاتف من الأندلس) والمعتمد بن عباد في (شاعر ملك) والمُتنبي في (الشاعر الطموح) و(خاتمة المطاف) " .
قصائد من ديوان على الجارم
رشيد/
جــدّدي يـــا رشيدُ للـــحـبّ عَهْدَا
حَسْبُنا حســــــبُنا مِطالاً وصــدَّا
جــدّدي يـــا مدينة َ السحرِ أحــلا
ماً وعْيشاً طَلْقَ الأسارير رَغـْـدا
جــدّدي لمحة ً مضتْ مــن شبابٍ
مــثــل زهـر الربا يرِفُّ ويندَى
وابعثي صَحْوة ً أغار عليها الشــ
يْبُ حتَّى غـدتْ عَــنـاءً وسـُهـدا
وتعالَى ْ نــعــيـشُ في جَنَّة ِ الـمـا
ضـي إذا لم نجِدْ مـن العيشِ بـُدّا
ذِكْرياتٌ لــو كــان للــدهـــرِ عِقْدٌ
كـنّ فــي جِيدِ سالفِ الدهر عِقدا
الشباب/
هاتِ عهدَ الشبابِ إنْ غاصَ في الماء
وإنْ غــــابَ فــــي الــسـمـاء iiفــهـاتـهْ
هَـمَـساتُ الـشـبابِ فــي الـنفس iiأحـلى
مـــن حـديـثِ الـهـوى ومــن هَـمـساتهْ
نـــــارُه تـــطــرُدُ الــهــمـومَ iiفـتـمـضِـي
خــافــقـاتِ الــجَـنـانِ مــــن iiجَــمَـراتـهْ
نــــــارُه تــصــهـرُ الــعـزيـمـةَ ســيــفـاً
تــتــوقّـى الــســيـوفُ وَقْــــعَ iiشَــبـاتـهْ
مــــا أحَــيْـلـى وثــوبَـه وهْـــو iiمـــاضٍ
يــتــحــدَّى الـــزمــانَ فـــــي iiفَــتَـكـاتـهْ
نَــفــحــاتُ الــشــبــابِ أيـــــن تـــولَّــت
لَــهْـفَ نـفـسـي عــلـى شــذى iiنـفـحاتهْ
محمد رسول الله/
أطـلـّـت على سُحبِ الظلامِ ذُكـاءُ
وفُـجـِّرَ مـن صـخـرِ التنـُوفة ِ مَاءُ
وخُــبــّرت الأوثـــانُ أنَّ زمانَـهـا
تــولـى ّ وراحَ الـجـهـلُ والجهلاءُ
فما سجدت إلاّ لذي العرشِ جـبهة
ولــــم يَــرتـفـعْ إلاّ إلــيـه دُعـــَاءُ
تبسم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدى
فـــللأرضِ إشــراقٌ بــه وزُهــاءُ
وعادت به الصحراءُ وهـي جديبة
عـلـيـهـا مـن الـدينِ الجـديد رُوَاءُ
ونافـست الأرضُ السماءَ بكوكـبٍ
وضـِيء الـمـحـّيا مـا حَوَتْه سماءُ
لـه الـحـق والإيـمـانُ بــاللّه هــالة
وفـي كـلِّ أجـواءِ الـعـقولِ فَضاءُ
تــألــّق فــي الـدنـيا يُزيـح ظلامَها
فـــزال عـمى ً مــن حولهِ وعَماءُ
وردّ إلــى الـعـُـرْب الــحـَيـاة وقـد
مـضى عليهم زمانٌ والأمامُ وراءُ
العروبه/
:لُـبـنانُ روضُ الـهـوى والـفنِّ iiلُـبنانُ
الأرضُ مـسكٌ وهـمسُ الدوحِ الحانُ
هل الحِسانُ على العهدِ الذي زعمت
وهــل رِفــاقُ شـبـابي مـثـلَما iiكـانـوا
أيــن الـصـبا أيـن أوتـاري iiوبـهجتُها
طــــوت بــســاط لـيـالـيـهنَّ أزمــــان
أرنــو لـهـا الـيومَ والـذكرى تُـؤرِّقني
كــمــا تــنـبَّـه بــعـد الْـحُـلـمِ وســنـان
وفي نفس القصيدة قال:
بـنـي الـعروبةِ إنَّ الـلّه iiيـجمعُنا
فـلا يـفرِّقُنا فـي الأرضِ iiإنـسانُ
لـنـا بـهـا وطــنٌ حــرٌّ نـلـوذُ بــه
إذا تـنـاءتْ مـسـافاتٌ iiوأوْطَــانُ
غـدا الـصليبُ هـلالاً في iiتوحُّدِنا
وجـمّـع الـقـومَ إنـجـيلٌ iiوقــرآنُ
ولــم نـبـالِ فُـروقـاً شَـتَّـتْ أُمـماً
عدنانُ غسّانُ أو غسّانُ عدنان
أواصـرُ الـدَّمِ والـتاريخِ تَـجمعُنا
وكلُّنا في رِحابِ الشرقِ iiإخوانُ..
الحب والحرب/
[B][B][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=#0033cc][SIZE=6][FONT=georgia]
مالي فتنت بلحظك الفتــــــاك وسلوت كل مليحة إلاك
يسراك قد ملكت زمام صبابتي ومضلتي وهداي في يمناك
فإذا وصلت فكل شيء باســـــم وإذا هجرت فكل شيء باك
هذا دمى في وجنتيك عرفتــه لا تستطيع جحوده عيناك
لو لم أخف حر الهوى ولهيبه لجعلت بين جوانحي مثواك
إني أغار من الكئوس فجنبي كأس المدامة أن يقبل فاك
خدعتك ما عذب السلاف وإنما قد ذقت لما ذقت حلو لماك
لك في شبابك أو دلالك نشــــوة سحر الأنام بفعلها عطفاك
قالت خليلتها لها لتلينــــهـــــا ماذا جني لما هجرت فتاك
هي نظرة لاقت بعينك مثلهـــا ما كان أغناه وما أغناك
قد كان أرسلها لصيدك لاهيـا ففررت منه وعاد في الإشراك
عهدي به لبق الحديث فمالـه لا يستطيع القول حين يراك
إياك أن تقضى عليه فإنــــه عرف الحياة بحبه إياك
أن الشباب وديعة مـــردودة والزهد فيه تزمت النساك
فتشممي ورد الحياة فإنـــــه يمضى ولا يبقى سوى الأشواك
لم تنصتي ومشيت غير مجيبة حتى كان حديثها لسواك
وبكت علىّ فما رحمت بكاءها ما كان أعطفها وما أقساك
عطفت علىّ النيرات وساءلت مذعورة قمر السماء أخاك
قالت نرى شبحا يروح ويغتدي ويبث في الأكوان لوعة شاك
أنات مجروح يعالج سهمـــــه وزفير مأسور بغير فكا ك
يقضى سواد الليل غير موسد عين مسهد وقلب ذاكي
حتى إذا ما الصبح جرد نصله ألفيته جسما بغير حراك
إنا نكاد أسى عليه ورحمـــــة لشبابه نهوى من الأفلاك
من عهد قابيل وليس أمامنــا في الأرض غير تشاكس وعراك
مابين فاتكة تصول بقدهـــــا وفتى يصول برمحه الفتاك
يا أرض ويحك قد رويت فارعوى وكفاك من تلك الدماء كفا ك
في كل ربع من ربوعك ما تــم وثواكل ونوادب وبواكى
قد قام أهل العلم فيك ودبروا برئت يدي من إثمهم ويداك
كاشفتهم سر العناصر فانبروا يتخيرون أمضها لرداك
نثروا كنانتهم وكل سهامهـــا للفتك والتدمير والإهلاك
دخلوا على العقبان في أوكارها وتسربوا لمسابح الأسماك
فتأملي هل في تخومك مأمــــن أم هل هناك معقل بذراك
ظهر الليوث وذلك أصعب مركب أوفى وأكرم من أديم ثراك
ليت البحار طغت عليك وسجرت أو أن من يطوى السماء طواك
لم يبق في الإنسان غير ذمائه فدراك يا رب السماء دراك
وإذا النفوس تفرقت نزعاتها قامت إذا قامت بغير مساك
والسيف أظلم ما فزعت لحكمه والحزم غير شمائل الأملاك
ومن الدماء طهرة وعدالة ومن الدماء جناية السفا ك
والعلم ميزان الحياة فإن هوى هوت الحياة لأسفل الأدراك
[SIZE=5]/
يا ابنتى/
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ وجَمالاً يَزِينُ جِسْماً وعَقْلاَ
فانْبِذِي عادة َ التَّبرجِ نَبْذاً فجمالُ النُّفوسِ أسْمَى وأعْلَى
يَصْنَع الصّانِعُون وَرْداً ولَكِنْ وَرْدَة ُ الرَّوضِ لا تُضَارَعُ شَكْلا
صِبْغَة ُ اللّهِ صِبْغَة ٌ تُبْهَر النَّفْ سَ تعالى الإلَهُ عَزّ وجَلاّ
ثمَّ كُوني كالشَّمس تَسْطَع للِنَّا سِ سَواءً مَنْ عَزّ مِنْهُم وَذلاّ
فامْنَحِي المُثرِيَات لِيناً ولُطْفاً وامْنَحِي البائساتِ بِراً وفَضْلا
زِينَة ُ الوَجْه أَن تَرَى العَيْنُ فيه شَرَفاً يَسْحَرُ العُيُونَ ونُبْلا
واجعَلِي شِيمة َ الْحَيَاءِ خِماراً فَهْوَ بِالْغَادة الكَريمة ِ أَوْلَى
ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ إِن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى
والْبَسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْباً كلُّ ثوبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى
وإِذا ما رأَيْتِ بُؤْساً فَجُودِي بدُموع الإِحْسَان يَهْطِلْن هَطْلا
فدُمُوع الإِحسان أَنْضَر في الْخدّ وأَبْهى من الّلآلِي وأَغْلَى
وانظُرِي في الضَّمير إن شِئْتِ مرآ ة ً ففيه تبدُو النفوسُ وتُجْلَى
ذاكِ نُصْحِي إِلى فتَاتِي وسُؤْلي وابْنَتي لا ترُدّ للأَب سُؤْلا
مصر الخلود/
صوّرَ الله فيكِ معنى الخُلُودِ فابلُغى ما أردتِه ثمَّ زيدِي
أنتِ يامِصْرُ جَنَّة ُ اللّهِ في الأرْض وعَيْنُ العُلاَ وَوَاوُ الوجود
أنتِ أمُّ المَجْدَيْنِ بَيْنَ طَرِيفٍ يتَحَدَّى الوَرَى وبَيْنَ تَلِيدِ
كم جديدٍ عليه نُبْلُ قديمٍ وقديمٍ عليه حُسْنُ جديدِ
قد رآك الدهرُ العَتِيُّ فَتاة ً وهو طِفلٌ يلهو بِطَوْقِ الوليدِ
شابَ من حَوْلكِ الزمانُ ومَاَزلْ تِ كغُصْنِ الرَّيْحانَة ِ الأُمْلُودِ
أنتِ يا مِصْرُ بَسْمة ٌ في فم الْحُسْ نودمعُ الْحَنانِ فوقَ الْخُدُودِ
أنتِ في القَفْرِ وَرْدَة ٌ حَوْلَهاَ الشُّوْ ك وفي الشوك عِزَّة ٌ لِلْوُرُودِ
يَلْثمُ البحرُ مِنْكِ طِيبَ ثغُورٍ بَيْنَ عَذْبِ الَّلمَى وبَيْنَ بَرُودِ
يَابْنَة َ النيلِ أنتِ أحْلَى مِنَ اُلْحُ بِّ وأّزْهَى من ضاحِكاتِ الوُعُودِ
نَثَرَ النيلُ فيك تِبراً وأوْهَى لِينُهُ من قسَاوة ِ الْجُلْمودِ
فَتَنَ الأَوَّلِينَ حَتَّى أشارُوا نحو قُدْسِيِّ مائهِ بالسُّجُودِ
وَوَشَى للرِّيَاضِ ثوباً وَحَلَّى كلَّ جِيدٍ من الرُّباَ بعُقُودِ
أنتِ للاّجِئينَ أُمٌّ وَوِرْدٌ لِظِماءِ القلوبِ عَذْبُ الورودِ
قدْ حَمَلْتِ السِّراجَ للناسِ وَالكَوْ نُ غريقٌ في ظُلْمِة ٍ وَخُمودِ
لا نَرى فيك غير عهدٍ مَجيدٍ قَرَنتْهُ العُلاَ بعهدٍ مَجِيدٍ
وجُهودٍ تَمثَّلَتْ في صُخُورٍ وصخورٍ تشبَّهتْ بجُهُودِ
عِظَمٌ يَبْهَرُ السَّمَاءُ وشَأْوٌ عَاقَ ذات الْجَناحِ دُونَ الصُّعُودِ
أنتِ يامِصْرُ صَفْحَة ٌ مِنْ نُضَارٍ لَمَعَتْ بَيْنَ سَالِفَاتِ العُهُودِ
أيْنَ رَمْسِيسُ والكُمَاة ُ حَوَاَليْ هِ مُشاة ٌ في الموْكِب المشْهُودِ
مَلأَالأرضَ والسماَءَ فَهذِي بجنودٍ وهذِهِ بِبُنُودِ
وجُموعُ الكُهَّانِ تهِتفُ بالنَّصْرِ وتتلو النّشيدَ إثْرَ النَّشيدِ
وبناتُ الوادِي يَمِسْنَ اخْتِيالاً ويُحيّين بين دُفٍّ وَعُودِ
أين عَمْرٌو فتى العُرُوبة والإِقْدامِ أَوْفَى مُجاَهدٍ بالعقودِ
شَمّريٌّ يُحَطِّمُ السَّيفَ بالسَّيْ فِويرمِي الصِّنديدَ بالصِّندِيدِ
لَمْ يكن جَيْشُه لدَى الزَّحْف إِلاَّ قُوَّة َ الَعزْمِ صُوِّرتْ في جُنودِ
قِلَّة ٌ دَكَّتْ الحُصون وبَثَّتْ رِعْدَة َ الرُّعْبِ في الْخِضَمِّ العَدِيدِ
ذُعِرَ الموت أنَّهم لَمْ يَخافُو هُ ولم يَرْهَبوا لِقاءَ الحديدِ
ينظرون الفِرْدَوْسَ في ساحة ِ الْحَرْ بِ فيستعجلون أجْرَ الشَّهيدِ
صَعِدُوا للعُلاَ بريشِ نُسُورٍ ومَضَوْا للرَّدَى بِعَزْمِ أسُودِ
أينما ركَّزُوا الرِّماحَ ترى العَدْ لَ مُقيماً في ظِلِّها الَممْدودِ
وترى المُلْكَ أَرْيحِيَّا عَلَيْهِ نَضْرة ٌ من سَمَاحَة ِ التَّوحيدِ
وترَى العزمَ عابِساً لُوثُوبٍ وتَرى السيفَ ضاحكاً في الغُمُوِدِ
وترى العِلْمَ يلتقي بهُدَى الدَّين على مَنْهَجٍ سَوِيٍّ سديدِ
ملكُوا الأرضَ لم يُسيئوا إِلى شَعْبٍ ولم يحكموه حُكْمَ العبيدِ
هُمْ جُدُودِي وَأينَ مِثْلُ جُدودي إن تَصَدَّى مُفاخرٌ بالجدُود
فَسَحُوا صَدْرَهُم لحِكْمِة يُونَا نَ وآدابِ فارسٍ والهُنُودٍ
وأصاروا بالتَّرجَماتِ علومَ الرُّو مِ وِرْداً للنَّاهِلِ المستفيدِ
حَذَقوا الطِبَّ والزمانُ غُلاَمٌ والثقافاتُ رُضَّعٌ في المُهُودِ
وَشُعوبُ الدنيا تُعالِجُ بالسّحْ رِ وحَرْق البَخُّورِ والتَّعقيدِ
هَلْ ترى لابن قُرَّة ٍ من مثيلٍ أو تَرَى لابن صاعدٍ من نديد
والطبيبُ الكِنْدِيُّ لم يُبْقِ في الطَّ بِّ مَزِيداً لحاجة ِ المسْتَزِيدِ
أين أين الرَّازيُّ أين بَنُو زُهْرٍ دُعاة ُ النُّهُوضِ والتَّجْدِيدِ
وابنُ سِينا وأينَ كابنِ نَفيسٍ عَجَزَ الوَهْمُ عن مداه المَديدِ
هذه أُمَّة ٌ من الصَّخرِ كانت في قِفَارٍ من الحياة وَبِيدِ
تأكُلُ القَدَّ والدُّعاعَ من الجُو ع وتَهْفُو شوقاً لِحَبِّ الْهَبِيدِ
وتُثِيرُ الحروبَ شَعْواءَ جهْلاً وتدُسُّ الوَئيدَ إثْرَ الوَئيدِ
نَبعَ النورُ بالنُّبُوَّة ِ فِيهَا فطَوَى صفحة َ الَّلياليِ السُّودِ
ومَضى يملأُ الممالكَ عَدْلاً بَاسِمَ الوعْدِ مُكفَهِرَّ الوَعيدِ
أَطْلَقَ العقلَ من سَلاَسِلهِ الدُّهْمِ ونحّاه عن صَلَيلِ القُيُودِ
بَلغَتْ مِصرُ في التَّآلِيف أوْجًا فات طَوْقَ المُنَى ِ بمَرْمًى بَعِيدِ
فاسأل الفاطِميَّ كَمْ من كتابٍ زَان تاريخَهُ وسِفْرٍ فِريدِ
والصَّلاحِيُّ والمماليكُ كانوا مَوْئِلَ العِلْمِ في عُصورِ الرُّكُودِ
تلك آثارُهُمْ شُهُوداً عَلَى المَجْ دِومَاهُمْ بحاجَة ٍ لشُهُودِ
اتَّئِدْ أيّها القَصِيدُ قَلِيلاً أنا أرتاحُ لاتِّئاد القَصيدِ
وإذا ما ذكرتَ نَهْضَة َ مِصْرٍ فامْلأ الْخَافِقَيْنِ بالتَّغْرِيدِ
ثم مَجِّدْ مُحمَّدًا جَدَّ إِسْمَا عيلَ واصْعَدْ ماشئتَ في التّمْجِيدِ
جاءَ النَّاسُ في ظَلامٍ من الظُّلْ مِ وعَصْفٍ من الخُطُوبِ شَديدِ
حَسَراتٌ للذُّلِّ في كل وَجهٍ وسِمَاتٌ للغُلِّ في كلِّ جِيدِ
فَأَزَاحَ الغِطَاءَ عنهم فقاموا في ذُهُولٍ وأقْبَلُوا في سُمُودِ
وهَدَاهُمْ إلى الحياة ِ فَسَارُوا في حِمًى من لِوَائِهِ المَعْقُودِ
كَمْ بُعُوثٍ للغَرْبِ بَعْدَ بُعُوثٍ وَوفُودٍ للشرقِ بَعْدَ وُفودِ
غَرَسَ الطبَّ في ثَرَى مُلْكِهِ الخَصْبِ ورَوَّى من دَوْحِهِ كُلَّ عُودِ
وأَتَى بَعْدَهُ المجدَّدُ إسْمَا عِيلُ ذُخُر المُنَى ثِمَالُ الْجُودِ
وَ فُؤَادُ تعيشُ ذِكرَى فُؤَادٍ في نَعيمٍ من رَحْمة ٍ وخُلُودِ
رَدَّ مَجْدًا لِمِصْرَ لَوْلاَ نَدَاهُ وَحِجَاهُ ما كانَ بالمَرْدُودِ
كلَّ يوْمِ لَهُ بناءٌ مَشِيدٌ للمعالي إلى بِنَاءٍ مَشِيدِ
ما اعْتَلَى الطِبُّ قِمَّة َ النَّجْمِ إلاَّ بجِنَاحٍ من سَعْيِه المَحْمُودِ
سَعِدَتْ مِصر بالْجِهَابِذِ في الطِبَّ فكَمْ مِنْ مُحاضِرٍ ومُعِيدِ
وَعَلَى رَأْسِهِمْ أبو الحسن الْجَرَّا ح مَنْ كَالَّرئِيس أَوْ كَالعَمِيِد
أيُهَا الوَافِدُونَ من أمَمِ الشَّرْ قِ وأشْبَاله الأُبَاة ِ الصِّيدِ
اِهْبِطُوا مِصرَ كَمْ بِهَا مِن قلوبٍ شَفَّهَا حُبَّكُمْ وكَم منْ كُبُود
قَدْ رَأيْنَا في قُرْبِكُمْ يَوْمَ عِيدٍ قَرَنَتْهُ المُنَى إلَى يَوْمِ عِيد
إِنَّ مِصراً لكم بلادٌ وأهْلٌ لَيْسَ في الْحُبِّ بَيْنَنَا من حُدُود
جَمَعْتَنَا الفُصْحَى فما من وِهَادٍ فَرَّقَتْ بَيْنَنَا وَلا من نُجُودِ
يَصِلُ الحِبُّ حَيْثُ لا تصِلُ الشَّم س ويجْتَازُ شَامِخَاتِ السُّدُودِ
أُمَّة َ العُرْبِ آن أنْ يَنهَضَ النِّسْرُ فَقَدْ طَالَ عَهْدُهُ بالرُّقُودِ
صَفِّقِي باَلْجناحِ في أُذُنِ النَّجْمِ وَمُدِّي فَضْلَ العِنَانِ وسودِي
وأعِيدِي حَضَارة ً زانتْ الدُّنْيَا فكم وَدَّتِ المُنَى أَنْ تُعِيدي
إنَّمَا المَجْدُ أَنْ تُرِيدِي وَتَمْضِي ثُم تَمْضِي سَبَّاقَة ً وَتُريدِي
لا يَنَالُ العُلاَ سِوَى عَبْقَرِي راسِخِ العَزْمِ كالصَّفَاة ِ جَلِيدِ
قَدْ أَعَدْنَا عهْد العُرُوبَة ِ فِي مِصْ رَ وذِكْرَى فِرْدَوْسِهَا المفْقُودِ
وَبَدأْنَا عَصْراً أغَرَّ سَعِيداً بِمَليكٍ مَاضٍ أَغَرَّ سَعِيدِ
قَدْ حَباه الشبابُ رأيًا وعَزْمًا عَلَوِيَّ المَضاءِ والتَّسدِيدِ
قام بالأمْرِ أرْيحيًّا رَشِيداً فَذَكَرْنَا بِهِ عُهُودَ الرَّشِيدِ
إنَّ حُبَّ الفَارُوقِ وَهْوَ وَحِيدٌ فِي مَكانٍ منَ القلوب وَحِيدِ
أَلْسُنُ الْعُرْبِ كلُّهَا دَعَوَاتٌ ضَارِعَاتٌ بالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ
أبْصَرُوا في السَّماء مُلْكًا عَزِيزًا رافِع الرَّأسْ فَوقَ صَخْرٍ وَطيِدِ
وَرَأوْا عَاهِلاً يَفِيضُ جَلاَلاً مِنْ هُدَى ربِّه العَزِيزِ الْحَمِيدِ
عَاشَ لِلْمُلْكِ وَالعُرُوبَة ِ ذُخْرًا مِنْ هُدَى ربِّه العَزِيزِ الْحَمِيدِ
خشعت لفيض جلالك الابصار/
خَشَعَت لفَيْضِ جَلالِكَ الأَبْصارُ وَذَكَتْ بِمِسْك خِلاَلِكَ الأَشْعَارُ
وتَوسَّمتْ مِصرُ العُلاَ في طَلْعة ٍ قد حَفّها الإِجْلالُ والإِكْبار
مَلِكٌ تَغَار النَّيِّراتُ إِذا بَدَا أَسَمعْتَ أَنَّ النَّيِّرات تَغَار
وَدَّتْ لَوِ اشْتَملتْ بَفضْل رِدَائه هَيْهاتَ ثَوْبُ المَجْدِ لَيْس يُعَار
شَتّانَ بَيْن النيِّراتِ ومَنْ بِهِ سُبُلُ البُطُولَة ِ والْحَيَاة ِ تُنَار
تهْدَى العُيُونُ بضَوْئهنّ وضَوْءُه تُهْدَى البَصائِرُ فِيه والأَبْصَارُ
ولها مَدارٌ من قضَاءٍ مُبْهَمٍ ولَكَ العُلاَ والمَكْرُمَاتُ مَدَار
غُضِّي جُفونَكِ يا نُجومُ فدوُنَه تَتَضاءَلُ الآمَالُ والأَقْدار
أنتُنّ أقْربُ مُشْبِهٍ لِهِبَاته فكِلاكُما مِنْ راحَتَيْه نِثَار
مِن حُسْنِه اخْتَلَس الأصيلُ جَمَالَه وبِبِشْرِهِ تَتَبسَّمُ الأَسْحَار
تبدُو سَجايَا النُّبْلِ وَهْي قَلائِلٌ فإِذا حَلَلْن ذَرَاه فَهْي كِثَار
أَبْصَرنَ فِيه نَصِيرَ كُلِّ كَريمة ٍ إِنْ قَلَّت الأَعْوانُ والأَنْصار
للّه يومُكَ والضِّياءُ يَعُمُّه فَعَشِيُّهُ سِيَّانِ والإِبْكار
نَسِيت به الآمالُ جَفْوة َ دَلِّها ومِنَ الدَّلالِ تَحجُّبُ ونِفَارُ
يَوْمٌ تَمنّاه الزَّمانُ وطَالمَا مَدَّتْ إِليه رُءُوسَها الأَعْصَار
سَفَرتْ به البُشْرَى فَطاحَ قِنَاعُها عَمْداً وطَار مع الهَواءِ خِمار
والنَّفْسُ أَغْرَى بالْجَمالِ مُحجَّباً إِنْ زُحْزِحَتْ مِنْ دُونِه الأسْتار
ماصُبْحُ يومٍ والسَّماءُ مَريضة ٌ كصَبَاحِ يَوْمٍ والنَّهارُ نَهار
يوْمٌ غَدَا بين الدُّهورِ مُمَلَّكاً يُوما إِليه مَهَابة ً ويُشَار
الأَمْسُ يَجْزَع أنْ تَقَدَّمَ خُطْوَة ً وغَدٌ أَطَارَ صَوابَه اسْتِئْخار
يوْمُ جَثَا التاريخ فيه مُدوِّناً للّه ما قَدْ ضَمَّتْ الأَسْفارُ
وتَصفَّح الأَخْبَارَ يَبْغِي مِثْلَه هَيْهاتَ تَحْوِي مِثْلَه الأَخْبَار
يوْمٌ كأَنَّ ضِيَاءَه مِنْ أَعْيُنٍ مِنْ طُولِ ما اتّجَهتْ له الأَنْظارُ
يَكْفِيه أن يُنْمَى لأَكْرمِ سُدَّة ٍ سَعِدَتْ بها الأَيَّامُ والأَمْصَارُ
بَيْتٌ له عَنَتِ الوُجُوه خَواشِعاً كالبَيْت يُمْسَح رُكْنُه ويُزَار
ضُمَّتْ به فِلَذُ القُلُوبِ فكَّونتْ بَيْتاً فلا صَخْرٌ ولا أَحْجَار
الدينُ والْخُلُقُ المَتِينُ أَساسُه وحِيَاطَة ُ المَوْلَى له أَسوَار
رَحُبتْ به السَّاحَاتُ فَهْوَ مَثابة ٌ وعَلاَ عُلُوَّ الْحَقِّ فهْوَ مَنَار
غِيلٌ تَهَابُ الأُسْدُ بَطْشَ لُيوثِه وتَخُونُها الأَنيَابُ والأظْفَارُ
مِنْ كُلِّ خَطَّارٍ إِلَى غَايَاتهِ يُزْهَى به الصَّمْصَامُ والْخَطَّار
نَدْبٍ إِذا حَلّ الْحُبَاءَ لغَارة ٍ أَلْقَى السِّلاَحَ الفَارِسُ المِغْوَار
حامَتْ نُسورُ النَّصْرِ حَوْلَ جُيُوشِهم حتَّى كأَنَّ غُبارَها أَوْكار
شُمْسُ العَدَاوة ِ والْحُسَامُ مُجَرَّدٌ فإِذَا انْطَوَى فَمَلائِكٌ أَطْهار
سَبَقوا وُثُوبَ الْحادِثاتِ وبادَرُوا إِنَّ الْحَياة َ تَوثُّبٌ وبِدَار
وعَلَوْا لِنَيْلِ المَجْدِ كُلَّ مَطِيَّة ٍ لو كانَ نَجْماً في السَّمَاء لَطَارُوا
الْخَالِدُون عَلَى الزَّمان وأَهْلهِ تَفْنَى الرجالُ وتَخْلُدُ الآثارُ
جاءُوا ومِصْرُ عَفَتْ معالمُ مَجْدها لامِصْرُ مِصْرُ ولا الدِّيارُ دِيَارُ
العِلْمُ يخْفِقُ للزّوالِ سِرَاجُهُ والعَدْلُ مُنْدَكُّ الذُّرَا مُنْهارُ
والناسُ في حَلَكِ الظّلام يَسُوقُهم نَحْوَ الفَنَاءِ تَخَبُّطٌ وعِثَار
فَبدَا مُحمَّدكُم فهَبَّ صَرِيعُهمْ حَيّا كَذَاك البَعْثُ والإنْشَار
والتفَّتْ الرَّاياتُ حولَ لِوائِه ودَعا الغفَاة َ إِلى المَسِير فَساروا
وأعادَ مَجْدَ الأَوَّلِين بَعزْمة إِيرادُها للّه والإِصْدَار
إِنّ النُّفوسَ تَضِيقُ وَهْيَ صَغِيرة ٌ ويَضيق عنها الكَوْنُ وِهْيِ كِبَار
فاروقُ عيدُك هَزّ أَدْوَاحَ المُنَى وتَعطَّرتْ بعَبِيرِه الأَزهارُ
اليُمْنُ يَسْطَع في جَبِينِ نهارِه والسَّعْدُ كوْكبُ لَيْلِه السَّيّار
رقصت به الرايات بادية الحلى الحبُّ رنَّحها والإستِبشار
مُتَلفِّتاتٍ حَوْلَ رَكْبِك حُوَّماً لا يَسْتقِر لوَجْدِهِنّ قَرَار
مُتَدلِّلاتٍ ما عَرَفْن صَبَابة ً نَشْوَى وما لَعِبتْ بهنّ عُقَار
جَعَلتْ سَمَاءَ النيل رَوْضاً أَخْضَراً هَيْهاتَ مِنْه الرَّوْضَة ُ المِعْطار
والناسُ قَدْ سَدُّوا الفَضَاء كأَنَّهم بَحْرٌ يَعجُّ عَجِيجه زَخَّار
لو صُبَّتِ الأَمْطَارُ صَبّاً فَوْقَهم مامَسَّ مَوْطِىء َ نَعْلِهم أَمْطارُ
مُتجمِّعين كأَنَّهم سِرْبُ القَطا مُتَدفِّقين كأَنهم أَنْهار
قَدْ لَوَّحوا بالرَّاحَتَيْن وزاحَمُوا وتَلفَّتوا بالنَّاظِرَيْن ومَارُوا
لهمُ دَوِيٌّ بالهُتافِ وضَجَّة ٌ ولهمْ بِصدْقِ دُعائِهم تَهْدَار
رفَعُوا العَمارَ وَبَعْثَروا أَزْهَارَهم فالْجَوُّ زَهْرٌ ناضِرٌ وعَمَار
حُبُّ المَلِيكِ الأَرْيَحِيِّ شِعَارهم لو كَان يُنْسَجُ للْوَلاَء شِعار
قَرءُوا السعادة َ في جَبِينك أَسْطُراً بيَدِ المُهيْمن هذه الأَسْطار
ورَأَوْا شَبَاباً كالْجْمَان يَزِينُه أَنَّى التَفَتَّ جَلاَلة ٌ وَوقَار
سُسْتَ القُلوبَ فنلْتَ أَكْرمَ وُدِّها وعَرَفْتَ بالإِحْسانِ كيف تُثَار
ومِنَ القُلُوبِ حَدائقٌ بَسَّامة ٌ ومِنَ القُلُوبِ سَباسِبٌ وقِفَارُ
مَنْ يَغْرِس الصُّنْعَ الْجَميلَ بأُمّة ٍ فَلهُ من الشُّكْرِ الْجَميلِ ثِمَار
لما رَأَوْكَ رأَوْا بشَاشاتِ المُنَى الوَجْهُ نَضْرٌ والشَّبَابُ نُضَار
مُتَسْرِبلاً ثَوْبَ الهُدَى مَتواضِعاً للّه لا صَلَفٌ ولاَ اسْتِكْبار
نُورُ الإِلَه يَدُور حَوْلَك هَالة ً لم تَزْدَهِر بمَثِيلها الأَقْمَار
في مَوْكِبٍ للمُلْك يَخْتَلِب النُّهَى وَتَتيه في تَصْوِيره الأَفْكار
فَتَن العُيونَ الشَّاخِصاتِ بسِحْره إِنّ الْجَمَال لَفاتِنٌ سَحّار
فاروقُ تاجُك رَحْمة ٌ وسَعادة ٌ للوادِيَيْن وعِزَّة ٌ وفَخار
تَتألّق الآمالُ في جَنَباتِه ويَدُورُ نَجْمُ السَّعْدِ حَيْثُ يُدَار
ما نالَه كِسْرَى ولم يَظْفَر له بمُمَاثِل يومَ الفَخارِ نِزَارُ
نورُ الجبين السَّمْحِ مازَجَ ضَوْءَه فتَشَابَه الأَضْوَاءُ والأَنْوَار
المُلْكُ فيكَ طَبِيعة ٌ ووِرَاثة ٌ والمَجْدُ فيكَ سَليقَة ٌ وِنجَار
أعْلَيْتَ دينَ اللّه جَلَّ جَلالُه فَرَسَا له أَصْلٌ وطَالَ جِدَار
الدِّينُ نُورُ النَّفْسِ في ظُلُماتِها والعَقْلُ يَعْثُرُ والظُّنُونُ تَحَار
بَيْن المَنابر والمآذِن بَهْجة ً وتَحدُّثٌ بِصَنِيعكم وَحِوَار
آياتُ نُبْلِك في شَبابِك سُبَّقٌ للمَجْدِ لم يُشْقَقْ لهنّ غُبَار
يَبْدو شَذَا الرَّيْحانِ أَوَّلَ غَرْسِه ويَبينُ قَدْرُ الدُّرِّ وَهْي صِغَار
فَتَحَتْ لك الدُّنيا كنوزَ هِبَاتِها تَخْتارُ مِنها اليَوْمَ ما تَختار
يُمْناك يُمْنٌ للبلاد ورَحْمة ٌ غَدَقٌ ويُسْرَى راحَتَيْك يَسارُ
بَهَرتْ رِجالَ الغَرْب منك شَمائِلٌ خُلُقٌ أَغَرُّ وَرَاحة ٌ مِدْرار
عَرَفوا بمَجْدك مَجْدَ مِصْرَ ونُبْلَها وتَحدَّثتْ بِخَلالك السُّمّار
وغَدَوْتَ فَألاً للعُلاَ فتحقَّقَتْ فيك المُنَى وانحطَّتِ الآصَارُ
وتَخَطَّرتْ مِصْرٌ إِلى فَارُوقِها غَيْداءَ ما شانَ الْجَمالَ إِسَار
شَمَّاءَ يَحْنِي الدهرُ أَصْيَدَ رَأْسِه لجَلالها وتُطَأْطِىء الأَقْدار
فانْعَم بما أُوِتيتَ واهْنَأ شاكِراً نِعَمَ الإِلهِ فإِنَهنّ غِزَار
لازِلْتَ بالنَّصْر المُبِينِ مُتوَّجاً تَحْيَا بِك الأَوْطانُ والأَوْطار
الحب والحرب/
مالي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ وسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَة ٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمَامَ صَبَابتي ومَضَلَّتِي وهُدَاي في يُمْنَاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُلُّ شَيْءٍ باسِمُ وإذا هَجَرْتِ فكلُ شَيْءٍ باكِي
هذا دَمِي في وَجْنَتَيْكِ عَرَفْتُهُ لا تَستَطِيعُ جُحُودَهُ عَيْنَاكِ
لو لم أَخَفْ حَرَّ الْهَوى وَلَهِيبَهُ لَجَعَلْتُ بَيْنَ جَوَانحي مَثْوَاكِ
إِنِّي أَغارُ منَ الْكُؤوسِ فَجنِّبِي كَأْسَ الْمُدَامَة ِ أَنْ تُقَبِّلَ فَاكِ
خدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَا قد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْتِ حُلْوَ لمَاكِ
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِكِ نَشْوة ٌ سَحَرَ الأَنَامَ بِفِعْلِها عِطْفَاكِ
قالَتْ خَلِيلتُها لها لِتُلِينَها ماذا جَنَى لَمَّا هَجَرْتِ فَتَاكِ
هِيَ نَظْرَة ٌ لاقَتْ بِعَيْنِكِ مِثْلَهَا ما كَانَ أَغْنَاهُ وما أَغْناكِ
قد كانَ أَرْسَلَهَا لِصَيْدِكِ لاهِياً فَفَررْتِ مِنْهُ وعادَ في الأَشْرَاكِ
عَهْدِي بِه لَبِقَ الْحدِيثِ فَمَالَهُ لا يَسْتَطيعُ الْقَوْلَ حِينَ يَرَاكِ
إِيَّاكِ أَنْ تَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عَرَفَ الحياة َ بحُبِّهِ إِيَّاكِ
إنَّ الشَّبَابَ وَدِيعَة ٌ مَرْدُودَة ٌ والزُّهْدُ فِيهِ تَزَمُّتُ النُّسَّاكِ
فَتَشَمَّمِي وَرْدَ الْحياة ِ فَإِنَّهُ يَمْضِي ولا يَبْقَى سِوَى الأَشْوَاكِ
لم تُنْصِتي وَمَشَيْتِ غَيْرَ مُجِيبَة ٍ حَتَّى كأَنَّ حَدِيثَها لِسِواكِ
وَبَكَتْ عَلَيَّ فما رَحِمْتِ بُكاءَها ما كانَ أَعْطَفَهَا وما أَقْساكِ
عَطَفَتْ عَلَيَّ النَّيِّرَاتُ وساءَلَتْ مَذْعُورَة ً قَمَرَ السَماءِ أَخاكِ
قالَتْ نَرى شَبَحَا يَرُوحُ ويَغْتَدِي ويَبُثُّ في الأكْوانِ لَوعَة َ شاكِي
أَنَّاتُ مَجْرُوحٍ يُعالِجُ سَهْمَهُ وزَفِيرُ مأسُورٍ بِغَيْرِ فَكاكِ
يَقْضِي سَوادَ الَّليْلِ غَيْرَ مُوَسَّدٍ عَيْنٌ مُسَهَّدَة ٌ وقَلْبٌ ذاكِي
حَتَّى إذا ما الصبْحُ جَرَّدَ نَصْلَهُ الْفَيْتَهُ جِسْمًا بِغَيْرِ حَراكِ
إِنَّا نكادُ أسًى عَلَيْهِ ورَحْمَة ً لِشَبابِهِ نَهْوى مِنَ اْلأَفْلاكِ
مِنْ عَهْدِ قابِيلٍ ولَيْسَ أمامَنا في الأرضِ غيْرُ تَشاكُسٍ وعِراكِ
ما بَيْنَ فَاتِكَة ٍ تَصُول بِقَدِّها وفَتًى يَصُولُ بِرُمْحِهِ فَتَّاكِ
يا أرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِري وكَفَاكِ مِنْ تِلْكَ الدِماءِ كَفَاكِ
في كلِّ رَبْعٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَأْتَمٌ وثَوَاكِلُ ونَوادبٌ وبَواكِي
قد قامَ أَهْلُ الْعِلْم فِيك ودَبَّرُوا بِرَئَتْ يَدِي مِنْ إِثمِهِمْ ويَداكِ
كاشَفْتِهِمْ سِرَّ الْعَناصِرِ فَانْبَرَوْا يَتَخَيَّرُونَ أمَضَّها لِرَداكِ
نَثَرُوا كنانَتَهُمْ وكُلَّ سِهامِها لِلْفَتْكِ والتَدْمِيِر واْلإِهْلاكِ
دَخَلُوا عَلَى العقبانِ في أوْكارِهَا وتسَرَّبُوا لِمَسابِحِ الأسْمَاكِ
فَتَأَمَّلي هَلْ في تُخُومِكِ مَأْمَنٌ أَمْ هَلْ هُنالِكَ مَعْقِلٌ بِذُرَاكِ
ظَهْرُ الُلُيوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكبٍ أَوْفَى وأَكرَمُ مِنْ أَدِيمِ ثَراك
لَيْتَ الْبِحارِ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّرتْ أو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَماءَ طَوَاك
لم يَبْقَ في اْلإِنْسانِ غَيْرُ ذَمائِهِ فَدَراكِ يارَبَّ السَماءِ دَراك
وإِذا النُفُوسُ تَفَرَّقَتْ نَزَعاتُها قامَتْ إِذا قامَتْ بِغَيْر مَساك
والسَيْفُ أَظْلَمُ ما فَزِعَتْ لِحُكْمِه والْحَزْمُ خَيْرُ شَمائِلِ الأَمْلاكِ
ومِنَ الدماءِ طَهارَة ٌ وَعدالَة ٌ ومِنَ الدماءِ جِنايَة ُ السُّفّاكِ
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك
/
حياته وعمله
علي صالح عبد الفتاح الجارم ، ولد بمدينة رشيد عام 1881م هذه المدينة التي شهدت الكثير من الأحداث المرتبطة بتاريخ مصر وفيها نبتت جذور الجارم، وكان والده الشيخ محمد صالح الجارم أحد علماء الأزهر والقاضي الشرعي بمدينة دمنهور وتوفي عام 1910م.
التحق الجارم بالكلية الجامعة بـ اكستر ومكث بها ثلاث سنوات درس خلالها علم النفس وعلوم التربية والمنطق والأدب الإنجليزي، حصل على إجازة في كل المواد وعاد إلى مصر في أغسطس سنة ١٩١٢ ، ثم عين مدرسا بمدرسة التجارة المتوسطة ثم نقل منها بعد سنة على دار العلوم مدرسا لعلوم التربية، في مايو سنة ١٩١٧ نقل مفتشا بوزارة المعارف..ثم رقي إلى وظيفة كبير مفتشي اللغة العربية وظل فيها حتي ١٩٤٠ حين نقلا وكيلا لدار العلوم وظل فيها إلى أن أحيل إلى المعاش سنة ١٩٤٢.
عرف الجارم كمحاضر متميز الأمر الذي أهله لتمثيل مصر في العديد من المؤتمرات الخارجية، فذهب إلى بغداد لحضور تأبين الشاعر الزهاوي، وإلي لبنان لحضور افتتاح المؤتمر الطبي، ومؤتمر الثقافة ببيروت عامي 1943، 1944، كما أرسل إلى السودان للإشراف على امتحانات المدارس المصرية.شخصية الجارم
عرف الجارم بروحه المرحة الخفيفة، فكان مجلسه يمتلئ بالضحك فيما يروي من حديث ونوادر، وما يعلق على أحداث، وعلى الرغم من مرضه وبعض المآسي التي ألمت به، لم تختفي ابتسامته والتي كانت تظهر على وجهه لتحجب من خلفها الحزن والألم الذي في قلبه.
قال عنه أحمد أمين عضو مجمع اللغة العربية وعميد كلية الآداب جامعة القاهرة سابقاً " كان شاعراً من الطراز الأول، مشرق الديباجة، رصين الأسلوب، جيد المعنى والمبنى، وكان شعره مرحاً ضاحكاً، حتى إذا أصيب بفقد ابنه - وكان طالباً في الهندسة – تلون شعره بلون حزين باك، فكان يجيد كل الإجادة في الرثاء والحسرة على فوات الشباب".
وكان الجارم صاحب إحساس عالي يتذوق المعنى، ويتأمل الأفكار الجديدة، وكانت له بصمة واضحة وإضافة مؤثرة في كل عمل التحق به، فساهم في تبسيط النحو والبلاغة من خلال كتبه التي ألفها في ذلك، وكانت له مساهمات فعالة في المجمع اللغوي فشارك في وضع المعجم الوسيط، واشرف على إخراج مجلة المجمع، وشارك في أكثر لجانه مثل لجنة الأدب، ولجنة تيسير الكتابة، وكان احد دعائم "لجنة الأصول" وهي اللجنة التي زودت المجمع بالقواعد التي يقوم عليها التعريب والاشتقاق والتضمين والنحت والقياس وغيرها، وكانت أخر مساهماته الفعالة محاضرة قيمة ألقاها عن الموازنة بين الجملة في اللغة العربية واللغة الأوربية، بالإضافة لمناداته بإصلاح الإملاء.
كما ترك الجارم أعمالا مثل المعارضات في الشعر العربي، شارك في تأليف كتب أدبية منها المجمل في الأدب العربي، المفصل في الأدب العربي، النحو الواضح في ٦ أجزاء بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم، البلاغة الواضحة جزآن بالاشتراك مع زميله الأستاذ مصطفي أمين إبراهيم أيضا، علم النفس وآثاره في التربية والتعليم بالاشتراك مع نفس الزميل وكان هذا الكتاب من أوائل الكتب التي ألفت بالعربية في علم النفس .
أبيات تقطر حباً للإسلام
كان الإسلام محورًا لأغلب أعمال علي الجارم، إذ استوحى في رواياته وقصصه وأشعاره العديد من المعاني القرآنية، واستمد من السيرة النبوية المطهرة والتاريخ الإسلامي أروع إبداعاته، مثل "هاتف من الأندلس" و"غادة رشيد" و"الشاعر الطموح".
اهتم الجارم بالتاريخ العربي فقدم العديد من الروايات الأدبية التاريخيةنذكر منها: "الذين قتلهم شعرهم"، "فارس بني حمدان"، "الشاعر الطموح" ويتضمن دراسة عن حياة وشخصية الشاعر أبي الطيب المتنبي، "خاتمة المطاف"، وقصتي "الفارس الملثم"، و"السهم المسموم"، كما قدم "مرح الوليد" وهو سيرة كاملة للوليد بن يزيد الأموي، "سيدة القصور" أخر أيام الفاطميين في مصر، "غادة رشيد" هذه القصة التي تتناول كفاح الشعب ضد الاستعمار الفرنسي 1798 – 1801، "هاتف من الأندلس"، و"شاعر ملك" قصة المعتمد بن عباد، "قصة ولادة مع ابن زيدون"، "نهاية المتنبي" بالإضافة لقيامه بترجمة كتاب المستشرق البريطاني استانلي لين بول "قصة العرب في أسبانيا".
وقام الجارم بتأليف عدد من الكتب المدرسية في النحو منها "النحو الواضح" مع مصطفى أمين وكان يدرس بالمدارس المتوسطة والثانوية بالعراق، وشارك في إصدار كتب أخرى مثل المجمل من الأدب العربي، والمفصل، والبلاغة الواضحة، وكتب مدرسية في النحو والتربية.
كما نشر عدد من المقالات في مجلة المجمع مثل المجلة الفعلية أساس التعبير في اللغة العربية،
قدر العالم العربي على الجارم حق قدره فمنحته مصر وسام النيل ١٩١٩ والرتبة الثانية سنة ١٩٣٥ ، انعم عليه العراق بوسام الرافدين سنة ١٩٣٦ وانعم عليه لبنان بوسام الأرز من رتبة كومندور سنة ١٩٤٧ ،
جاءت وفاته مفاجأة بالقاهرة وهو مصغ إلى أحد أبنائه وهو يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراشي، عام 1949م.
قالوا عنه :
معاصروه من الأدباء : شاعر العروبة والإسلام
الأديب الكبير عباس العقاد في تقديمه لديوانه الشعري : "الجارم عالم باللغة، وعالم مع اللغة بفنون التربية وفروعها، وهو الشاعر الذي زوده الأدب والعلم بأسباب الإجادة والصحة، فكان شعره زادا لطالب البيان في عصره، ومثالاً صالحًا للثقافة التي أسهم فيها بأدبه وعلمه".
الدكتور حلمي قاعود : " علي الجارم شاعر وواحد من مدرسة البيان في النثر الحديث .
الناقد محمد أبوبكر حميد : كانت شاعريته تكمن خلف وقوفه عند أعلام شعرنا القديم، مثل ابن زيدون في رواية (هاتف من الأندلس) والمعتمد بن عباد في (شاعر ملك) والمُتنبي في (الشاعر الطموح) و(خاتمة المطاف) " .
قصائد من ديوان على الجارم
رشيد/
جــدّدي يـــا رشيدُ للـــحـبّ عَهْدَا
حَسْبُنا حســــــبُنا مِطالاً وصــدَّا
جــدّدي يـــا مدينة َ السحرِ أحــلا
ماً وعْيشاً طَلْقَ الأسارير رَغـْـدا
جــدّدي لمحة ً مضتْ مــن شبابٍ
مــثــل زهـر الربا يرِفُّ ويندَى
وابعثي صَحْوة ً أغار عليها الشــ
يْبُ حتَّى غـدتْ عَــنـاءً وسـُهـدا
وتعالَى ْ نــعــيـشُ في جَنَّة ِ الـمـا
ضـي إذا لم نجِدْ مـن العيشِ بـُدّا
ذِكْرياتٌ لــو كــان للــدهـــرِ عِقْدٌ
كـنّ فــي جِيدِ سالفِ الدهر عِقدا
الشباب/
هاتِ عهدَ الشبابِ إنْ غاصَ في الماء
وإنْ غــــابَ فــــي الــسـمـاء iiفــهـاتـهْ
هَـمَـساتُ الـشـبابِ فــي الـنفس iiأحـلى
مـــن حـديـثِ الـهـوى ومــن هَـمـساتهْ
نـــــارُه تـــطــرُدُ الــهــمـومَ iiفـتـمـضِـي
خــافــقـاتِ الــجَـنـانِ مــــن iiجَــمَـراتـهْ
نــــــارُه تــصــهـرُ الــعـزيـمـةَ ســيــفـاً
تــتــوقّـى الــســيـوفُ وَقْــــعَ iiشَــبـاتـهْ
مــــا أحَــيْـلـى وثــوبَـه وهْـــو iiمـــاضٍ
يــتــحــدَّى الـــزمــانَ فـــــي iiفَــتَـكـاتـهْ
نَــفــحــاتُ الــشــبــابِ أيـــــن تـــولَّــت
لَــهْـفَ نـفـسـي عــلـى شــذى iiنـفـحاتهْ
محمد رسول الله/
أطـلـّـت على سُحبِ الظلامِ ذُكـاءُ
وفُـجـِّرَ مـن صـخـرِ التنـُوفة ِ مَاءُ
وخُــبــّرت الأوثـــانُ أنَّ زمانَـهـا
تــولـى ّ وراحَ الـجـهـلُ والجهلاءُ
فما سجدت إلاّ لذي العرشِ جـبهة
ولــــم يَــرتـفـعْ إلاّ إلــيـه دُعـــَاءُ
تبسم ثغرُ الصبحِ عن مولدِ الهُدى
فـــللأرضِ إشــراقٌ بــه وزُهــاءُ
وعادت به الصحراءُ وهـي جديبة
عـلـيـهـا مـن الـدينِ الجـديد رُوَاءُ
ونافـست الأرضُ السماءَ بكوكـبٍ
وضـِيء الـمـحـّيا مـا حَوَتْه سماءُ
لـه الـحـق والإيـمـانُ بــاللّه هــالة
وفـي كـلِّ أجـواءِ الـعـقولِ فَضاءُ
تــألــّق فــي الـدنـيا يُزيـح ظلامَها
فـــزال عـمى ً مــن حولهِ وعَماءُ
وردّ إلــى الـعـُـرْب الــحـَيـاة وقـد
مـضى عليهم زمانٌ والأمامُ وراءُ
العروبه/
:لُـبـنانُ روضُ الـهـوى والـفنِّ iiلُـبنانُ
الأرضُ مـسكٌ وهـمسُ الدوحِ الحانُ
هل الحِسانُ على العهدِ الذي زعمت
وهــل رِفــاقُ شـبـابي مـثـلَما iiكـانـوا
أيــن الـصـبا أيـن أوتـاري iiوبـهجتُها
طــــوت بــســاط لـيـالـيـهنَّ أزمــــان
أرنــو لـهـا الـيومَ والـذكرى تُـؤرِّقني
كــمــا تــنـبَّـه بــعـد الْـحُـلـمِ وســنـان
وفي نفس القصيدة قال:
بـنـي الـعروبةِ إنَّ الـلّه iiيـجمعُنا
فـلا يـفرِّقُنا فـي الأرضِ iiإنـسانُ
لـنـا بـهـا وطــنٌ حــرٌّ نـلـوذُ بــه
إذا تـنـاءتْ مـسـافاتٌ iiوأوْطَــانُ
غـدا الـصليبُ هـلالاً في iiتوحُّدِنا
وجـمّـع الـقـومَ إنـجـيلٌ iiوقــرآنُ
ولــم نـبـالِ فُـروقـاً شَـتَّـتْ أُمـماً
عدنانُ غسّانُ أو غسّانُ عدنان
أواصـرُ الـدَّمِ والـتاريخِ تَـجمعُنا
وكلُّنا في رِحابِ الشرقِ iiإخوانُ..
الحب والحرب/
[B][B][FONT=Arial][SIZE=5][COLOR=#0033cc][SIZE=6][FONT=georgia]
مالي فتنت بلحظك الفتــــــاك وسلوت كل مليحة إلاك
يسراك قد ملكت زمام صبابتي ومضلتي وهداي في يمناك
فإذا وصلت فكل شيء باســـــم وإذا هجرت فكل شيء باك
هذا دمى في وجنتيك عرفتــه لا تستطيع جحوده عيناك
لو لم أخف حر الهوى ولهيبه لجعلت بين جوانحي مثواك
إني أغار من الكئوس فجنبي كأس المدامة أن يقبل فاك
خدعتك ما عذب السلاف وإنما قد ذقت لما ذقت حلو لماك
لك في شبابك أو دلالك نشــــوة سحر الأنام بفعلها عطفاك
قالت خليلتها لها لتلينــــهـــــا ماذا جني لما هجرت فتاك
هي نظرة لاقت بعينك مثلهـــا ما كان أغناه وما أغناك
قد كان أرسلها لصيدك لاهيـا ففررت منه وعاد في الإشراك
عهدي به لبق الحديث فمالـه لا يستطيع القول حين يراك
إياك أن تقضى عليه فإنــــه عرف الحياة بحبه إياك
أن الشباب وديعة مـــردودة والزهد فيه تزمت النساك
فتشممي ورد الحياة فإنـــــه يمضى ولا يبقى سوى الأشواك
لم تنصتي ومشيت غير مجيبة حتى كان حديثها لسواك
وبكت علىّ فما رحمت بكاءها ما كان أعطفها وما أقساك
عطفت علىّ النيرات وساءلت مذعورة قمر السماء أخاك
قالت نرى شبحا يروح ويغتدي ويبث في الأكوان لوعة شاك
أنات مجروح يعالج سهمـــــه وزفير مأسور بغير فكا ك
يقضى سواد الليل غير موسد عين مسهد وقلب ذاكي
حتى إذا ما الصبح جرد نصله ألفيته جسما بغير حراك
إنا نكاد أسى عليه ورحمـــــة لشبابه نهوى من الأفلاك
من عهد قابيل وليس أمامنــا في الأرض غير تشاكس وعراك
مابين فاتكة تصول بقدهـــــا وفتى يصول برمحه الفتاك
يا أرض ويحك قد رويت فارعوى وكفاك من تلك الدماء كفا ك
في كل ربع من ربوعك ما تــم وثواكل ونوادب وبواكى
قد قام أهل العلم فيك ودبروا برئت يدي من إثمهم ويداك
كاشفتهم سر العناصر فانبروا يتخيرون أمضها لرداك
نثروا كنانتهم وكل سهامهـــا للفتك والتدمير والإهلاك
دخلوا على العقبان في أوكارها وتسربوا لمسابح الأسماك
فتأملي هل في تخومك مأمــــن أم هل هناك معقل بذراك
ظهر الليوث وذلك أصعب مركب أوفى وأكرم من أديم ثراك
ليت البحار طغت عليك وسجرت أو أن من يطوى السماء طواك
لم يبق في الإنسان غير ذمائه فدراك يا رب السماء دراك
وإذا النفوس تفرقت نزعاتها قامت إذا قامت بغير مساك
والسيف أظلم ما فزعت لحكمه والحزم غير شمائل الأملاك
ومن الدماء طهرة وعدالة ومن الدماء جناية السفا ك
والعلم ميزان الحياة فإن هوى هوت الحياة لأسفل الأدراك
[SIZE=5]/
يا ابنتى/
يابْنَتِي إِنْ أردْتِ آية َ حُسْنٍ وجَمالاً يَزِينُ جِسْماً وعَقْلاَ
فانْبِذِي عادة َ التَّبرجِ نَبْذاً فجمالُ النُّفوسِ أسْمَى وأعْلَى
يَصْنَع الصّانِعُون وَرْداً ولَكِنْ وَرْدَة ُ الرَّوضِ لا تُضَارَعُ شَكْلا
صِبْغَة ُ اللّهِ صِبْغَة ٌ تُبْهَر النَّفْ سَ تعالى الإلَهُ عَزّ وجَلاّ
ثمَّ كُوني كالشَّمس تَسْطَع للِنَّا سِ سَواءً مَنْ عَزّ مِنْهُم وَذلاّ
فامْنَحِي المُثرِيَات لِيناً ولُطْفاً وامْنَحِي البائساتِ بِراً وفَضْلا
زِينَة ُ الوَجْه أَن تَرَى العَيْنُ فيه شَرَفاً يَسْحَرُ العُيُونَ ونُبْلا
واجعَلِي شِيمة َ الْحَيَاءِ خِماراً فَهْوَ بِالْغَادة الكَريمة ِ أَوْلَى
ليس لِلْبِنْت في السَّعادة حَظٌّ إِن تَنَاءَى الحياءُ عَنْها ووَلَّى
والْبَسِي مِنْ عَفَاف نَفْسِكِ ثوْباً كلُّ ثوبٍ سِوَاه يَفْنَى ويَبْلَى
وإِذا ما رأَيْتِ بُؤْساً فَجُودِي بدُموع الإِحْسَان يَهْطِلْن هَطْلا
فدُمُوع الإِحسان أَنْضَر في الْخدّ وأَبْهى من الّلآلِي وأَغْلَى
وانظُرِي في الضَّمير إن شِئْتِ مرآ ة ً ففيه تبدُو النفوسُ وتُجْلَى
ذاكِ نُصْحِي إِلى فتَاتِي وسُؤْلي وابْنَتي لا ترُدّ للأَب سُؤْلا
مصر الخلود/
صوّرَ الله فيكِ معنى الخُلُودِ فابلُغى ما أردتِه ثمَّ زيدِي
أنتِ يامِصْرُ جَنَّة ُ اللّهِ في الأرْض وعَيْنُ العُلاَ وَوَاوُ الوجود
أنتِ أمُّ المَجْدَيْنِ بَيْنَ طَرِيفٍ يتَحَدَّى الوَرَى وبَيْنَ تَلِيدِ
كم جديدٍ عليه نُبْلُ قديمٍ وقديمٍ عليه حُسْنُ جديدِ
قد رآك الدهرُ العَتِيُّ فَتاة ً وهو طِفلٌ يلهو بِطَوْقِ الوليدِ
شابَ من حَوْلكِ الزمانُ ومَاَزلْ تِ كغُصْنِ الرَّيْحانَة ِ الأُمْلُودِ
أنتِ يا مِصْرُ بَسْمة ٌ في فم الْحُسْ نودمعُ الْحَنانِ فوقَ الْخُدُودِ
أنتِ في القَفْرِ وَرْدَة ٌ حَوْلَهاَ الشُّوْ ك وفي الشوك عِزَّة ٌ لِلْوُرُودِ
يَلْثمُ البحرُ مِنْكِ طِيبَ ثغُورٍ بَيْنَ عَذْبِ الَّلمَى وبَيْنَ بَرُودِ
يَابْنَة َ النيلِ أنتِ أحْلَى مِنَ اُلْحُ بِّ وأّزْهَى من ضاحِكاتِ الوُعُودِ
نَثَرَ النيلُ فيك تِبراً وأوْهَى لِينُهُ من قسَاوة ِ الْجُلْمودِ
فَتَنَ الأَوَّلِينَ حَتَّى أشارُوا نحو قُدْسِيِّ مائهِ بالسُّجُودِ
وَوَشَى للرِّيَاضِ ثوباً وَحَلَّى كلَّ جِيدٍ من الرُّباَ بعُقُودِ
أنتِ للاّجِئينَ أُمٌّ وَوِرْدٌ لِظِماءِ القلوبِ عَذْبُ الورودِ
قدْ حَمَلْتِ السِّراجَ للناسِ وَالكَوْ نُ غريقٌ في ظُلْمِة ٍ وَخُمودِ
لا نَرى فيك غير عهدٍ مَجيدٍ قَرَنتْهُ العُلاَ بعهدٍ مَجِيدٍ
وجُهودٍ تَمثَّلَتْ في صُخُورٍ وصخورٍ تشبَّهتْ بجُهُودِ
عِظَمٌ يَبْهَرُ السَّمَاءُ وشَأْوٌ عَاقَ ذات الْجَناحِ دُونَ الصُّعُودِ
أنتِ يامِصْرُ صَفْحَة ٌ مِنْ نُضَارٍ لَمَعَتْ بَيْنَ سَالِفَاتِ العُهُودِ
أيْنَ رَمْسِيسُ والكُمَاة ُ حَوَاَليْ هِ مُشاة ٌ في الموْكِب المشْهُودِ
مَلأَالأرضَ والسماَءَ فَهذِي بجنودٍ وهذِهِ بِبُنُودِ
وجُموعُ الكُهَّانِ تهِتفُ بالنَّصْرِ وتتلو النّشيدَ إثْرَ النَّشيدِ
وبناتُ الوادِي يَمِسْنَ اخْتِيالاً ويُحيّين بين دُفٍّ وَعُودِ
أين عَمْرٌو فتى العُرُوبة والإِقْدامِ أَوْفَى مُجاَهدٍ بالعقودِ
شَمّريٌّ يُحَطِّمُ السَّيفَ بالسَّيْ فِويرمِي الصِّنديدَ بالصِّندِيدِ
لَمْ يكن جَيْشُه لدَى الزَّحْف إِلاَّ قُوَّة َ الَعزْمِ صُوِّرتْ في جُنودِ
قِلَّة ٌ دَكَّتْ الحُصون وبَثَّتْ رِعْدَة َ الرُّعْبِ في الْخِضَمِّ العَدِيدِ
ذُعِرَ الموت أنَّهم لَمْ يَخافُو هُ ولم يَرْهَبوا لِقاءَ الحديدِ
ينظرون الفِرْدَوْسَ في ساحة ِ الْحَرْ بِ فيستعجلون أجْرَ الشَّهيدِ
صَعِدُوا للعُلاَ بريشِ نُسُورٍ ومَضَوْا للرَّدَى بِعَزْمِ أسُودِ
أينما ركَّزُوا الرِّماحَ ترى العَدْ لَ مُقيماً في ظِلِّها الَممْدودِ
وترى المُلْكَ أَرْيحِيَّا عَلَيْهِ نَضْرة ٌ من سَمَاحَة ِ التَّوحيدِ
وترَى العزمَ عابِساً لُوثُوبٍ وتَرى السيفَ ضاحكاً في الغُمُوِدِ
وترى العِلْمَ يلتقي بهُدَى الدَّين على مَنْهَجٍ سَوِيٍّ سديدِ
ملكُوا الأرضَ لم يُسيئوا إِلى شَعْبٍ ولم يحكموه حُكْمَ العبيدِ
هُمْ جُدُودِي وَأينَ مِثْلُ جُدودي إن تَصَدَّى مُفاخرٌ بالجدُود
فَسَحُوا صَدْرَهُم لحِكْمِة يُونَا نَ وآدابِ فارسٍ والهُنُودٍ
وأصاروا بالتَّرجَماتِ علومَ الرُّو مِ وِرْداً للنَّاهِلِ المستفيدِ
حَذَقوا الطِبَّ والزمانُ غُلاَمٌ والثقافاتُ رُضَّعٌ في المُهُودِ
وَشُعوبُ الدنيا تُعالِجُ بالسّحْ رِ وحَرْق البَخُّورِ والتَّعقيدِ
هَلْ ترى لابن قُرَّة ٍ من مثيلٍ أو تَرَى لابن صاعدٍ من نديد
والطبيبُ الكِنْدِيُّ لم يُبْقِ في الطَّ بِّ مَزِيداً لحاجة ِ المسْتَزِيدِ
أين أين الرَّازيُّ أين بَنُو زُهْرٍ دُعاة ُ النُّهُوضِ والتَّجْدِيدِ
وابنُ سِينا وأينَ كابنِ نَفيسٍ عَجَزَ الوَهْمُ عن مداه المَديدِ
هذه أُمَّة ٌ من الصَّخرِ كانت في قِفَارٍ من الحياة وَبِيدِ
تأكُلُ القَدَّ والدُّعاعَ من الجُو ع وتَهْفُو شوقاً لِحَبِّ الْهَبِيدِ
وتُثِيرُ الحروبَ شَعْواءَ جهْلاً وتدُسُّ الوَئيدَ إثْرَ الوَئيدِ
نَبعَ النورُ بالنُّبُوَّة ِ فِيهَا فطَوَى صفحة َ الَّلياليِ السُّودِ
ومَضى يملأُ الممالكَ عَدْلاً بَاسِمَ الوعْدِ مُكفَهِرَّ الوَعيدِ
أَطْلَقَ العقلَ من سَلاَسِلهِ الدُّهْمِ ونحّاه عن صَلَيلِ القُيُودِ
بَلغَتْ مِصرُ في التَّآلِيف أوْجًا فات طَوْقَ المُنَى ِ بمَرْمًى بَعِيدِ
فاسأل الفاطِميَّ كَمْ من كتابٍ زَان تاريخَهُ وسِفْرٍ فِريدِ
والصَّلاحِيُّ والمماليكُ كانوا مَوْئِلَ العِلْمِ في عُصورِ الرُّكُودِ
تلك آثارُهُمْ شُهُوداً عَلَى المَجْ دِومَاهُمْ بحاجَة ٍ لشُهُودِ
اتَّئِدْ أيّها القَصِيدُ قَلِيلاً أنا أرتاحُ لاتِّئاد القَصيدِ
وإذا ما ذكرتَ نَهْضَة َ مِصْرٍ فامْلأ الْخَافِقَيْنِ بالتَّغْرِيدِ
ثم مَجِّدْ مُحمَّدًا جَدَّ إِسْمَا عيلَ واصْعَدْ ماشئتَ في التّمْجِيدِ
جاءَ النَّاسُ في ظَلامٍ من الظُّلْ مِ وعَصْفٍ من الخُطُوبِ شَديدِ
حَسَراتٌ للذُّلِّ في كل وَجهٍ وسِمَاتٌ للغُلِّ في كلِّ جِيدِ
فَأَزَاحَ الغِطَاءَ عنهم فقاموا في ذُهُولٍ وأقْبَلُوا في سُمُودِ
وهَدَاهُمْ إلى الحياة ِ فَسَارُوا في حِمًى من لِوَائِهِ المَعْقُودِ
كَمْ بُعُوثٍ للغَرْبِ بَعْدَ بُعُوثٍ وَوفُودٍ للشرقِ بَعْدَ وُفودِ
غَرَسَ الطبَّ في ثَرَى مُلْكِهِ الخَصْبِ ورَوَّى من دَوْحِهِ كُلَّ عُودِ
وأَتَى بَعْدَهُ المجدَّدُ إسْمَا عِيلُ ذُخُر المُنَى ثِمَالُ الْجُودِ
وَ فُؤَادُ تعيشُ ذِكرَى فُؤَادٍ في نَعيمٍ من رَحْمة ٍ وخُلُودِ
رَدَّ مَجْدًا لِمِصْرَ لَوْلاَ نَدَاهُ وَحِجَاهُ ما كانَ بالمَرْدُودِ
كلَّ يوْمِ لَهُ بناءٌ مَشِيدٌ للمعالي إلى بِنَاءٍ مَشِيدِ
ما اعْتَلَى الطِبُّ قِمَّة َ النَّجْمِ إلاَّ بجِنَاحٍ من سَعْيِه المَحْمُودِ
سَعِدَتْ مِصر بالْجِهَابِذِ في الطِبَّ فكَمْ مِنْ مُحاضِرٍ ومُعِيدِ
وَعَلَى رَأْسِهِمْ أبو الحسن الْجَرَّا ح مَنْ كَالَّرئِيس أَوْ كَالعَمِيِد
أيُهَا الوَافِدُونَ من أمَمِ الشَّرْ قِ وأشْبَاله الأُبَاة ِ الصِّيدِ
اِهْبِطُوا مِصرَ كَمْ بِهَا مِن قلوبٍ شَفَّهَا حُبَّكُمْ وكَم منْ كُبُود
قَدْ رَأيْنَا في قُرْبِكُمْ يَوْمَ عِيدٍ قَرَنَتْهُ المُنَى إلَى يَوْمِ عِيد
إِنَّ مِصراً لكم بلادٌ وأهْلٌ لَيْسَ في الْحُبِّ بَيْنَنَا من حُدُود
جَمَعْتَنَا الفُصْحَى فما من وِهَادٍ فَرَّقَتْ بَيْنَنَا وَلا من نُجُودِ
يَصِلُ الحِبُّ حَيْثُ لا تصِلُ الشَّم س ويجْتَازُ شَامِخَاتِ السُّدُودِ
أُمَّة َ العُرْبِ آن أنْ يَنهَضَ النِّسْرُ فَقَدْ طَالَ عَهْدُهُ بالرُّقُودِ
صَفِّقِي باَلْجناحِ في أُذُنِ النَّجْمِ وَمُدِّي فَضْلَ العِنَانِ وسودِي
وأعِيدِي حَضَارة ً زانتْ الدُّنْيَا فكم وَدَّتِ المُنَى أَنْ تُعِيدي
إنَّمَا المَجْدُ أَنْ تُرِيدِي وَتَمْضِي ثُم تَمْضِي سَبَّاقَة ً وَتُريدِي
لا يَنَالُ العُلاَ سِوَى عَبْقَرِي راسِخِ العَزْمِ كالصَّفَاة ِ جَلِيدِ
قَدْ أَعَدْنَا عهْد العُرُوبَة ِ فِي مِصْ رَ وذِكْرَى فِرْدَوْسِهَا المفْقُودِ
وَبَدأْنَا عَصْراً أغَرَّ سَعِيداً بِمَليكٍ مَاضٍ أَغَرَّ سَعِيدِ
قَدْ حَباه الشبابُ رأيًا وعَزْمًا عَلَوِيَّ المَضاءِ والتَّسدِيدِ
قام بالأمْرِ أرْيحيًّا رَشِيداً فَذَكَرْنَا بِهِ عُهُودَ الرَّشِيدِ
إنَّ حُبَّ الفَارُوقِ وَهْوَ وَحِيدٌ فِي مَكانٍ منَ القلوب وَحِيدِ
أَلْسُنُ الْعُرْبِ كلُّهَا دَعَوَاتٌ ضَارِعَاتٌ بالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ
أبْصَرُوا في السَّماء مُلْكًا عَزِيزًا رافِع الرَّأسْ فَوقَ صَخْرٍ وَطيِدِ
وَرَأوْا عَاهِلاً يَفِيضُ جَلاَلاً مِنْ هُدَى ربِّه العَزِيزِ الْحَمِيدِ
عَاشَ لِلْمُلْكِ وَالعُرُوبَة ِ ذُخْرًا مِنْ هُدَى ربِّه العَزِيزِ الْحَمِيدِ
خشعت لفيض جلالك الابصار/
خَشَعَت لفَيْضِ جَلالِكَ الأَبْصارُ وَذَكَتْ بِمِسْك خِلاَلِكَ الأَشْعَارُ
وتَوسَّمتْ مِصرُ العُلاَ في طَلْعة ٍ قد حَفّها الإِجْلالُ والإِكْبار
مَلِكٌ تَغَار النَّيِّراتُ إِذا بَدَا أَسَمعْتَ أَنَّ النَّيِّرات تَغَار
وَدَّتْ لَوِ اشْتَملتْ بَفضْل رِدَائه هَيْهاتَ ثَوْبُ المَجْدِ لَيْس يُعَار
شَتّانَ بَيْن النيِّراتِ ومَنْ بِهِ سُبُلُ البُطُولَة ِ والْحَيَاة ِ تُنَار
تهْدَى العُيُونُ بضَوْئهنّ وضَوْءُه تُهْدَى البَصائِرُ فِيه والأَبْصَارُ
ولها مَدارٌ من قضَاءٍ مُبْهَمٍ ولَكَ العُلاَ والمَكْرُمَاتُ مَدَار
غُضِّي جُفونَكِ يا نُجومُ فدوُنَه تَتَضاءَلُ الآمَالُ والأَقْدار
أنتُنّ أقْربُ مُشْبِهٍ لِهِبَاته فكِلاكُما مِنْ راحَتَيْه نِثَار
مِن حُسْنِه اخْتَلَس الأصيلُ جَمَالَه وبِبِشْرِهِ تَتَبسَّمُ الأَسْحَار
تبدُو سَجايَا النُّبْلِ وَهْي قَلائِلٌ فإِذا حَلَلْن ذَرَاه فَهْي كِثَار
أَبْصَرنَ فِيه نَصِيرَ كُلِّ كَريمة ٍ إِنْ قَلَّت الأَعْوانُ والأَنْصار
للّه يومُكَ والضِّياءُ يَعُمُّه فَعَشِيُّهُ سِيَّانِ والإِبْكار
نَسِيت به الآمالُ جَفْوة َ دَلِّها ومِنَ الدَّلالِ تَحجُّبُ ونِفَارُ
يَوْمٌ تَمنّاه الزَّمانُ وطَالمَا مَدَّتْ إِليه رُءُوسَها الأَعْصَار
سَفَرتْ به البُشْرَى فَطاحَ قِنَاعُها عَمْداً وطَار مع الهَواءِ خِمار
والنَّفْسُ أَغْرَى بالْجَمالِ مُحجَّباً إِنْ زُحْزِحَتْ مِنْ دُونِه الأسْتار
ماصُبْحُ يومٍ والسَّماءُ مَريضة ٌ كصَبَاحِ يَوْمٍ والنَّهارُ نَهار
يوْمٌ غَدَا بين الدُّهورِ مُمَلَّكاً يُوما إِليه مَهَابة ً ويُشَار
الأَمْسُ يَجْزَع أنْ تَقَدَّمَ خُطْوَة ً وغَدٌ أَطَارَ صَوابَه اسْتِئْخار
يوْمُ جَثَا التاريخ فيه مُدوِّناً للّه ما قَدْ ضَمَّتْ الأَسْفارُ
وتَصفَّح الأَخْبَارَ يَبْغِي مِثْلَه هَيْهاتَ تَحْوِي مِثْلَه الأَخْبَار
يوْمٌ كأَنَّ ضِيَاءَه مِنْ أَعْيُنٍ مِنْ طُولِ ما اتّجَهتْ له الأَنْظارُ
يَكْفِيه أن يُنْمَى لأَكْرمِ سُدَّة ٍ سَعِدَتْ بها الأَيَّامُ والأَمْصَارُ
بَيْتٌ له عَنَتِ الوُجُوه خَواشِعاً كالبَيْت يُمْسَح رُكْنُه ويُزَار
ضُمَّتْ به فِلَذُ القُلُوبِ فكَّونتْ بَيْتاً فلا صَخْرٌ ولا أَحْجَار
الدينُ والْخُلُقُ المَتِينُ أَساسُه وحِيَاطَة ُ المَوْلَى له أَسوَار
رَحُبتْ به السَّاحَاتُ فَهْوَ مَثابة ٌ وعَلاَ عُلُوَّ الْحَقِّ فهْوَ مَنَار
غِيلٌ تَهَابُ الأُسْدُ بَطْشَ لُيوثِه وتَخُونُها الأَنيَابُ والأظْفَارُ
مِنْ كُلِّ خَطَّارٍ إِلَى غَايَاتهِ يُزْهَى به الصَّمْصَامُ والْخَطَّار
نَدْبٍ إِذا حَلّ الْحُبَاءَ لغَارة ٍ أَلْقَى السِّلاَحَ الفَارِسُ المِغْوَار
حامَتْ نُسورُ النَّصْرِ حَوْلَ جُيُوشِهم حتَّى كأَنَّ غُبارَها أَوْكار
شُمْسُ العَدَاوة ِ والْحُسَامُ مُجَرَّدٌ فإِذَا انْطَوَى فَمَلائِكٌ أَطْهار
سَبَقوا وُثُوبَ الْحادِثاتِ وبادَرُوا إِنَّ الْحَياة َ تَوثُّبٌ وبِدَار
وعَلَوْا لِنَيْلِ المَجْدِ كُلَّ مَطِيَّة ٍ لو كانَ نَجْماً في السَّمَاء لَطَارُوا
الْخَالِدُون عَلَى الزَّمان وأَهْلهِ تَفْنَى الرجالُ وتَخْلُدُ الآثارُ
جاءُوا ومِصْرُ عَفَتْ معالمُ مَجْدها لامِصْرُ مِصْرُ ولا الدِّيارُ دِيَارُ
العِلْمُ يخْفِقُ للزّوالِ سِرَاجُهُ والعَدْلُ مُنْدَكُّ الذُّرَا مُنْهارُ
والناسُ في حَلَكِ الظّلام يَسُوقُهم نَحْوَ الفَنَاءِ تَخَبُّطٌ وعِثَار
فَبدَا مُحمَّدكُم فهَبَّ صَرِيعُهمْ حَيّا كَذَاك البَعْثُ والإنْشَار
والتفَّتْ الرَّاياتُ حولَ لِوائِه ودَعا الغفَاة َ إِلى المَسِير فَساروا
وأعادَ مَجْدَ الأَوَّلِين بَعزْمة إِيرادُها للّه والإِصْدَار
إِنّ النُّفوسَ تَضِيقُ وَهْيَ صَغِيرة ٌ ويَضيق عنها الكَوْنُ وِهْيِ كِبَار
فاروقُ عيدُك هَزّ أَدْوَاحَ المُنَى وتَعطَّرتْ بعَبِيرِه الأَزهارُ
اليُمْنُ يَسْطَع في جَبِينِ نهارِه والسَّعْدُ كوْكبُ لَيْلِه السَّيّار
رقصت به الرايات بادية الحلى الحبُّ رنَّحها والإستِبشار
مُتَلفِّتاتٍ حَوْلَ رَكْبِك حُوَّماً لا يَسْتقِر لوَجْدِهِنّ قَرَار
مُتَدلِّلاتٍ ما عَرَفْن صَبَابة ً نَشْوَى وما لَعِبتْ بهنّ عُقَار
جَعَلتْ سَمَاءَ النيل رَوْضاً أَخْضَراً هَيْهاتَ مِنْه الرَّوْضَة ُ المِعْطار
والناسُ قَدْ سَدُّوا الفَضَاء كأَنَّهم بَحْرٌ يَعجُّ عَجِيجه زَخَّار
لو صُبَّتِ الأَمْطَارُ صَبّاً فَوْقَهم مامَسَّ مَوْطِىء َ نَعْلِهم أَمْطارُ
مُتجمِّعين كأَنَّهم سِرْبُ القَطا مُتَدفِّقين كأَنهم أَنْهار
قَدْ لَوَّحوا بالرَّاحَتَيْن وزاحَمُوا وتَلفَّتوا بالنَّاظِرَيْن ومَارُوا
لهمُ دَوِيٌّ بالهُتافِ وضَجَّة ٌ ولهمْ بِصدْقِ دُعائِهم تَهْدَار
رفَعُوا العَمارَ وَبَعْثَروا أَزْهَارَهم فالْجَوُّ زَهْرٌ ناضِرٌ وعَمَار
حُبُّ المَلِيكِ الأَرْيَحِيِّ شِعَارهم لو كَان يُنْسَجُ للْوَلاَء شِعار
قَرءُوا السعادة َ في جَبِينك أَسْطُراً بيَدِ المُهيْمن هذه الأَسْطار
ورَأَوْا شَبَاباً كالْجْمَان يَزِينُه أَنَّى التَفَتَّ جَلاَلة ٌ وَوقَار
سُسْتَ القُلوبَ فنلْتَ أَكْرمَ وُدِّها وعَرَفْتَ بالإِحْسانِ كيف تُثَار
ومِنَ القُلُوبِ حَدائقٌ بَسَّامة ٌ ومِنَ القُلُوبِ سَباسِبٌ وقِفَارُ
مَنْ يَغْرِس الصُّنْعَ الْجَميلَ بأُمّة ٍ فَلهُ من الشُّكْرِ الْجَميلِ ثِمَار
لما رَأَوْكَ رأَوْا بشَاشاتِ المُنَى الوَجْهُ نَضْرٌ والشَّبَابُ نُضَار
مُتَسْرِبلاً ثَوْبَ الهُدَى مَتواضِعاً للّه لا صَلَفٌ ولاَ اسْتِكْبار
نُورُ الإِلَه يَدُور حَوْلَك هَالة ً لم تَزْدَهِر بمَثِيلها الأَقْمَار
في مَوْكِبٍ للمُلْك يَخْتَلِب النُّهَى وَتَتيه في تَصْوِيره الأَفْكار
فَتَن العُيونَ الشَّاخِصاتِ بسِحْره إِنّ الْجَمَال لَفاتِنٌ سَحّار
فاروقُ تاجُك رَحْمة ٌ وسَعادة ٌ للوادِيَيْن وعِزَّة ٌ وفَخار
تَتألّق الآمالُ في جَنَباتِه ويَدُورُ نَجْمُ السَّعْدِ حَيْثُ يُدَار
ما نالَه كِسْرَى ولم يَظْفَر له بمُمَاثِل يومَ الفَخارِ نِزَارُ
نورُ الجبين السَّمْحِ مازَجَ ضَوْءَه فتَشَابَه الأَضْوَاءُ والأَنْوَار
المُلْكُ فيكَ طَبِيعة ٌ ووِرَاثة ٌ والمَجْدُ فيكَ سَليقَة ٌ وِنجَار
أعْلَيْتَ دينَ اللّه جَلَّ جَلالُه فَرَسَا له أَصْلٌ وطَالَ جِدَار
الدِّينُ نُورُ النَّفْسِ في ظُلُماتِها والعَقْلُ يَعْثُرُ والظُّنُونُ تَحَار
بَيْن المَنابر والمآذِن بَهْجة ً وتَحدُّثٌ بِصَنِيعكم وَحِوَار
آياتُ نُبْلِك في شَبابِك سُبَّقٌ للمَجْدِ لم يُشْقَقْ لهنّ غُبَار
يَبْدو شَذَا الرَّيْحانِ أَوَّلَ غَرْسِه ويَبينُ قَدْرُ الدُّرِّ وَهْي صِغَار
فَتَحَتْ لك الدُّنيا كنوزَ هِبَاتِها تَخْتارُ مِنها اليَوْمَ ما تَختار
يُمْناك يُمْنٌ للبلاد ورَحْمة ٌ غَدَقٌ ويُسْرَى راحَتَيْك يَسارُ
بَهَرتْ رِجالَ الغَرْب منك شَمائِلٌ خُلُقٌ أَغَرُّ وَرَاحة ٌ مِدْرار
عَرَفوا بمَجْدك مَجْدَ مِصْرَ ونُبْلَها وتَحدَّثتْ بِخَلالك السُّمّار
وغَدَوْتَ فَألاً للعُلاَ فتحقَّقَتْ فيك المُنَى وانحطَّتِ الآصَارُ
وتَخَطَّرتْ مِصْرٌ إِلى فَارُوقِها غَيْداءَ ما شانَ الْجَمالَ إِسَار
شَمَّاءَ يَحْنِي الدهرُ أَصْيَدَ رَأْسِه لجَلالها وتُطَأْطِىء الأَقْدار
فانْعَم بما أُوِتيتَ واهْنَأ شاكِراً نِعَمَ الإِلهِ فإِنَهنّ غِزَار
لازِلْتَ بالنَّصْر المُبِينِ مُتوَّجاً تَحْيَا بِك الأَوْطانُ والأَوْطار
الحب والحرب/
مالي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ وسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَة ٍ إِلاَّكِ
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمَامَ صَبَابتي ومَضَلَّتِي وهُدَاي في يُمْنَاكِ
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُلُّ شَيْءٍ باسِمُ وإذا هَجَرْتِ فكلُ شَيْءٍ باكِي
هذا دَمِي في وَجْنَتَيْكِ عَرَفْتُهُ لا تَستَطِيعُ جُحُودَهُ عَيْنَاكِ
لو لم أَخَفْ حَرَّ الْهَوى وَلَهِيبَهُ لَجَعَلْتُ بَيْنَ جَوَانحي مَثْوَاكِ
إِنِّي أَغارُ منَ الْكُؤوسِ فَجنِّبِي كَأْسَ الْمُدَامَة ِ أَنْ تُقَبِّلَ فَاكِ
خدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَا قد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْتِ حُلْوَ لمَاكِ
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِكِ نَشْوة ٌ سَحَرَ الأَنَامَ بِفِعْلِها عِطْفَاكِ
قالَتْ خَلِيلتُها لها لِتُلِينَها ماذا جَنَى لَمَّا هَجَرْتِ فَتَاكِ
هِيَ نَظْرَة ٌ لاقَتْ بِعَيْنِكِ مِثْلَهَا ما كَانَ أَغْنَاهُ وما أَغْناكِ
قد كانَ أَرْسَلَهَا لِصَيْدِكِ لاهِياً فَفَررْتِ مِنْهُ وعادَ في الأَشْرَاكِ
عَهْدِي بِه لَبِقَ الْحدِيثِ فَمَالَهُ لا يَسْتَطيعُ الْقَوْلَ حِينَ يَرَاكِ
إِيَّاكِ أَنْ تَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ عَرَفَ الحياة َ بحُبِّهِ إِيَّاكِ
إنَّ الشَّبَابَ وَدِيعَة ٌ مَرْدُودَة ٌ والزُّهْدُ فِيهِ تَزَمُّتُ النُّسَّاكِ
فَتَشَمَّمِي وَرْدَ الْحياة ِ فَإِنَّهُ يَمْضِي ولا يَبْقَى سِوَى الأَشْوَاكِ
لم تُنْصِتي وَمَشَيْتِ غَيْرَ مُجِيبَة ٍ حَتَّى كأَنَّ حَدِيثَها لِسِواكِ
وَبَكَتْ عَلَيَّ فما رَحِمْتِ بُكاءَها ما كانَ أَعْطَفَهَا وما أَقْساكِ
عَطَفَتْ عَلَيَّ النَّيِّرَاتُ وساءَلَتْ مَذْعُورَة ً قَمَرَ السَماءِ أَخاكِ
قالَتْ نَرى شَبَحَا يَرُوحُ ويَغْتَدِي ويَبُثُّ في الأكْوانِ لَوعَة َ شاكِي
أَنَّاتُ مَجْرُوحٍ يُعالِجُ سَهْمَهُ وزَفِيرُ مأسُورٍ بِغَيْرِ فَكاكِ
يَقْضِي سَوادَ الَّليْلِ غَيْرَ مُوَسَّدٍ عَيْنٌ مُسَهَّدَة ٌ وقَلْبٌ ذاكِي
حَتَّى إذا ما الصبْحُ جَرَّدَ نَصْلَهُ الْفَيْتَهُ جِسْمًا بِغَيْرِ حَراكِ
إِنَّا نكادُ أسًى عَلَيْهِ ورَحْمَة ً لِشَبابِهِ نَهْوى مِنَ اْلأَفْلاكِ
مِنْ عَهْدِ قابِيلٍ ولَيْسَ أمامَنا في الأرضِ غيْرُ تَشاكُسٍ وعِراكِ
ما بَيْنَ فَاتِكَة ٍ تَصُول بِقَدِّها وفَتًى يَصُولُ بِرُمْحِهِ فَتَّاكِ
يا أرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِري وكَفَاكِ مِنْ تِلْكَ الدِماءِ كَفَاكِ
في كلِّ رَبْعٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَأْتَمٌ وثَوَاكِلُ ونَوادبٌ وبَواكِي
قد قامَ أَهْلُ الْعِلْم فِيك ودَبَّرُوا بِرَئَتْ يَدِي مِنْ إِثمِهِمْ ويَداكِ
كاشَفْتِهِمْ سِرَّ الْعَناصِرِ فَانْبَرَوْا يَتَخَيَّرُونَ أمَضَّها لِرَداكِ
نَثَرُوا كنانَتَهُمْ وكُلَّ سِهامِها لِلْفَتْكِ والتَدْمِيِر واْلإِهْلاكِ
دَخَلُوا عَلَى العقبانِ في أوْكارِهَا وتسَرَّبُوا لِمَسابِحِ الأسْمَاكِ
فَتَأَمَّلي هَلْ في تُخُومِكِ مَأْمَنٌ أَمْ هَلْ هُنالِكَ مَعْقِلٌ بِذُرَاكِ
ظَهْرُ الُلُيوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكبٍ أَوْفَى وأَكرَمُ مِنْ أَدِيمِ ثَراك
لَيْتَ الْبِحارِ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّرتْ أو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَماءَ طَوَاك
لم يَبْقَ في اْلإِنْسانِ غَيْرُ ذَمائِهِ فَدَراكِ يارَبَّ السَماءِ دَراك
وإِذا النُفُوسُ تَفَرَّقَتْ نَزَعاتُها قامَتْ إِذا قامَتْ بِغَيْر مَساك
والسَيْفُ أَظْلَمُ ما فَزِعَتْ لِحُكْمِه والْحَزْمُ خَيْرُ شَمائِلِ الأَمْلاكِ
ومِنَ الدماءِ طَهارَة ٌ وَعدالَة ٌ ومِنَ الدماءِ جِنايَة ُ السُّفّاكِ
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك
/
2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977
» موقع اخبارى مميز
2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى
» مكتبه الفنان عبده النزاوي
2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون
» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه
» فيلم الحرمان فيروز نيللي
2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه
» المسلسل البدوي البريئة
2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه
» مسلسل وضحا وابن عجلان
2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه