المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخى الزائر... ... أختى الزائرة
أهلاً بك عضوًا جديدًا ... وضيفًا كريمًا
معرفتك تسرنا... وتواصلنا معك يسعدنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخى الزائر... ... أختى الزائرة
أهلاً بك عضوًا جديدًا ... وضيفًا كريمًا
معرفتك تسرنا... وتواصلنا معك يسعدنا

المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

منتدى صوت الرملة بنها قليوبية forum soutelramla

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ : « لا إِلَه إِلاَّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ ، لا إِله إِلاَّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ ، وربُّ الأَرْض ، ورَبُّ العرشِ الكريمِ » متفقٌ عليه .
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً .رواه ابن ماجه .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له ..صحيح الترمذي
موقع اخبارى مميز لطلاب قسم الاعلام ببنها ادخل ومش هاتندم
http://www.elgaras.com

اقسام المنتدى

المواضيع الأخيرة

» صوت الرملة يقدم من سلسلة كتب صوتيات اللغة الفرنسية كتاب Phonétique - 350 exercices (Livre + Audio) هدية من الاستاذ عمرو دسوقى
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977

» موقع اخبارى مميز
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى

»  مكتبه الفنان عبده النزاوي
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون

»  مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون

»  مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون

» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه

» فيلم الحرمان فيروز نيللي
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه

» المسلسل البدوي البريئة
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه

» مسلسل وضحا وابن عجلان
 نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه

اقسا م المنتدى

select language

أختر لغة المنتدى من هنا

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 15 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 15 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 398 بتاريخ 2024-11-18, 04:39

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 11145 مساهمة في هذا المنتدى في 7231 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 11888 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو المصري فمرحباً به.

تصويت


    نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل)

    sla7
    sla7
    مدير الادارة
    مدير الادارة

    عدد المساهمات : 2887
    نقاط : -2147483186
    السٌّمعَة : 65
    تاريخ التسجيل : 10/11/2010
    الموقع : http://www.tvquran.com/
    25032011

     نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل) Empty نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري ( بحث كامل)

    مُساهمة من طرف sla7

    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

    نظريات الاتصال والإعلام الجماهيري

    المحتويات


    المبحث الأول:مفهوم الاتصال
    المبحث الثاني:تطور نظريات الاتصال
    المبحث الثالث:القائم بالاتصال ونظرية(حارس البوابة)
    المبحث الرابع:وسائل الأعلام وتأثيرها على المجتمعات
    ((
    نظرية مارشال ماكلوهان))
    المبحث الخامس: نظرية التقمص الوجداني
    المبحث السادس:نظريات الإعلام والسلطة
    المبحث السابع:نظريات الإعلام في الدول النامية
    المصادر والمراجع





    المبحث الأول
    مفهوم الاتصال


    أولاً: تعريف الاتصال
    يعود أصل كلمة COMMUNICATION في اللغات الأوروبية- والتي اقتبست أو ترجمت إلى اللغات الأخرى وشاعت في العالم- إلى جذور الكلمة اللاتينية COMMUNIS التي تعني "الشيء المشترك"، ومن هذه الكلمة اشتقت كلمة COMMUNE التي كانت تعني في القرنين العاشر والحادي عشر "الجماعة المدنية" بعد انتزاع الحق في الإدارة الذاتية للجماعات في كل من فرنسا وإيطاليا، قبل أن تكتسب الكلمة المغزى السياسي والأيديولوجي فيما عرف بـ "كومونة باريس" في القرن الثامن عشر؛ أما الفعل اللاتيني لجذر الكلمة COMMUNICARE فمعناه "يذيع أو يشيع " ومن هذا الفعل اشتق من اللاتينية والفرنسية نعت COMMUNIQUE الذي يعني "بلاغ رسمي" أو بيان أو توضيح حكومي.
    ويمكن وصف الاتصال بأنه سر استمرار الحياة على الأرض وتطورها، بل أن بعض الباحثين يرى ( أن الاتصال هو الحياة نفسها)، وعلى الرغم من أن الجنس البشرى لا ينفرد وحده بهذه الظاهرة، حيث توجد أنواع عديدة من الاتصال بين الكائنات الحية، بيد أن الاتصال بين البشر شهد تنوعاً في أساليبه، وتطوراً مذهلا في المراحل التاريخية المتأخرة.
    ومع تعدد التعريفات التي وضعت من قبل الباحثين لمفهوم الاتصال (Communication ) فأننا يمكن أن نعتمد تعريفا مبسطا وشاملا للاتصال هو: (أن الاتصال عملية يتم بمقتضاها تفاعل بين مرسل ومستقبل ورسالة في مضامين اجتماعية معينة، وفي هذا التفاعل يتم نقل أفكار ومعلومات ومنبهات بين الأفراد عن قضية، أو معني مجرد أو واقع معين )
    والاتصال عملية مشاركة(Participation) بين المرسل والمستقبل، وليس عملية نقل(Transmision )إذ أن النقل يعني الانتهاء عند المنبع،أما المشاركة فتعني الازدواج أو التوحد في الوجود، وهذا هو الأقرب إلى العملية الاتصالية، ولذا فأنه يمكن الاتفاق على أن الاتصال هو عملية مشاركة في الأفكار والمعلومات، عن طريق عمليات إرسال وبث للمعنى، وتوجيه وتسيير له، ثم استقبال بكفاءة معينة، لخلق استجابة معينة في وسط اجتماعي معين.وتتفق أغلب الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، منذ ما يزيد على نصف قرن، وحتى الوقت الراهن، على تقسيم الاتصال إلى أنواع أو نماذج عدة، من أبرزها :
    الاتصال الذاتي والاتصال الشخصي والاتصال الجمعي والاتصال الجماهيري (الإعلامي)، وهذا النوع الأخير من الاتصال، وبشكله العصري التقني يتجاوز اللقاء المباشرة، والتفاعل الاجتماعي وجها لوجه، وذلك باستخدام وسائل تقنية معقدة باهظة التكاليف، كالطباعة والإذاعة المسموعة والتلفزيون والسينما فضلا عن منظومة الاتصالات والمعلومات عبر الأقمار الاصطناعية،وشبكة الإنترنيت.
    وقد تعددت المفاهيم التي طرحت لتحديد معنى الاتصال بتعدد المدارس العلمية والفكرية للباحثين في هذا المجال، وبتعدد الزوايا والجوانب التي يأخذها هؤلاء الباحثون في الاعتبار، عند النظر إلى هذه العملية، فعلى المستوى العلمي البحثي يمكن القول بوجود مدخلين لتعريف الاتصال:
    المدخل الأول:
    ينظر إلى الاتصال على أنه عملية يقوم فيها طرف أول (مرسل) بإرسال رسالة إلى طرف مقابل(مستقبل) بما يؤدي إلى أحداث اثر معين على متلقي الرسالة.
    المدخل الثاني:
    يرى أن الاتصال يقوم على تبادل المعاني الموجودة في الرسائل، والتي من خلالها يتفاعل الأفراد من ذوي الثقافات المختلفة، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لتوصيل المعنى، وفهم الرسالة.
    والمدخل الأول يهدف إلى تعريف المراحل التي يمر بها الاتصال، ويدرس كل مرحلة على حدة، وهدفها وتأثيرها على عملية الاتصال ككل.
    أما التعريف الثاني فهو تعريف بناءي أو تركيبي، حيث يركز على العناصر الرئيسية المكونة للمعنى، والتي تنقسم بدورها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
    أ- الموضوع: إشارته ورموزه.
    ب- قاريء الموضوع والخبرة الثقافية والاجتماعية التي كونته، والإشارات والرموز التي يستخدمها.
    ج- الوعي بوجود واقع خارجي يرجع إليه الموضوع.

    وفي ضوء المدخل الأول عرف بعض الباحثين الاتصال بالنظر إليه كعملية يتم من خلالها نقل معلومات أو أفكار معينة بشكل تفاعل من مرسل إلى مستقبل بشكل هادف، ومن نماذج هذه التعريفات:
    الاتصال هو العملية التي يتم من خلالها نقل رسالة معينة أو مجموعة من الرسائل من مرسل أو مصدر معين إلى مستقبل،أما الاتصال الجماهيري فهو ذلك النمط من الاتصال الذي يتم بين أكثر من شخصين لإتمام العملية الاتصالية، والتي غالبا ما تقوم بها المؤسسات أو الهيئات عن طريق رسائل جماهيرية.
    الاتصال هو نقل أو انتقال للمعلومات والأفكار والاتجاهات أو العواطف من شخص أو جماعة لآخر أو لآخرين، من خلال رموز معينة.
    الاتصال يعرف على أنه عملية تحدد الوسائل والهدف الذي يتصل أو يرتبط بالآخرين، ويكون من الضروري اعتباره تطبيقا لثلاثة عناصر:العملية-الوسيلة-الهدف.
    الاتصال عملية تفاعل بين طرفين من خلال رسالة معينة،فكرة، أو خبرة،أو أي مضمون اتصالي آخر عبر قنوات اتصالية ينبغي أن تتناسب مع مضمون الرسالة بصورة توضح تفاعلا مشتركا فيما بينهما.

    وفي ضوء المدخل الثاني الذي ينظر إلى الاتصال على أنه عملية تبادل معاني يعرف بعض الباحثين الاتصال كعملية تتم من خلال الاتكاء على وسيط لغوي، حيث أن كلاً من المرسل والمستقبل يشتركان في إطار دلالي واحد، بحيث ينظر إلى الاتصال هنا على أنه عملية تفاعل رمزي، ومن نماذج هذه التعريفات:

    الاتصال تفاعل بالرموز اللفظية بين طرفين: أحدهما مرسل يبدأ الحوار، وما لم يكمل المستقبل الحوار، لا يتحقق الاتصال، ويقتصر الأمر على توجيه الآراء أو المعلومات، من جانب واحد فقط، دون معرفة نوع الاستجابة أو التأثير الذي حدث عند المستقبل.
    الاتصال عملية يتم من خلالها تحقيق معاني مشتركة (متطابقة) بين الشخص الذي يقوم بالمبادرة بإصدار الرسالة من جانب، والشخص الذي يستقبلها من جانب آخر.

    تعريف الإعلام:
    الإعلام جزء من الاتصال، فالاتصال أعم وأشمل، ويمكن تعريف الإعلام بأنه: تلك العملية الإعلامية التي تبدأ بمعرفة المخبر الصحفي بمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديرة بالنشر والنقل، ثم تتوالى مراحلها: تجميع المعلومات من مصادرها، ثم نقلها، والتعاطي معها وتحريرها، ثم نشرها وإطلاقها أو إرسالها عبر صحيفة أو وكالة أو إذاعة أو محطة تلفزة إلى طرف معني بها ومهتم بوثائقها.
    إذن لابد من وجود شخص أو هيئة أو فئة أو جمهور يهتم بالمعلومات فيمنحها أهمية على أهميتها، ويكون الإعلام عن تلك العملية الإعلامية التي تتم بين ميدان المعلومات وبين ميدان نشرها أو بثها.
    ثانياً: عناصر عملية الاتصال:
    أن النظر إلى الاتصال كعملية مشاركة، يعني أن الاتصال لا ينتهي بمجرد أن تصل الرسالة من المصدر (المرسل) إلى المتلقي (المستقبل)، كما يعني أن هناك العديد من العوامل الوسيطة بين الرسالة والمتلقي، بما يحدد تأثير الاتصال؛ من جهة أخرى فأن كلا من المرسل والمتلقي يتحدث عن موضوع معين أو موضوعات معينة فيما يعرف بالرسالة أو الرسائل، ويعكس هذا الحديث ليس فقط مدى معرفة كل منها بالموضوع أو الرسالة، ولكن أيضا يتأثر بما لديه من قيم ومعتقدات، وكذلك بانتماءاته الاجتماعية الثقافية، مما يثير لديه ردود فعل معينة تجاه ما يتلقاه من معلومات وآراء، ويحدد أيضا مدى تأثره بهذه المعلومات والآراء.
    في هذا الإطار المركز تطورت النماذج التي تشرح وتفسر عملية الاتصال بعناصرها المختلفة، حيث ظهر في البداية النموذج الخطي أو المباشر الذي يرى أن تلك العناصر هي: المرسل والرسالة والمستقبل، ولكن الدراسات التي أجريت منذ الأربعينيات، من القرن الماضي، بينت مدى قصور ذلك النموذج، وحطمت النظرية القائلة بأن لوسائل الإعلام تأثيراً مباشراً على الجمهور.
    لقد ظهرت العديد من النماذج والتي تطورت من الطبيعة الثنائية إلى الطبيعة الدائرية، والتي على ضوئها تتكون عملية الاتصال من ستة عناصر أساسية هي:
    1-
    المصدر
    2-
    الرسالة
    3-
    الوسيلة
    4-
    المتلقي (المستقبل)
    5-
    رجع الصدى أو رد الفعل
    6-
    التأثير

    وفيما يلي نبذة موجزة عن هذه العناصر:

    1-
    المصدر أو المرسل(SOURCE):
    ويقصد به منشيء الرسالة، وقد يكون المصدر فردا أو مجموعة من الأفراد وقد يكون مؤسسة أو شركة، وكثيرا ما يستخدم المصدر بمعنى القائم بالاتصال، غير أن ما يجدر التنويه إليه هنا أن المصدر ليس بالضرورة هو القائم بالاتصال، فمندوب التلفزيون قد يحصل على خبر معين من موقع الأحداث، ثم يتولى المحرر صياغته وتحريره، ويقدمه قارئ النشرة إلى الجمهور، في هذه الحالة وجدنا بعض دراسات الاتصال يذهب إلى أن كل من المندوب والمحرر وقارئ النشرة بمثابة قائم بالاتصال، وأن اختلف الدور، بينما يذهب نوع آخر من الدراسات إلى أن القائم بالاتصال هو قارئ النشرة فقط، أي أنه بينما يوسع البعض مفهوم القائم بالاتصال ليشمل كل من يشارك في الرسالة بصورة أو بأخرى، فأن البعض الآخر يضيّق المفهوم قاصراً إياه على من يقوم بالدور الواضح للمتلقي.

    2-
    الرسالة(MESSAGE):
    وهي المعنى أو الفكرة أو المحتوى الذي ينقله المصدر إلى المستقبل، وتتضمن المعاني والأفكار والآراء التي تتعلق بموضوعات معينة، يتم التعبير عنها رمزيا سواء باللغة المنطوقة أو غير المنطوقة، وتتوقف فاعلية الاتصال على الفهم المشترك للموضوع واللغة التي يقدم بها، فالمصطلحات العلمية والمعادلات الرياضية المعقدة الخاصة بالكيمياء الحيوية مثلاً، تكون مفهومة بين أستاذ الكيمياء وطلابه، أما إذا تحدث نفس الأستاذ عن الموضوع مع طلاب الإعلام والاتصال لا يكون الأمر كذلك، فهناك فجوة أو عدم وجود مجال مشترك للفهم بين المرسل والمستقبل، والمنطق نفسه إذا كأن الأستاذ يلقي محاضرة بلغة لا يفهمها أو لا يعرفها الحاضرون، أو إذا استخدم إيماءات وإشارات ذات دلالة مختلفة لهم.
    من جهة أخرى تتوقف فاعلية الاتصال على الحجم الإجمالي للمعلومات المتضمنة في الرسالة، ومستوى هذه المعلومات من حيث البساطة والتعقيد، حيث أن المعلومات إذا كانت قليلة فأنها قد لا تجيب على تساؤلات المتلقي، ولا تحيطه علماً كافياً بموضوع الرسالة، الأمر الذي يجعلها عرضة للتشويه، أما المعلومات الكثيرة فقد يصعب على المتلقي استيعابها ولا يقدر جهازه الإدراكي على الربط بينها.

    3-
    الوسيلة أو القناة(CHANNEL):
    وتعرف بأنها الأداة التي من خلالها أو بواسطتها يتم نقل الرسالة من المرسل إلى المستقبل، وتختلف الوسيلة باختلاف مستوى الاتصال، فهي في الاتصال الجماهيري تكون الصحيفة أو المجلة أو الإذاعة أو التلفزيون، وفي الاتصال الجمعي مثل المحاضرة أو خطبة الجمعة أو المؤتمرات تكون الميكرفون، وفي بعض مواقف الاتصال الجمعي أيضا قد تكون الأداة مطبوعات أو شرائح أو أفلام فيديو، أما في الاتصال المباشر فأن الوسيلة لا تكون ميكانيكية (صناعية) وإنما تكون طبيعية، أي وجها لوجه.
    4-
    المتلقي أو المستقبلRECEIVER
    وهو الجمهور الذي يتلقى الرسالة الاتصالية أو الإعلامية ويتفاعل معها ويتأثر بها، وهو الهدف المقصود في عملية الاتصال، ولا شك أن فهم الجمهور وخصائصه وظروفه يلعب دورا مهما في إدراك معنى الرسالة ودرجة تأثيرها في عقلية ذلك الجمهور، ولا يمكن أن نتوقع أن الجمهور يصدق وينصاع تلقائيا للرسالة الإعلامية، فهو قد يرفضها أو يستجيب لها، إذا كانت تتفق مع ميوله واتجاهاته ورغباته، وقد يتخذ بعض الجمهور موقف اللامبالاة من الرسالة ولا يتفاعل معها.
    5-
    رجع الصدى أو رد الفعلFEED BACK
    يتخذ رد الفعل اتجاها عكسيا في عملية الاتصال، وهو ينطلق من المستقبل إلى المرسل، وذلك للتعبير عن موقف المتلقي من الرسالة ومدى فهمه لها واستجابته أو رفضه لمعناها، وقد أصبح رد الفعل مهما في تقويم عملية الاتصال، حيث يسعى الإعلاميون لمعرفة مدى وصول الرسالة للمتلقي ومدى فهمها واستيعابها.
    6-
    التأثيرEFFECTIVE
    التأثير مسالة نسبية ومتفاوتة بين شخص وآخر وجماعة وأخرى، وذلك بعد تلقي الرسالة الاتصالية وفهمها، وغالبا ما يكون تأثير وسائل الاتصال الجماهيرية بطيئاً وليس فوريا، كما يعتقد البعض، وقد يكون تأثير بعض الرسائل مؤقتاً وليس دائماً، ومن ثم فإن التأثير هو الهدف النهائي الذي يسعى إليه المرسل وهو النتيجة التي يتوخى تحقيقها القائم بالاتصال. وتتم عملية التأثير على خطوتين، الأولى هي تغيير التفكير، والخطوة الثانية هي تغيير السلوك.

    ثالثاً: وظائف وسائل الإعلام
    أصبح دور وسائل الإعلام في المجتمع مهم وخطير جداً، إلى درجة خصصت جميع الحكومات أقساماً ودوائر ووزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف داخلية وخارجية عن طريق تلك الوسائل، ومن تلك الأهداف الداخلية رفع مستوى الجماهير ثقافياً، وتطوير أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية.
    أما خارجياً فمن أهداف دوائر الإعلام تعريف العالم بحضارة الشعوب ووجهات نظر الحكومات في المسائل الدولية.
    ولم يقتصر اهتمام الحكومات بوسائل الإعلام، بل أن مؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية اهتمت بها، ووجدت أن تلك الوسائل تخدمها وتخدم أهدافها وتساعد في ازدهارها.
    وليس أدل على أهمية الإعلام ووسائله مما أصبح معروفاً في العالم، من أن الدولة ذات الإعلام القوي تعتبر قوية وقادرة، فلقد أصبح الإعلام عاملاً رئيسيا في نفوذ بعض الدول، وبخاصة تلك التي وجدت فيه إحدى دعاماتها الرئيسية، وقدمته على باقي دعائم الدولة.
    وسبب كل ذلك هو أن وسائل الإعلام مؤثرة في الجماهير وفاعلة سلباً أو إيجاباً؛ فما هي وظائف تلك الوسائل؟
    للإعلام خمس وظائف رئيسية هي:
    1-
    الوظيفة الإخبارية
    2-
    التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات.
    3-
    زيادة الثقافة والمعلومات.
    4-
    تنمية العلاقات الإنسانية وزيادة التماسك الاجتماعي.
    5-
    لترفيه وتوفير سبل التسلية وقضاء أوقات الفراغ.
    6-
    الإعلان والدعاية.
    وفيما يأتي نوضح هذه الوظائف بنوع من التفصيل:

    الوظيفة الإخبارية: تعني قيام وسائل الإعلام الجماهيرية بنقل الأحداث والقضايا المهمة، ومتابعة تطوراتها وانعكاساتها على المجتمع، وذلك لتلبية حاجة الإنسان الطبيعية لمعرفة البيئة المحيطة به، ومعرفة الحوادث الجارية من حوله، ويكاد المضمون الإخباري يشكل النسبة الرئيسية السائدة اليوم في وسائل الإعلام التي يفترض أن تقوم بتغطية تلك الأحداث بحيادية ودقة ومصداقية، لكي تحظى باحترام الجمهور.

    التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات:
    من المتعارف عليه أن المدرسة تتولى مهمة التوجيه، بعد العائلة، باعتبار أن الطالب يقضي قسما مهما من حياته فيها؛ لكن المجتمع بجميع مؤسساته الأسرية والعائلية والاجتماعية والدينية والاقتصادية له دور كبير في مجال التوجيه، وتكوين المواقف والاتجاهات الخاصة بكل فرد.
    من هنا تتلاقى تلك المؤسسات مع المدرسة في مهمة التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، خاصة وأن المجتمع ليس كله طلابا، ولا يتاح عادة لكل افراد المجتمع دخول المدارس أو الاستمرار في الدرس والتحصيل.
    وإذا كانت المدرسة تقوم بمهمتها تلك عن طريق الهيئة التعليمية والكتاب، فأن توجيه المجتمع يمارس بشكل مباشر وغير مباشر على السواء عن طريق وسائل الإعلام المنتشرة عادة، فكلما كانت المادة الإعلامية ملائمة للجمهور لغة ومحتوى، ازداد تأثيرها، فلا يعقل مثلا أن تخاطب الذين لا يجيدون اللغة العربية باللغة الفصحى، ولا الذين ليس لديهم مستوى ثقافي معين بالمنطق وعلم الكلام والحجج الفكرية والفلسفية.

    زيادة الثقافة والمعلومات:
    التثقيف العام هدفه زيادة ثقافة الفرد بواسطة وسائل الإعلام، وليس بالطرق والوسائل الأكاديمية التعليمية، والتثقيف العام يحدث في الإطار الاجتماعي للفرد سواء كأن ذلك بشكل عفوي وعارض أم بشكل مخطط ومبرمج ومقصود.
    والتثقيف العفوي هو مواجهة دائمة من جانب وسائل الإعلام للفرد، هذه المواجهة تقدم له ـ بدون أن يكون هو المقصود بالذات ـ معلومات وأفكار وصور وآراء، وهذا يحدث عندما يتجول الطالب في ساحة ملعب جامعته فيفاجأ بجريدة حائط أو بتلفزيون نادي الجامعة أو باللافتات المرفوعة في أماكن من الجامعة، وكلها تحمل عبارات تلفت نظره، فيندفع في قراءتها أو متابعتها فتعلق بعض الكلمات في ذهنه ويأخذ ببعض الآراء.
    أما التثقيف المخطط فهو حصيلة وظيفتي التوجيه والتبشير؛ لكن هناك بعض الحالات تقع في دائرة التثقيف المخطط كالبرامج الزراعية التي هي عبارة عن حلقات إرشاد للمزارعين يدعون إليها أو تبث إليهم عبر الإذاعة أو التلفزيون.

    الاتصال الاجتماعي والعلاقات البينية:
    ويعرف الاتصال الاجتماعي عادة بالاحتكاك المتبادل بين الأفراد بعضهم مع بعض، هذا الاحتكاك هو نوع من التعارف الاجتماعي يتم عن طريق وسائل الإعلام التي تتولى تعميق الصلات الاجتماعية وتنميتها.
    فعندما تقدم الصحف كل يوم أخبارا اجتماعية عن الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات الاجتماعية والثقافية فأنها بذلك تكون صلة وصل يومية تنقل أخبار الأفراح من مواليد وزيجات، وأخبار الأحزان من وفيات وفشل وخسارة، وليست صفحة الولادات والوفيات والشكر بصفحة عابرة وغير مهمة في الصحف، بل أنها وسيلة للاتصال الاجتماعي اليومي بين جميع فئات الجماهير.
    وهناك أمر ثان هو قيام وسائل الإعلام كلها تقريبا بتعريف الناس ببعض الأشخاص البارزين أو الذين هم في طريق الشهرة سواء في مجال السياسة أو الفن أو المجتمع أو الأدب.


    الترفيه عن الجمهور وتسليته:
    تقوم وسائل الإعلام فيما تقوم به من وظائف بمهمة ملء أوقات الفراغ عند الجمهور بما هو مسل ومرفه؛مثل الأبواب المسلية في الصحف أو البرامج الكوميدية في التلفزيون.
    وفي الحالتين تأخذ وسائل الإعلام في اعتبارها مبدأ واضحا وهو أن برامج الترفيه والتسلية ضرورية لراحة الجمهور ولجذبه إليها، وحتى في مجال الترفيه هناك برامج وأبواب ترفيه موجه يمكن عن طريقها الدعوة إلى بعض المواقف ودعم بعض الاتجاهات أو تحويرها وحتى تغييرها، وهذا يتطلب بالطبع أساليب مناسبة من جانب وسائل الإعلام.

    الإعلان والدعاية:
    تقوم وسائل الإعلام بوظيفة الإعلان عن السلع الجديدة التي تهم المواطنين، كما تقوم بدور مهم في حقول العمل والتجارة عندما تتولى الإعلان عن وجود وظائف شاغرة أو وجود موظفين مستعدين للعمل، أو عندما تتولى الإعلان عن إجراء مناقصة أو وضع التزام موضع التنفيذ…الخ.
    ولهذا استطاعت وسائل الإعلام على تنوعها من صحافة وتلفزيون وإذاعة وسينما، أمام تعقيد الحياة وتعدد ما فيها من اختراعات وصناعات واكتشافات أن تقوم بمهمة التعريف بما هو جديد وتقديمه إلى الجمهور وعرض فوائده وأسعاره وحسناته بشكل عام.
    هذه هي الوظائف الاجتماعية لوسائل الإعلام، وهي وأن جرى حصرها في ست وظائف، لكن تبقى هناك مهمات تفصيلية أيضا لوسائل الإعلام تندرج تحت هذه الوظائف، فوسائل الإعلام في الواقع أصبحت تقوم مقام المعلم والمربي، وحتى الأب والأم في حالات كثيرة، فالبرامج التربوية والمدرسية وبرامج الأطفال وبرامج الطلاب وغيرها من برامج تبثها وسائل الإعلام، أنما تلتقي بوظيفة التثقيف، لكنها تتعدى تلك الوظيفة إلى ما هو أعمق وأعم واشمل، إلى درجة يمكن القول معها أن الفرد يولد وينمو قليلا حتى تتولاه وسائل الإعلام وترعاه وتقدم إليه ما يلزم من تثقيف وتوجيه وترفيه وإعلان وغير ذلك، وأحيانا تقدم إليه ما يسيء إلى نمو شخصيته وآرائه، فتنحرف بها أو تشوهها.
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    sla7

    مُساهمة 2011-03-25, 11:57 من طرف sla7

    لمبحث الثاني تطور نظريات الاتصال بذلت عدة محاولات علمية لتحليل عملية الاتصال ووصف أبعادها وعناصرها، وما يهمنا التأكيد عليه، في حدود هذه الدراسة، أن أغلب - إن لم نقل جميع- الدراسات التي تناولت موضوع الاتصال الجماهيري أكدت على أهمية الوسيلة الاتصالية ودورها المؤثر والرئيسي في عملية الاتصال الجماهيرية.
    وفي هذا الصدد يمكن أن نشير إلى نموذج (ديفيد برلو) الذي يرى أن هناك أربعة عناصر تكون العملية الاتصالية وتشمل : المرسل والرسالة والوسيلة والمستقبل.ومن النماذج المهمة التي أسهمت في بناء نظريات الاتصال النموذج الذي قدمه (ولبر شرام ) في عام 1974 ف طوره في عام 1971 ف وفي هذا النموذج يقدم شرام العناصر الأساسية على النحو التالي :
    أ)المصدر أو صاحب الفكرة.
    ب)التعبير عن الفكرة ووضعها في شيفرة (Code) وصياغتها في رموز لتكوين الرسالة.
    ت)المستقبل الذي يتلقى ويفك رموزها.
    ث)الاستجابة أو الهدف ورجع الصدى الذي قد يصل أو لا يصل إلى المرسل أو صاحب الفكرة.
    ويعتمد شرام في هذا النموذج على أفكار الباحثين شانون وويفر، وبخاصة فيما يتعلق برجع الصدى والتشويش، ويضيف من خلال نموذجه النظام الوظيفي لعملية الاتصال، كما قدم من خلال هذا النموذج مفاهيم مهمة مثل الإطار الدلالي والخبرة المشتركة وأهميتها في عملية الاتصال، وإلى ذلك،نجد أن المؤرخ والكاتب الإنجليزي ويلز (H.G. Wells ) يبين ((إن تطور التاريخ الإنساني هو ظاهرة اجتماعية واحدة تدفع بالإنسان إلى الاتصال بأخيه الإنسان، في مكان آخر أو مجتمع آخر، وهو بذلك ينظر إلى قصة التطور التاريخي البشري على أنها قصة تطور عملية الاتصال، ويقسمها إلى خمس مراحل وهي : الكلام، الكتابة، اختراع الطباعة، المرحلة العالمية، وأخيرا مرحلة الإذاعة والاتصال الإلكتروني، وفي هذه المرحلة الأخيرة لتطور الاتصال أصبح للوسائل الإلكترونية دوراً مهماً في حياة المجتمع، واستطاع الإنسان نقل أفكاره ومشاعره ومعلوماته عبر الحواجز الجغرافية المحدودة باستخدام أجهزة المذياع ثم التلفزيون، وأخيراً شبكة الإنترنيت.
    ولعل نظرية مارشال ماكلوهان التي ظهرت قبل نحو أربعين عاما، ما تزال حتى اليوم أكثر النظريات الإعلامية انتشاراً ووضوحاً في الربط بين الرسالة والوسيلة الإعلامية، والتأكيد على أهمية الوسيلة في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره، حيث يرى ماكلوهان(أن الوسيلة هي الرسالة) ويوضح أن مضمون وسائل الأعلام لا يمكن النظر إلية مستقلاً عن تقنيات الوسائل الإعلامية فالموضوعات، والجمهور التي توجه له مضمونها، يؤثران على ما تقوله تلك الوسائل، ولكن طبيعة وسائل الأعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات أكثر ما يشكلها مضمون الاتصال.
    ويبين ماكلوهان أن وسائل الأعلام التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها ستحدد طبيعة المجتمع وكيف يعالج مشاكله، وأي وسيلة، أو امتداد للإنسان، تشكل ظروفاً وتؤثر على الطريقة التي يفكر بها الناس ويعلمون وفقا لها.
    وعرض ماكلوهان أربع مراحل تعكس – في رأيه – التاريخ الإنساني وهي :
    أ) المرحلة الشفوية: أي مرحلة ما قبل التعلم، أي المرحلة القبلية.
    ب) مرحلة كتابة النسخ: التي ظهرت في اليونان القديمة واستمرت ألفي عام.
    ت) عصر الطباعة: من سنة 1500 ف إلى سنة 1900 ف تقريبا.
    ث) عصر وسائل الأعلام الإلكترونية من سنة 1900 م تقريباً حتى الوقت الحاضر.
    إن طبيعة وسائل الأعلام المستخدمة في كل مرحلة تساعد على تشكيل المجتمع أكثر مما يساعد مضمون تلك الوسائل على هذا التشكيل.
    ومن أهم ما جاء في نظرية ماكلوهان عن وسائل الاتصال، أنه يقسم هذه الوسائل إلى (وسائل باردة ) و (وسائل ساخنة ) ويقصد بالوسائل الباردة تلك التي تتطلب من المستقبل جهدا إيجابيا في المشاركة والمعايشة والاندماج فيها، أما الوسائل الساخنة،فهي تلك الوسائل الجاهزة المحددة نهائياً، فلا تحتاج من المشاهدة أو المستمع إلى جهد يبذل أو مشاركة أو معايشة، فالكتابة والتلفون والتلفزيون وسائل باردة، أما الطباعة والإذاعة والسينما فهي وسائل ساخنة. وإذا لم يكن بوسع المرء أن يتفق مع كل ما جاء به ماكلوهان من أفكار يسميها هو اختبارات أكثر منها نظريات،وإذا لم تكن (الوسيلة هي الرسالة ) فمن الواضح أنها أخطر من مجرد أداة لزيادة عدد الجماهير من القراء والمستمعين والمشاهدين، وإذا كان من الصعب أيجاد دليل قوى لا ثبات هذه الأفكار أو رفضها، فأنها على الأقل تجعلنا نتساءل عما إذا كانت وسائل الأعلام لها القدرة على تغيير الإنسان.
    وفي الوقت الذي يشير فيه ماكلوهان إلى أن وسائل الأعلام الإلكترونية ساعدت في انكماش الكرة الأرضية وتقلصها في الزمان والمكان، حتى أصبحت توصف بـ ( القرية العالمية Global Village ) وبالتالي زاد وعي الإنسان بمسؤوليته إلى درجة قصوى، فأنه يرى أيضا،أن هذه الحالة الجديدة أدت إلى ما يمكن تسميته بـ(عصر القلق) لأن الثورة الإلكترونية الفورية الجديدة تجبر الفرد على الالتزام والمشاركة بعمق،وبغض النظر عن وجهة النظر التي يتبناها، فوجهة النظر الخاصة الجزئية مهما كان مقصدها لن تغير في عصر الكهرباء والإلكترون الآلي الفوري، وربما يكون هذا الرأي وغيره يمثل الأرضية التي نبع منها مفهوم (العولمة) الذي أصبح يتردد في السنوات الأخيرة، وكان أحد الباحثين قد اسماه من قبل بـ ( لحظنة التواصل الحضاري الإعلامي ).
    ((
    سوف نتعرض لنظرية ماكلوهان بالتفصيل في المبحث الرابع))
    وإلى جانب ذلك فأن أفكار ماكلوهان أصبحت في السنوات الأخيرة، موضع انتقاد أو تعديل أو تشكيك من قبل بعض الباحثين، وفي هذا الصدد يرى (ريتشارد بلاك) أن (القرية العالمية ) التي زعم ماكلوهان وجودها، لم يعدلها وجود حقيقي في المجتمع المعاصر.
    ويوضح ((أن التطور التقني الذي استند إلية ماكلوهان عند وصفة للقرية العالمية استمر في مزيد من التطور، بحيث أدي إلى تحطيم هذه القرية العالمية وتحويلها إلى شظايا فالعلم الآن اقرب ما يكون إلى البناية الضخمة التي تضم عشرات الشقق السكنية التي يقيم فيها أناس كثيرون ولكن كل منهم يعيش في عزلة، ولا يدرى شيئا عن جيرانه الذين يقيمون معه في البناية نفسها )).
    ويمكن أن يوصف هذا التطور بأنه تحول من(التجميع) إلى (التفتيت)أو اللامركزية، حيث أتاحت تقنيات الاتصال الحديثة المتمثلة في الأقمار الاصطناعية والحاسبات الإلكترونية ووصلات(المايكروويف) والألياف الضوئية عددا كبيرا من خدمات الاتصال خلال الاتصال العقدين الماضيين،مثل التلفزيون الكابلي التفاعلي، والتلفزيوني منخفض القوة و(الفيديو كاسيت) (الفيديويسك) وأجهزة التسجيل الموسيقي المتطورة، وخدمات (الفديوتكس) والتلتيكس) والاتصال المباشر بقواعد البيانات والهواتف النقالة والبريد الإلكتروني، التي اندمجت في شبكة الاتصالات المعروفة ب(الإنترنت)، وجمعيها وسائل تخاطب الأفراد وتلبي حاجاتهم ورغباتهم الذاتية، وقد نتج عن هذه التقنية الجديدة تقلص أعداد الجماهير التي تشاهد برامج الشبكات الرئيسية وخدمات الإذاعة المسموعة والتلفزيون التي تعمل بنظام البث الهوائي التقليدي.
    لقد ظل الاتجاه الرئيسي لوسائل الاتصال الجماهيرية، حتى ما قبل عشرين عاما، يميل إلى توحيد الجماهير Massification بمعنى نقل الرسائل الاتصالية نفسها إلى قطاعات جماهيرية واسعة، أو توحيد الرسائل وتعدد الجماهير المستقبلة لهذه الرسائل.
    أما الاتجاه الجديد للاتصال وتدفق المعلومات على الصعيد العالمي، فقد بدأ يتجه نحو لا مركزية الاتصال، بمعنى تقديم رسائل متعددة تلاؤم الأفراد أو الجماعات الصغيرة المتخصصة، وتتخذ هذه اللامركزية للرسائل مظهرين :
    المظهر الأول: يتحكم فيه المرسل.
    والمظهر الثاني: يتحكم فيه المستقبل.
    ويمكن إتاحة كل منهما عن طريق الربط بالحاسبات الإلكترونية لتوفر خدمات مختلفة من الاتصال وتبادل المعلومات، تبدأ من الصحافة المطبوعة أو نقل النصوص المكتوبة، وتمتد إلى شكل البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية، ويمكن نقل هذه المعلومات عبر مسافات شاسعة وبسرعة فائقة، عن طريق استخدام الاتصال الكابلي والأقمار الاصطناعية.
    ويرى الباحث الفن توفلر:أن البنية الأساسية الإلكترونية في أقطار الاقتصاد المتقدم سوف تتميز بستة سمات تمثل مفاتيح المستقبل هي.
    أ)التفاعليةInteractivity:.
    ب) قابلية التحرك أو الحركة
    Mobility:.
    ت) قابلية التحويل
    :Convertibility.
    ث)التوصيلية:Connectivity.
    ج)الشيوع والانتشار:Ubiquity
    ح)التدويل:Globalization
    ويوضح توفلر لقد كانت الآثار التجانسية لوسائل الأعلام الجماعي في ذروة قوتها عندما لم تكن هناك سوى قنوات قليلة ووسائل إعلامية قليلة، ومن ثم قلة من فرص الاختيار أمام المستمعين أو المشاهدين أما في المستقبل فأن الوضع العكس هو الذي يسود ومع أن محتوى كل برنامج على حدة قد يكون جيدا أو رديئا إلا أن أهم (محتوى) جديد على الإطلاق يتمثل في وجود التنوع نفسه.
    أن التحول من فرص الاختيار الأقل إلى الفرص الأكثر تعددا في مجال الأعلام لا يحمل مدلولات ثقافية فحسب بل سياسية أيضا، وتواجه حكومات الدول ذات التقنية المتقدمة مستقبلا ستتعرض فيه شعوبها إلى وابل متصل من الرسائل المتعددة المتعارضة المخصوصة، الثقافية منها والسياسية والتجارية، بدلا من رسالة واحدة ترددها قلة من الشبكات الإعلامية العملاقة في صوت واحد.
    أن (سياسة التعبئة الجماعية ) و(هندسة الموافقة) كلتيهما تصبحان الآن أصعب بكثير في محيط وسائل الأعلام الجديد، واتساع مجال الاختيار الإعلامي أمام المستمعين والنظارة هو حد ذاته شيء ديمقراطي لزوما فأنه يمثل مشكلة للسياسيين الذين يقدمون لأتباعهم محيطا لا اختيار فيه.
    ويمكن القول أن التطورات التقنية الكبيرة في مجال الاتصال الجماهيري، وتعدد قنوات الاتصال والمعلومات أدى إلى ما يمكن تسميته بـ(عصر الشاشة) فالوسائل المطبوعة والمقروءة والمسموعة والمرئية أصبحت مندمجة في شاشة التلفزيون أو الحاسوب (الكومبيوتر)الشخصي، حيث يستطيع المتلقي قراءة كتاب أو صحيفة أو مجلة ومشاهدة مسرحية أو فلم خطاب سياسي، على هذه الشاشة، وفي اغلب الأحيان، بصورة فردية، كما أنه يستطيع إلى حد بعيد الاختيار من بين بدائل عديدة في الوقت نفسه.
    وتفترض الاتجاهات الحالية والمستقبلية لتطور وسائل الاتصال نمو أحد تصورات ثلاثة لوضع الاتصال خلال القرن الحادي والعشرين، وتشمل هذه التصورات ما يلي:
    1-
    تكريس اللامركزية في الإرسال والاستقبال : وينبني هذا التصور على ظهور خدمات الاتصال الجديدة، التي توجه رسائل متخصصة تلبي الميول والنزعات الفريدة، مثل التلفزيون (الكابلي ) التفاعلي و(الفيديو تكس ) و(الفيديو كاسيت ) وهناك إقبال متزايد من جانب الأفراد على امتلاك هذه الوسائل، الاستعاضة بها عن الاتصال المباشر مع أفراد آخرين وتتمثل مظاهر التفتت في فئات المستقبلين، في ميل الأفراد إلى الانعزال،كما أن وسائل الاتصال الجديدة تمنح الأفراد القدرة على خلق بيئة الاتصال التي تناسبهم، وادي ظهور هذه الوسائل الجديدة إلى تناقص المعرفة التي يحصل عليها عن طريق التعرض العشوائي لمواد الاتصال، وتناقص الاتصال الجدلي بين الجماعات والطبقات ليحل محلة اتصال متزايد داخل كل جماعة أو فئة.
    2-
    تكريس الهيمنة والاندماج لوسائل الاتصال ويقوم هذا التصور على اتجاه وسائل الاتصال الجماهيري إلى التركيز في كيانات ضخمة وملكية مشتركة ومتعددة الجنسية، وهناك : أسباب عديدة لزيادة الاتجاه نحو الهيمنة والاندماج منها : قوانين الضرائب، والحاجة إلى خبرات ضخمة والرغبة في تحقيق الاستمرار المالي والوقاية ضد مخاطر المستقبل والقضاء على الشركات المنافسة.
    3-
    التوافق بين التقنية القديمة والحديثة، ويستند هذا التصور إلى أن تقدم التقنية الجديدة يسد جوانب النقص في التقنية القديمة وتلبية الحاجات الفردية، مع عدم إهمال الإحساس بالمشاركة العامة والأهداف القومية، في إطار عملية مستمرة من الاستكشاف العقلي والمناظرات المفيدة التي تتيح تبادل الخبرات وتدعم الديمقراطية المعلومات.




    المبحث الثالثالقائم بالاتصالونظرية(حارس البوابة)

    أولاً: دراسات القائم بالاتصال(المرسل)
    أصبحت المؤسسات الإعلامية في القرن الحادي والعشرين شبكات اتصال ضخمة تتصارع داخلها المصالح، كما أن كل مؤسسة هي في حد ذاتها نظام معقد للسلطة والنفوذ والمراكز، وحينما ندرس ما يحدث داخل الجريدة أو محطة الإذاعة أو محطة التليفزيون نشعر بالدهشة من مدى تعقد وتشابك أعمالها. ففي داخل تلك المؤسسات الإعلامية تتخذ يومياً، بل وفي كل دقيقة، قرارات مهمة وخطيرة.ونظراً لأهمية تلك القرارات بالنسبة للجماهير يجب أن نعرف الأسلوب الذي يتم بمقتضاه اتخاذ القرارات، والمراكز أو المناصب التي تنفذ فعلاً تلك القرارات، وطبيعة القائم بالاتصال، والأمور التي تؤثر على اختيار المواد الإعلامية، والقيم والمستويات التي يعتنقها القائمون بالاتصال.
    والواقع أنه من الصعب علينا أن نفسر السبب في إهمال الباحثين حتى وقت قريب لدراسة ما يحدث داخل المؤسسات الإعلامية ودراسة القائمين بالاتصال. وعلينا أن نعترف، عند تحديد تأثير الرسالة الإعلامية، بأن القائم بالاتصال لا يقل أهمية من مضمون الرسالة.ليس معنى هذا أن الباحثين لم يكتبوا عن رجال الأعلام القدامى، فالواقع أن تاريخ الصحافة حافل بتاريخ حياة أعلام الصحافة.كذلك تقوم الجامعات بتدريس ما يحدث داخل الجريدة أو أسلوب عملها لطلبة الصحافة.ولكن الذي نقصده هنا القيام بتحليل وسائل الأعلام كمؤسسات لها وظيفة اجتماعية ودراسة دور ومركز العامل بالجريدة، أي الصحفي، والظروف أو العوامل التي تؤثر على اختيار مضمون الصحف.فالأخبار هي ما يصنعه الصحفيون، ولكن كيف يصنع أولئك الصحفيون الأخبار ؟!.. وما هي الالتزامات ((المهنية )) أو ((الأخلاقية )) التي يفرضها الصحفي على نفسه، وما هي طبيعة السيطرة البيروقراطية التي تفرض نفسها عليه من قبل المؤسسة التي يعمل في إطارها؟والواقع أن أول دراسة تتناول بالشرح قطاعا من القائمين بالاتصال بالمعنى الذي نقصده، هي دراسة روستن التي ظهرت في الولايات المتحدة تحت عنوان ((مراسلي واشنطن )) سنة 1937 وتعتبر دراسة كلاسيكية عن سيكولوجية المراسل الصحفي.ولكن في سنة 1941 نشرت مجلة (الصحافة) ربع السنوية التي تصدر في ولاية أيوا بالولايات المتحدة دراسة مهمة عن العاملين بجريدة ملواكي، وكان من الممكن أن تفتح هذه الدراسة الباب لإجراء دراسات مماثلة عن المؤسسات الإعلامية الأخرى،ولكن مضت فترة طويلة دون أن تظهر أبحاث تتناول بالدراسة القائمين بالاتصال ومؤسساتهم، حتى نشر الباحث الأمريكي ديفيد مانج وايت دراسته ((حارس البوابة وانتقاء الأخبار )) التي أعطت دفعة قوية للبحث في هذا المجال المهم.
    ويرجع الفضل إلى عالم النفس النمساوي الأصل، الأمريكي الجنسية (كرت لوين) في تطوير ما أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة ) الإعلامية، فدراسات لوين تعتبر من أفضل الدراسات المنهجية في مجال حراسة البوابة.
    يقول لوين: أنه على طول الرحلة التي تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور هناك نقاط أو (بوابات ) يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج، وأنه كلما طالت المراحل التي تقطعها الأخبار حتى تظهر في وسيلة الإعلام، ازدادت المواقع التي يصبح فيها متاحاً لسلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو بعد إدخال بعض التغييرات عليها، لهذا يصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات والقواعد التي تطبق عليها، والشخصيات التي تملك بحكم عملها سلطة التقرير، يصبح نفوذهم كبيراً في انتقال المعلومات. إن دراسة (حارس البوابة) هي في الواقع دراسة تجريبية ومنتظمة لسلوك أولئك الأفراد الذين يسيطرون في نقاط مختلفة، على مصير القصص الإخبارية.
    ولكن من هم حراس البوابةGEET KEEPARS ؟.. أنهم الصحفيون الذين يقومون بجمع الأنباء، وهم مصادر الأنباء الذين يزودون الصحفيين بالأنباء، وهم أفراد الجمهور الذين يؤثرون على إدراك واهتمام أفراد آخرين من الجمهور للمواد الإعلامية، كل أولئك حراس بوابة، في نقطة ما، أو مرحلة ما من المراحل التي تقطعها الأنباء.
    وقد أُجريت في الخمسينيات، من القرن العشرين، سلسلة من الدراسات المهمة ركزت على الجوانب الأساسية لعملية (حراسة البوابة ) دون أن تستخدم بالضرورة هذا الاصطلاح، وقدمت تلك الدراسات تحليلاً وظيفياً لأساليب السيطرة أو التحكم التنظيمي والاجتماعي في حجرة الأخبار، والإدراك المتناقض لدور ومركز أو وضع العاملين بالجريدة ومصادر أخبارهم، والعوامل التي تؤثر على اختيار المحررين وعرضهم للأخبار، قام بهذه الدراسات مجموعة من الباحثين الأمريكيين أمثال وارن بريد جاد Breed، روى كارتر Carter، وستارك Stark، وجيبر Gieber وروبرت جاد Judd ووايت White، وكن مكرورى Macrorie وغيرهم.
    ونشر الباحث الأمريكي شارنلي ميتشل في سنة 1951 دراسة عن حجرات الأخبار الإذاعية والأفراد الذين يعملون بها، كما نشر الباحث سابين دراسة عن كتّاب الافتتاحات في ولاية أوريجون. وقدم لورنس دراسة عن محرري كنساس. وقد لخص الباحث الأمريكي ولتر جيبر في مقالته ((الأخبار هي ما يجعلها الصحفيون أخباراً )) نتائج الأبحاث الأساسية التي أُجريت على حراس البوابة، كما قام سنة 1956 بعمل دراسة عن محرري الأنباء الخارجية في 16 جريدة يومية بولاية وسكونسن، تستقبل أنباء وكالة أسوشيتدبرس فقط.
    وقد أظهرت دراسات جيبر أنه إذا كان المحرر يختار عينة ممثلة مما يصله من أنباء يمكن أن نقول أنه قد وُفِق في أداء عمله، وقال أنه يمكن، عن طريق ملاحظة الأسلوب الذي يختار بمقتضاه المحرر أنباءً لفترة لا تزيد عن أيام قليلة أن نتنبأ بما قد يختاره في يوم آخر،وكان الأمر المشترك بين جميع محرري الأنباء،الذين لاحظهم جيبر، هو أن الضغوط التي يفرضها الواقع البيروقراطي، والعمل في حجرة الأخبار يعتبر من أقوى العوامل تأثيراً، فمحرر الأنباء الخارجية يعمل دائماً حساباً للضغوط الميكانيكية في عملة أكثر مما تشغله المعاني الاجتماعية ووقع الأخبار، باختصار،كانت ظروف إخراج الصحيفة والروتين البيروقراطي والعلاقات الشخصية في داخل حجرة الأخبار تؤثر أساساً على عمل ذلك المحرر.وقد أظهرت دراسات جيبر حقيقتين تبعثان على القلق:
    أولاً: أن محرر الأنباء الخارجية كأن في سلوكه الاتصالي سلبيا ولا يلعب دورا فعالا كقائم بالاتصال، فهو لا يدرس بشكل انتقادي الأنباء التي تصله برقيا.وهناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن محرر الأنباء الخارجية كصحفي يعمل ملازما لمكتبه، وقد تختلف دوافعه عن المخبر الذي ينتقل من مكان إلى آخر، لكي يجمع الأخبار، ويؤثر هذا بالتالي على ما يختاره ذلك المحرر من أنباء، وربما كان محرر الأنباء الخارجية كسولاً،أو أصبح كسولاً لأن رؤساءه لا يشجعونه على أن يصبح أكثر نشاطاً، وبشكل عام فهذا المحرر لا يختار برقياته بشكل يظهر أنه يقيّم ما يقدمه بشكل نقدي.
    ثانياً: أن محرر الأنباء الخارجية، كقائم بالاتصال، ليس لديه إدراك حقيقي لطبيعة جمهوره، ولهذا فهو لا يتصل بذلك الجمهور في واقع الأمر، وإذا كانت المهمة الأساسية للصحيفة هي تقديم تقرير هادف عن الظروف المحيطة، من أجل خدمة القارئ، فيمكن أن نقول أن هذه المهمة كانت تؤدى فقط بالصدفة.
    فالصحيفة لم تعد تدرك أن هدفها الحقيقي هو(خدمة) جمهور معين أو الجمهور بشكل عام، وذلك لأن المجموعة التي تقوم بجمع الأخبار والنظام البيروقراطي كثيراً ما تحدد الأهداف، أو تحدد ما يظهر في تلك الجريدة، لهذا يرى جيبر أنه بدون دراسة القوى الاجتماعية التي تؤثر على عملية جمع الأخبار لا نستطيع أن نفهم حقيقة تلك الأخبار.
    ومن أعمق الدراسات التي أجريت على القائمين بالاتصال والقوى الاجتماعية التي تؤثر على العاملين في الصحف، الدراسة التي قدمها وارين بريد سنة 1955م، فقد وجد بريد أن هناك أدلة تشير إلى وجود عملية تأثير يسيطر أو يهيمن بمقتضاها مضمون الصحف الكبيرة- أو المحطات الإذاعية والتلفزيونية حالياً- ذات المركز المرموق (صحف الصفوة) تؤثر على الطريقة التي تعالج بها الصحف الصغيرة، الأخبار والموضوعات المهمة،(أي أن الكبير يبتلع الصغير كما يقال في عالم البحار)، ولا شك أن هذا يحرم وسائل الإعلام الجماهيرية من التغيير والتنويع وتعدد الآراء الذي يساعد على تكوين رأي عام واع.
    وقد استخدم بريد في دراسة أخرى التحليل الوظيفي ليظهر كيف تدفن أو تحذف الصحف الأخبار التي تهدد النظام الاجتماعي والثقافي أو تهاجمه،أو تهدد إيمان القائم بالاتصال بذلك النظام الاجتماعي والثقافي، ويقول بريد أن سياسة الناشر هي التي تطبق في العادة في أي جريدة، بالرغم من مظاهر الموضوعية في اختيار الأخبار، بالإضافة إلى ذلك فالجزاء الذي يناله الإعلامي في الجريدة مصدره ليس القراء الذين يعتبرون عملاءه، ولكن مصدره زملاؤه من العاملين معه ورؤساؤه، لذلك يعيد المحرر في الجريدة تحديد وتشكيل قيمه بحيث تحقق له أكبر منفعة، ومن هذه الدراسة استنتج بريد أن الظروف الثقافية التي تحيط بالصحفي في حجرة الأخبار لا تؤدي إلى نتائج تفي بالاحتياجات الأوسع للديمقراطية، وقد استخدم الباحث الأمريكي المشهور سوانسون أساليب الملاحظة المباشرة والاستفسار ليحصل على معلومات عن معتقدات العاملين في جريدة يومية صغيرة وخصائصهم الشخصية، كذلك درس بروس وستلي أيضاً محرري الأخبار الخارجية في صحف ولاية وسكونسن باستخدام سلّم (قياس القيم) الذي قارن به القيم التي يعتنقها أولئك المحررون والتي تؤثر على اختيارهم للأخبار، وتعتبر دراسة بروس وستلي ومالكلوم ماكلين عن القائمين بالاتصال، والتفرقة بين أدوار الاتصال المختلفة، من الدراسات المهمة في هذا المجال، والملاحظ أنه يوجد في كل هذه الدراسات عنصر واحد مشترك، وهو أنها تركز الاهتمام على التفاعل بين الأنماط والأخلاقيات الصحفية المثالية والأساليب الاجتماعية والتنظيمية المقررة في المجتمع الأكبر، في ظروف متنوعة، وأوضاع مختلفة،،ولهذه الدراسات فوائد كثيرة لوسائل الأعلام والمهنيين لأنها تساعد على الوصول إلى أحكام أكثر ذكاء عن العاملين بالوسيلة الإعلامية، في الإطار الاجتماعي المباشر، كما تبرز كثيراً من الأسئلة المهمة التي يجب أن نتوصل إلى إجابات عليها.

    ثانيا: نظرية (حارس البوابة) الإعلاميةتمر الرسالة بمراحل عديدة، وهي تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي، وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات، أي وفقاً لاصطلاحات هذه النظرية فأن المعلومات في عملية الاتصال هي مجرد سلسلة تتصل حلقاتها.
    وأبسط أنواع السلاسل هي سلسلة الاتصال المباشر المواجهي، من فرد إلى آخر، ولكن هذه السلاسل في حالة الاتصال الجماهيري تكون طويلة ومعقدة جداً، لأن المعلومات التي تدخل شبكة اتصال معقدة مثل الجريدة، أو محطة الإذاعة أو التلفزيون، عليها أن تمر بالعديد من الحلقات أو الأنظمة المتصلة، فالحدث الذي يحدث في العراق مثلاً، يمر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى القاريء في أمريكا أو أوربا أو الشرق الأوسط، ونجد قدر المعلومات التي تخرج من بعض تلك الحلقات أو الأنظمة أكثر مما يدخل فيها، لذلك يسميها (شانون) أجهزة تقوية، فأجهزة التقوية أي وسائل الأعلام تستطيع أن تصنع ( في نفس الوقت) عدداً كبيراً جداً من الرسائل المتطابقة، مثل نسخ الصحف، وتوصلها للج[/b:5207
    sla7

    مُساهمة 2011-03-25, 11:59 من طرف sla7

    المبحث الثاني تطور نظريات الاتصال بذلت عدة محاولات علمية لتحليل عملية الاتصال ووصف أبعادها وعناصرها، وما يهمنا التأكيد عليه، في حدود هذه الدراسة، أن أغلب - إن لم نقل جميع- الدراسات التي تناولت موضوع الاتصال الجماهيري أكدت على أهمية الوسيلة الاتصالية ودورها المؤثر والرئيسي في عملية الاتصال الجماهيرية.
    وفي هذا الصدد يمكن أن نشير إلى نموذج (ديفيد برلو) الذي يرى أن هناك أربعة عناصر تكون العملية الاتصالية وتشمل : المرسل والرسالة والوسيلة والمستقبل.ومن النماذج المهمة التي أسهمت في بناء نظريات الاتصال النموذج الذي قدمه (ولبر شرام ) في عام 1974 ف طوره في عام 1971 ف وفي هذا النموذج يقدم شرام العناصر الأساسية على النحو التالي :
    أ)المصدر أو صاحب الفكرة.
    ب)التعبير عن الفكرة ووضعها في شيفرة (Code) وصياغتها في رموز لتكوين الرسالة.
    ت)المستقبل الذي يتلقى ويفك رموزها.
    ث)الاستجابة أو الهدف ورجع الصدى الذي قد يصل أو لا يصل إلى المرسل أو صاحب الفكرة.
    ويعتمد شرام في هذا النموذج على أفكار الباحثين شانون وويفر، وبخاصة فيما يتعلق برجع الصدى والتشويش، ويضيف من خلال نموذجه النظام الوظيفي لعملية الاتصال، كما قدم من خلال هذا النموذج مفاهيم مهمة مثل الإطار الدلالي والخبرة المشتركة وأهميتها في عملية الاتصال، وإلى ذلك،نجد أن المؤرخ والكاتب الإنجليزي ويلز (H.G. Wells ) يبين ((إن تطور التاريخ الإنساني هو ظاهرة اجتماعية واحدة تدفع بالإنسان إلى الاتصال بأخيه الإنسان، في مكان آخر أو مجتمع آخر، وهو بذلك ينظر إلى قصة التطور التاريخي البشري على أنها قصة تطور عملية الاتصال، ويقسمها إلى خمس مراحل وهي : الكلام، الكتابة، اختراع الطباعة، المرحلة العالمية، وأخيرا مرحلة الإذاعة والاتصال الإلكتروني، وفي هذه المرحلة الأخيرة لتطور الاتصال أصبح للوسائل الإلكترونية دوراً مهماً في حياة المجتمع، واستطاع الإنسان نقل أفكاره ومشاعره ومعلوماته عبر الحواجز الجغرافية المحدودة باستخدام أجهزة المذياع ثم التلفزيون، وأخيراً شبكة الإنترنيت.
    ولعل نظرية مارشال ماكلوهان التي ظهرت قبل نحو أربعين عاما، ما تزال حتى اليوم أكثر النظريات الإعلامية انتشاراً ووضوحاً في الربط بين الرسالة والوسيلة الإعلامية، والتأكيد على أهمية الوسيلة في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره، حيث يرى ماكلوهان(أن الوسيلة هي الرسالة) ويوضح أن مضمون وسائل الأعلام لا يمكن النظر إلية مستقلاً عن تقنيات الوسائل الإعلامية فالموضوعات، والجمهور التي توجه له مضمونها، يؤثران على ما تقوله تلك الوسائل، ولكن طبيعة وسائل الأعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات أكثر ما يشكلها مضمون الاتصال.
    ويبين ماكلوهان أن وسائل الأعلام التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها ستحدد طبيعة المجتمع وكيف يعالج مشاكله، وأي وسيلة، أو امتداد للإنسان، تشكل ظروفاً وتؤثر على الطريقة التي يفكر بها الناس ويعلمون وفقا لها.
    وعرض ماكلوهان أربع مراحل تعكس – في رأيه – التاريخ الإنساني وهي :
    أ) المرحلة الشفوية: أي مرحلة ما قبل التعلم، أي المرحلة القبلية.
    ب) مرحلة كتابة النسخ: التي ظهرت في اليونان القديمة واستمرت ألفي عام.
    ت) عصر الطباعة: من سنة 1500 ف إلى سنة 1900 ف تقريبا.
    ث) عصر وسائل الأعلام الإلكترونية من سنة 1900 م تقريباً حتى الوقت الحاضر.
    إن طبيعة وسائل الأعلام المستخدمة في كل مرحلة تساعد على تشكيل المجتمع أكثر مما يساعد مضمون تلك الوسائل على هذا التشكيل.
    ومن أهم ما جاء في نظرية ماكلوهان عن وسائل الاتصال، أنه يقسم هذه الوسائل إلى (وسائل باردة ) و (وسائل ساخنة ) ويقصد بالوسائل الباردة تلك التي تتطلب من المستقبل جهدا إيجابيا في المشاركة والمعايشة والاندماج فيها، أما الوسائل الساخنة،فهي تلك الوسائل الجاهزة المحددة نهائياً، فلا تحتاج من المشاهدة أو المستمع إلى جهد يبذل أو مشاركة أو معايشة، فالكتابة والتلفون والتلفزيون وسائل باردة، أما الطباعة والإذاعة والسينما فهي وسائل ساخنة. وإذا لم يكن بوسع المرء أن يتفق مع كل ما جاء به ماكلوهان من أفكار يسميها هو اختبارات أكثر منها نظريات،وإذا لم تكن (الوسيلة هي الرسالة ) فمن الواضح أنها أخطر من مجرد أداة لزيادة عدد الجماهير من القراء والمستمعين والمشاهدين، وإذا كان من الصعب أيجاد دليل قوى لا ثبات هذه الأفكار أو رفضها، فأنها على الأقل تجعلنا نتساءل عما إذا كانت وسائل الأعلام لها القدرة على تغيير الإنسان.
    وفي الوقت الذي يشير فيه ماكلوهان إلى أن وسائل الأعلام الإلكترونية ساعدت في انكماش الكرة الأرضية وتقلصها في الزمان والمكان، حتى أصبحت توصف بـ ( القرية العالمية Global Village ) وبالتالي زاد وعي الإنسان بمسؤوليته إلى درجة قصوى، فأنه يرى أيضا،أن هذه الحالة الجديدة أدت إلى ما يمكن تسميته بـ(عصر القلق) لأن الثورة الإلكترونية الفورية الجديدة تجبر الفرد على الالتزام والمشاركة بعمق،وبغض النظر عن وجهة النظر التي يتبناها، فوجهة النظر الخاصة الجزئية مهما كان مقصدها لن تغير في عصر الكهرباء والإلكترون الآلي الفوري، وربما يكون هذا الرأي وغيره يمثل الأرضية التي نبع منها مفهوم (العولمة) الذي أصبح يتردد في السنوات الأخيرة، وكان أحد الباحثين قد اسماه من قبل بـ ( لحظنة التواصل الحضاري الإعلامي ).
    ((
    سوف نتعرض لنظرية ماكلوهان بالتفصيل في المبحث الرابع))
    وإلى جانب ذلك فأن أفكار ماكلوهان أصبحت في السنوات الأخيرة، موضع انتقاد أو تعديل أو تشكيك من قبل بعض الباحثين، وفي هذا الصدد يرى (ريتشارد بلاك) أن (القرية العالمية ) التي زعم ماكلوهان وجودها، لم يعدلها وجود حقيقي في المجتمع المعاصر.
    ويوضح ((أن التطور التقني الذي استند إلية ماكلوهان عند وصفة للقرية العالمية استمر في مزيد من التطور، بحيث أدي إلى تحطيم هذه القرية العالمية وتحويلها إلى شظايا فالعلم الآن اقرب ما يكون إلى البناية الضخمة التي تضم عشرات الشقق السكنية التي يقيم فيها أناس كثيرون ولكن كل منهم يعيش في عزلة، ولا يدرى شيئا عن جيرانه الذين يقيمون معه في البناية نفسها )).
    ويمكن أن يوصف هذا التطور بأنه تحول من(التجميع) إلى (التفتيت)أو اللامركزية، حيث أتاحت تقنيات الاتصال الحديثة المتمثلة في الأقمار الاصطناعية والحاسبات الإلكترونية ووصلات(المايكروويف) والألياف الضوئية عددا كبيرا من خدمات الاتصال خلال الاتصال العقدين الماضيين،مثل التلفزيون الكابلي التفاعلي، والتلفزيوني منخفض القوة و(الفيديو كاسيت) (الفيديويسك) وأجهزة التسجيل الموسيقي المتطورة، وخدمات (الفديوتكس) والتلتيكس) والاتصال المباشر بقواعد البيانات والهواتف النقالة والبريد الإلكتروني، التي اندمجت في شبكة الاتصالات المعروفة ب(الإنترنت)، وجمعيها وسائل تخاطب الأفراد وتلبي حاجاتهم ورغباتهم الذاتية، وقد نتج عن هذه التقنية الجديدة تقلص أعداد الجماهير التي تشاهد برامج الشبكات الرئيسية وخدمات الإذاعة المسموعة والتلفزيون التي تعمل بنظام البث الهوائي التقليدي.
    لقد ظل الاتجاه الرئيسي لوسائل الاتصال الجماهيرية، حتى ما قبل عشرين عاما، يميل إلى توحيد الجماهير Massification بمعنى نقل الرسائل الاتصالية نفسها إلى قطاعات جماهيرية واسعة، أو توحيد الرسائل وتعدد الجماهير المستقبلة لهذه الرسائل.
    أما الاتجاه الجديد للاتصال وتدفق المعلومات على الصعيد العالمي، فقد بدأ يتجه نحو لا مركزية الاتصال، بمعنى تقديم رسائل متعددة تلاؤم الأفراد أو الجماعات الصغيرة المتخصصة، وتتخذ هذه اللامركزية للرسائل مظهرين :
    المظهر الأول: يتحكم فيه المرسل.
    والمظهر الثاني: يتحكم فيه المستقبل.
    ويمكن إتاحة كل منهما عن طريق الربط بالحاسبات الإلكترونية لتوفر خدمات مختلفة من الاتصال وتبادل المعلومات، تبدأ من الصحافة المطبوعة أو نقل النصوص المكتوبة، وتمتد إلى شكل البرامج التلفزيونية والأفلام السينمائية، ويمكن نقل هذه المعلومات عبر مسافات شاسعة وبسرعة فائقة، عن طريق استخدام الاتصال الكابلي والأقمار الاصطناعية.
    ويرى الباحث الفن توفلر:أن البنية الأساسية الإلكترونية في أقطار الاقتصاد المتقدم سوف تتميز بستة سمات تمثل مفاتيح المستقبل هي.
    أ)التفاعليةInteractivity:.
    ب) قابلية التحرك أو الحركة
    Mobility:.
    ت) قابلية التحويل
    :Convertibility.
    ث)التوصيلية:Connectivity.
    ج)الشيوع والانتشار:Ubiquity
    ح)التدويل:Globalization
    ويوضح توفلر لقد كانت الآثار التجانسية لوسائل الأعلام الجماعي في ذروة قوتها عندما لم تكن هناك سوى قنوات قليلة ووسائل إعلامية قليلة، ومن ثم قلة من فرص الاختيار أمام المستمعين أو المشاهدين أما في المستقبل فأن الوضع العكس هو الذي يسود ومع أن محتوى كل برنامج على حدة قد يكون جيدا أو رديئا إلا أن أهم (محتوى) جديد على الإطلاق يتمثل في وجود التنوع نفسه.
    أن التحول من فرص الاختيار الأقل إلى الفرص الأكثر تعددا في مجال الأعلام لا يحمل مدلولات ثقافية فحسب بل سياسية أيضا، وتواجه حكومات الدول ذات التقنية المتقدمة مستقبلا ستتعرض فيه شعوبها إلى وابل متصل من الرسائل المتعددة المتعارضة المخصوصة، الثقافية منها والسياسية والتجارية، بدلا من رسالة واحدة ترددها قلة من الشبكات الإعلامية العملاقة في صوت واحد.
    أن (سياسة التعبئة الجماعية ) و(هندسة الموافقة) كلتيهما تصبحان الآن أصعب بكثير في محيط وسائل الأعلام الجديد، واتساع مجال الاختيار الإعلامي أمام المستمعين والنظارة هو حد ذاته شيء ديمقراطي لزوما فأنه يمثل مشكلة للسياسيين الذين يقدمون لأتباعهم محيطا لا اختيار فيه.
    ويمكن القول أن التطورات التقنية الكبيرة في مجال الاتصال الجماهيري، وتعدد قنوات الاتصال والمعلومات أدى إلى ما يمكن تسميته بـ(عصر الشاشة) فالوسائل المطبوعة والمقروءة والمسموعة والمرئية أصبحت مندمجة في شاشة التلفزيون أو الحاسوب (الكومبيوتر)الشخصي، حيث يستطيع المتلقي قراءة كتاب أو صحيفة أو مجلة ومشاهدة مسرحية أو فلم خطاب سياسي، على هذه الشاشة، وفي اغلب الأحيان، بصورة فردية، كما أنه يستطيع إلى حد بعيد الاختيار من بين بدائل عديدة في الوقت نفسه.
    وتفترض الاتجاهات الحالية والمستقبلية لتطور وسائل الاتصال نمو أحد تصورات ثلاثة لوضع الاتصال خلال القرن الحادي والعشرين، وتشمل هذه التصورات ما يلي:
    1-
    تكريس اللامركزية في الإرسال والاستقبال : وينبني هذا التصور على ظهور خدمات الاتصال الجديدة، التي توجه رسائل متخصصة تلبي الميول والنزعات الفريدة، مثل التلفزيون (الكابلي ) التفاعلي و(الفيديو تكس ) و(الفيديو كاسيت ) وهناك إقبال متزايد من جانب الأفراد على امتلاك هذه الوسائل، الاستعاضة بها عن الاتصال المباشر مع أفراد آخرين وتتمثل مظاهر التفتت في فئات المستقبلين، في ميل الأفراد إلى الانعزال،كما أن وسائل الاتصال الجديدة تمنح الأفراد القدرة على خلق بيئة الاتصال التي تناسبهم، وادي ظهور هذه الوسائل الجديدة إلى تناقص المعرفة التي يحصل عليها عن طريق التعرض العشوائي لمواد الاتصال، وتناقص الاتصال الجدلي بين الجماعات والطبقات ليحل محلة اتصال متزايد داخل كل جماعة أو فئة.
    2-
    تكريس الهيمنة والاندماج لوسائل الاتصال ويقوم هذا التصور على اتجاه وسائل الاتصال الجماهيري إلى التركيز في كيانات ضخمة وملكية مشتركة ومتعددة الجنسية، وهناك : أسباب عديدة لزيادة الاتجاه نحو الهيمنة والاندماج منها : قوانين الضرائب، والحاجة إلى خبرات ضخمة والرغبة في تحقيق الاستمرار المالي والوقاية ضد مخاطر المستقبل والقضاء على الشركات المنافسة.
    3-
    التوافق بين التقنية القديمة والحديثة، ويستند هذا التصور إلى أن تقدم التقنية الجديدة يسد جوانب النقص في التقنية القديمة وتلبية الحاجات الفردية، مع عدم إهمال الإحساس بالمشاركة العامة والأهداف القومية، في إطار عملية مستمرة من الاستكشاف العقلي والمناظرات المفيدة التي تتيح تبادل الخبرات وتدعم الديمقراطية المعلومات.




    المبحث الثالثالقائم بالاتصالونظرية(حارس البوابة)

    أولاً: دراسات القائم بالاتصال(المرسل)
    أصبحت المؤسسات الإعلامية في القرن الحادي والعشرين شبكات اتصال ضخمة تتصارع داخلها المصالح، كما أن كل مؤسسة هي في حد ذاتها نظام معقد للسلطة والنفوذ والمراكز، وحينما ندرس ما يحدث داخل الجريدة أو محطة الإذاعة أو محطة التليفزيون نشعر بالدهشة من مدى تعقد وتشابك أعمالها. ففي داخل تلك المؤسسات الإعلامية تتخذ يومياً، بل وفي كل دقيقة، قرارات مهمة وخطيرة.ونظراً لأهمية تلك القرارات بالنسبة للجماهير يجب أن نعرف الأسلوب الذي يتم بمقتضاه اتخاذ القرارات، والمراكز أو المناصب التي تنفذ فعلاً تلك القرارات، وطبيعة القائم بالاتصال، والأمور التي تؤثر على اختيار المواد الإعلامية، والقيم والمستويات التي يعتنقها القائمون بالاتصال.
    والواقع أنه من الصعب علينا أن نفسر السبب في إهمال الباحثين حتى وقت قريب لدراسة ما يحدث داخل المؤسسات الإعلامية ودراسة القائمين بالاتصال. وعلينا أن نعترف، عند تحديد تأثير الرسالة الإعلامية، بأن القائم بالاتصال لا يقل أهمية من مضمون الرسالة.ليس معنى هذا أن الباحثين لم يكتبوا عن رجال الأعلام القدامى، فالواقع أن تاريخ الصحافة حافل بتاريخ حياة أعلام الصحافة.كذلك تقوم الجامعات بتدريس ما يحدث داخل الجريدة أو أسلوب عملها لطلبة الصحافة.ولكن الذي نقصده هنا القيام بتحليل وسائل الأعلام كمؤسسات لها وظيفة اجتماعية ودراسة دور ومركز العامل بالجريدة، أي الصحفي، والظروف أو العوامل التي تؤثر على اختيار مضمون الصحف.فالأخبار هي ما يصنعه الصحفيون، ولكن كيف يصنع أولئك الصحفيون الأخبار ؟!.. وما هي الالتزامات ((المهنية )) أو ((الأخلاقية )) التي يفرضها الصحفي على نفسه، وما هي طبيعة السيطرة البيروقراطية التي تفرض نفسها عليه من قبل المؤسسة التي يعمل في إطارها؟والواقع أن أول دراسة تتناول بالشرح قطاعا من القائمين بالاتصال بالمعنى الذي نقصده، هي دراسة روستن التي ظهرت في الولايات المتحدة تحت عنوان ((مراسلي واشنطن )) سنة 1937 وتعتبر دراسة كلاسيكية عن سيكولوجية المراسل الصحفي.ولكن في سنة 1941 نشرت مجلة (الصحافة) ربع السنوية التي تصدر في ولاية أيوا بالولايات المتحدة دراسة مهمة عن العاملين بجريدة ملواكي، وكان من الممكن أن تفتح هذه الدراسة الباب لإجراء دراسات مماثلة عن المؤسسات الإعلامية الأخرى،ولكن مضت فترة طويلة دون أن تظهر أبحاث تتناول بالدراسة القائمين بالاتصال ومؤسساتهم، حتى نشر الباحث الأمريكي ديفيد مانج وايت دراسته ((حارس البوابة وانتقاء الأخبار )) التي أعطت دفعة قوية للبحث في هذا المجال المهم.
    ويرجع الفضل إلى عالم النفس النمساوي الأصل، الأمريكي الجنسية (كرت لوين) في تطوير ما أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة ) الإعلامية، فدراسات لوين تعتبر من أفضل الدراسات المنهجية في مجال حراسة البوابة.
    يقول لوين: أنه على طول الرحلة التي تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور هناك نقاط أو (بوابات ) يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج، وأنه كلما طالت المراحل التي تقطعها الأخبار حتى تظهر في وسيلة الإعلام، ازدادت المواقع التي يصبح فيها متاحاً لسلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو بعد إدخال بعض التغييرات عليها، لهذا يصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات والقواعد التي تطبق عليها، والشخصيات التي تملك بحكم عملها سلطة التقرير، يصبح نفوذهم كبيراً في انتقال المعلومات. إن دراسة (حارس البوابة) هي في الواقع دراسة تجريبية ومنتظمة لسلوك أولئك الأفراد الذين يسيطرون في نقاط مختلفة، على مصير القصص الإخبارية.
    ولكن من هم حراس البوابةGEET KEEPARS ؟.. أنهم الصحفيون الذين يقومون بجمع الأنباء، وهم مصادر الأنباء الذين يزودون الصحفيين بالأنباء، وهم أفراد الجمهور الذين يؤثرون على إدراك واهتمام أفراد آخرين من الجمهور للمواد الإعلامية، كل أولئك حراس بوابة، في نقطة ما، أو مرحلة ما من المراحل التي تقطعها الأنباء.
    وقد أُجريت في الخمسينيات، من القرن العشرين، سلسلة من الدراسات المهمة ركزت على الجوانب الأساسية لعملية (حراسة البوابة ) دون أن تستخدم بالضرورة هذا الاصطلاح، وقدمت تلك الدراسات تحليلاً وظيفياً لأساليب السيطرة أو التحكم التنظيمي والاجتماعي في حجرة الأخبار، والإدراك المتناقض لدور ومركز أو وضع العاملين بالجريدة ومصادر أخبارهم، والعوامل التي تؤثر على اختيار المحررين وعرضهم للأخبار، قام بهذه الدراسات مجموعة من الباحثين الأمريكيين أمثال وارن بريد جاد Breed، روى كارتر Carter، وستارك Stark، وجيبر Gieber وروبرت جاد Judd ووايت White، وكن مكرورى Macrorie وغيرهم.
    ونشر الباحث الأمريكي شارنلي ميتشل في سنة 1951 دراسة عن حجرات الأخبار الإذاعية والأفراد الذين يعملون بها، كما نشر الباحث سابين دراسة عن كتّاب الافتتاحات في ولاية أوريجون. وقدم لورنس دراسة عن محرري كنساس. وقد لخص الباحث الأمريكي ولتر جيبر في مقالته ((الأخبار هي ما يجعلها الصحفيون أخباراً )) نتائج الأبحاث الأساسية التي أُجريت على حراس البوابة، كما قام سنة 1956 بعمل دراسة عن محرري الأنباء الخارجية في 16 جريدة يومية بولاية وسكونسن، تستقبل أنباء وكالة أسوشيتدبرس فقط.
    وقد أظهرت دراسات جيبر أنه إذا كان المحرر يختار عينة ممثلة مما يصله من أنباء يمكن أن نقول أنه قد وُفِق في أداء عمله، وقال أنه يمكن، عن طريق ملاحظة الأسلوب الذي يختار بمقتضاه المحرر أنباءً لفترة لا تزيد عن أيام قليلة أن نتنبأ بما قد يختاره في يوم آخر،وكان الأمر المشترك بين جميع محرري الأنباء،الذين لاحظهم جيبر، هو أن الضغوط التي يفرضها الواقع البيروقراطي، والعمل في حجرة الأخبار يعتبر من أقوى العوامل تأثيراً، فمحرر الأنباء الخارجية يعمل دائماً حساباً للضغوط الميكانيكية في عملة أكثر مما تشغله المعاني الاجتماعية ووقع الأخبار، باختصار،كانت ظروف إخراج الصحيفة والروتين البيروقراطي والعلاقات الشخصية في داخل حجرة الأخبار تؤثر أساساً على عمل ذلك المحرر
    sla7

    مُساهمة 2011-03-25, 12:00 من طرف sla7

    وقد أظهرت دراسات جيبرحقيقتين تبعثان على القلق:
    أولاً: أن محرر الأنباء الخارجية كأن فيسلوكه الاتصالي سلبيا ولا يلعب دورا فعالا كقائم بالاتصال، فهو لا يدرس بشكلانتقادي الأنباء التي تصله برقيا.وهناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن محرر الأنباءالخارجية كصحفي يعمل ملازما لمكتبه، وقد تختلف دوافعه عن المخبر الذي ينتقل من مكانإلى آخر، لكي يجمع الأخبار، ويؤثر هذا بالتالي على ما يختاره ذلك المحرر من أنباء،وربما كان محرر الأنباء الخارجية كسولاً،أو أصبح كسولاً لأن رؤساءه لا يشجعونه علىأن يصبح أكثر نشاطاً، وبشكل عام فهذا المحرر لا يختار برقياته بشكل يظهر أنه يقيّمما يقدمه بشكل نقدي.
    ثانياً: أن محرر الأنباء الخارجية، كقائم بالاتصال،ليس لديه إدراك حقيقي لطبيعة جمهوره، ولهذا فهو لا يتصل بذلك الجمهور في واقعالأمر، وإذا كانت المهمة الأساسية للصحيفة هي تقديم تقرير هادف عن الظروف المحيطة،من أجل خدمة القارئ، فيمكن أن نقول أن هذه المهمة كانت تؤدى فقط بالصدفة.
    فالصحيفة لم تعد تدرك أن هدفها الحقيقي هو(خدمة) جمهور معين أو الجمهوربشكل عام، وذلك لأن المجموعة التي تقوم بجمع الأخبار والنظام البيروقراطي كثيراً ماتحدد الأهداف، أو تحدد ما يظهر في تلك الجريدة، لهذا يرى جيبر أنه بدون دراسة القوىالاجتماعية التي تؤثر على عملية جمع الأخبار لا نستطيع أن نفهم حقيقة تلك الأخبار.
    ومن أعمق الدراسات التي أجريت على القائمين بالاتصال والقوى الاجتماعيةالتي تؤثر على العاملين في الصحف، الدراسة التي قدمها وارين بريد سنة 1955م، فقدوجد بريد أن هناك أدلة تشير إلى وجود عملية تأثير يسيطر أو يهيمن بمقتضاها مضمونالصحف الكبيرة- أو المحطات الإذاعية والتلفزيونية حالياً- ذات المركز المرموق (صحفالصفوة) تؤثر على الطريقة التي تعالج بها الصحف الصغيرة، الأخبار والموضوعاتالمهمة،(أي أن الكبير يبتلع الصغير كما يقال في عالم البحار)، ولا شك أن هذا يحرموسائل الإعلام الجماهيرية من التغيير والتنويع وتعدد الآراء الذي يساعد على تكوينرأي عام واع.
    وقد استخدم بريد في دراسة أخرى التحليل الوظيفي ليظهر كيفتدفن أو تحذف الصحف الأخبار التي تهدد النظام الاجتماعي والثقافي أو تهاجمه،أو تهددإيمان القائم بالاتصال بذلك النظام الاجتماعي والثقافي، ويقول بريد أن سياسة الناشرهي التي تطبق في العادة في أي جريدة، بالرغم من مظاهر الموضوعية في اختيار الأخبار،بالإضافة إلى ذلك فالجزاء الذي يناله الإعلامي في الجريدة مصدره ليس القراء الذينيعتبرون عملاءه، ولكن مصدره زملاؤه من العاملين معه ورؤساؤه، لذلك يعيد المحرر فيالجريدة تحديد وتشكيل قيمه بحيث تحقق له أكبر منفعة، ومن هذه الدراسة استنتج بريدأن الظروف الثقافية التي تحيط بالصحفي في حجرة الأخبار لا تؤدي إلى نتائج تفيبالاحتياجات الأوسع للديمقراطية، وقد استخدم الباحث الأمريكي المشهور سوانسونأساليب الملاحظة المباشرة والاستفسار ليحصل على معلومات عن معتقدات العاملين فيجريدة يومية صغيرة وخصائصهم الشخصية، كذلك درس بروس وستلي أيضاً محرري الأخبارالخارجية في صحف ولاية وسكونسن باستخدام سلّم (قياس القيم) الذي قارن به القيم التييعتنقها أولئك المحررون والتي تؤثر على اختيارهم للأخبار، وتعتبر دراسة بروس وستليومالكلوم ماكلين عن القائمين بالاتصال، والتفرقة بين أدوار الاتصال المختلفة، منالدراسات المهمة في هذا المجال، والملاحظ أنه يوجد في كل هذه الدراسات عنصر واحدمشترك، وهو أنها تركز الاهتمام على التفاعل بين الأنماط والأخلاقيات الصحفيةالمثالية والأساليب الاجتماعية والتنظيمية المقررة في المجتمع الأكبر، في ظروفمتنوعة، وأوضاع مختلفة،،ولهذه الدراسات فوائد كثيرة لوسائل الأعلام والمهنيين لأنهاتساعد على الوصول إلى أحكام أكثر ذكاء عن العاملين بالوسيلة الإعلامية، في الإطارالاجتماعي المباشر، كما تبرز كثيراً من الأسئلة المهمة التي يجب أن نتوصل إلىإجابات عليها.

    ثانيا: نظرية (حارس البوابة) الإعلاميةتمر الرسالة بمراحل عديدة، وهي تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي،وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات، أي وفقاً لاصطلاحات هذه النظريةفأن المعلومات في عملية الاتصال هي مجرد سلسلة تتصل حلقاتها.
    وأبسطأنواع السلاسل هي سلسلة الاتصال المباشر المواجهي، من فرد إلى آخر، ولكن هذهالسلاسل في حالة الاتصال الجماهيري تكون طويلة ومعقدة جداً، لأن المعلومات التيتدخل شبكة اتصال معقدة مثل الجريدة، أو محطة الإذاعة أو التلفزيون، عليها أن تمربالعديد من الحلقات أو الأنظمة المتصلة، فالحدث الذي يحدث في العراق مثلاً، يمربمراحل عديدة قبل أن يصل إلى القاريء في أمريكا أو أوربا أو الشرق الأوسط، ونجد قدرالمعلومات التي تخرج من بعض تلك الحلقات أو الأنظمة أكثر مما يدخل فيها، لذلكيسميها (شانون) أجهزة تقوية، فأجهزة التقوية أي وسائل الأعلام تستطيع أن تصنع ( فينفس الوقت) عدداً كبيراً جداً من الرسائل المتطابقة، مثل نسخ الصحف، وتوصلهاللجمهور، كما توجد في هذا النوع من السلاسل شبكات معينة من الأنظمة داخل الأنظمة،فوسائل الإعلام نفسها هي شبكات من الأنظمة المتصلة بطرق معقدة، بحيث تقوم بوظيفة فكالرموز أو الشيفرة والتفسير وتخزين المعلومات، ثم وضعها مرة أخرى في رموز، وهيالوظيفة التي يؤديها كل القائمين بالاتصال، كذلك فإن الفرد الذي يتلقى رسائل وسائلالأعلام هو جزء من شبكة علاقات موجودة داخل الجماعة، ويعاون أُسلوب عمل هذه الشبكةواقع المجتمع الذي ترتفع فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع، حيث يزداد اعتماده علىسلاسل وسائل الأعلام،أما المجتمع الذي تنخفض فيه نسبة المتعلمين ودرجةالتصنيع(البدائي) فتنتقل فيه غالبية المعلومات عن طريق سلاسل الاتصال الشخصي.
    ومن الأمور الجديرة بالملاحظة أنه في المجتمعات التي تخضع فيها وسائلالأعلام للسيطرة القومية يبدأ الأفراد في التشكيك في صدق ما تنشره وسائل الاتصالالجماهيرية، لذلك تصبح سلاسل الاتصال الشخصي المواجهي، من فرد إلى فرد، مهمة جداً،وطويلة جداً، وتتطور بجوار سلاسل وسائل الأعلام الجماهيرية، وفي هذه الحالة نجد أنسلاسل الاتصال الشخصي، التي تنقل الإشاعات والأقاويل والمعلومات الخفية، بجميعأنواعها - من فرد إلى فرد - تقوم بالرقابة على وسائل الأعلام، وتكملة نواحي النقصفيها.
    ويجب أن نعرف كيف تعمل سلاسل الاتصال، وكيف تنتقل المعلومات فيجميع أنحاء المجتمع، فمن الحقائق الأساسية التي أشار أليها العالم (كرت لوين) أنهناك، في كل حلقة، ضمن السلسلة، فرد ما، يتمتع بالحق في أن يقرر ما إذا كانتالرسالة التي تلقاها، سينقلها أو لن ينقلها، وما إذا كانت تلك الرسالة ستصل إلىالحلقة التالية، بنفس الشكل الذي جاءت به، أم سيدخل عليها بعض التغييراتوالتعديلات. وحراسة البوابة تعني السيطرة على مكان استراتيجي في سلسلة الاتصال،بحيث تصبح لحارس البوابة سلطة اتخاذ القرار، فيما سيمر من خلال بوابته، وكيف سيمر،حتى يصل في النهاية إلى الوسيلة الإعلامية، ومنها إلى الجمهور.
    يقوللوين أن المعلومات تمر بمراحل مختلفة حتى تظهر على صفحات الجريدة أو المجلة أو فيوسائل الأعلام الإلكترونية، وقد سمي لوين هذه المراحل ((بوابات)) وقال أن هذهالبوابات تقوم بتنظيم كمية أو قدر المعلومات التي ستمر من خلالها، وقد أشار لوينإلى فهم وظيفة ((البوابة)) يعني فهم المؤثرات أو العوامل التي تتحكم في القراراتالتي يصدرها (حارس البوابة).
    بمعنى آخر، هناك مجموعة من حراس البوابةيقفون في جميع مراحل السلسلة التي يتم بمقتضاها نقل المعلومات، ويتمتع أولئك الحراسبالحق في أن يفتحوا البوابة أو يغلقونها أمام أي رسالة تأتي إليهم، كما أن من حقهمأجراء تعديلات على الرسالة التي ستمر،على سبيل المثال، يستطيع أي فرد أن يقرر ماإذا كان سيكرر أو يردد إشاعة معينة أو لا يرددها، ونحن نعلم أن الإشاعات حينماتنتقل من فم إلى فم تطرأ عليها - في الغالب - بعض التغييرات وتتلون بالاهتماماتالخاصة للفرد الذي يقوم بنقلها أو بمعلوماته، وحينما تطول السلسلة، نجد أن بعضالمعلومات التي تخرج من نهايتها لا تشبه المعلومات التي دخلتها في البداية، إلا فينواح قليلة، فإذا أخذنا في الاعتبار ما يحدث في السلاسل التي تحمل الأخبار حولالعالم، وتتبعنا خبراً من الأخبار ينتقل، على سبيل المثال، من اليابان أو الهند إلىمدينة في إحدى ولايات أمريكا، نلاحظ أنه يمر بمراحل كثيرة..أول حارس بوابة في هذهالحالة هو الفرد الذي يلاحظ الحدث وقت وقوعه، ولنفترض أن الذي حدث كارثة طبيعية،هذا الفرد ينتقي - بلا شعور- أشياء معينة يلاحظها، ولا يلاحظ أشياء أخرى، أي يرىأشياء ويغفل أشياء أخرى، وقد يتحدث ويشير إلى نواحي ويهمل نواحي أخرى. بعد حارسالبوابة الأول هذا يأتي حارس البوابة الثاني، وهو المخبر الصحفي الذي يحصل علىالخبر من شاهد العيان، (أي الفرد الذي شاهد الحدث نفسه)، وقد يتصل الصحفي بأكثر منشاهد عيان لكي يكوّن فكرة كاملة عن الحادث، وفي جميع الحالات، يقوم المخبر هوالآخر، بانتقاء أو اختيار الحقائق التي سينقلها، والحقائق التي سيهملها، فهو الذيسيقررالجوانب التي سيختارها ويحدد مدى الأهمية التي سيعطيها للحدث.
    بعدذلك يسلم المخبر الخبر إلى مكتب وكالة الأنباء التي يتبعها، وفي الوكالة يقوم محررآخر باتخاذ قرار معين، عن تلك القصة الإخبارية، فيقرر ما إذا كان سيختارها من مئاتالأنباء لكي ينقلها تلغرافيا إلى المشتركين في الوكالة أم يختصرها أم يضيف أليها أميغيرها أم ينقلها كما هي، وبعد ذلك يأتي دور محرر الأخبار الخارجية الذي يتلقىالبرقيات في الجريدة، ويقرر مدى الأهمية التي سيعطيها للقصة الإخبارية، وبالتاليالمساحة التي يجب أن تخصص لها، فالمشكلة أن هناك باستمرار أخباراً أكثر مما يمكنإرسالها، وأخباراً أكثر مما يمكن نشرها، لذلك لابد في النهاية من الاختيار بينالمواد الكثيرة التي تصل الوكالة أو الصحيفة أو الإذاعة، فهذه الوسائل تصلها أنباءليس فقط من وكالات الأنباء بل من محررين في جميع أنحاء العالم، ومن صحف أخرى، ومنمحطات إذاعة وتلفزيون عديدة، وحراس البوابة في جميع تلك المراحل، على طول السلسلة،يسمحون لنسبة محدودة من آلاف المواد الإعلامية التي تصلهم، بالانتقال إلى المراحلالتالية، وفي النهاية يختار المحرر في الجريدة عشرات الأخبار فقط لينقلها إلىقرائه، فكل قرار يتخذ بتوصيل أو نقل شيء هو قرار كبت أو إخفاء شيء آخر، وما يخرج أويُحجب هو نتيجة لعديد من الضغوط المتنافسة، علينا أن نحددها ونوضحها حتى نفهم كيفتقوم وسائل الأعلام بعملها.
    من الواضح أن حارس البوابة الذي يقول (نعم ) أو (لا) بشأن الرسائل التي تصله، على طول السلسلة، يلعب دوراً مهماً في الاتصالالاجتماعي، وبعض حراس البوابة أهم من غيرهم، فنجد أن نسبة كبيرة جداً من السلاسلتركز الضوء على بعض الأفراد في المجتمع، ممن يمكن أن يكون لهم (نفوذ) أو (قادةالرأي) أو (الصفوة) الذين يتميزون عن الآخرين بأنهم يقرأون أكثر ويطلعون على وسائلالإعلام أكثر، ولهم اتصالات شخصية أوسع من الآخرين، وهو أمر له أهمية خاصة لأنهؤلاء الأفراد يتمتعون باحترام كبير،ويعتبر أولئك الأفراد بدورهم ( حراس بوابة).
    وفي السلاسل الإخبارية، فإن المحرر في وكالة الأنباء والمحرر في الجريدةيتلقيان اكبر عدد من البرقيات الإخبارية، وهما مسئولان عن اتخاذ أكبر عدد منالقرارات، ولهذا يصبح لأمانة ذلك المحرر وموضوعيته ومستوياته الإخبارية والمهنية،أهمية خاصة، كذلك بالنسبة لقادة الرأي، فإن اتساع معرفتهم وتنمية قدراتهم لها أهميةكبيرة، لأن لهم دورا مهماً في تحديد ما يعرفه الرأي العام.





    المبحث الرابعتكنولوجية وسائل الأعلاموتأثيرها على المجتمعات
    ((
    نظرية مارشال ماكلوهان))
    تُعَد النظريةالتكنولوجية لوسائل الإعلام، من النظريات الحديثة التي ظهرت عن دور وسائل الأعلاموطبيعة تأثيرها على مختلف المجتمعات، ومبتكر هذه النظرية(مارشال ماكلوهان) كان يعملأستاذاً للغة الإنجليزية بجامعة تورنتو بكندا، ويعتبر من أشهر المثقفين في النصفالثاني من القرن العشرين.(1)
    وبشكل عام، يمكن القول أن هناك أسلوبان أوطريقتان للنظر إلى وسائل الأعلام من حيث:
    1-
    أنها وسائل لنشر المعلوماتوالترفيه والتعليم.
    2-
    أو أنها جزء من سلسلة التطور التكنولوجي.
    إذا نظرنا أليها على أنها وسيلة لنشر المعلومات والترفيه والتعليم، فنحننهتم أكثر بمضمونها وطريقة استخدامها، والهدف من ذلك الاستخدام. وإذا نظرنا إليهاكجزء من العملية التكنولوجية التي بدأت تغير وجه المجتمع كله، شأنها في ذلك شأنالتطورات الفنية الأخرى، فنحن حينئذ نهتم بتأثيرها، بصرف النظر عن مضمونها.
    يقول مارشال ماكلوهان أن (مضمون ) وسائل الأعلام لا يمكن النظر إليهمستقلاً عن تكنولوجية الوسائل الإعلامية نفسها.فالكيفية التي تعرض بها المؤسساتالإعلامية الموضوعات، والجمهور الذي توجه له رسالتها، يؤثران على ما تقوله تلكالوسائل، ولكن طبيعة وسائل الإعلام التي يتصل بها الإنسان تشكل المجتمعات أكثر ممايشكلها مضمون الاتصال، فحينما ينظر ماكلوهان إلى التاريخ يأخذ موقفا نستطيع أننسميه (بالحتمية التكنولوجية) Technoligical Determinism فبينما كان كارل ماركسيؤمن بالحتمية الاقتصادية، وبأن التنظيم الاقتصادي للمجتمع يشكل جانباً أساسياً منجوانب حياته، وبينما كان فرويد يؤمن بان الجنس يلعب دوراً أساسياً في حياة الفردوالمجتمع، يؤمن ماكلوهان بأن الاختراعات التكنولوجية المهمة هي التي تؤثر تأثيراًأساسياً على المجتمعات.
    -------------
    (1)
    ولد مارشالماكلوهان في 21 يوليو 1911 في مدينة أد مونتن بالبرنا، كندا، والدته كانت ممثلةووالده تاجر عقارات.دخل ماكلوهان جامعة مانيتوبا وكان ينوى دراسة الهندسة ولكنه درسالأدب الإنجليزي وحصل على الماجستير في سنة 1934 وبعد أن حصل على الدكتوراه في سنة 1943 من جامعة كامبردج، درّس في عدة جامعات أمريكية ولكن منذ سنة 1947 عمل أستاذاللآداب في جامعة تورنتو.وقد نشر ماكلوهان مئات من المقالات في المجلات وأصدر أربعةكتب مهمة هي :
    The
    Mechanical Bride. : Folklore of Industrial Man, (1951); The Gutenberg
    Galaxy : The Making of Typographic Man (1962) ; Under Standing Media :
    The Extensions of Man (1964) ; The Medium is The Message : An Inventory
    of Effects (1967)
    وقد نال كتابه (عالم جوتنبرج) جائزة الحاكمالعام في سنة 1962 وهي تعادل جائزة بولتزر في أمريكا.



    ولهذانجد ماكلوهان شديد الإعجاب بعمل المؤرخين أمثال الدكتور وايت White Jr صاحب كتاب (التكنولوجيا الوسيطة والتغير الاجتماعي)، الذي ظهر سنة 1962 وفيه يذكر المؤلف أنالاختراعات الثلاثة التي خلقت العصور الوسيطة هي الحلقة التي يضع فيها راكب الحصانقدمه Stirrup وحدوة الحصان Nailed Horseshoe، والسرج Horse Collar.. فبواسطة الحلقةالتي يضع فيها راكب الحصان قدمه استطاع الجندي أن يلبس درعاً يركب به الحصان الحربي؛ وبواسطة الحدوة والأربطة التي تربط الحصان بالعربة Harness توافرت وسيلة أكثرفاعلية لحرث الأرض، مما جعل النظام الإقطاعي الزراعي يظهر، وهذا النظام هو الذي دفعالتكاليف التي تطلبها درع الجندي.
    وقد تابع ماكلوهان هذه الفكرة بشكلأكثر تعمقاً ليعرف أهميتها التكنولوجية، مما جعله يطور فكرة محددة عن الصلة بينوجود الاتصال الحديث في المجتمع والتغيرات الاجتماعية التي تحدث في ذلك المجتمع،ويقول ماكلوهان أن التحول الأساسي في الاتصال التكنولوجي يجعل التحولات الكبرىتبدأ، ليس فقط في التنظيم الاجتماعي، ولكن أيضا في الحساسيات الإنسانية.والنظامالاجتماعي في رأيه يحدده المضمون الذي تحمله هذه الوسائل.وبدون فهم الأسلوب الذيتعمل بمقتضاه وسائل الأعلام لا نستطيع أن نفهم التغيرات الاجتماعية والثقافية التيتطرأ على المجتمعات.فاختراع اللغة المنطوقة هو الذي ميّز بين الإنسان والحيوان،ومكّن البشر من إقامة المجتمعات والنظم الاجتماعية وجعل التطور الاجتماعي ممكنا،وبدون اختراع الكتابة ما كان التحضر ممكناً، بالرغم من أن اختراع الكتابة ليس الشرطالمسبق الوحيد للحضارة، فالإنسان يجب أن يأكل قبل أن يستطيع الكتابة إلا أنه بفضلالكتابة، تم خلق شكل جديد للحياة الاجتماعية وأصبح الإنسان على وعي بالوقت، وأصبحالتنظيم الاجتماعي يمتد إلى الخلف، (أي إلى الماضي)، وإلى الأمام، (أي إلىالمستقبل)، بطريقة لا يمكن أن توجد في مجتمع شفهي صرف. فالحروف الهجائية هيتكنولوجيا يستوعبها الطفل الصغير بشكل لا شعوري تماما،(بالاستيعاب التدريجي)،والكلمات ومعانيها تُعد الطفل لكي يفكر ويعمل بطرق معينة بشكل آلي، فالحروفالهجائية وتكنولوجية المطبوع طورت وشجعت عملية التجزئة وعملية التخصص والابتعاد بينالبشر، بينما عملت تكنولوجية الكهرباء على تقوية وتشجيع الاشتراك والتوحيد.
    ويقول ماكلوهان أن وسائل الأعلام التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلىاستخدامها ستحدد طبيعة المجتمع، وكيف يعالج مشاكله، وأي وسيلة جديدة أو امتدادللإنسان، تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظلالظروف، وتؤثر على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها أي أن (الوسيلة امتدادللإنسان، فالملابس والمساكن امتداد لجهازنا العصبي المركزي، وكاميرا التليفزيون تمدأعيننا والميكروفون يمد آذاننا، والآلات الحاسبة توفر بعض أوجه النشاط التي كانت فيالماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، فهي مساوية لامتداد الوعي).وسائل الأعلام الجديدةكامتداد لحواسنا – كما توفر زمنا وإمكانيات تشكل أيضا تهديدا في الوقت نفسه، لأنهفي الوقت الذي تمتد فيه يد الإنسان، وما يمكن أن يصل إليه بحواسه في وجوده، تستطيعتلك الوسائل أيضا أن تجعل يد المجتمع تصل إليه لكي تستغله وتسيطر عليه، ولكي نمنعاحتمال التهديد يؤكد ماكلوهان أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عنوسائل الأعلام لأنه ((بمعرفة كيف تشكل التكنولوجيا البيئة المحيطة بنا، نستطيع أننسيطر عليها ونتغلب تماما على نفوذها أو قدرتها الحتمية)).
    وفي الواقع،بدلا من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن المتلقي يجبأن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأنتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم، وأنه لا يجب اعتبار التغير التكنولوجي حتمياًأو لا مفر منه، ذلك لأننا إذا فهمنا عناصر التغير يمكننا أن نسيطر عليه ونستخدمه فيأي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهه.
    ويعرض ماكلوهان أربع مراحل تعكسفي رأيه تطور التاريخ الإنساني:
    1-
    المرحلة الشفوية كلية، مرحلة ما قبلالتعلم، أي المرحلة القبلية.
    Totally Oral , Preliterate, Tribalism
    2-
    مرحلة كتابة النسخ Codification by Script
    التي ظهرت بعدهومر في اليونان القديمة واستمرت ألفي عام
    3-
    عصر الطباعة: من سنة 1500إلى سنة 1900 تقريبا
    4-
    عصر وسائل الأعلام الإلكترونية: من سنة 1900تقريبا،حتى الوقت الحالي.
    وطبيعة وسائل الإعلام المستخدمة في كل مرحلةتساعد على تشكيل المجتمع أكثر مما يساعد مضمون تلك الوسائل على هذا التشكيل.هذاالأسلوب في دراسة التطور الإنساني، ليس أسلوبا جديدا أو مبتكرا تماما.فيشيرماكلوهان إلى أنه مدين لمؤلفات عديدة برأيه هذا، ومن بين المؤلفات التي ساعدتماكلوهان على تطوير نظريته المبتكرة:
    E.H. Gombrich , Art and IIIusion (1960)
    H.A. Annis , The Bias of Communication (1951)
    Siegfried Giedion , Mechaniztion Takes Command (1948)
    H.J. Chaytor , From Scipt to Print (1945) ; ard Lewis Mumford.
    Techniques and Civilization (1934)
    وباختصار يدعي ماكلوهان أن التغير الأساسي فيالتطور الحضاري منذ أن تعلم الإنسان أن يتصل، كأن من الاتصال (الشفهي ) إلى الاتصال (السطري) ثم إلى الاتصال (الشفهي ) مرة أخرى.ولكن بينما استغرق التغير من الشفهيإلى السطري قروناً، تم الرجوع أو التحول مرة أخرى إلى الشفهي في حياة الفرد الواحد.
    الاتصال الشفهي:
    وفقا لما يقولماكلوهان، فإن الناس يتكيفون مع الظروف المحيطة عن طريق توازن الحواس الخمس(السمعوالبصر واللمس والشم والتذوق) مع بعضها البعض، وكل اختراع تكنولوجي جديد يعمل علىتغيير التوازن بين الحواس، فقبل اختراع جوتنبرج للحروف المتحركة في القرن الخامسعشر كان التوازن القلبي القديم يسيطر على حواس الناس، حيث كانت حاسة السمع هيالمسيطرة.
    فالإنسان في عصر ما قبل التعلم كان يعيش في عالم به أشياءكثيرة في الوقت نفسه، في عالم الأذن حيث يفرض الواقع نفسه على الفرد من جميعالنواحي، ولم يكن لهذا الزمن حدود ولا اتجاه ولا أفق، وعاش الإنسان في ظلام عقله فيعالم العاطفة معتمداً على الإلهام البدائي أو الخوف، وكان الزمن والمسافة يتمإدراكهما سمعيا، وكان الشعر الذي يغنى من أكبر أدوات التحضر، وكان الاتصال الشفهيهو الرابطة مع الماضي، وكانت المعاني ذات المستويات المتعددة هي الطابع العام، وهيمعاني كانت قريبة جداً من الواقع، فالكلمات لا تشير إلى أشياء، بل هي أشياء، وكلمةالإنسان ملزمة، وذاكرة الإنسان قوية جداً (بالمستويات الحديثة) والصور الذهنية التيتصاحب أفكاره سمعية، فهو يستخدم كل حواسه، ولكن في حدود الصوت، ونظراً لأن الناس فيظل هذا النظام كانوا يحصلون على معلوماتهم أساساً عن طريق الاستماع إليها من أناسآخرين، فقد أقترب الناس من بعضهم البعض، في شكل قبلي، وقد فرض عليهم أسلوب حصولهمعلى المعلومات أن يؤمنوا بما يقوله الآخرون لهم بشكل عام، لأن تلك هي المعلوماتالوحيدة المتوافرة لهم، ((فالاستماع كان يعني الإيمان )).
    وقد أثر أسلوبالاتصال على الناس وجعلهم عاطفيين أكثر، وذلك لأن الكلمة المنطوقة عاطفية أكثر منالكلمة المكتوبة، فهي تحمل عاطفة بالإض
    sla7

    مُساهمة 2011-03-25, 12:01 من طرف sla7

    بالإضافة إلى المعنى، وكانت طريقة تنغيم الكلماتتنقل الغضب أو الموافقة أو الرعب أو السرور أو التهكم، الخ. وكان رد فعل الرجلالقبلي - الذي يعتمد على حاسة الاستماع - على المعلومات يتسم بقدر أكبر من العاطفة،فكان من السهل مضايقته بالإشاعات، كما أن عواطفه كانت تكمن دائماً قريبة من السطح،لكن ريشة الكتابة وضعت نهاية للكلام وساعدت في تطوير الهندسة وبناء المدن، وجعلتالطرق البرية والجيوش والبيروقراطية من الأمور الممكنة، وكانت الكتابة هي الأداة أوالوسيلة الأساسية التي جعلت دورة الحضارة تبدأ، فكانت خطوة إلى الأمام من الظلامإلى نور العقل.فاليد التي قامت بملء صفحات جلد الماعز بالكتابة هي نفسها التي قامتببناء المدن. وتعلم الإنسان رسم ما يقوله (الحديث) ولغة العيون كما تعلم كيف يلونالفكر ويجعل له بناء أو كيان.فالحروف الهجائية جعلت عالم الأذن السحري يستسلم لعالمالعين المحايد.


    الاتصال السطري (المطبوع ) :

    باختصار، يمكننا أن نقول أن مجتمعات ما قبل التعلم كانت تحتفظبالمضمون الثقافي في ذاكرة أجيال متعاقبة، ولكن تغيّر أسلوب تخزين المعرفة حينماأصبحت المعلومات تختزن عن طريق الحروف الهجائية، وبهذا حلّت العين محل الأذن كوسيلةالحس الأساسية، التي يكتسب بفضلها الفرد معلوماته، وسهّل الكلام البشري الذي (تجمّدزمنياً) الآن بفضل الحروف الهجائية،إقامة إدارات بيروقراطية قوية،واتجاهات قبلية.
    ولمدة تزيد عن ثلاثة آلاف سنة تشكل التاريخ الغربي بظهور الحروفالهجائية الصوتية، وهي وسيلة تعتمد على العين فقط لفهمها، والحروف الهجائية تقومعلى بناء الأجزاء أو القطع المجزأة، ليس لها في حد ذاتها معنى دلالي، والتي يجب أنتوضع مع بعضها في أسطر، وفي ترتيب معين ليصبح لها معنى، وقد روجت وشجعت استخدام تلكالحروف عادة إدراك كل الظروف المحيطة على أساس المساحة والزمن، على أساس توحيدمستمر (م.س.ت.م.ر) و مرتبط (م.ر.ت.ب.ط).فالسطر مجال مستمر.
    يقولماكلوهان أن تطور الصحافة المطبوعة في القرن الخامس عشر بفضل اختراع جوتنبرج للحروفالمتحركة، كان أكثر الابتكارات التكنولوجية تأثيراً على الإنسان، فالمطبوع جعلالإنسان يتخلص من القبيلة، فمن خلال الحروف الهجائ.

    د. محمد جاسم فلحيالموسوي

    المصــــدر


    [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-11-25, 00:56