تعرف الفلسفة السياسية منذ بدايتها في اليونان بأنها محاولة لفهم طبيعة الدولة أي بنيتها الأساسية كتنظيم لجماعة تاريخية تسمح لهذه الجماعة باتخاذ قرارات تؤثر على حياتها و استمرارها.
فهي ليست علماً وضعياً للظواهر السياسية و للوقائع الإحصائية كما هو الحال في علم السياسة أو علم الاجتماع السياسي بل هي معيارية تنطلق من مفهوم عام للإنسان و أحياناً للألوهية لتعكسها في الحقل السياسي من أجل تشكيل نموذج مثالي لا يصلح كمعيار و حسب و إنما كهدف لتعديل سلوك الحكومة و الحاكمين.
إنها تتساءل بشكل رئيسي عما يجعل واقعة ما أو نسيجاً من الوقائع شأناً سياسياً أو له علاقة بالسياسة فتركز انتباهنا على الخيارات السياسية الأساسية و تهتم بطبيعة السلطة فتتساءل عن الشروط التي تسمح لسلطة ما أن تكون شرعية و مم تستمد الدولة سلطتها و لخدمة أية أهداف تستخدم و كيف يعطى الحق لأبناء الجماعة و ما هي أفضل أشكال الحكم؟ هذه الأسئلة و غيرها كانت مدار صراعات فكرية حادة انقسم حولها الفلاسفة الى تيارات و فرق متعددة ظهرت في فترات و مراحل تاريخية مختلفة.
و تدرجت هذه الفلسفة السياسية في الفكر وفق المراحل الزمنية المختلفة، فهناك الفلسفة السياسية عند اليونان و ما دار بين السفسطائيين و تصدي سقراط و أفلاطون و أرسطو لها و كان أرسطو يرى أن الحكومة الارستقراطية التي تعمل للخير العام و هي الحكومة المثلى و عارض السلطة الاوليغارشية (حكم القلة لنفسها) و الديمقراطية (حكم الشعب) على السواء و بعد أرسطو لم يعرف الفكر السياسي اليوناني فلسفات متكاملة. فقد ظهرت فرق مثل (الكلبية) و التي تدعو للعودة الى الطبيعة و رفض القوانين لأنها تقف حائلاً بين الإنسان و بينها. و (الرواقية) التي اعتبرت الإنسان مكوناً من هوى و عقل و الكون يسير وفق نظام مرسوم لذا ينبغي على الإنسان ان يحترم هذا النظام الإلهي، و يسير وفقاً لقواعده، فالحكم المثالي هو الذي يأخذ بالاعتبار الطبيعة المزدوجة للإنسان.
ثم جاءت الفلسفة السياسية المسيحية في مرحلة الإمبراطورية الرومانية حيث انتظم المسيحيون في الكنيسة و أصبح شعب الله هو شعب الإمبراطور لأن خالق البشر هو نفسه خالق الحياة الاجتماعية و السلطة مصدرها الله و يعهد بها للإنسان ضمن حدود و احترام هذا الأخير للقانون الطبيعي، و بذلك أصبح الإمبراطور همزة الوصل بين الله و بين مخلوقاته إلا أن الإنجيل يميز بشكل واضح بين السلطتين الزمنية و الروحية عندما يقول "أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله". و مع ذلك فان وجود مؤسستين الكنيسة من جهة و الدولة (ملك، إمبراطور......) من جهة تتوليان شئون المسيحيين طرح مسألة العلاقة بينهما. لمن تعطى الأولوية للكنيسة أم للدولة؟ و هل انتماء المؤمن لواحدة يتعارض مع انتمائه للأخرى؟ لقد أثار ذلك نقاشات و صراعات عديدة و كان من الطبيعي ان ترى الكنيسة ان الجسم الاجتماعي هو عبارة عن هرم يقف البابا على رأسه و أن تأتي الدولة في المرتبة الثانية من هذا الهرم.
أما الفلسفة الإسلامية فهي على عكس المسيحية فهي لا تفرق بين السلطتين الزمنية و الروحية و ترى أن كل سلطة تأتي من عند الله و ليس هناك من مندوب عن الله عز و جل. فالله يحكم وحده لا شريك له في حكمه. المبادئ التي تحكم علاقات المسلمين في الامة الاسلامية ليست من صنع الحكام و انما مستوحاه من القرأن الكريم و ما الخليفة أو الإمام سوى أداه تحكم بأمر الله و عليه مشورة المؤمنين و تركز الفلسفة الاسلامية على سلوك الحاكم و صفاته فالحاكم يجب أن يحكم بالعدل لأن المسلمين متساوون أمام الله و فيما بينهم.
الفلسفة في عصر النهضة الحديثة و ما تلاه حتى الثورة الفرنسية عرفت تطورات جديدة لم تشهدها من قبل فهي تعترف بالفرد كطاقة قادرة على تنظيم المجتمع دون العودة الى القوى الغيبية و الماورائية.
يعتبر مكيافيلي الفيلسوف الايطالي من أهم فلاسفة هذه المرحلة و كان يرى أن دولة قوية داخليا و خارجياً هي التي تكفل للمواطنين حقوقهم و لتحقيق ذلك على الحاكم أن يلجأ إلى كل الأساليب و الوسائل الممكنة بما فيها الوسائل اللا اخلاقية كما عليه أن يجمع بين القوة و الحيلة. بهذا أصبحت السلطة هي الهدف بذاته. و ما على الساعي اليها أو الممسك بها سوى تبرير سيطرته و سلطته لا عن طريق تأييد شعبه له فقط بل عن طريق المهارة و النفوذ.
لا يختلف هوبز عن مكيافيلي اذ يرى أن الانسان عبر سعيه الى تحقيق حاجاته و رغباته يدخل في صراع مع الاخرين فالتنافس و عدم الثقة و البحث عن المجد هي التي تخلق التنابذ و الصراع و كي لا يعيش في حالة خوف دائم من الأخر عليه ان يتنازل عن حريته لحاكم يحفظ له حياته و ممتلكاته و بهذا عمل على تبرير الدولة المطلقة.
ثم جاء مونتسكيو بمبدأ فصل السلطات الى سلطة تشريع و سلطة تنفيذ و سلطة تقاضي لعلاج ما ذهب إليه مكيافيلي و هوبز.
و مسألة الحرية دفعت روسو الى التفكير بالعقد الاجتماعي بين الأفراد فيرى لن الفرد عاقل و مدرك لمصلحته و أن الأفراد متساوون بالطبيعة و أحرار بالطبيعة لا تنازلون عن حريتهم لسلطة خارجية دون مقابل و اذا تنازلوا عن هذا الحق الطبيعي فهذا يكون لكي يحصلوا على حقوق مدنية بديلة و الدولة تقوم من عقد بين افراد متساوين يعمل على ايجاد ارادة مشتركة و يصبح الفرد فيها مشرعاً و موضوع تشريع في آن واحد أي بمعنى أخر يصبح الشعب هو مصدر السيادة. مهدت هذه الافكار لقيام الثورة الفرنسية و سيطرة الفكر الليبرالي و الفلسفة الحديثة من هيجل و ماركس و تناوله مفصلاً في هذه الموسوعة بمشيئة الله.
فهي ليست علماً وضعياً للظواهر السياسية و للوقائع الإحصائية كما هو الحال في علم السياسة أو علم الاجتماع السياسي بل هي معيارية تنطلق من مفهوم عام للإنسان و أحياناً للألوهية لتعكسها في الحقل السياسي من أجل تشكيل نموذج مثالي لا يصلح كمعيار و حسب و إنما كهدف لتعديل سلوك الحكومة و الحاكمين.
إنها تتساءل بشكل رئيسي عما يجعل واقعة ما أو نسيجاً من الوقائع شأناً سياسياً أو له علاقة بالسياسة فتركز انتباهنا على الخيارات السياسية الأساسية و تهتم بطبيعة السلطة فتتساءل عن الشروط التي تسمح لسلطة ما أن تكون شرعية و مم تستمد الدولة سلطتها و لخدمة أية أهداف تستخدم و كيف يعطى الحق لأبناء الجماعة و ما هي أفضل أشكال الحكم؟ هذه الأسئلة و غيرها كانت مدار صراعات فكرية حادة انقسم حولها الفلاسفة الى تيارات و فرق متعددة ظهرت في فترات و مراحل تاريخية مختلفة.
و تدرجت هذه الفلسفة السياسية في الفكر وفق المراحل الزمنية المختلفة، فهناك الفلسفة السياسية عند اليونان و ما دار بين السفسطائيين و تصدي سقراط و أفلاطون و أرسطو لها و كان أرسطو يرى أن الحكومة الارستقراطية التي تعمل للخير العام و هي الحكومة المثلى و عارض السلطة الاوليغارشية (حكم القلة لنفسها) و الديمقراطية (حكم الشعب) على السواء و بعد أرسطو لم يعرف الفكر السياسي اليوناني فلسفات متكاملة. فقد ظهرت فرق مثل (الكلبية) و التي تدعو للعودة الى الطبيعة و رفض القوانين لأنها تقف حائلاً بين الإنسان و بينها. و (الرواقية) التي اعتبرت الإنسان مكوناً من هوى و عقل و الكون يسير وفق نظام مرسوم لذا ينبغي على الإنسان ان يحترم هذا النظام الإلهي، و يسير وفقاً لقواعده، فالحكم المثالي هو الذي يأخذ بالاعتبار الطبيعة المزدوجة للإنسان.
ثم جاءت الفلسفة السياسية المسيحية في مرحلة الإمبراطورية الرومانية حيث انتظم المسيحيون في الكنيسة و أصبح شعب الله هو شعب الإمبراطور لأن خالق البشر هو نفسه خالق الحياة الاجتماعية و السلطة مصدرها الله و يعهد بها للإنسان ضمن حدود و احترام هذا الأخير للقانون الطبيعي، و بذلك أصبح الإمبراطور همزة الوصل بين الله و بين مخلوقاته إلا أن الإنجيل يميز بشكل واضح بين السلطتين الزمنية و الروحية عندما يقول "أعطوا ما لقيصر لقيصر و ما لله لله". و مع ذلك فان وجود مؤسستين الكنيسة من جهة و الدولة (ملك، إمبراطور......) من جهة تتوليان شئون المسيحيين طرح مسألة العلاقة بينهما. لمن تعطى الأولوية للكنيسة أم للدولة؟ و هل انتماء المؤمن لواحدة يتعارض مع انتمائه للأخرى؟ لقد أثار ذلك نقاشات و صراعات عديدة و كان من الطبيعي ان ترى الكنيسة ان الجسم الاجتماعي هو عبارة عن هرم يقف البابا على رأسه و أن تأتي الدولة في المرتبة الثانية من هذا الهرم.
أما الفلسفة الإسلامية فهي على عكس المسيحية فهي لا تفرق بين السلطتين الزمنية و الروحية و ترى أن كل سلطة تأتي من عند الله و ليس هناك من مندوب عن الله عز و جل. فالله يحكم وحده لا شريك له في حكمه. المبادئ التي تحكم علاقات المسلمين في الامة الاسلامية ليست من صنع الحكام و انما مستوحاه من القرأن الكريم و ما الخليفة أو الإمام سوى أداه تحكم بأمر الله و عليه مشورة المؤمنين و تركز الفلسفة الاسلامية على سلوك الحاكم و صفاته فالحاكم يجب أن يحكم بالعدل لأن المسلمين متساوون أمام الله و فيما بينهم.
الفلسفة في عصر النهضة الحديثة و ما تلاه حتى الثورة الفرنسية عرفت تطورات جديدة لم تشهدها من قبل فهي تعترف بالفرد كطاقة قادرة على تنظيم المجتمع دون العودة الى القوى الغيبية و الماورائية.
يعتبر مكيافيلي الفيلسوف الايطالي من أهم فلاسفة هذه المرحلة و كان يرى أن دولة قوية داخليا و خارجياً هي التي تكفل للمواطنين حقوقهم و لتحقيق ذلك على الحاكم أن يلجأ إلى كل الأساليب و الوسائل الممكنة بما فيها الوسائل اللا اخلاقية كما عليه أن يجمع بين القوة و الحيلة. بهذا أصبحت السلطة هي الهدف بذاته. و ما على الساعي اليها أو الممسك بها سوى تبرير سيطرته و سلطته لا عن طريق تأييد شعبه له فقط بل عن طريق المهارة و النفوذ.
لا يختلف هوبز عن مكيافيلي اذ يرى أن الانسان عبر سعيه الى تحقيق حاجاته و رغباته يدخل في صراع مع الاخرين فالتنافس و عدم الثقة و البحث عن المجد هي التي تخلق التنابذ و الصراع و كي لا يعيش في حالة خوف دائم من الأخر عليه ان يتنازل عن حريته لحاكم يحفظ له حياته و ممتلكاته و بهذا عمل على تبرير الدولة المطلقة.
ثم جاء مونتسكيو بمبدأ فصل السلطات الى سلطة تشريع و سلطة تنفيذ و سلطة تقاضي لعلاج ما ذهب إليه مكيافيلي و هوبز.
و مسألة الحرية دفعت روسو الى التفكير بالعقد الاجتماعي بين الأفراد فيرى لن الفرد عاقل و مدرك لمصلحته و أن الأفراد متساوون بالطبيعة و أحرار بالطبيعة لا تنازلون عن حريتهم لسلطة خارجية دون مقابل و اذا تنازلوا عن هذا الحق الطبيعي فهذا يكون لكي يحصلوا على حقوق مدنية بديلة و الدولة تقوم من عقد بين افراد متساوين يعمل على ايجاد ارادة مشتركة و يصبح الفرد فيها مشرعاً و موضوع تشريع في آن واحد أي بمعنى أخر يصبح الشعب هو مصدر السيادة. مهدت هذه الافكار لقيام الثورة الفرنسية و سيطرة الفكر الليبرالي و الفلسفة الحديثة من هيجل و ماركس و تناوله مفصلاً في هذه الموسوعة بمشيئة الله.
2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977
» موقع اخبارى مميز
2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى
» مكتبه الفنان عبده النزاوي
2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون
» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه
» فيلم الحرمان فيروز نيللي
2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه
» المسلسل البدوي البريئة
2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه
» مسلسل وضحا وابن عجلان
2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه