[center] مواعيد علامات الحمل في القرآن الكريم
د. محمد دودح
الباحث العلمي
بقي الاعتقاد منذ عهد أرسطو في القرن الرابع الميلادي ( 384 - 322 ق.م)ولعدة قرون بفكرة التولد الذاتي للجنين من دم الحيض بناء على توهم تولدالعفن من غير سبب، وبعد اكتشاف المجهر في القرن السابع عشر أعلن هارفي عام1651م أن الأجنة إفرازات من الرحم لعدم تمكنه من رؤية المراحل الأولىلتكونها، ولكن اكتشاف جراف عام 1672م لحويصلة المبيض التي سميت باسمهاواكتشاف أجسام في أرحام الأرانب بدت شبيهة لأجنة حديثة قد جعله يستبعدعلاقتها بالرحم ويعلن علاقتها بالمبيض الذي سماه خصية المرأة، واكتشف لويسباستير في القرن التاسع عشر (1864) أن العفن سببه كائنات دقيقة مُيزتفصائلها بأسماء متنوعة مما أدى إلى القضاء على وهم التولد ذاتياً للكائناتالحية، وهكذا أخذت المعرفة البشرية تتطور شيئاً فشيئاً حتى عُرف الكثير عنآلية الإنجاب وعرفت علاقة الدورة الرحمية بدورة المبيض وتأكد وقوع الإخصابفي منتصف الدورات، ولم يكن أحد يعلم زمن التنزيل شيئاً عن آلية التبويضوالإنجاب بل اعتبرت إمكانية الحمل قائمة حتى في الحيض وإذا إجتنب الحيضفهو للتوهم بأفضلية الابن ثمرة الطهر، ولم يكن أحد يعلم زمن الإخصاب ولايدرك أن ظهور الحمل موعده بعد ثلاث دورات معتادة وأن الحامل تبدأ استشعارحركة الجنين في العادة بعد أربعة أشهر تماماً من الواقع المثمر. د. محمد دودح
الباحث العلمي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي تشريع حكيم يعالج القرآن عدة حالات اجتماعية ويحدد مواعيد ظهور علاماتالحمل واستيفاء أدلة تنفيه وفق مصطلح الفقهاء "براءة الأرحام"ويوزعها بمايناسب أحوال النساء: (1)حالة المطلقات ذوات دورة الحيض المنتظمة المعتادة المعبر عنها بالقروء:{وَالْمُطَلّقَاتُ يَتَرَبّصْنَ بِأَنْفُسِهِنّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَيَحِلّ لَهُنّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِيَ أَرْحَامِهِنّ }(البقرة288)، والتربص يعني الترقب ويتعلق هنا بعلامة تؤيد وقوع الحمل: {ماخلق الله في أرحامهن}ومع انقطاع الحيض والعلامات الثانوية يتأكد الحملبنمو الرحم وبروز البطن بعد ثلاث دورات معتادة أي ما يقارب ثلاثة أشهر وهيالغالب في المدة التي تحصل فيها ثلاثة قروء عملا بالغالب دون النادروالمدة الغالبة لدورة الحيض: 4( 3-5) أسابيع.
(2)حالة اليائسات من استمرار الحيض والصغيرات اللائي لم يحضن كما قالتعالى:{وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نّسَآئِكُمْ إِنِارْتَبْتُمْ فَعِدّتُهُنّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّتِي لَمْ يَحِضْنَ }(الطلاق4)، والحمل ممكن وإن كان نادراً في حالة اضطراب الحيض عند سنالكمال (اليأس) وعند البلوغ ولا توجد في تلك الحالات دورات حيض منتظمةفاستبدل القرآن مدة الأقراء بقيمة مماثلة وهي ثلاثة أشهر.
(3)حالة وفاة الزوج:{وَالّذِينَ يُتَوَفّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاًيَتَرَبّصْنَ بِأَنْفُسِهِنّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً }(البقرة234)، وبالفعل تبدأ الحامل في الغالب أول شعورها بحركة الجنين الذيبعد أربعة أشهر منذ يوم الإخصاب الذي لم يكن يدرك أحد وقوعه في منتصفالدورات. وللتباين في الخبرات قد يتأخر قليلاً بدء من شعور الحوامل بحركةالجنين عند موعده وهو (أربعة أشهر) وهنا أضيفت للمدة الغلبة مدة كافية هيعشرة أيام. قال ابن عاشور: "جعل الله عدة الوفاة منوطة بالأمد الذي فيمثلة يتحرك الجنين تحركاً بيناً".
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والزيادة في عدة الوفاة عن الأشهر في عدة الطلاق تكشف قصد الاحتياط ومعالاكتفاء بثلاثة قروء أو أشهر لاستيفاء دلائل نفي حمل المطلقات قد شددالقرآن على التيقن التام من استكمال مدة عدتهن بالأمر الصريح موجها الخطابإلى النبي محمد صلى الله عيه وسلم وسائر المسلمين: {يَأيّهَا النّبِيّإِذَا طَلّقْتُمُ النّسَآءَ فَطَلّقُوهُنّ لِعِدّتِهِنّ وَأَحْصُواْالْعِدّةَ } (الطلاق1)، والمراجعة من أغرض الانتظار للتعقيب بعده: {لاَتَدْرِى لَعَلّ اللّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} الطلاق 1، وهيتكشف قصد الإصلاح وحفظ الأسرة من الانهيار وضمان المأوى الصالح لتربيةالأبناء. قال الشيخ بن عاشور: "الغرض الأول من العدة هو تحقيق براءة الرحم وضم إلىذلك غرض آخر هو ترقيب المراجعة فلما حصل الأهم (وهو هنا تحقيق براءة الرحمبانتهاء عدة المطلقة) أُلغي ما عداه (المراجعة) مراعاة لحق المرأة فيالانطلاق من حرج الانتظار".
والعلة الأولى لتشريع العدة في حالات إمكانية الإنجاب بعد المفارقةبالطلاق أو الوفاة هي منع اختلاط الأنساب ولذا اقترنت حالة زواج المرأةبآخر بالمنع إلا باستيفاء أدلة نفي وقوع الحمل من زوجها الأول:{وَلاَتَعْزِمُوَاْ عُقْدَةَ النّكَاحِ حَتّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ }(البقرة235)، والكتاب أي المكتوب تصوير لوحدة التقدير، ولذا لاعدة بلامعاشرة:{ يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِثُمّ طَلّقْتُمُوهُنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسّوهُنّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنّمِنْ عِدّةٍ تَعْتَدّونَهَا }( الأحزاب49)، بينما تمتد العدة عند الحملحتى الوضع:{وَأُوْلاَتُ الأحْمَالِ أَجَلُهُنّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ }(الطلاق4)، وبهذا تبين أن العلة في تشريع العدة تتباين وتتعدد فهي ليستمقصورة فقط على براءة الرحم وإنما يراد منها أيضاء إمكانية المراجعة فيحالة الطلاق والوفاء للزوج الميت، ولهذا فإن المعرفة بثبوت أو بنفي الحملمبكراً بالوسائل الحديثة لا يعني توقف العمل به.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | الأحداثالرحمية في الدورة النموذجية (سنيل 1975 ص 18، لانجمان 1981 ص 30). فيالدورة النوذجية (28 يوماً) يبدأ الدورة الرحمية مع بدء الدورة المبيضيةمنذ اليوم الأول للحيض الذي يستمر لمدة أربعة أيام بانهيار الطبقة السطحيةللبطانة الرحمية، ثم يليه بدء تجددها، ويقع التبويض في اليوم 14 ويقعالإخصاب في نفس اليوم لأن القابلية للإخصاب أقل من يوم. |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | موعدالتبويض في الدورات الحيضية: يحدث التبويض غالباً في منتصف الدوراتالنموذجية (اليوم 14) وكقاعدة عامة مهما اختلف طول الدورات يحدث التبويضقبل اليوم المتوقع لحيض الدورة التالية بأسبوعين كفترة ويرجع الاختلاف فيموعد التبويض إلى الفترة قبل التبويض لذا فهو يقع في اليوم 14 ( 7-21)يوماً (علم الولادة وليام 1994 ص 49). |
وهذا الاتفاق التام يعنينا في ترجيح معنى القرء: "هل القرء يراد به الحيضأم الطهر؟" خصوصاً أنه يعني لغة دورة فيشملهما، ولذا استبدل بالشهر فياليائسات وهو دورة مدتها مماثلة للقرء.
قال ابن عطية الأندلسي (المتوفى سنه546هـ) "القرء في اللغة هو الوقتالمعتاد تردده"، وقال بن منظور (المتوفى سنة711هـ): "الأصل في القرء الوقتالمعلوم (للتكرار بانتظام) لآن قرء الفرس هو أيام سفادها، وأقرأت الرياحأي هبت لأوانها، وأقرأت المرأة إذا حاضت" وقال السمين الحلبي (المتوفى سنة756هـ): "قيل في الحيض قرء وفي الطهر قرء لأنهما يرجعان لوقت معلوم"(ولكن) قال الراغب القرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر وليسالقرء اسماً للطهر مجرداً ولا للحيض مجردا بدلالة أن الطاهر التي لم ترىالدم لا يقال لها ذات الاقراء (فبدء الحيض إذن هو بدء للأقرء) وكذا الحائضالتي استمر بها الدم والنفساء لا يقال لها ذلك وقوله تعالى: {ثلاثة قروء}أي ثلاثة دخول من الطهر في الحيض وقوله صلى الله عليه وسلم: "اقعدي عنالصلاة أيام أقرائك" أي أيام حيضك (وهو الدليل على أن الحيض هو بدايةالأقراء) وإنما هو كقول القائل افعل ذلك أيام ورود فلان ووروده (المتكرربانتظام) إنما يكون في ساعة.. وقول أهل اللغة أن القرء من الجمع لأنهماعتبروا الجمع بين زمن الطهر والحيض.
والحاصل كما يقول الشيخ ابن عاشور أن: "الطهر الذي طلقت فيه هو مبدأالاعتداد وهو قول جميع الفقهاء (عدا ابن شهاب).. والطلاق لا يكون إلا فيطهر عند الجميع (والمستند هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمراجعة ابنعمر امرأته حتى الطهر).. وهم متفقون على أن الطهر الذي وقع الطلاق فيهمعدود في الثلاثة قروء.. قال الجمهور إذا رأت أول نقطة من الحيضة الثالثةخرجت من العدة بعد التحقق أنه دم حيض.. (لأن) الحمل لا يكون إلا مع انقطاعالحيض.
ورغم تباين اجتهادات الفقهاء في الاستدلال فإن "براءة الأرحام" متحققة فيكافة الأحوال لأن عدة الحمل تعتبر لأدنى قرينة ولذا قالوا "الحد مبناه علىالإسقاط والعدة على الاحتياط" أي تدرء الحدود بالشبهات فلا يعاقب برىءبينما يعتبر الحمل بالشبهة فلا تختلط الأنساب، واعتبار أي من قرائن الحملوخاصة انقطاع الحيض يمنع ذوات الدورات القصيرة من الإفلات وكل اجتهاد يمكناعتباره تجاوزاً لمدة العدة في النص الوثيق للقرآن فهو في جهة الاحتياط،ولن يحدث حمل عادة وفق تقدير الله لوظيفة الإنجاب إلا بوقاع مثمر في منتصفالدورات، والفقهاء يحددون بداية الاعتداد منذ وقوع حادثة الفراق أي الطلاقأو الإيلاء أو وفاة الزوج، فإذا تخلف الفرق عن يوم الوقاع المثمر ظهرالحمل قبل نهاية العدة ومدة التخلف احتياط وإذا وافق الوقاع المثمر بدءالفراق ظهر الحمل وتطابقت مواعيد علاماته مع مواعيد الاعتداد.
وأظهر علامة على الحمل بيقين هي الوضع ومعاينة الجنين التي لا يدخل معهاأدنى احتمال، والوضع مقدر المدة في الغالب كبقية العلامات وكل اجتهادتجاوزها لا يمكن نسبته إلى القرآن لجزمه بأن استقرار الجنين مرهون بمدةمقدرة: {وَنُقِرّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّنُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } (الحج: 5)،ومثله {أَلَمْ نَخْلُقكّم مّن مّآءٍمّهِينٍ , فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مّكِينٍ , إِلَىَ قَدَرٍمّعْلُومٍ}(المرسلات20-22)، وتوحيد أجل الحمل إلى {أجل مسمى} أو تقديرمدته هو الأوفق لبيان وحدة تقدير الحمل في مراحل وآليات واحدة ناسبهاإفراد كلمة (طفلا) ولا ضمان بعدها على سلامة الجنين، وبالفعل كما يقرالمختصون أن المعتاد مدة واحدة: 38أسبوعاً (+أو- أسبوعين) والجنين بعدهامعرض للخطر والهلاك وهو ما تحقق منه علماء الطب في العصر الحديث.
إن تشريع العدة في القرآن ليس له نظير في كل حضارات العالم القديمةومدونات الأديان وأحكام العدة عالمية باقية لأنها توافق طبيعة التكوينالواحدة لتؤيد أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة، ويكفي التطابقالتام بين مواعيد ظهور علامات الحمل القاطعة كما قررها العلم الحديثومواعيد الاعتداد التي جاءت بها النصوص كبينة على التنزيل لأن الدلالاتالعلمية وخاصة الرقمية حاسمة لا تحتاج لقريحة ذات ذوق مخصوص لتدركها، لذافمواعيد العدة في القرآن الكريم درس فريد في المعرفة والتوحيد يكفي وحدهليقطع بأن {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (الزمر1 الجاثية2 الأحقاف2 ).
2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977
» موقع اخبارى مميز
2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى
» مكتبه الفنان عبده النزاوي
2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون
» مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون
» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه
» فيلم الحرمان فيروز نيللي
2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه
» المسلسل البدوي البريئة
2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه
» مسلسل وضحا وابن عجلان
2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه