المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخى الزائر... ... أختى الزائرة
أهلاً بك عضوًا جديدًا ... وضيفًا كريمًا
معرفتك تسرنا... وتواصلنا معك يسعدنا

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أخى الزائر... ... أختى الزائرة
أهلاً بك عضوًا جديدًا ... وضيفًا كريمًا
معرفتك تسرنا... وتواصلنا معك يسعدنا

المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المنتدى الرسمى لصوت الرملة بنها

منتدى صوت الرملة بنها قليوبية forum soutelramla

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ : « لا إِلَه إِلاَّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ ، لا إِله إِلاَّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ ، وربُّ الأَرْض ، ورَبُّ العرشِ الكريمِ » متفقٌ عليه .
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً .رواه ابن ماجه .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له ..صحيح الترمذي
موقع اخبارى مميز لطلاب قسم الاعلام ببنها ادخل ومش هاتندم
http://www.elgaras.com

اقسام المنتدى

المواضيع الأخيرة

» صوت الرملة يقدم من سلسلة كتب صوتيات اللغة الفرنسية كتاب Phonétique - 350 exercices (Livre + Audio) هدية من الاستاذ عمرو دسوقى
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-04-26, 17:16 من طرف heba1977

» موقع اخبارى مميز
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-04-12, 14:18 من طرف الخولى

»  مكتبه الفنان عبده النزاوي
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-19, 17:08 من طرف حازم هارون

»  مكتبه مطرب الكف ياسر رشاد
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-18, 17:51 من طرف حازم هارون

»  مكتبه مطرب الكف - رشاد عبد العال - اسوان
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-18, 17:48 من طرف حازم هارون

» يلم دراما الزمن الجميل الرائع - أنا بنت مين, فريد شوقي, ليلى فوزي , حسين رياض
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-13, 10:39 من طرف نعناعه

» فيلم الحرمان فيروز نيللي
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-13, 10:35 من طرف نعناعه

» المسلسل البدوي البريئة
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-13, 10:33 من طرف نعناعه

» مسلسل وضحا وابن عجلان
الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty2016-03-13, 10:32 من طرف نعناعه

اقسا م المنتدى

select language

أختر لغة المنتدى من هنا

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 16 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 16 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 315 بتاريخ 2012-06-09, 21:38

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 11145 مساهمة في هذا المنتدى في 7231 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 11888 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو المصري فمرحباً به.

تصويت


    الإخراج والسيناريو للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون

    sla7
    sla7
    مدير الادارة
    مدير الادارة

    عدد المساهمات : 2887
    نقاط : -2147483186
    السٌّمعَة : 65
    تاريخ التسجيل : 10/11/2010
    الموقع : http://www.tvquran.com/
    05042011

    الإخراج والسيناريو  للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون Empty الإخراج والسيناريو للفرقة الرابعة شعبة اذاعة وتليفزيون

    مُساهمة من طرف sla7

    بسم الله الرحمن الرحيم
    فوجدا عبدا مّن عبادنا ءاتينه رحمة مّن عندنا وعلّمناه من لّدنّا علما * قال له موسى هل أتّبعك على أن تعلّمن ممّا علّمت رشدا * قال انّك لن تستطيع معي صبرا * وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا * صدق الله العظيم - سورة الكهف
    65،66،67،68

    الاخراج والسيناريو يلاحظ ان كلمة الإخراج او السيناريو كثيرا ما تقترن بالعروض والاعمال المسرحية او السينمائية او التلفزيونية والإذاعية ، بينما نجد في حياتنا اليومية استخدام لهاتين المفردتين بقصد او دون قصد وفي مجال اوسع وابلغ مما في التلفزيون او السينما او المسرح ، فهاتين المفردتين متواجدة بالعديد من الأعمال او الافعال بالحياة رغم غيابها عن الألفاظ ، حيث هناك على سبيل المثال العديد من الأشخاص يعملون بإعمال بعيدة عن التلفزيون أو السينما أو المسرح ويؤدون دور المخرج أو السينارست بشكل مقارن أو مشابه من دون قصد لعمل مسرحي أو سينمائي ، فهم ينظمون عملهم بشكل استعراضي دقيق وبتوقيت مدروس . ان هاتين المفردتين يمكن ان تطلق على الكثير من الاعمال التي تحتاج الى تنظيم دقيق وتحتاج الى توقيت وعرض أو تأثير وإبهار بالمقابل ،فالتأثير بالمقابل هو من أهم الأمور التي يبحث عنها الإنسان في تحقيق أهدافه ، والسينما واحدة من أكثر الوسائل المؤثرة بالمجتمعات بحكم إنها تكسب شعبية هائلة وان لها مردودات عديدة ، أهمها المعنوية والفكرية ، وقد كان المخرج العظيم سيرجي ايزنشتاين قد عبر عن ذلك حين قال (ان السينما تستطيع بما لها من حرفيات تتحسن يوم بعد يوم ، وبما تحققه من أعمال في تزايد مستمر ، ان تقيم صلة عالمية مباشرة من الفكر الخلاق ، فقد تم انجاز الكثير الذي يعتبر ممتازا بحق ، ويحتل المكان الأول ، فيما يختص بأقصى ما يذهب إليه المضمون ، التيار المندفع للأفكار الاجتماعية الجديدة والمثل الاشتراكية الحديثة ) ، أي ان السينما لها وقع مدهش بالمجتمعات ، والسينما يقودها بالواقع العمل الإخراجي ، فهو الذي يجد الأسباب للعرض السينمائي بمعنى ان العرض ينتفي مع انتفاء العمل الإخراجي ، إذن العملية الإخراجية تبرز مع الاعمال التي غالبا ما تتعرض للمشاهدة كعرض الأزياء أو الصحف والمجلات أو العروض الموسيقية أو الاحتفالات والمهرجانات أو الخ ، وهذه الاعمال غالبا ما يسيطر عليها ويقودها شخص يطلق عليه مخرج أو السينارست ، في الحقيقة ان هذان الشخصان يعدان من الأشخاص الذين يتميزون بصفات نادرة ومهمة كونهما ينفردان في اغلب الأحيان بصفات نادرة كالموهبة والتخطيط والوعي والذكاء والقيادة والتنظيم والسيطرة على كل مرافق العمل أو العرض ووو....الخ. يكون عمل الخارج متخالط مع عمل السيناريو بحكم ان الرؤيا تنبع في العملين أي ان للمخرج رؤيا وللسينارست رؤيا في طرح قضية ما ، لذا فان العمل الإخراجي مقترن بالسيناريو والسيناريو أيضا مقترن بإخراج ، فالسيناريو لايرى النور ما لم تكون هنالك عملية إخراجية تحول كلمات النص الى صور ، وكذلك العمل الخارجي لا يمكن ان يكون مالم تكون هناك نصوص (سيناريو) يستند عليها المخرج لخلق الصور في الفيلم ، إذن هناك ترابط مابين السيناريو والإخراج ، وهنا سنبدأ أولا بمفردة الإخراج كي نفهم مانريد الوصول له رغم ان السيناريو يسبق الإخراج كون ان الإخراج هو عملية تحويل السيناريو الى عرض ،إلا إننا نرى ان الإخراج يسبق السيناريو بحكم ان السينارست إنما هو مخرج ولكن من نوع آخر ، أي انه مخرج لرؤيا كما هو الحال مع المخرج، إلا انه يخرج من خلال كتابة النص بان يصوغ الأحداث وينظمها وفق رؤيا شاملة أو عامة ، بينما المخرج يخرج العمل تنفيذا وبصورة دقيقة وخاصة أي ليس شاملة أو عامة كما مع السينارست بل هو يخرج وضمن أجزاء صغيرة جدا في اللقطات أو المشاهد ، سنبدأ بالمخرج وبشكل تفصيلي كي ندرك عمل السينارست بسهولة فيما بعد . ان مفردة إخراج تحتمل العديد من التؤيلات والتفسيرات كونها تشمل العديد من المرافق والمجالات وخصوصا في العصر الحالي ، حيث استخدمت هذه المفردة بوفرة مع العديد من المجالات وخصوصا السياسية التي اتسمت كثيرا بنوع من التخطيط والتنظيم والتنسيق المبرمج للأمد الطويل ، فالسياسيين المتمرسين نراهم يخططون وينفذون الخطط والأفكار بطرق تعتمد على العديد من الحيل والمفاجئات والمباغتة بل وحتى المراوغة في بعض الأحيان لتحقيق كم من الأهداف التي لا يمكن ان تتحقق بالنتائج المرجوة مالم تكون هناك خطط تتعمد العديد من المؤثرات والتنويهات أو الكتمان أو المفاجئات أو الحيل والبدع السياسية ، والتي غالبا ما تأتي بنتائج متميزة من حيث النوعية والتطبيق ، أي أنها تحقق الأهداف بشكل عجيب ومؤثر وهو ما يحقق الأهداف المنشودة ، ليعم التغيير الذي ينشده السياسي – المخرج من وراء كل الأفعال والتصرفات والنفقات والتوجهات وما الى ذلك ، أنها عملية أشبه ما تكون سحرا ، فهي تجني المكاسب بثمن قليل وتحقق الأهداف دون خسائر تذكر ، مقارنتا بالعمليات المماثلة التي لا تعتمد الإخراج ، فعلى سبيل المثال يمكن لوزارة خارجية دولة من الدول ان ترسم وتخرج سيناريو لها قد يكلفها عشرة ملايين دولار أمام مأزق خطير آيل لنشوب حرب عسكرية ، فلاحظ قيمة السيناريو والإخراج أمام قيمة الحرب التي قد تحتاج الى عشرات المليارات من الدولارات ، فالعمل الإخراجي آو السيناريو إنما هو بمثابة توجيه أو تصويب للمجتمعات من خلال طرح كم من الثقافات أو المعلومات وفق رؤيا فنية عالية ، وهذه الرؤيا يمكن ان تهيمن على العقول أو تسيطر عليها ، (ان عملية تسلل المعلومات والأنباء الخاطئة والكاذبة الى عقل الإنسان ، والى المجتمع مسالة مهمة جدا ، بل وخطيرة ، لأنها تدخل في التكوين الفكري للإنسان لتؤسس للقاعدة التي يبني عليها أفكاره وآراءه ومتبنياته ، وبالتالي فإنها تؤثر على عالم الفعل فترسم المواقف والاتجاهات ، فالعلاقة وثيقة بين الإعلام والثقافة من جهة تأثير الأول بالثاني ) . ان الإخراج متوافر بحياتنا اليومية بشكل كبير ،فكل إنسان إنما هو مخرج لنفسه أمام الأصدقاء أو الناس الذين يتعامل معهم ومالم يتقن إخراج نفسه أمامهم نراه معرض للعديد من الانتقادات اللاذعة ، فمثلا يرتدي الإنسان أزياءه ليذهب الى دائرته أو مدرسته أو كليته وهو مخصص ومهيأ تلك الأزياء قبل أيام أو ساعات من ارتدائه لها ، كذلك نرى انه يتصرف أمام مديره أو مسئوله بتصرفات غير التصرفات التي يتصرفها مع أخيه الصغير أو ولده أو أمه أو أخيه فكل واحد من أولئك الأشخاص له وضع خاص في التصرف والسلوك أمامه ، إذن هناك كم من التصرفات والإجراءات والحيثيات والتنظيمات في السلوك أو التصرف ، هذا الشيء هو الإخراج أو السيناريو بعينه ، إلا ان طبيعة هذا النوع من الإخراج أو السيناريو يكون بنسب وبحالات متباينة من حال الى آخر ، أي أنها تكون في الموسسات السياسية للدول العظمى على سبيل المثال بأحوال وأوضاع غاية في الإنفاق والدقة أو الكتمان بينما نجد هذه الحالة عند الإنسان العادي في سذاجة وتواضع ملحوظ ، وكذلك نرى على سبيل المثال ان وضع الإخراج يكون في شركات الإنتاج السينمائي العملاقة كشركة(Warner Bros) ورانر بروز أو (M G M)ميترو جولدون ماير أو(Colombia) كولومبيا غير الوضع الذي هو عليه في شركات الإنتاج السينمائي المصرية أو العراقية ، فطبيعة الإخراج في الشركات العملاقة مستند الى إمكانيات عملاقة من توفير الأموال التي قد تصل الى نصف مليار دولار لإنتاج فيلم بينما نجد ان الإمكانيات في الشركات العراقية أو المصرية لا يمكن ان يصل ولو لمليون دولار في اغلب الأحيان ، بطبيعة الحال ان مثل هذا الأمر سيقود الى نوعية متباينة من حيث النتيجة التي تعتمد بالأساس على كم الإمكانيات ، والواقع ان مثل هذا الأمر ينطبق على الدول التي تصنع القرار السياسي الدولي ، أي ان الإمكانيات التي تمتلكها الدول تعكس طبيعة القرار والحال الذي تصل إليه ، بمعنى ان الإخراج للوضع السياسي الدولي يقترن بقدرة وإمكانية الدولة من حيث توفير السبل والوسائل والأموال الكافية للتخطيط والتنفيذ ، فدولة مثل فلسطين على سبيل المثال لاتمتلك ارض ولا مال ولا سيادة لا يمكن ان تصنع قرار دولي مشابه للقرارات التي تقررها أمريكا التي تمتلك من الإمكانيات ما تفوق كل الإمكانيات التي تمتلكها فلسطين ، لذلك يكون الإخراج لمثل هذه الحال مرهون لعديد من الأمور والظروف ، وهذا الأمر بالواقع خلق نوع من المنافسة مابين الدول العظمى لفرض منتوجها الإخراجي أو لفرض السيناريوهات التي أعدتها في تحقيق الأهداف التي تنشدها (يشتد ويحتدم الصراع حول تدفق الإنتاج السمعي – البصري حتى بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية المتطورة، فرنسا خاصة . يكفي ان نتذكر رد الفعل الفرنسي عند إقامة ديزني لاند في فرنسا ) . ان الإخراج الذي نحن بصدده لايقل شانا من الإخراج الذي تعتمده الدول العظمى في صنع القرار الدولي ، فاغلب الدول العظمى اعتمدت في صنع قرارها على قدراتها التنظيمية لبلورة السياسة التي ترموا لها ، بل ان الوضع الراهن الذي نعيشه الآن بالأساس اعتمد الإمكانيات الإخراجية السينمائية والتلفزيونية التي انعكست عبر حقبة من الزمن على العديد من شرائح المجتمع لتحقق العملية السياسية المنشودة من وراء الفعل الإخراجي والفلمي في السينما ، وذلك بحكم القدرات التأثيرية للتلفزيون والسينما . لقد لعب السيناريو والإخراج السينمائي والتلفزيوني دور بارز في خلق الكثير من الأزمات أو المواقف السياسية ، وذلك من خلال الإقناع الذي يتمتع به السيناريو أو العمل السمع بصري في التأثير بالمجتمعات ، ولعل الاستخدامات المتعددة والمتكررة للأعمال التلفزيونية من قبل الإدارات الأمريكية على الصعيد السياسي خير دليل على ذلك ، فهناك كم كبير من الأنشطة التلفزيونية المفبركة أسهمت وبدور فاعل في حسم الكثير من القضايا السياسية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية ، ولعل من أهم تلك الأنشطة الفلم الذي قام به المخرج الكبير ستانلي كوبرك في استوديوهات (MGM) البريطانية لتصوير الرواد الأمريكيين على سطح القمر إبان الصراع مع الاتحاد السوفيتي السابق والذي أصبح فيما بعد محط انتقادات من قبل (KBG)المخابرات الروسية التي كشفت عن الكثير من الأخطاء والخدع في الفيلم الذي عرض والذي يبين كيف تفوق الأمريكان على الروس بالصعود الى القمر ، إلا ان هذه الأخطاء والخدع التي كشفت من قبل الـ (KBG) لم تحد من النتائج المتقدمة التي توصلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية من هذا الفيلم الذي افترض سطح القمر والكوادر الأمريكية في الفضاء . هناك كم كبير من الأفلام التي كثيرا ما تعكس السياسات والدعايات للجهات المنتجة ، الأفلام ، (( تؤدي الأفلام دوراً مهماً في خلق الوعي السياسي من اجل إعداد الرأي العام لقبول السياسة التي تنتهجها الدولة لإجراء التغيير المطلوب ، فالفيلم وسيلة من وسائل الإعلام التي تستخدمها الحكومات لدعم جهودها من اجل التنمية ، وقبل الفيلم استخدمت الحكومات الكلمة المكتوبة والكلمة المنطوقة ، ويساعد الفيلم في نقل المعلومات هرمياً في الدولة كلها من رأسها الى قاعدتها ))( ) فأفلام مثل أفلام جيمس بوند ليس بالضرورة ان تحتاج الى تفسير لكي تعلن عن محتواها إزاء السياسات الأمريكية ، فهي أشبه ما تكون نذير عما تطمح له أو تؤول له السياسات الأمريكية ، ذلك لان هذه الأفلام تستعرض كل خلجات السياسة الأمريكية ، فهي تعلن صراحتا عن الصراعات التي تتأملها ، وبالعودة الى أفلام بوند القديمة نجد ان هذه الأفلام كثيرا ما تعلن عن الصراع مع الاتحاد السوفيتي السابق إبان الحرب الباردة ، ومع استمرار سلسلة هذه الأفلام نرى ان الأفلام تناولت العدو الجديد لأمريكا فيتحول الى دول أخرى كأفغانستان أو كوريا الشمالية أو بعض الدول التي تخطط لها أمريكا ، ففي فيلم (Living in daylight ) أحياء في وضح النهار الذي مثل فيه الممثل ثيمولتي دالتون دور جيمس بوند نجد ان الفيلم تناول أفغانستان بشكل صريح وواضح وما ان انهار الاتحاد السوفيتي حتى ونرى ان أميركا تدخل في أفغانستان ، بينما نجد ان العدو الذي يظهر أمام جيمس بوند في فيلم (Dai another day) مت في يوم آخر والذي جسد فيه بيرس بروسنان دور جيمس بوند نجد انه كوريا الشمالية التي تمتلك الأسلحة النووية والتي هي الآن المحور السياسي للسياسة الأمريكية ولا ندري هل ان الفيلم القادم لجيمس بوند سيتناول إيران التي هي الأخرى محط قلق لأميركا أم ان هناك الصين التي تهدد صناعاتها الاقتصاد الأمريكي . ان هذه الأفلام تتناول صراحتا عما يجول في داخل أفكار الدول المنتجة للأفلام ، وهي بالنهاية تعوض عن الرموز أو الإيحاءات التي ترغبها وزارة الخارجية الأمريكية على سبيل المثال في ان تعرب عما يدور في ذهنها ، وهي بذات الوقت يمكن ان تكون بمثابة صواريخ موجهة للبلدان التي تضايق أمريكا ، فهي أعلنت صراحتا في أفلام جيمس بوند عن كميات الأسلحة وأنواعها في البلدان التي تخشاها وبنفس الوقت عرضت أسلحتها ومعداتها المقاومة لتلك الأسلحة المعادية من وجهة نظرها ، والواقع ان أميركا قد استخدمت الأفلام كوسيلة من وسائل الدعاية لها أو من وسائل التأثير بالمجتمعات ليقينها بالفعل الساحر للفيلم بالجمهور ، وهنا يذكر ريجارد شيكل في كتابه مستقبل السينما ( من خلال تطور تكنولوجيا الفيلم يستطيع ان يؤثر في أحاسيس المشاهد وعواطفه بشكل أكثر مباشـرة من الفنون الأخرى فالفيلم يشد المشاهد ويقنعه وذلك بسبب انه يبدو حقيقياً )( ). بالإمعان الى أفلام ارنولد مثل فيلم (Terminator ) الفاني أو فيلم (Eraser) الماحي أو فيلم (The 6th day and last) اليوم السادس والأخير تتبلور أمام الأعين استعراضات مبطنة ومباشرة للأسلحة العسكرية الأمريكية وللقوة الأمريكية ، فهناك حسابات اقتصادية على ما يبدو في وزارة الدفاع الأمريكية دقيقة جدا لدرجة ان الوزارة وعلى ما يظهر تحقق أرباح مادية من جراء الأرباح للأفلام السينمائية وهو على عكس الحال مع وزارات الدفاع الأخرى في العالم ، حيث ان وزارة الدفاع الأمريكية تستعرض إمكانياتها العسكرية ضمن أنماط جديدة غير مألوفة كما هو الحال مع وزارات الدفاع الأخرى التي تنفق ملايين الدولارات كي تستعرض جيوشها وأسلحتها العسكرية وبالتالي تكون هناك نفقات مالية كبيرة على الاستعراض بينما نجد ان أمريكا تحقق من الأرباح المذهلة في استعراض قواتها العسكرية عبر ضباطها وجواسيسها ورجال أمنها الذين يظهرون في الأفلام السينمائية وهم بأرفع واعلي المستويات . ولعل ما ذكره الكاتب جون هوارد لوسون في كتابه (الفيلم في معركة الأفكار) تأكيد لذلك حيث يقول (أنه جرى الاتفاق على وجوب الحكم على الفيلم بوصفه أداة للسياسة الخارجية وان الأفلام التي ترسل الى البلاد الأخرى لابد أن تخدم احتياجات الدعاية الحكومية وهو اتفاق ظل ساري حتى في عصر تفوق فيه التلفزيون على السينما في كم الإنتاج) ،فكثير من الناس يتصرفون بتأثير التلفزيون والسينما ، وكان الدكتور زكي الجابر قد أكد أيضا ذلك في سنة 1968 حين قال (( التلفزيون يتحمل مسؤولية تحسين الذوق والارتفاع به ))( ) بمعنى ان التلفزيون أصبح هو الذي يحدد الذوق للمتلقين ، فكثير من التصرفات البشرية نرى الآن تأثرها متصاعد ومتزايد بفعل الإخراج السينمائي والتلفزيوني ، فبعد ان انتشرت السينما لسنوات طويلة في العديد من الدول والمجتمعات نرى ان اغلب تلك المجتمعات تأثرت ومن ثم تغيرت بفعل العمل السينمائي الذي ظهر من على الشاشة ، فالأزياء التي يرتديها البشر في الكرة الأرضية الآن تكاد تكون موحدة بحكم التأثير الناجم من السينما والتلفزيون ، فهذه الأزياء إنما هي ذات الأزياء التي ظهرت أول مرة من على السينما وتأملتها ، فعلى سبيل المثال نلاحظ في الوقت الحاضر ان الوطن العربي بالأغلب يرتدي الزي الرسمي الذي هو معروف بالبنطلون والجاكيت والقميص بينما نجد ان مثل هذه الأزياء كانت غير موجودة أساسا في المجتمع العربي قبل دخول السينما ، أي ان الأزياء السابقة للدول العربية هي الجلابية والعباءة والعمامة العربية وما شابه ذلك ، بينما اليوم نرى ان كل الشباب تقريبا يرتدون الزي الغربي الذي يظهر من على شاشات السينما والتلفزيون ، وهذا الأمر هو مشابه لما يحدث في الهند والصين ورومانيا وباقي الدول التي تتمتع بنوعية مميزة من الأزياء ، أيضا هناك جملة من التصرفات والعادات بدأت تنشب بين صفوف المجتمعات وهي عادات وتقاليد دخيلة بحكم السينما والتلفزيون وجراء العمل الإخراجي الذي يقود السينما والتلفزيون ومن ثم يؤثر بالناس كيف ما يشاء ، ونلاحظ ان اغلب الشباب بات يتفاخرون بالتصرفات الغربية التي يتلقفونها من الشاشة ويعتبرونها نوع من التقدم والازدهار ، والحقيقة هي غير ذلك تماما ، بل ان تصرفاتنا نحن الشرقيين أو العرب أصبحت كلها غير محبذة أمام تصرفات الغرب وان تصرفات الغرب هي الصحيحة ونحن الخطأ ، وعلى سبيل المثال اذكر إني حين سكنت بإحدى الفنادق خلال سفري لإحدى الدول العربية وبينما كنت ارتدي قميص وانأ مستعجل جدا للخروج من غرفتي وكانت أزرار قميصي العلوية مفتوحة ودون قصد أتى مدير الاستقبال وقال لي ( أرجوك يا أستاذ هذا فندق محترم ولا يجوز التعري فيه بهذا الشكل )، فخجلت واعتذرت بينما وانأ اخرج من صالة الاستقبال أتت امرأة بريطانية وزوجها وهي ترتدي (البكيني ) وزوجها يرتدي المايوه ويتمخطران بالفندق دون أي استفسار أو مسالة وحين سالت مدير الاستقبال عن هذا التعري قال لي (هؤلاء أجانب ) ،(فلماذا اعتبر مدير الاستقبال نسيان غلق الزرار العلوي لقميصي تجاوز وتعري ولم يعتبر المايوه والبكيني عند الأجانب تعري أو تجاوز) لم أطيل الحديث مع مدير الاستقبال وتجاوزته لأني مدرك تماما بان العرب وصلوا الى مرحلة بان كل ما يقومون به الغربيين هو صحيح وما نقوم به نحن خطا ، والواقع ان هذا الأمر تحقق بفعل السينما والتلفزيون التي هيمنت على عقول المتلقين وأردتهم أسرى للغرب ، وقد أكد هذا الدكتور سعد لبيب عندما قال : (( التلفزيون ظاهرة اقتحمت علينا حياتنا المعاصرة اقتحاماً عميقاً قاسياً ، وكأنه القدر الذي لا مفر منه . فقد أصبح التلفزيون شريكاً – بالقوة – في حياتنا العائلية ، بل في كل جوانب حياتنا الفردية والاجتماعية ، يتدخل في كل شيء ويترك بصماته الواضحة على قيمنا وسلوكنا وعاداتنا واتجاهاتنا وأفكارنا بل انه يكاد يجردنا من هذه الأفكار فقد أصبح هو الذي يوجهنا الى السبيل الذي نختاره لحل مشاكل الحياة على اختلافها وأسلمنا نحن له القيادة في سهولة ويسر دون أية مقاومة ))( )إذن هناك مؤثرات عميقة دخلت بالمجتمع العربي جراء الفعل الإخراجي والقدرات السينمائية الإعلامية ، ولا داعي هنا للغوص في تفاصيل أكثر على ما نذكره . نود هنا ان نبين بان القدرات الإخراجية التي هي بالأساس غير قاصرة على المخرجين في السينما أو التلفزيون بل بالحياة اليومية المليئة بالعمل الإخراجي بشكل أو بآخر ، فالكل يخرج عمله وسلوكه وتصرفاته وكيف ما يشاء وحسب ما تمكنه القدرات والآليات التي يستحوذ عليها ويتمكن منها ، إذن العمل الإخراجي لابد وان يرتهن بكم من القدرات والإمكانيات ، هذه القدرات أو الإمكانيات تتفاوت من حال الى آخر ومن وضع لآخر ، لذلك النتائج والتأثيرات تكون أيضا متغايرة وغير متطابقة ، والمخرج لابد وان يدرك تلك الإمكانيات ولابد ان يحكم ويجيد التصرف بهذه الإمكانيات وفق الأنظمة ووفق التقليد الصحيح الذي يؤمن انتاح فني صحيح ، ومن هنا كان عليه الاطلاع والمتابعة والإصغاء والهدوء والقراءة ورباطة الجأش والحسم والقيادة والموسوعية والاهم من ذلك كان عليه ان يتمتع بالموهبة التي تمنحه الخيال والرؤيا في خلق أجمل وأروع الصور والأحداث . ان عملية الإخراج ليست مهنة فقط ، إنما هي بصيرة متوقدة لخلق الأشياء من العدم ، أي ان المخرج هو إنسان عادي، إلا انه يتمتع بإمكانيات الساحر الذي يبهر الناس بالبدع والتنظيم لتحقق التأثير بالمجتمع ، وما لم بتمتع هذا الإنسان (المخرج ) بإمكانيات التأثير بالمجتمع لايمكن ان يكون مخرج . والمخرج بالإضافة الى انه مبدع فهو إداري ناجح أيضا، وما لم يكن إداري فهو مخرج فاشل ، ويذكر هنا احمد كامل مرسي في معجم الفن السينمائي خاصية الإدارة ويبين أنها عملية من عمليات المخرج حيث يقول (مهمة الإخراج مهمة شاقة ، تتطلب جهدا وفنا ، تتطلب عملا متواصلا يجمع ما بين مظهر القيادة والسياسة والدراية، للربط وتدعيم العلاقات بين الوحدات الفنية، والطاقات البشرية ، والمعدات والآليات، في وحدة وتفاهم ، حتى يتم التفاهم ، ويتم الخلق الفني ، ويتحول اللفظ المكتوب الى الفيلم المعروض ،في صورة مرئية وصوت مسموع، هي الخطة المرسومة للحركة في المنظر ، والتي تتلاءم بين الممثل وبين ما يحيط به من أشياء وممثلين ) المخرج (هو المسئول الأول عن تحقيق الفيلم في صورته النهائية وهذه المسؤولية لها وجهانالفيلم) الأول خلاق والثاني أدارى ،فمن الناحية الأولى يعتبر المخرج بمثابة الفكر الحساس الموحد لكل العناصر الفنية التي تتعاون في تشكيل الفيلم في صورته النهائية .ومن الناحية الأخرى فالمخرج هو المدير الفني لجميع الفنيين والفنانين الذين يعملون في الفيلم) الإخراج:هي عملية فنية وإدارية شاملة تبدأ بالسيناريو مرورا بتقدير الميزانية وطاقم العمل وغيرة وتنتهي بالفيلم الجاهز للعرض . ---- ------------------- من الصفات التي تميز المخرج عن باقي الشخصيات يمكن تلخيصها بما ياتي : 1- الخيال الخلاق 2- رباطة الجأش 3- التفكير المنطقي 4- الاختيار 5- هدوء الأعصاب 6- القيادة 7- التهجين والتركيب والمزج 8- التفسير 9- الإدارة المركزية المخرج هو الموجة الأساس في العملية الإنتاجية من خلال معرفته التامة والشاملة لكل دقائق وتفاصيل العمل الفني حيث يوجه مدير التصوير والمونتير ومصمم المناظر و مدير الإضاءة والممثلين والماكير ومهندس ومسجلي الصوت وشخصيات أخرى مهمة في تنفيذ العمل التلفزيوني والسينمائي ، وبما ان المخرج يوجه أولئك الفنيين والحرفيين والإداريين فهو على معرفة ودراية بكل تلك العمليات الفنية لدرجة ان بإمكانه ان ينوب عن كل واحد منهم في حال غيابهم أو حدوث ظروف استثنائية والمخرج يجيد أعمال الفنيين المشاركين في العملية الإنتاجية و يفقه كل الأمور التي تحيط بالعمل من تشكيلات صورية ومؤثرات خاصة وتصميمات خاصة بالأزياء والمناظر والمخرج هو في ذات الوقت بارع في كتابة النص أو السيناريو، وبارع أيضا في معالجة الدرامية لكل الأحداث والمواقف التي يعتمد عليها العمل الفني . (( المخرج هو ليس الرجل الذي يجلس على الكرسي ويأمر كيف ما يشاء بل هو مفكر ومفسر وقائد عظيم ومدير ناجح ومؤسس لفكرة قد تكون بسيطة، إلا انه يجعلها قضية على مستوى دولي ، فهو شخص غير عادي في كل الأحوال رغم انه واحد من بشر )) المخرج الكبير بالعودة الى تاريخ بعض المخرجين الكبار تظهر حقيقة مفادها أن هؤلاء الكبار من المخرجين بدءوا العمل بوظائف وحرف بسيطة ضمن كم كبير من الاعمال التي تنفد كي يتحقق الفلم السينمائي ، فمخرج عظيم مثل الفريد هتشكوك يعمل خطاط ، أو مخرج مثل مصطفى العقاد يعمل مساعد مخرج و مساعد إنتاج ، أو مخرج مثل كلينت ايستوود يبدأ كممثل بادوار سينمائية ، أو مخرج مثل ستيفن سبيلبرغ يهوى الإخراج السينمائي من خلال تصويره بكاميرا نوع 8ملم ...الخ ، كلهم مبدعين في تلك الاعمال السهلة أو البسيطة كما تبدو للبعض كونها تشكل أجزاء بسيطة من الفيلم ،إلا ان أولئك المخرجين أساسا هم مبدعين حتى في هذه الاعمال البسيطة لدرجة أنهم تدرجوا وأصبحوا عمالقة فيما بعد ، فهم أتقنوا وبرعوا في هذه الأجزاء من الفيلم أي أعمالهم التي تشكل بعض الوصلات من العملية الإنتاجية الضخمة لتكون هذه الأجزاء بالنهاية محط تجاربهم وخبراتهم للعمل ، فهذه الأجزاء التي عملوا بها إنما هي تجارب كبيرة ومهمة في حياتهم ، فصحيح هي أجزاء سهلة من الإنتاج العام للفيلم لكنها تجربه مهمة للغاية وذلك لاندماج الأجزاء البسيطة مع الأجزاء الأخرى المناظرة أو غير المناظرة التي تبني الفيلم فتكشف هذه الأجزاء البسيطة أمام هؤلاء العباقرة في العرض النهائي للفيلم مزيد من الأسباب والدوافع أو الدواعي لإنشاء وبناء تلك الأشياء البسيطة ، ان الأشياء البسيطة هي التي تصنع الأشياء الكبيرة ، والإبداع في الأجزاء الصغيرة بالفيلم هو إتمام في الاعمال الكبيرة ، لذلك فان المبدعين في الأشياء الكبيرة هم ذات المبدعين والحريصين على الأجزاء الصغيرة . المخرج هذا الإنسان المسئول عن الاعمال الكبيرة يرتقي في اغلب الأحيان بصناعة ابسط الأجزاء من العمل ، فهو بارع في صناعة الأجزاء الصغيرة قبل ان يكون بارع في الاعمال الكبيرة ، وهذا الأمر لايعني انه يصنع كل الأجزاء الصغيرة لينجز ما هو كبير ، بل هو قادر على ان ينجز هذه المهام الصغيرة وربما ببراعة ، إلا انه يمنح التخصص حقه لانجاز العمل بأسرع وقت ممكن وبأفضل النتائج ، فهناك كم كبير من المخرجين لايصنعون الأجزاء الصغيرة كأعمال الماكياج أو المونتاج أو تنفيذ الملابس أو الإضاءة أو الكلاكيت الخ ، إلا أنهم يدركون كل الأجزاء الصغيرة و أهميتها بل و ضرورتها في تحقيق العمل الكبير و هم بالنتيجة يظهرون من الاعمال المتميزة التي تحقق إقبال جماهيري ، ان هؤلاء المبدعين قلائل في الأوساط الفنية والإعلامية كونهم يجمعون ما بين الممارسة والإبداع والخبرة بحكم التراكمات التي توافرت لديهم من جدية العمل الذي يقدمون عليه ،فهم في اغلب الأحيان يمعنون بأبسط الأشياء ويتوقفون عندها لكشف اغلب تفاصيلها ، بل أنهم في بعض الأحيان لايمنحون حجم هذا الإمعان أو الدقة لأمور أكثر أهمية وذلك بحكم حساباتهم وتصوراتهم للأعمال التي يقومون بها بشكل عام ، بمعنى ان التصورات التي يمتلكونها في ان يخلقوا أعمال متكاملة هي تصورات نابعة من كم التراكمات في الاعمال التي اشتركوا بها ، وهي تصورات من خلال الخبرة في صناعة تلك الأجزاء الصغيرة في الاعمال المتكاملة كان يكون المخرج عامل إنتاج فبل عشر سنوات أو أكثر أو ان يكون مونتير قبل عشرون عام أو مساعد مصور أو مدير إنتاج أو أو ..الخ ، وهذه الاعمال الصغيرة قادته بالنتيجة الى ان تنشا أمامه تصورات تامة لكيفية خلق الاعمال المتكاملة لذلك يقول اندرو بوكانان في كتابه صناعة الأفلام (المخرج الأكثر احتمالا للنجاح هو الشخص الذي شق طريق مبتدى كفتى لوحة الأرقام (كلاكيت) أو مساعد للمصور أو مساعد في حجرة المونتاج ، أمام المخرج الذي لايعرف عن أداء الكاميرا وتسجيل الصوت والمونتاج إلا القليل فهو في مركز لا يحسد عليه ، من المخرجين النادرين يجمعون ما بين المقدرة وقوة الخلق والإبداع وبالمعرفة الفنية السليمة ، أولئك هم المخرجون العظام ) . لايكفي ان يتخرج الإنسان من معهد للسينما أو أكاديمية فنية ليصبح مخرجا على الفور ، بل ان هناك حيثيات عديدة لابد ان يسهب بها الإنسان ويتوغلها كي يتمكن من ان يصبح مخرجا ناجحا ، فهذه الحيثيات إنما هي أسرار للعمل الإخراجي على الإنسان ان يغوص بها ليتعمقها كي يتحقق الإدراك الكافي للعمل الإخراجي ، فبالإضافة الى الموهبة التي لابد ان يتميز المخرج بها ، هناك الممارسة العملية التي هي أساس لا يمكن الاستغناء عنها كي يكون الفرد بصفة مخرج . هنا وبعد ان تناولنا المخرج لابد من ان نتطرق الى السيناريو والسينارست ونتناول المواصفات التي يتمتع بها السينارست ، فمن هو السينارست ؟ كاتب السيناريو (السينارست) كاتب السيناريو أو السينارست هو الذي يختص في توصيل الأفكار أو القصص أو الروايات أو أي موضوع يرتئيه عبر مجموعة من الاستخدامات الصورية والصوتية التي يتخيلها في ذهنه ويدونها على الورق أو عبر مهاراته في وصف الأحداث وتسلسلها المنطقي المؤثر وعبر إمكانياته في بلورة الحوار المتزامن مع السرد الذي يختص في وصف الحركة والشخصية والمكان والزمان والديكور والإكسسوار والأزياء وما الى ذلك من عناصر تظهر في الصورة المنتمية للعمل الذي سيكتمل بعد التنفيذ له ويصبح عمل صالح للعرض ويحقق غرض ما . هناك جملة من الأمور الواجب معرفتها حين نطلق كلمة سينارست على شخص ما ، ولعل أولى تلك الأمور هي ان كلمة سينارست تتسق بالشخص الواعي والمدرك والناضج ذو الشهرة والشأن الرفيع . أي ان كلمة سيناريو لا يمكن ان تتسق بأي شخص بل هي كلمة تليق بأناس متخصصين ذو مكانة رفيعة في المجتمع ، حيث ان هذه الصفة لا تتواءم مع كل الاختصاصات رغم إننا أسلفنا ان السيناريو يدخل في اغلب المجالات ، ويذكر أنطوان غندور في لقاء معه بمجلة الحان ( كاتب السيناريو يفترض فيه ان يكون أكثر من كاتب ، انه سينارست ، والمقصود انه فنان في التركيب وفي التفاصيل ، وهو المسئول عن تحضير النص للكاميرا ، انه يكتب للكاميرا فعليها ان تظل موجودة في وعيه عندما يكتب ، والسينارست في النهاية عين الكاميرا التي يفترض ان تشاهد ) . إذن كاتب السيناريو هو رجل رفيع المستوى يحمل من المواصفات ما تميزه وتجعله متميز عن غيره ، وهذه المواصفات في الواقع عديدة وكثيرة جدا كونها مواصفات كلما توافرت أعطت نتائج ايجابية للسينارست وجعلت منه من الكتاب النوادر أو القلائل الذين يكسبون الثقة بالمتلقين وبجهات الإنتاج ، حيث ان كتاب السيناريو ازدادوا في هذه الأيام ، فمع تطور العصر وازدياد وانتشار الاعمال السينمائية والتلفزيونية التي ازدادت بشكل كبير وواسع بحكم الاتصال المتعدد والمتنوع وازدياد القنوات الفضائية التي تحتاج الى كم هائل من النصوص أو السيناريوهات ازدادت نسبة كتاب السيناريو، ومع ازدياد كتاب السيناريو وبشكل مبالغ فيه تضاءلت المواصفات الواجب توفرها في الكتاّب . فلو عدنا لسنوات ماضية لوجدنا ان كتاب السيناريو هم اقل بكثير مما هم عليه الآن ، ولوجدنا ان من بين كتاب السيناريو القدامى ممن هم تبوءوا مناصب مهمة في المجتمعات والحكومات فهناك من الكتاب ممن تبوءوا مناصب بدرجة وزير أو بدرجة رئيس لجمهورية مثل الرئيس الجيكوسلوفاكي السابق (باستلاف هافل) ، وهناك الكثير ممن أصبحوا في مراكز مهمة في المجتمع بحكم الخبرة والعلمية والحكمة التي يمتلكونها جراء عملهم ككتاب للسيناريو . وكتاب السيناريو بشكل عام تميزهم بالدرجة الأساس الموهبة قبل كل الأشياء ومن ثم المعرفة والحرفة التي تأتيهم جراء الخبرات أو الممارسات والتجارب ، وهذه الموهبة قبل ان نتحدث عنها أو نخوض في أعماقها لنفهم ماهيتها أو دورها في كتابة السيناريو لابد وان نستعرض مزيد من الظروف أو الشروط التي تؤهل الإنسان في ان يكون كاتب سيناريو . وهذه الشروط الواجب توافرها في كاتب السيناريو هي: - 1- ان يكون ذو مخيلة واسعة ورؤيا شاملة ، حيث ان كاتب السيناريو إنما يكتب في أكثر الأحيان ما هو غير موجود في المجتمع بل انه يبتكر ويمتزج ويخلق كيف ما يشاء وفق تسلسل وسببية مقنعة وهي ما تجعله ( المخيلة ) ذو خصوصية عن باقي الأشخاص في ان ينفرد في كتابة ما ، حيث ان المخيلة إنما هي الكفيلة في خلق الموضوع بالشكل الكامل فهناك وفرة من الموضوعات الغير جاهزة أو الغير صالحة لان تكون سيناريو ، فقط هي المخيلة التي يحملها كاتب السيناريو كفيلة بان تحولها الى سيناريو وكذلك هناك جملة من الأفكار والأحداث المتناثرة والمنتشرة في أرجاء شتى والمخيلة أو الرؤيا التي يمتلكها الكاتب هي التي تجمع تلك المتناثرات والفتاتات والمجموعات والأحداث وما الى ذلك وتحولها الى موضوع ذو وحدة وهدف متكامل . إذن المخيلة (Visualization ) والرؤيا التي يمتاز بها الكاتب هي المولد للموضوعات التي سيقوم فيما بعد بكتابتها ، وهي الرافد الأساس في خلق الروايات أو السرد أو الحوار أو العناصر الأساس في السيناريو ، (السيناريو تخيل ، فبقدر ما يكون خيالك مقنعا تكون سينارست ناجح ، وإذا وضعنا مسالة التكنيك جانبا ، فالسينارست الناجح هو الذي يقرب المشاهد من خياله هو ، أفلام بولونسكي وفليني مثلا تجبر المشاهد على التخيل الملازم ، ولكن هناك أعمال بسيطة مباشرة وواضحة تقول أشياء كاملة وتسلس ) . 2- ان يكون كاتب السيناريو واسع الثقافة وكثير التطلع للموجودات أو الموضوعات والفنون والعلوم ، حيث ان الثقافة التي يتطلع عليها كاتب السيناريو تحصنه من الخطأ المحتمل كون ان السيناريو يجمع مزيد من المواقع والشخصيات والحالات والأحداث وما الى ذلك من تنويعات عديدة داخل المجرى الفيلمي أو السردي في العمل وهي بحاجة الى مصداقية والى دقة لكي تكون مقنعة وصحيحة في نفس الوقت أمام المتلقي ، فهي التي تقود المتلقي في ان يتقبل العمل أو يرفضه ، وهي التي تحدد فيما بعد ديمومة العمل وآفاقه كون ان المعلومات التي تظهر في العمل أشبه بما تكون تنبؤات للمستقبل ، لذا فهي غاية في الأهمية في ان تكون صحيحة ومؤكدة وهي ما ترغم في ان يكون كاتب السيناريو على مستوى عالي ، فطبيعة التنويعات وطبيعة التفرعات وطبيعة الأمور الثانوية التي يتعرض لها السيناريو في مجرى الأحداث الدرامية والغير درامية تؤكد أهمية الدقة للمعلومات لتأمين سير الأحداث أو سير اتجاه العمل بالطريق الصحيح . 3- ان يتصف بالشخص الساحر ( Magician ) ، أي ان يتميز بأنه قادر على التغيير أو التأثير بالمتلقي أشبه بالساحر الذي يقدم أشياء عجيبة للناس ويبهرهم ، فالساحر غالبا ما يقدم أشياء جديدة لم يطّلع عليها اغلب الذين يتفرجوا عليه ذلك لان الأشياء التي تقدم فيما لو كانت معروفة سابقا أو معروفة وغير مؤثرة فإنها سوف تفقد أهميتها ولا تعطي فعالية ، لذا توجب ان تكون هناك أشياء جديدة وأشياء متجددة لا تخلق الملل عند المتلقي بل تخلق التأثير والمتابعة ، فمعروف ان الإنسان ميال الى كل جديد وكل ما هو غامض غير معروف ، حيث ان الإنسان حين يطلع على ما هو معروف أو شيء قديم لا يتأثر ، وحين يطلع على أسرار جديدة أو موضوعات ذات أهمية نراه يتأثر وينجذب نحوها وهو أمر غريزي ، ولما كان الكاتب غير قادر على تقديم كل الأسرار أو كل الغموض الذي يحمله الكون ، إذن كان عليه ان يكون ما هر في خلق البدعة كي يؤثر في المتلقي ويجرفه نحوه ، وإلا أصبح إنسان سوي كحال أي فرد في المجتمع لا يحمل التأثير أو الأهمية في هذا الجانب . البدعة في خلق الأحداث ومزجها أو خلطها بالموجودات والمكونات التي يرتئيها الكاتب هي السبيل الكفيل في خلق فبركة المزيد من المواقف التي تحمل التأثير وهي في نفس الوقت الأساس في بلورة المزيد من الحالات الغير مؤلفة التي غالبا ما يبحث عنها المتلقي. 4- ان يتصف الكاتب بسرعة البديهية والذكاء المفرط وذلك لان النمطية والرتابة هي المؤشرات السلبية في عزوف المتلقين عن الاعمال ، وبما ان البديهية والذكاء هي الصفتان اللتان تعملان على خلق التنبؤ الصحيح لدى الكاتب ، إذن كان لابد من توافرها في السينارست لكي لا تكون الاعمال مثبطة ومرهلة ومنمطة ، حيث وجد في الكثير من الاعمال غير الناضجة في التلفزيون وخصوصا منها العربية ان الأحداث تسير وفق تنميط غير مرغوب من قبل المتلقي ذلك للبديهيات التي يستعرضها العمل بشكل مفرط وللمعلومات المكررة والأحداث الغير مؤثرة جراء الاعتقادات غير الدقيقة في ذهن السينارست اثر المسلمات التي تبدو للكاتب نفسه أنها مفاجئات أو أسرار جديدة على المتلقي ، والواقع إنها تولدت بفعل البديهية الركيكة في السينارست نفسه وبفعل الذكاء المحدود الذي يمتاز به اثر التصورات والخيالات الغير ناضجة أو الغير مكتملة أو الرتيبة . 5- ان يتسم السينارست بالاستعداد والقدرة على المعايشة الميدانية في صلب الأحداث والقدرة في وصف أو تدوين كل الأحداث ، فهناك مزيد من الكتاب العالميين يلجئون الى المعايشة الميدانية في المجتمعات والأحداث بغية إنتاج أعظم وصف وتدوين أفضل الإنتاجيات ، وعلى العكس من ذلك نرى ان كثير من الكتاب الغير مقتدرين من الكتابة يكتفون بالوصف الذي نقل من مصدر غير دقيق أو صحيح أو يميلون الوصف الناتج من التوقع أو الحدس ويهملون المعايشة والجدية والصدق في نقل المعلومات . ان من أهم الأمور التي يحتاجها المتلقي في العمل الدرامي أو الغير درامي هي الدقة أو المعلومة الصحيحة وقد لوحظ ان المعايشة الميدانية عند أكثر الباحثين إنما تعزز أفضل النتائج وأدقها ، ولعل الشاعر ( أبو الطيب المتنبي ) الذي يعد واحد من أشهر الشعراء على مر التاريخ كان يتعايش في الكثير من المعارك لوصف الأحداث في شعره ، وهي ما جعلت من شعره يتسم بالجمالية والتأثير لوصفه أدق التفاصيل من الأحداث ، وكذلك هو الحال مع الممثل الكبير ( عادل إمام ) حين مثل فيلم ( الهلفوت ) الذي لجأ الى التعايش في منطقة شعبية رغم ترقيه ونجوميته لكي يتعلم ويتقن الشخصية ( الهلفوت ) التي حاكاها من إحدى الشخصيات الحقيقية في المنطقة الشعبية التي تعايش فيها اثر العمل الذي أقدم عليه وبالتالي قدم عادل إمام أداء مقنع ومؤثر . أيضا هناك تجربة حقيقية لسينارست عراقي كبير هو صباح عطوان ، فحين كتب مسلسل (عالم الست وهيبة) للمخرج فاروق القيسي ، مر السينارست صباح عطوان بمواقع تصوير العمل أثناء التصوير ووجد المواقع ليس كما رسمها أو تأملها في مخيلته ، بل وجدها غير جديرة بالواقع الذي افترضه ، الأمر الذي جعله يحاجج المخرج ويقنعه بالانتقال للمواقع التي شاهدها بنفسه في بعض المناطق الشعبية ، وبالفعل اقتنع المخرج فاروق القيسي بما أصر عليه الكاتب ونقل التصوير الى المناطق الشعبية ، ليعبر عن القصة الدرامية بأكثر جدية وينقلها الى المواقع الحقيقية في المناطق الشعبية لخلق جو يحمل المزيد من التأثير في المتلقين بعد ان صورت بعض المشاهد في بداية التصوير بديكورات ومواقع لا تتماشى مع ما رسم صباح عطوان في ذهنه ، حيث أكد صباح عطوان للمخرج وبإصرار على ان تكون المواقع حقيقية وفي أعمق المناطق الشعبية كونها تعطي مزيد من التفاصيل الدقيقة التي تؤثر بالمشاهد وتحمله الى ما يرتئيه المؤلف ، والتي تعجز عنها الديكورات مهما بلغت ومهما كانت، ذلك لان المواقع الحقيقية إنما هي الحقيقة وان الديكور هو الافتراض ، والحقيقة ابلغ من الافتراض مهما يبلغ الافتراض . إذن كان على الكاتب ان يحمل الاستعداد والانتماء في ان يستغني عن المكابرة أو الكبرياء في ان ينتقل الى عالم أدنى أو أرقى أو غريب عما هو عليه ، وان يتوسم بالقدرة على الانتقال والاكتشاف لكي يتمتع بالمزيد من الخصوصيات ودقائق الأمور التي يحتاج لها في كتابة السيناريو . القدرة على الوصف والمحاكاة أو التشبيه ، فبالرغم من الصفة الأساس التي يمتلكها الكاتب والتي هي القدرة على الخيال هناك صفة أخرى متزامنة معها وهي القدرة على الوصف والتشبيه حيث ان الكاتب ما لم يحمل الإمكانية في الوصف لا يمكن ان تكون أعماله مؤثرة كون ان الوصف إنما هو الأساس الذي يستند إليه المخرج في تجسيد الأحداث حيث ان هناك مزيد من الأمور التي تكتب في السيناريو يمكن ان تنفذ من قبل المخرج بأشكال عديدة ومتنوعة وبالتالي يمكن ان تبتعد عن الموضوع الذي يريد كاتب السيناريو ان يطرحه ومن ثم يكون العمل غير مكتمل وكذلك هناك الكثير من العبارات والكلمات المتشابهة التي يمكن ان تعطي معنى معاكس أو مغاير بما هو مراد قوله وبالنتيجة تكون الأحداث غير منطقية أو غير مؤثرة وتؤدي الى نتائج سلبية وإضافة الى ذلك لابد للكاتب ان يتصف بالقدرة على التعبير كي يكتب بما يفكر أو ما يريد ان يطرح . 7- ان يحكم استخدام المفردات والأمثال وان يكون خبيرا في الموروثات والتراث للمجتمعات التي يكتب عنها ، فكاتب السيناريو يلجأ وفي كثير من الأحيان الى استخدام المثل الشعبي أو المقولات المأثورة خصوصا في كتابة الحوار الذي يتطلب كم هائل من الكلمات والمفردات المؤثرة ذات الأهمية في نفسية المتلقي . 8- ان يكون كاتب نهم ، أي ان يكثر من الكتابات ، فالكتابة المفرطة تحسن من خبرته وتجعله متمرس ويجيد التعبير ، وبالإضافة الى ان يكون نهم في الكتابة عليه ان يكون نهم في القراءة و المطالعة رغم الثقافة التي يمتلكها ، حيث ان قدرته على قراءة القصص والروايات والأحداث في أوقات قصيرة تسعفه في التطلع بشكل واسع ، وترفده بأكثر المعلومات التي يحتاجها في كتابة السيناريو وهي ما تشكل له في النهاية خزين إستراتيجي لكل الاعمال التي سيقدم عليها وفي نفس الوقت تسعفه من ان يدون معلومات غير دقيقة . 9- ان يجيد تقنية السيناريو ، بان تكون له مخيلة كفيلة بخلق التقطيع المرئي الدرامي ، أي ان يجيد التعبير عبر التقطيع الدرامي للأحداث ، لا ان يسرد الأحداث وكأنها قصة بل يبنى أحداثه عبر تقطيعات صورية مؤثرة ومعبرة عما يريد ان يقول ، فهناك الكثير من الناس يمكنهم ان يسردوا العديد من الأحداث أو القصص أو المواقف التي مرت بهم
    انتهى الجزء الاول
    يتبع الجزء الثاني
    مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

    sla7

    مُساهمة 2011-04-05, 13:22 من طرف sla7

    :::: 2
    ((التقنيات الحديثة اختصرت واختزلت الكثير من العمليات الإنتاجية المكلفة أو الصعبة وجعلتها يسيرة وسهلة وأجمل من خلال تقنيات الكومبيوتر )) الرؤيا الإخراجية تكاد تكون الرؤيا للمخرج بمثابة القلب بالنسبة للإنسان لكي يعيش أو يحيى في الأرض ، فمن دون الرؤيا الإخراجية لا يمكن أن يكون هناك مخرج ، إنها البصيرة الدقيقة للعمل الفني التي تحقق الفيلم ، فالفيلم هو وهم وليس حقيقة وهذا الوهم يتحقق عبر المخيلة أو الرؤيا المتبصرة والمتبحرة في فنون العمل وواقع الحياة، لذا كان هناك رؤيا تجعل من هذا الوهم أشبه بالحقيقة المتوقدة على الشاشة السينمائية ، لقد سئل المخرج الكبير ميخائيل روم ( ما هي الصفات التي يجب أن يمتلكها المخرج السينمائي؟ ) أجاب : (إحدى أهم جوانب الموهبة الإخراجية هي حدة العين والقدرة الرؤيا)( ) واضعاً بذلك الرؤيا من أهم المواهب التي يجب توافرها في المخرج السينمائي ونحن هنا لسنا بصدد إبراز أهمية الرؤيا الإخراجية وعلاقتها بالموهبة البشرية والتي هي تتفاوت من شخص لآخر فقط بل وكشفها أيضا. والرؤيا ذكرت في كتاب ( المنجد في اللغة) على أنها ( ما يرى في المنام- الحلم)( ) وكلمة الرؤيا هي مصدر للفعل رأى. والرؤيا تنشا من خلال التجربة والمراقبة المستمرة والتدريب المستمر الذي يساهم في خلق الخبرة أيضا حيث إن الرؤيا يأخذ الحلم معنى أعمق عما يرى في المنام ( فهو الصورة الحقيقية التي تكشف لنا واقع تلك الخبرات والرغبات والمخلفات في ذلك العالم المجهول اللاشعور)( ) أي إن الرؤيا هي حالة لا شعورية تتكون عند المبدع أو الإنسان السوي دون إذن مسبق ودون أية مؤشرات سابقة ومحفزة والعمل السينمائي لا يمكن له أن يخلو من الرؤيا وذلك لان (الرؤيا مهمة في العمل السينمائي)( ) وهي مهمة أيضا عند الكاتب والفنان المبدع وقد أكد ذلك جبرا إبراهيم جبرا حين ذكر (الرؤيا كلمة أساسية عندي منذ أن بلغت العشرين من عمري أو ربما قبل ذلك وكانت عوناً دائما لي في تحمل العسر واختراق الصعب وتقليل الروعة أبغيها لنفسي وابحث عنها في الآخرين)( ). وفي مقالة نشرتها مجلة الأكاديمي للأستاذ الكبير (جعفر علي) – رحمه الله- بعنوان (الرؤيا في الفن العربي : السينما والمسرح) تطرق لموضوع الرؤيا في السينما مؤكداً في بداية المقال على مفهوم الرؤيا وأين تستخدم حيث جاءت الرؤيا (تعني رؤية مراحل عملية الخلق الفني بمجملها ولتعني (رؤية العين) و (رؤية العقل) بمعنى التفكير و (رؤية الشعور) بمعنى الإحساس المرهف بالمعاني و (رؤية المستقبل) بمعنى التنبؤ والتمني والاستنتاج و (رؤية الماضي) بمعنى الارتباط العام حضارياً والخاص ذاتياً و (رؤية القيم) ذاتياً وموضوعياً وأخيرا رؤية (المخلوق الفني قبل ولادته) بمعنى ( إدراكه إمكانية موضوعيته وفق مواصفات محددة طبقاً لقيم موضوعية فنية مرتبطة بتطور تاريخي محدد)( )، أي إن الرؤيا هي التنبؤ والإدراك والشعور والتفكير والإحساس والاستنتاج وهي تحمل مواضيع وأفكار متعددة لما لها من أهمية بالغة في خلق العمل الفني، والسينما واحدة من أهم الاعمال الفنية والتي تتخللها الرؤيا بشكل مباشر لتحقيق غايتها حيث أنها وسيلة تعبيرية فنية، وهي فن ليس بسبب العدسة والشريط السينمائي بل أنها بناء درامي إنساني نجد لها صدى في نفوس الناس فيحرك أفكارهم وانفعالاتهم، فالسينما تعتمد على التشكيل الصوتي والصوري ضمن المساحة المسطحة والصوت المصنوع، في حين إن الفنون الأخرى بخلاف السينما تعتمد على الحضور المتوافق بين المشاهد وعناصر العمل الفني من موجودات وإنسان. (وأية رؤيا تعتمد على ثلاثة عناصر)( ) وهي الرائي (الخالق) بذكائه وعبقريته وحسه وثقافته ومعتقداته وشعوره بالانتماء والعنصر الثاني هو الواقع الاجتماعي والاقتصادي وقوى التحريك في هذا الواقع. أما العنصر الثالث فهو التوجه الخالص للخالق من خلال طموحه وقدراته وتمكنه من أدوات خلقه وما أن تصل الرؤيا الى المتلقي بوسائلها وتأخذ الرؤيا طريقها على مراحل ابتداء من إدراك وتصور (المخلوق) حتى تكامل العمل الفني ونضوجه ووصوله الى المتلقي (جمهور القراء السامعين أو المشاهدين)( ). والرؤيا الإخراجية على ضوء ما تقدم هي الإحساس والإدراك والتصور المسبق والتنبؤ بكل تفاصيل ودقائق العمل السينمائي أو التلفزيوني أو المسرحي فعملية الخلق التي تنشا في الفن السينمائي إنما جذورها تعود الى الرؤيا الناضجة للفن السينمائي (فالإضافات التي يضعها المخرج في أي عمل سينمائي وأي بصمات واضحة تظهر على الفيلم أو العمل السينمائي ما هي إلا من إفرازات الرؤيا)( ) . والرؤيا الإخراجية تدخل في الكثير من جوانب العمل السينمائي فبمجرد توصيل تلك الرؤيا الناتجة من التخيلات المستمرة في العمل الفني الى أي عنصر من عناصر فريق العمل ومن ثم تحقيقها سيكون بذلك تحقيق لرؤيا المخرج في العمل السينمائي. التخيل عند المخرج (Visualization) (التخيل عند المخرج والصورة الذهنية من أهم عوامل الخلق التي يستند عليها في بناء الرؤيا الإخراجية)( ) حيث إن التخيل والصورة الذهنية هما اللذان يساعدان الإنسان في قدرته على الإنتاج الفني فأكثر كتاب القصص نرى إن قدراتهم الكتابية تأتي من خلال الخيال الذي يحملوه ( فالكاتب روبرت لويس ستيفنسون استخدم صورة الحلمية في كتاباته الخلاقة حيث كان تصويره الذهني يعمل بنشاط طوال الليل….. صانعاً القصص للسوق وكذلك هو الحال مع الكاتبة ايندبلاتيون التي استخدمت تصويرها الذهني اليقظ في كتابة قصص الأطفال وشبهت هذا التصوير الذهني (البصري والسمعي) بالسينما الخاصة بالشخص وكانت تتقبل هذه الصور الذهنية على أنها ما دون الوعي (subconscious)( )، بتعبير علمي معتقدة إن هذا المادون الوعي إنما يتفجر من إدراكها الحسي السابق. فالتصوير الذهني يكاد يكون الخزين الفعلي للإنسان كي يعمل فهو يرفد بالصور والتخيلات التي لو استثمرت ستكون هي النتاج الفعلي. إلا أن التصوير الذهني لا يمكن أن يكون في كل إنسان بنسب متساوية ولهذا نرى تعدد أنواع الاعمال والأفكار والقصص والروايات وما شابه حيث إن هناك (مصطلح " Imagery Pair Chiliasm" محدودية التصوير الذهني لوصف أشخاص يفتقدون ظاهرة التصوير الذهني)( ). الرؤيا الإخراجية بين مخرج وآخر: كما ذكرنا في البداية إن الرؤيا الإخراجية هي إحساس وتنبؤ وتصور وإدراك تام لكل مراحل العمل الإخراجي وهذا يقود الى إن ذلك الإحساس يوجد عند كل مخرج سينمائي مثلما يوجد إدراك عند كل شخص أو مخرج أو فنان وهو الإحساس والإدراك والتصور والتنبؤ ، فهو يتباين من شخص لآخر مثلما تتباين الأعمار والأجناس والأشكال وكل المتغيرات التي توجد في الأرض حيث (إن الظروف التي تحيط بأي إنسان ما هي شبيهة بتلك الظروف التي تحيط بإنسان آخر وكذلك الحالة الاجتماعية والجو النفسي والبيئة كلها تختلف من شخص لآخر)( ) إن كل إنسان له حالته الاجتماعية وله بيئته وله جوه الخاص الذي يتباين مع غيره فهذا التباين إنما هو الذي يجعل هذا الإنسان يختلف عن ذلك الإنسان وهذا في طابع الحال أيضا يدخل في إدراك ذلك الشخص عن هذا الشخص حيث إن الإدراك هو الذي يحدد السلوك عند الفرد ذلك لان الإدراك هو موجود عند أي إنسان، إلا أن الإنسان ذاته يختلف (كل من يشعر بذاته بطريقة مختلفة ولكن كل منا يشعر بمن هو إننا نتصرف في هذا العالم ونتصرف مع الآخرين استناداً لشعورنا بأنفسنا واعتقادنا وما هو متوقع ممن يدعي بهذا الاسم)( ) فكل إنسان له من تصرفات خاصة وله أيضا أفكار خاصة وله العديد من المتغيرات في ذهنه مما يجعله يختلف عن أي إنسان آخر ولعل دانيال دوكلاص هوم العالم النفسي المشهور قد أكد ذلك حين قال : (لقد كنت محظوظاً لأني قابلت ما لا يقل عن اثنتي عشرة ماري أنطوانيت ست أو سبع منهن من اسكتلندا وزوجة لويس السادس عشر وزوجات الملوك الآخرين وعشرين الكسندر المقدوني ولكني لم أر سميث واحداً)( ) مؤكداً على إن الشخصيات تتعدد وتحمل الأسماء المتعددة وبعض الصفات ربما ، إلا انه ليس بالممكن أن يكون الشخص مطابق لآخر على الإطلاق . والرؤيا بذلك تختلف أيضا من شخص لآخر ذلك لان التصوير الذهني- البصري، السمعي والحواس الأخرى يلعب دوراً مهماً في حياة الفرد في تفكيره وتذكره وخياله، (ويؤكد بعض العلماء على حيوية وخصوبة وامتناع تصويرهم الذهني بينما يعترف البعض الآخر انه لا يكاد يعرف معنى هذه الكلمة)( ). والعمل السينمائي ليس كسائر الإعمال الأخرى كالرسم أو النحت أو العمارة أو الموسيقى أو أي عمل آخر فني أو غير فني (انه عمل معقد وصعب كما ذكر المخرج ميخائيل روم)( ) وذلك لأنه يجمع كل الفنون ويضعها في قالب واحد وهو الفيلم السينمائي ولما كان هذا القالب واحد كان على المخرج أن يعرف كل تلك الفنون كي يتمكن من حرفته وبالتالي يكون عمله جيد. (المخرج يمارس أعماله كلها من اجل العمل السينمائي أي انه يعمل مع الرسم و مع الأدب ومع الديكور والممثل والموسيقى وهو بذلك يحتاج الى تصور اكبر مما يحتاج أي فنان آخر)( ) كي يستطيع أن يشمل الفنون في السينما ومع تعدد الفنون وتعدد وجهات النظر تكون الرؤيا متغيرة وغير ثابتة أو مستقرة في كل مخرج سيما وان أراد أن يخرج أي نص (إن المخرج السينمائي إذ يشتغل على اللقطة المعينة يعرف ويشعر بالكثير مما لا يعرفه ولا يشعر به الآخرون، يرى الكثير مما لا يراه احد غيره. يكتب ليو تولستوي بدقة غير عادية محض سينمائية ولكن إذا ما استطعنا أن نعيد على الشاشة إنتاج التخيلات البصرية التي تنتج عند الإنسان الشاب وعند المعاصرين له فإننا سنكتشف أفلاما مختلفة تماماً . ولو كان بالإمكان أن نظهر كما لو تظهر الفوتوغرافية تلك النماذج البصرية التي تنشا في عقل قارئي (الحرب والسلام) فانه سيبدو انه سينشأ عند كل فرد منا فيلم مختلف تماماً)( ). مفهوم السيناريو في قاموس برنامج (Microsoft word) جاءت كلمة سيناريو لتعني مخطط المسرحية أو النص السينمائي وهو إشارة الى أن السيناريو يقتران بالسينما والمسرح ، وقد وردت في المصادر العلمية الكثير من التعريفات للسيناريو وجاءت اغلب التعريفات مقترنة أيضا في السينما والتلفزيون أو المسرح كون إن السيناريو يعد ويهيأ أساسا للسينما والتلفزيون والمسرح حيث ورد تعريف السيناريو في معجم الفن السينمائي على انه القصة السينمائية حيث ورد في المعجم على انه ( كلمة مأخوذة أصلا من الايطالية . وهي كلمة مشتقة من كلمة ( scene) أي المنظر . وقد انتشرت هذه الكلمة في اللغات الأوربية الأخرى، وفي القرن التاسع عشر، لتعني نص المسرحية المرفق بها تعليمات المخرج الفنية، من حيث المنظر والأثاث والإضاءة والحركة والأداء التمثيلي.الخ.. وعندما ظهرت القصة في الأفلام السينمائية، ظهرت هذه الكلمة أيضا لتعني نص الفلم، بعد معالجة الفكرة، وإعداد القصة سينمائيا، في سياق متتابع من المواقف والمناظر التي تعتمد على الصور المرئية، وإمكانيات هذا الفن الجديد ) . إن السيناريو اتخذ من القصص والروايات والمسرحيات موضوعات جاهزة له ، بحكم الجماليات والحكائية التي تتميز بها القصة أو الرواية ، فهناك الكثير من القصص والروايات والمسرحيات تحولت الى أعمال سينمائية من خلال السيناريو الذي عالج تلك الاعمال وحولها الى أفلام ومسلسلات سينمائية ، ولعل الروايات التي كتبها ارنست همنجواي وروايات تولستوي و ديستويفسكي خير دليل على ذلك ، فهناك روايات مثل رواية الحرب والسلم قد تم تحويلها الى سيناريو أكثر من مرة وبصياغات غير متشابهة حيث تم تنفيذ العمل من قبل الأمريكان ومن قبل الروس وقد ظهر العملان السينمائيان بصور مختلفة من حيث الأشكال والصياغات ومن حيث الشخصيات والديكور ومن عناصر الصورة الأخرى ، وكذلك هو الحال مع رواية احدب نوتردام لفيكتور هيجو التي تم تحويلها الى سيناريو سينمائي مرات عدة ونفذت في أعمال سينمائية ومسرحية ورسوم متحركة ، وهناك أعمال أخرى قصصية وروائية تم تحويلها الى سيناريوهات للسينما أو للتلفزيون أو لمسرح . إن السيناريو ليس بالضرورة أن يؤلف أو يعد من قصة أو رواية أو مسرحية بل يمكن أن يكون من المخيلة التي تتبلور في ذهن الكاتب ، حيث إن كاتب السيناريو في أكثر الأحيان يحمل قصة في ذهنه أو يحمل حكاية أو رواية أو يتأثر بقصيدة شعرية أو لوحة تشكيلية فيعزم على تحويل ما في ذهنه الى سيناريو وبشكل مباشر أي دون الرجوع الى كتابة القصة أو الرواية فيكتب النص وبصورة مباشرة على شكل سيناريو ، إذن السيناريو هو شكل أدبي أو جنس أدبي يختلف عن القصة أو الرواية أو الشعر ، وهو يحمل من المزايا التي تميزه عن باقي الأجناس أو الإشكال الأدبية وهذه المزايا إنما هي التي تعطي الخصوصية له في أن يتصدر كل الوسائل الإعلامية أو الاتصالية الأخرى ، واهم تلك المزايا التي يتمتع بها السيناريو هي التزامن والحركة الصورية الوصفية، أي إن السيناريو يتميز بالسرد الذي لا يتوافر في كل الأصناف أو الأشكال أو الأجناس الأدبية الأخرى ، حيث إن السرد الذي يعطي للسيناريو مساحة غير محدودة في الوصف كونه متزامن مع حوار وموسيقى ومؤثرات صوتية أو أغنية أو صمت أو تعليق يساهم في إنتاج وتوليد حالة من التنويع أو الإبهار أو التأثير الذي يكسر الرتابة ويخلق التشويق ، كون إن السرد يفترض كيف ما شاء وبسهولة شديدة بحكم التقنيات السينمائية والتلفزيونية التي تسمح لكاتب السيناريو أن يكتب كل ما يجول في ذهنه دون قيد أو شرط . لقد افترضت السينما العديد من الشخصيات الخرافية مثل شخصية( E T ) في فيلم للمخرج ستيفن سبيلبرغ أو شخصية دراكولا في فيلم للمخرج فرانسيس فورد كابولا أو شخصية الفاني في فيلم للمخرج جيمس كاميرون أو الشخصيات الأخرى التي خلقتها السينما من الخيال أو من امتزاج الواقع والخيال ، كذلك السينما استطاعت أن تفترض العديد من الأشكال والمواقع والديكورات التي بالأساس لم يراها الإنسان من قبل ، بل إن الكاتب تخيلها وبلورها في مخيلته ومن ثم حولها الى سيناريو لتتحقق على الشاشة السينمائية وتصبح حقيقة افتراضية ، فهناك الكثير من الأشكال الجديدة التي لم يسبق للإنسان أن يراها وجدها في السينما أمام عينه مثل فيلم (فلاش جوردون) أو فيلم (كودزيلا) أو (الحديقة الجوراسية) أو (حرب النجوم) وغيرها من الأفلام السينمائية أو المسلسلات والأعمال التلفزيونية ، وهنا تحتم على كاتب السيناريو أن يكون على دراية تامة بان السرد هو الأساس للسيناريو ، أي إن السرد إنما هو الكفيل لخلق النص الجيد ، فكلما كان هناك سردا مميزا في العمل كلما أتى بنتائج مميزة ، وذلك كون إن السرد هو الذي سيحدد المناظر أو المشاهد بل هو الذي سيقرب الرؤيا للمخرج وهو الذي سيحدد نوع التخيل أو الأمكنة المرغوب في إبرازها بالعمل ، لذا فان من المهم جدا أن تحوي السيناريوهات على وصف دقيق للمواقف والأحداث في الدراما وذلك عبر النص وبهذا الصدد يقول ويليم جرولدمان (في الفيلم انك لا تخبر الناس عن الأشياء ولكنك تريهم وتعرض لهم الأشياء ) ، وهنا تحتم على كاتب السيناريو أن لا ينشغل في كتابة الحوار ويترك السرد ، أي أن يكون له اهتمام ابلغ في السرد عن ما في الحوار ، (طبقا لهذا المبدأ فما اخبرنا عن المعلومة عن طريق الراوي فإنها ستصبح أوتوماتيكيا مشوبة بالذاتية – بل وحتى النزعات الإيديولوجية ، وان عرض الأحداث بدون تعليق هو ما يسمح للجمهور أن يتوحد بشكل مباشر مع الصور وان يفسر معانيها ودلالاتها بنفسه ولنفسه ) . الواقع إن الافتراض الذي يمهل السينارست مزيد من الحرية في الاختيار والصياغة ليس فقط أسهم في تعزيز دور السيناريو وتصدره على الأجناس الأخرى بل أسهم في أن يكون السيناريو عملا إستراتيجيا لدرجة أن تكون كتابته من قبل مجموعة كاملة أي إن السيناريو أصبح يكتب من قبل فرق متخصصة فهو مشروع عملاق خصوصا في السينما ذلك لان من السيناريوهات ما تنفذ بأموال طائلة ، فهناك سيناريوهات لأعمال سينمائية انفق عليها أموال تصل الى أكثر من نصف مليار دولار مثل فيلم (Titanic ) أو فيلم ( Terminator ) أو أفلام (James Bond) ، إن مثل هذه الأموال لايمكن للجهة التي تنفقها أن تبعثرها أو تدفعها دون التأكد من ان لها عوائد موازية أو مناظرة ، وهو الأمر الذي يدفع بتلك الجهات أن تهتم بالسيناريو بل وتعتني بدرجات بالغة في كتابة السيناريو لتؤمن على أموالها من الخطر الذي قد يصيب العمل أو المشروع من الخطأ أو الخسارة ، حيث ان السيناريو هو الذي يقود العمل فهو الأساس في توفير كل مستلزمات العمل وان السيناريو هو الذي يحدد ميزانية العمل بالدرجة الأساس فهو الذي يحدد المواقع والشخصيات وهو الذي يحدد الأشكال والزمان والمكان ويحدد أمور عديدة ، والسيناريو هو الذي يوجه كل العاملين في أعمالهم وهو الذي يقود المخرج في أن يتابع عمله ويقود فريقه الفني أو يختاره للطبيعة التي يحملها العمل نفسه . السيناريو وكما ذكرنا آنفا يقود العمل السينمائي أو التلفزيوني وهو في نفس الوقت حين يتحول الى عملا سينمائيا يقود المشاهدين، فالمشاهد كثير التأثر بما يراه في السينما أو التلفزيون ، حيث إن القدرة التي يتمتع به التلفزيون أو الفيلم السينمائي إنما تحقق انتشار واسع للغاية وهو الأمر الذي يعزز من قيمة السيناريو الذي يقود العمل في التلفزيون أو في السينما ، ولذلك يمكن القول من ان كتابة السيناريو يمكن أن تكون من العمليات الإستراتيجية المهمة كون إن السيناريو يمكن أن يحقق من التأثير في المجتمعات وعلى المدى البعيد ، فهناك الكثير من الظواهر والأفكار التي تظهر اليوم وبشكل صريح واضح كانت غير موجودة في السابق ظهرت وتعززت وتوافرت اثر السينما والتلفزيون ، فالسيناريو تكمن أهميته مع الفيلم أو العمل الفيلمي ومن دون هذا العمل الفيلمي لايمكن أن يحقق السيناريو أي تأثير أو أهمية ، لذا ارتبط السيناريو بالعمليات التي تتحقق في صناعة الفيلم وخلقه كونه مرهون بهذا العمل ، من هنا يقول تيرنس سان مارنر في كتابه الإخراج السينمائي (السيناريو هو الخطة الرئيسية للفيلم وهو يشكل الجزء الأول من المرحلة الخلاقة ، ولا يعتبر السيناريو في حد ذاته عملا كاملا من الفن مثل القصة القصيرة أو الرواية ) . والسيناريو له شكل معروف و متفق عليه من قبل الكثير من الكتاب ، حيث يكتب السيناريو على شكل حقلين أو عمودين ، عمود لكتابة السرد وعمود لكتابة الحوار وكما هو متعامل به ، وهنا المقصود بالسرد هو كل ما نراه بالعين من عناصر للصورة من ممثل وحركاته ومن ديكور أو إكسسوار أو أزياء أو لون أو إضاءة أو حركة كاميرا أو كتل أو ضل أو ضوء أو سطوح أو أشكال أو عمق أو مؤثرات صورية …الخ، أما الحوار فالمقصود به هنا كل المؤثرات الصوتية والموسيقى والحوار والتعليق والأغنية والصمت ، أي أن كل ما تراه العين يكتب في حقل السرد أو حقل الصورة وكل ما تسمعه الأذن وتتحسسه يكتب في حقل السرد أو الصوت ، وهان يؤكد سمير الجمل في كتابه السيناريو والسينارست على ما ذكرناه ويقول (( الشكل المعتد لكتابة السيناريو هو ذلك المعروف بالشكل المتوازي أو راسياً وفيه تنقسم الصفحة بشكل عمودي – الى نصفين الأيمن يتضمن تفاصيل الصورة والأيسر للصوت أو الحوار والمؤثرات الصوتية )(2) . وهناك شكل آخر للسيناريو بان يكتب السرد ومن ثم يكتب الحوار أسفله مباشرة بعد كل لقطة أو مشهد ، والواقع إن هذا الشكل كثيرا ما يستخدمه الكتاب ، إلا انه لا يحمل من التنظيم المكشوف أو الصريح كما هو معهود في كتابة السيناريو على شكل حقلين كما في أدناه ، وإننا هنا إذ نعتمد الأسلوب الذي يعتمد تقسيم الصفحة إلى حقلين عموديين إنما نبغي البساطة والسهولة للقاري كي لا يعتقد إن كتابة السيناريو هي مسالة اعجازيه بمثابة كتابة القران الكريم أو الإنجيل، كما يعقدها سد فيلد في كتابه السيناريو الذي يصور للقاري في كتابه بأنه لايمكن أن يرتقي الى أن يكون كاتب سيناريو ما لم يتتلمذ على يد سد فيلد فقط، وكأن العالم لم يخلق كاتب سيناريو إلا سد فيلد الواحد الأحد، نحن هنا نرى أمر آخر وهو انه بالإمكان وعلى اقل تقدير كتابة سيناريو ضمن هذا الشكل البسيط والمفهوم حتى وان لم يكن مقبول كموضوع أو مضمون يصلح للسينما، فهو بالنتيجة أن قسّم وفق ما حددنا هو سيناريو أو على اقل تقدير يمكن أن يطلق عليه نص فلمي أو تلفزيوني، فهي مسالة من ناحية الشكل سهلة وغير معقدة كما يعقدها فيلد بكتابه، الذي يغلق باب السيناريو بوجه الأدباء والمثقفين الذين يمكن أن يرتقوا الى كتاب سيناريو فيما لو اتبعوا الشروط التي ذكرناها، لا أن يتبعوا الحواجز والعراقيل التي وضعها فيلد والتي تشعر القاري بالأمية والجهل بل والرعب من العمل السينمائي أو التلفزيوني الذي وجدنا فيه من المبدعين ممن هم في تخصصات قد لا تكون قريبة من التلفزيون والسينما، إلا أنهم تدربوا ودرسوا السيناريو وأصبحوا كتاب لهم من الاعمال ما تشاهد من على شاشة السينما والتلفزيون، فقد وضع سد فيلد من التعقيدات والموانع أمام القاري ما تكفل انكماشه أو تجبجبه للإقدام على الكتابة، فهو يقول بكتابه وضمن تناقضات عديدة (عندما كنت رئيسا لقسم القصة في سينموبيل واقرأ بمعدل ثلاثة سيناريوهات في اليوم كنت استطيع أن اعرف منذ الفقرة الأولى إن كاتب السيناريو قد كتبه محترف أو هاو . إن وفرة زوايا الكاميرا كاللقطات الطويلة أو اللقطات...والخ يكشف توا عن أن الكاتب هو كاتب سيناريو تنقصه الخبرة ولا يعرف ماذا يفعل ) (بمعنى انه كاتب فاشل) ويضيف فيلد وبنفس الصفحة ويقول (ولأني فاحص سيناريوهات ، فقد كنت ابحث دائما عن عذر لكي لا اقرأ نصا) هنا نسال هل يوجد من يستطيع قراءة 360 صفحة يوميا، فبحسب ما يذكر بكتابه على افتراض إن كل سيناريو بمائة وعشرون صفحة معنى انه يقرا باليوم الواحد ثلاثمائة وستون صفحة، وأيضا نلاحظ إن الزوايا للكاميرا وإحجام اللقطات التي يرفض وجودها سد فيلد بالنص يذكرها في كتابه ويؤكد أهمية معرفة السينارست بها في الصفحات178-180 ولا نعرف إن كانت هذه المصطلحات غير مهمة أو أنها تدلل على فشل السيناريو لا نعرف لماذا يذكرها سد فيلد في كتابه، وتعقيبا على ما ذكره فيلد فإننا هنا نود أن نبين إن السينارست يمكن أن يكتب بالطريقتين سواء أن يكتب بتحديد الأحجام والحركات للكاميرا أو أمور تفصيلية أخرى، أو انه يكتفي بالمنحى الأدبي فقط مع التفاصيل التي حددناها ، فكلا الحالتين صحيحتين ما زال ان الموضوع مناسب للمخرج ، وحتى لو ان المخرج لا يقتنع أو لم يعجب بتفصيلات الكاميرا والأحجام للقطة التي كتبها السينارست فالمخرج يمكن أن يتجاوزها ويبني نصه الإخراجي (الديكوباج أو الستوري بورد) وفق رؤيته وتقسيمه للزوايا واللقطات، بل نحن نجد أن السينارست أن كان مقتدر من تلك التفصيلات في الوصف سيسهل للمخرج والقاري فهم السيناريو ما زال أن موضوع أو مضمون السيناريو جيد ، وهناك ملاحظة مهمة بهذا الصدد ألا وهي ان هناك الكثير من عمالقة المخرجين ممن هم يقومون بكتابة السيناريوهات الخاصة بإعمالهم فيكتبون السيناريوهات بأعلى وأدق التفاصيل لحركات وأحجام اللقطات بل أنهم يحددون زمن اللقطات بالثواني ويدونون من التفاصيل ما هي دقيقة للغاية ، فلا اعرف هل ان هؤلاء في حال تسليم سيناريوهاتهم الى مخرجين آخرين ستكون تلك السيناريوهات فاشلة في نظر سد فيلد ؟ . وتأكيدا لما ذكرنا نعود الى شكل السيناريو التقليدي الذي يعتمد تقسيم الصفحة الى حقلين عموديين واحد للصورة والآخر للصوت، هنا لابد من التأكيد على إننا قبل أن نكتب عناصر الصور وعناصر الصوت لابد أن نعطي رقم للمشهد ولابد أن نكتب مكان المشهد ولابد نحدد أن كان المشهد خارجي أم داخلي، ونحدد أيضا إن كان المشهد في النهار أم في الليل وذلك ليكون المشهد مفهوما لكل من له علاقة بالسيناريو من مساعدين للمخرج أو ممثلين أو مصورين أو مصمصي إضاءة ومهندسي ديكور أو آخرين لهم علاقة مهمة في السيناريو لتحضير متطلبات العمل الأساسية ، يمكن أن نوضح ذلك على النحو الآتي: رقم المشهد مكان التصوير المشهد خارجي أم داخلي بمعنى خارج مكان له سقف أم انه داخل مكان له سقف المشهد في النهار أم في الليل السرد أو الصور (كل ما تراه العين) visual الحوار أو الصوت(كل ما تسمعه الأذن)audio 1- الممثل وحركاته 2- الديكور 3- الإكسسوار 4- الأزياء 5- اللون 6- الإضاءة 7- حركة الكاميرا 8- الكتل 9- الظل 10- الضوء 11- السطوح 12- الأشكال 13- العمق 14- المؤثرات صورية …الخ 1- المؤثرات الصوتية2- الموسيقى3- الحوار 4- التعليق 5- الأغنية 6- الصمت7- (المنولوج) الحوار الداخلي أهم ما يميز السيناريو عن الأجناس الأدبية الأخرى كالقصة أو الرواية أو الشعر أو الأجناس الأخرى هو الفعل المضارع ، حيث أن السيناريو من شروطه أن يكتب بصيغة الفعل المضارع (المستمر) كون أن الأحداث متسلسلة ومتتابعة في مجموعة من المشاهد والمناظر التي سيتم تصويرها في أيام عديد قد تصل في بعض الأحيان إلى سنوات في حال تصوير أعمال كبير كالأفلام الملحمية أو التاريخية أو الفنطازية التي تحتاج إلى إمكانيات كبيرة جدا ، إذا كان على كاتب السيناريو أن يلتزم بهذه الملاحظة ويكتب السيناريو بصيغة الفعل المضارع وإلا أصبحت كتابته ليس سيناريو . عند نهاية كتابة أي مشهد تذكر مفردة تنهي المشهد أو تعزله أو يمكن ان تربطه بمشهد آخر بطريقة توهينية أو تدريجية متوائمة وهي في كل الأحوال تنقل المتلقي من موقع لآخر أو من مكان لآخر ، فعلى سبيل المثال هناك مفردة تستخدم لنهاية مشهد يتم تصويره في غرفة مدير البنك للأموال يتم انتهاء المشهد من خلال ذكر مفردة بعد آخر كلمة من كتابة المشهد وهي مفردة كلمة (cut ) أي قطع حسب معناها باللغة الانكليزية ، وهذه المفردة يلاحظ إنها تستخدم كثيراً في السيناريوهات ، فيتم استخدام (cut ) في السيناريو ليعبر بها عن انتهاء المشهد والانتقال الى مشهد آخر كان يكون في مركز للشرطة ، بينما تستخدم مفردة أخرى في نهاية المشهد لتعبر هي الأخرى عن نهاية المشهد والامتزاج بمشهد آخر وهي مفردة (mix) التي تعني مزج ، وهذه المفردة توحي بإيحاء غير إيحاء القطع في نهاية المشهد بل أنها تذهب الى خلق نوع من الاستمرارية للحدث أو الوقت أو المكان وهي كثيراً ما تستخدم في الأفلام السينمائية أو المسلسلات التلفزيونية أو في الاعمال والبرامج التلفزيونية الأخرى ، كان يظهر بطل الفيلم في مشهد بشقته ثم يغادر الشقة بعدها يمتزج مشهد خروج البطل من الشقة بمشهد آخر بنفس ملابس البطل تماما أمام مبنى شقته وهو يترجل سيارته ومن ثم ينطلق بها . أيضا هناك مفردة تستخدم لنهاية المشهد يطلق عليها (fade in ) أو ( fade out ) وهي تعني اختفاء تدريجي أو الأفول فهذه المفردة التي تستخدم بشكل قليل مقارنتاً بمفردة ( cut) ، فهي توحي بإيحاءات غير الإيحاءات بالمزج أو القطع كون أن مفردة ( fade ) ترتبط عن تفسير للحدث بان تكون له دلالة على الاستغراق بالحالة مثل أن ينتهي الفيلم بالأكمل أو أن يكون حدث عظيم غير معتاد قد حدث أو ترتب ومن ثم تلاه مشهد آخر ، وفي كل هذه الحالات فان هذه المفردة تبقى قليلة الاستخدام في اغلب الأعمال والأفلام كونها تضمن تفسير لحالة ما ، حيث إن هذه المفردة تعني أن ينتهي المشهد ويظهر بعده مباشرة خلفية سوداء أو عتمة سوداء ، أو ربما تكون العكس بان تتحول العتمة الى بداية مشهد لتكتب هذه المفردة في بداية المشهد كما هو الحال في بداية فيلم (6th Day ) اليوم السادس الذي مثله ارنولد حيث يبدأ الفيلم بعتمة ثم تشغيل عود ثقاب ( كبريت ) ليزيل بعض الظلام حتى يظهر ( title ) عنوان شركة للإنتاج السينمائي (المنتجة للفيلم ) ، ونستعرض الآن مجموعة مشاهد من سيناريو لفيلم روائي ، نوضح فيه ما ذكرنا أعلاه :
    انتهى الجزء الثاني
    يتبع الجزء الثالث
    sla7

    مُساهمة 2011-04-05, 13:23 من طرف sla7

    :::3
    سيناريو الإعلام

    قد تبدو الأخبار أو الموضوعات التي تنشر في الصحف ، والبرامج التي تعرض من على شاشات التلفزيون ، قد تبدو أنها بريئة وتلقائية وخالية من الفبركة للكثير من المتلقين لوسائل الإعلام أو الاتصال ، فهناك شرائح عديدة من المجتمع الى يومنا هذا لا تدرك حجم الإعلام وإمكانياته الجبارة ، ذلك لان الإعلام بالأساس يعمل بالخفية عن ما يتوقعه المجتمع منه ، فهو في أكثر الأحيان يميل الى التحريف والتمويه والخدعة إن تطلب الأمر، لإبراز الشكل النهائي للمضمون الذي ينويه وبأشكال متعددة ومختلفة ومن مؤسسة إعلامية الى أخرى، فعلى سبيل المثال هناك خبر ما لحدث ما نرى انه يتفاوت في الشكل الذي يحمله من مؤسسة إعلامية الى أخرى فكل مؤسسة تنشر الخبر وفق الفلسفة التي تعمل بها ووفق الأفكار والأيديولوجيات التي تناسبها أو التي تتعامل بها، فمن المؤسسات التي تبث الأخبار عن القضية الفلسطينية على سبيل المثال تشعر المتلقي للخبر بان المقاومة الفلسطينية بالحجارة للعدو الصهيوني إنما هو من صلب العمل الإرهابي على العكس من المؤسسات المحايدة التي تنقل الخبر دون أي غرض أو انحياز وتعتبر المقاومة حق شرعي للمواطن الفلسطيني المسلوب حقه ، ولعل المؤسسات الإعلامية الأمريكية خير دليل على ذلك لما تناشد به الإدارة الحكومية في أمريكا على ذلك ، ولهذا نرى إن اغلب الأخبار التي تبثها المؤسسات الأمريكية من هذا القبيل تكون مدسوسة بشكل أو بآخر بغية التماشي مع ما يترجاه الحكم في أمريكا ، في الواقع إن ما ذكر إنما يؤكد حقيقة قد تبدو هي الأخرى غافلة عن الكثير ممن هم يعملون في الإعلام وممن هم لا يعملون في الإعلام ، وهي حقيقة الإعلام المسير ، فالكثير يضن إن هناك حرية مطلقة للإعلام وان هناك حرية رأي وهناك اتجاه واتجاه معاكس وما الى ذلك من تداعيات تحفز على العمل الإعلامي المنفتح والمطلق العنان لكيف ما يشاء ويرتئي ، الواقع إن الإعلام رغم تلك التداعيات والعناوين الرنانة إنما هو رهن الحكومات بشكل ما أو بآخر ، وبعبارة أخرى شاء أو أبى ، فهناك حدود قد تكون واسعة وقد تكون ضيقة يسير عليها الإعلام في كل دول العالم ودون استثناء ، إلا ان هناك من التقنيات الإعلامية تلمع وتروج عن عملها وبأساليب لو انكشفت للمتلقين لظهرت أنها قبيحة وقذرة ، والدليل على ذلك هو الأخبار التي تبث أثناء الحروب والتي تتناقض من مؤسسة الى أخرى وفي أرقى الدول التي تعتبر نفسها مركز للديمقراطية ومركز للصحافة الحرة أو حرية الرأي ، فلو عدنا الى سنوات ماضية وتحديدا في أيام الحرب التي وقعت بين القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1991م لوجدنا إن كل المؤسسات الإعلامية التي كانت تبث الأخبار عن هذه الحرب كانت موالية للولايات المتحدة الأمريكية بشكل أو بآخر وبأساليب متعددة الأوجه والأشكال ، وكانت تبث كثير من الأخبار المدسوسة وغير الدقيقة بأغلب الأحيان أو أنها محرفة ، وتبث أخبار مبالغ بها كثيرا ، فعلى سبيل المثال أنا أتذكر شخصيا كوني عشت تلك الأحداث إذاعة (مونت كارلو ) الفرنسية التي تدعي في أكثر الأحيان حياديتها ونزاهتها أو موضوعيتها ، أتذكر جيدا أنها قامت بنقل جملة من الأخبار الكاذبة وبأساليب رخيصة للغاية إبان الحرب الأمريكية والقوات المتعددة الجنسية على العراق في عام 1991، وأتذكر أيضا إذاعة ( صوت أمريكا ) التي بثت من الأخبار في تلك الفترة ما لا يصدقه العقل إزاء الحرب لو أن العقل قد تعايش في الحرب أثناء تلك الفترة ، لكن ! ، وخلال تلك الفترة من هو المتفرغ أثناء الحرب ويقول إن هذه الإذاعات تكذب؟ ،ومن هو الذي سيصدق فيما لو قلنا إن هذه الإذاعات تكذب؟ ، ومن نحن أمام تلك الإذاعات إذاعة (مونت كارلو) و (صوت أمريكا) وغيرها من الإذاعات الأخرى التي تحمل تاريخ طويل في الإعلام إن أردنا القول بان هذه الإذاعة تكذب ، وهل سيصدق بنا احد لو قلنا ، خصوصا ونحن أطراف في القضية ، فإذاعة مونت كارلو وإذاعة صوت أمريكا متيقنة تماما من أن كل ما ستقوله عن الحرب سيصدق، وذلك لان الكثير من المستمعين للإذاعات في تلك الفترة هم ممن يسكنون في بيوت بعيدة كل البعد عن الحرب ولا يمكن لهم من التحقق من الأخبار ، لذا فتعبر عليهم مثل هذه الأخبار وتمر مرور الكرام دون حساب أو قيد ، إلا إن الذين يعيشون الحرب سيكتشفون تلك الأكاذيب ، ولكن متى ؟ ، فعندما تكشف الحقائق سيكون هناك استغراق في الوقت ينسي ما بث من كذب أو مبالغة وستكون هناك أخبار جديدة كثيرة جدا بعد الحرب ، تغطي الكذب الذي نشر وتعود تلك المؤسسات وتبث الأخبار بشكل حرفي لتعيد الثقة الى متلقيها وبنفس الوقت ترقع ما أفسدت أثناء الحرب وبصور متعددة يجهلها المتلقي ، وكذلك هو الحال مع وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف إبان الحرب التي شنت على العراق من قبل أميركا والدول متعددة الجنسيات في عام 2003 والذي ضل الوزير (الصحاف) يخدع ويكذب على الشعب العراقي وعلى وسائل الإعلام حتى آخر لحظة من احتلال القوات الأمريكية لبغداد وبأسلوب كثيرا ما كان يقنع المستمعين ويشوش عنهم الحقائق والوقائع، لدرجة أن الحقيقة أصبحت مجهولة، فبالوقت الذي يصرح الصحاف من ان القوات العراقية حاصرت القوات الأمريكية وستقضي على مجاميع كبيرة منهم نرى ان كبار ضباط الجيش العراقي والمخابرات والوزراء الآخرين قد اختفوا تماما، وان دبابات الاحتلال تسير وسط العاصمة العراقية دون أي مقاومة كما يزعم وزير الإعلام الصحاف، إذن هذه أمثلة للدور الذي تلعبه المؤسسات الإعلامية التي تبدو بريئة أو نزيهة في الحرب، وهو ما يعرب عن التحيز وعن النشاط السري والنشاط التعبوي الذي غالبا ما لا يعبر عن الحيادية أو الديمقراطية أو الحرية .
    كتابة الأخبار كما ذكرنا أعلاه لا تخلو من الانحياز أو من المجاملة مهما كان الأمر، وتختلف من تحرير الى آخر وتعرب عن معاني متعددة وعن تأويلات عديدة رغم أنها أخبار حقيقية ، فكيف هو الحال مع السيناريو الذي هو بالأساس من الخيال أو من الرؤيا التي يحملها المؤلف ، والتي غالبا ما تقترب الى الحلم والوهم الذي يناشد المخيلة ؟ .
    في 5-2-2003 وبينما كان مجلس الأمن الدولي يبحث في قضية العراق والحرب المحتملة عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، استعرض كولن باول وزير الخارجية الأمريكية تقريره الخاص بشان القضية وتحدث ساعة وعشرون دقيقة تقريبا وبتواصل مستمر دون أي انقطاع مع عرض للصور الفوتوغرافية ملتقطة عبر الأقمار الصناعية وصور أخرى مفبركة حاسوبيا ومنفذة عبر برامج الـ (3 Dimension ) مع بعض المشاهد الفيلمية وبعض المسامع الصوتية ، والواقع أن التقرير قد تم تقديمه بشكل متوافق ومتزامن (synchronization) مع الصور واللقطات والمسامع الصوتية بشكل مدروس ومنتظم لدرجة عالية من الدقة ، حتى ظهر التقرير وكأنه فيلم روائي يظهر على الشاشة ، حيث كان داخل المجلس شاشتان كبيرتان تعرض مجموعة من الصور والأفلام وبحجم شاشات صالات العرض السينمائية ، وهي مسالة اعتيادية في اغلب صالات الاجتماعات أو المؤتمرات في الوقت الحاضر ، إن ما عرضه كولن باول قد تم التعقيب عليه بعد الاجتماع من قبل المحللين السياسيين والصحفيين والمختصين على انه سيناريو من فعل الولايات المتحدة الأمريكية واتضح انه تكتيك دبلوماسي لجرف الرأي العام لصالح الولايات المتحدة، حتى أن بعض المعقبين على التقرير وصف أمريكا بأنها شهيرة في اللصق والتجميع أي شهيرة بما يسمى بالـ (collage) وهو مصطلح يطلق على عمليات تستخدم في السينما والإعلان لتحقيق افتراضات ليس لها صحة من الواقع أو يصعب تحقيقها في الواقع كدمج صورتين أو ثلاث صور في صورة واحدة مثل إظهار رجل في البحر أو السماء كـ (Superman) أو أن يظهر رجل عملاق اكبر من الجبل أو ما شابه ذلك ، الواقع إن ما قام به باول هو تأكيد على إن السياسة إنما هي السيناريو بحد ذاته ولكن بأشكال جديدة ، وان صالات الاجتماع التي تحوي على وسائل إيضاح وأجهزة العرض السينمائي أو أجهزة العرض الحاسوبية (data show) إنما هي إصرار على استخدام السيناريو في تقديم أو استعراض أي موضوع ، فوسائل الإيضاح لابد من أن تتوافر كي يكون الكلام مقنع ومفهوم أي انه لابد من التنظيم المسبق لكل حديث أو استعراض ، بمعنى ان السيناريو أصبح وسيلة من الوسائل المستخدمة في الحياة بشكل مستمر وبشكل اعتيادي ، وهو يستخدم في الكثير من المجالات وفي العديد من الأغراض وانه ليس قاصر على السينما والمسرح بل انه يستخدم من قبل العديد من الناس .

    إن اغلب الاعمال الكبيرة التي حققتها السينما في العالم لم ترى النور والنجاح دون السيناريو الذي يرسم الأحداث ويصفها، فهو الذي يحدد النهج للعمل وهو الذي يقود للعملية الإنتاجية بأكملها وهو في ذات الوقت الذي يحدد النوع للعمل ككل كونه القائد لكل ما حدث أو سوف يحدث ، فهو التنظيم الكامل والدقيق لكل أحداث العمل ولكل الشخصيات التي يفترضها وهو الذي يحدد الزمان والمكان ويحدد البداية والنهاية وهو يفترض الواقع والخيال والحقيقة والوهم ويصور بعدة صور ويستعين بالرموز وبالاستعارات ويخلق النمط للأحداث ومن ثم يعرب عما يريد من قول دون قيد ، فعلى سبيل المثال هناك أفلام سينمائية كثيرة نقلت من الصور الجديدة للواقع ما لا يصدقه العقل البشري وافترضتها وجعلت منها مادة للعديد من المتلقين ، ففيلم (سوبر مان) الذي مثله (كريستوفر ريف) قاد الكثير من المتلقين الى التعلق بالممثل وبالشخصية التي مثلها رغم ان الشخصية هي بالأساس من واقع الافتراض وليس الحقيقة ، فليس هناك في الكون من هو قادر على الطيران واللف حول العالم خلال دقائق ودون مركبة ، إذن هو افتراض إلا إن هذا الافتراض الذي أراده السينارست (كاتب السيناريو) قاد الى أن تنفق أموال هائلة وقاد الى أن تذهب ملايين الناس لمشاهدة هذا العرض ومن ثم قاد الى أن تكون هناك دراسات جمـة حول الآليات والتقنيات والفرق التي ستنفـذ السيناريو وقاد وقاد وقاد الخ .
    في الواقع ان كل ما بيّن أعلاه إنما هو للتأكيد على قضية غاية في الأهمية سواء في السيناريو أو في الإعلام بشكل عام ، وهي مسألة الموضوع الذين سيكتب والفبركة التي تلتف حوله لتعبر عن أهداف أو مضامين يرتئيها الكاتب أو المحرر أو الناشر ، فهناك حرفية بالغة الدقة في جعل الأحداث التي تكتب في السيناريو أحداث مؤثرة في المتلقي وتحمل مصداقية وان لم تكون صادقة في ذاتها ، فالافتراض الذي يخلقه السيناريو عميق للغاية ، وهو ما يجعل من المتلقين فريسة سهلة بان تتلقاه وتتعامل معه ، فهو يحمل من التأثير البالغ ويحمل من القدرات الهائلة بحكم انه سيكون عمل منجز أمام الأعين كان يكون فيلم أو تمثيلية أو يكون برنامج أو عمل تسجيلي الخ .
    بحكم الدراما التي يتعامل معها السيناريو أصبح السيناريو الأهم في العملية الإعلامية ذلك لأنه هو الأساس الذي يستند عليه في انجاز أي عمل فني وإعلامي كبير ، فهو المخطط الرئيس الذي ينتهج في عملية التصوير وهو التنظيم الكامل لكل العمليات التنفيذية في العمل بل انه النوع والكم الذي يرجى لتحقيق الإنتاج ، والسيناريو بشكل عام متوافر في الكثير من المنتجات الفنية وغير الفنية ، فهو يتوافر بالعمل الإعلامي وبشكل مستمر ولكن تحت عناوين أخرى ، فالإخبار التي تحرر وتصاغ وفق المفاهيم أو الفلسفة التي تنتهجها المؤسسة الإعلامية إنما هي سيناريو ولكن بعناوين أخرى ، حيث إن الأخبار تعرب عن مضامين ربما تختبئي وراء مضلات مجهولة إزاء المتلقين ، وكذلك تنتهج الأخبار حين تبث أسلوب خاص بالطرح وطريقة مميزة ولها شروط تكاد تكون نفس الشروط التي يرتئيها السيناريو من ناحية المضمون ، وهي ما تجعل من الأخبار في بعض الأحيان تحتاج الى تتابع والى تنظيم دقيق للغاية وتحتاج الى استهلال أو مقدمة ومن ثم وسط ونهاية لتكون أخبار مفهومة وواضحة ، لتحقق الرسالة التي ترجوها ، والواقع إن مثل هكذا شيء هو بالأساس يفعل مع السيناريو ولكن بصور قد تتباين لتكون أعمق أو لتكون أكثر سطحية إلا إنها وعلى العموم ذات الشروط التي تشترط في السيناريو ومن ثم هي ذات الشروط المرجوة في بعض الأحيان من السيناريو خصوصا وان هناك الكثير من السيناريوهات التي أعدت لتكون تقارير إخبارية أو لتكون برامج سياسية تعمل بدور التفسير عن الظواهر والأحداث التي تهم الأخبار ، حيث إن هناك جملة من الأفلام ومن البرامج تؤدي ادوار تقارب الأدوار التي تقوم عليها الأخبار وهي ما ترجى لتحقيق جملة من المآرب أو الأهداف التي تحتاجها بعض المؤسسات الإعلامية لتمشية أمورها أمام المؤسسات العملاقة أو أمام القوى الجبارة كما هو الحال مع إذاعة (مونت كارلو) التي قامت بتخطيط سيناريو لكل الأخبار التي تبث عن الحرب التي شنت بين العراق ودول التحالف عام 1991 م وكشفت عن تملقها وانحيازها لأميركا ، وكذلك هو الحال مع المؤسسات الإعلامية الأخرى التي روجت عن أخبار تعرف جيدا أنها غير دقيقة وصحيحة ، ولكن كونها تحقق لها مكاسب مادية التجأت إليها وبالتالي عبرت عن مخطط لعملها الذي يقترب الى عمل السيناريو والذي نحن الآن بصدده .
    إن مفردة سيناريو تقترن بالتخطيط أو التحضير أو التنظيم كون إن السيناريو إنما هو التنظيم ذاته للأحداث وللأفعال التي ستقدم في أي عمل ، فهناك تنظيم للأحداث لابد أن يأخذ مجراه كي تكون الأحداث معقولة ومقبولة ، فبغير التنظيم لا يمكن أن تقبل الأحداث أو الأخبار ذلك لان ليس كل ما يقال يصدق ولا كل ما يسمع هو مسموع مؤثر ، فهناك جملة من التدابير والمبادئ التي لابد من توافرها لكي تكون الأخبار والأحداث أو ما نريد تكون منشورة في الصحف ووسائل الإعلام ، وهي ذات التدابير والمبادئ الواجب توافرها في السيناريو مع اختلاف بسيط في الطرح آو الطريقة والتقنية ، فالسيناريو ليس سوى من إقناع في تنظيم وتسلسل للطرح المراد تفسيره فهو الرواية التي نبغيها للتوصيل الى شيء ما ، وقد يلجا السيناريو الى الأسلوب الوثائقي أي استخدام الوثيقة وذلك للتعبير عن الحدث أو الحالة بشكل أكثر جدية وإلحاح على المستوى القريب والبعيد كما هو الحال في الأفلام التسجيلية عن الحروب أو الأزمات أو الكوارث الطبيعية، أو قد يستخدم الرواية والفنطازيا والخدع والبدع السينمائية والتلفزيونية للتعبير عن حالة أو ظاهرة أو فكرة على المستوى الاستراتيجي كما هو الحال في الأفلام الأمريكية الروائية التي غالبا ما تستعرض القوة الأمريكية من خلال رامبو أو سوبرمان أو ارنولد بحيث أصبح المتلقي لمثل هذه الاعمال يدرك حجم أمريكا دون أن يسافر لها أو يعيش فيها .
    السيناريو روائي أم غير روائي ؟

    الفيلم الوثائقي هو عكس الروائي أي انه غير روائي ويمكن أن نقول أن هناك نوعان من الأفلام أفلام روائية وأفلام غير روائية. والواقع إن هناك المزيد من الأمور التي تجعل الفيلم الروائي يختلف عن غير الروائي أو الوثائقي ، حيث إن الفيلم الوثائقي غالبا ما يتميز بميزات قد لا تتوافر في الفيلم الروائي وكذلك هو الحال مع الفيلم الروائي الذي يحمل من المزايا قاصرة فيه ويمكن درج تلك الاختلافات على ما يأتي :-
    1- الفيلم الوثائقي يستند على الوثائق ويبتعد عن القصة والخيال على العكس من الفيلم الروائي الذي يستند للقصة والخيال في تكوين مادته.
    2- الفيلم الوثائقي غالبا ما يتضمن تعليق مصاحب للمشاهد أو الصور التي يستعرضها بينما يكون الفيلم الروائي خالي من التعليق إلا ما ندر.
    3- الفيلم الوثائقي غالبا ما يستند على اللقاءات والمقابلات مع المسئولين أو ممن هم أصلا موجودين في فحوى مجرى الأحداث ، بينما نجد إن الفيلم الروائي لا يتضمن المقابلة أو اللقاء مع الناس .
    4- الفيلم الروائي لابد وان يجمع شخصيات عديدة وهي شخصيات تقوم بادوار تمثيلية يمثلها ممثلون محترفون ، أي أنها تقدم عناصر الدراما عبر الأداء التي تقوم به تلك الشخصيات ، بينما نجد إن الفيلم الوثائقي لا يضم شخصيات تمثيلية إلا ما ندر وبحالات فريدة .
    5- الفيلم الوثائقي غالبا ما يعتمد على مقدم أو معلق يقود موضوع الفيلم ويفصح عن محتواه ،وفي بعض الأحيان يلجأ الى كتابة تعليقات داخل أحداث العمل تفسر الموضوع وتحلله ، بينما الفيلم الروائي تقوده الشخصيات والحوار والحركة المفتعلة في تفسير وتحليل موضوع العمل .
    6- الفيلم الوثائقي كثيرا ما يستند الى التصوير الحقيقي للمواقع ، أي انه غالبا ما يذهب للمواقع الحقيقية التي تمت فيها الأحداث ويصورها ليظهرها في الفيلم بينما نلاحظ أن الفيلم الروائي كثيرا ما يستعين بالديكور والإكسسوارات والمواقع المركبة والأماكن الوهمية في بلورة وطرح موضوعه .
    7- الفيلم الروائي يتجاوز في وقته ساعتان أو الثلاث ساعات بينما يكون الفيلم الوثائقي في اغلب الأحيان محصور في وقت محدد بين الدقيقة والساعة ، أي أن الفيلم الوثائقي قد يكون بدقيقة واحدة أو قد يكون بساعة أو قد يكون بعشرة دقائق أو ربع ساعة الخ ، بينما يلاحظ على مجمل الاعمال الروائية أنها تتجاوز الساعة أو الساعة والنصف أو الساعتين ، بل ان من الأفلام الروائية ما هي تتجاوز الثلاث ساعات .


    نموذج لسيناريو فيلم تسجيلي:-

    ملاحظة : استخدمت موسيقى مختارة من مؤلفات عالمية للسيناريو ، في الاعمال العالمية توضع ميزانية للموسيقى ، وكاتب السيناريو كتب هذه الموسيقى وهو لا يعلم إن كانت الموسيقى سيضعها مؤلف خصيصا للعمل أم أنها ستكون مختارة ، وبكلى الحالتين فان السينارست أراد أن يعطي تصور للمخرج عن طبيعة مود الموسيقى أو حالتها .

    بسم الله الرحمن الرحيم

    النص الإذاعي

    كثيرا ما نستمع للإذاعة وهي تبث أعمالها الإذاعية التي تعتمد المخيلة في المتلقي وتصوراته وكثيرا ما تجذبنا نحوها عبر الأصوات التي تطلقها ، دون أن نرى منها أي شيء ، فهناك مزيد من الإذاعات الصوتية تقدم برامجها بالاستناد الى إذن الإنسان فقط ، أي أنها تضاعف جهدها في توصيل ما ترتئيه من خلال الصوت فقط ودون الاستناد الى الصورة المرئية على اختلاف ما يستند إليه التلفزيون أو السينما في تقديم صور مرئية .
    إن الاستناد الى الصوت دون الصور المرئية يشكل تحدي صريح لكل ما تقدمه السينما أو التلفزيون من صور ، فحين يكون العمل الإذاعي قادر على استقطاب المستمع من السينما أو التلفزيون فان مثل هذا الأمر إنما هو الانتصار بعينه الذي ترجوه الإذاعة، ذلك لان الإمكانيات في المعاملة التي تحظى بها السينما والتلفزيون تفوق بكثير ما تحويه الإذاعة من إمكانيات فهناك أموال هائلة تنفق على العاملين وعلى المواد والتقنيات السينمائية وهناك أمور عديدة تحتاجها السينما لإنتاج أي عمل سينمائي ترتئيه ، بينما في الإذاعة لا يكون مثل هذا الأمر على الإطلاق فمهما بلغت الإمكانيات والأموال التي تنفق في الإذاعة على أعمالها لا تصل الى الحجم أو الأرقام التي تنفق في السينما أو التلفزيون ، فهناك فروق واسعة وعديدة في تنفيذ الاعمال السينمائية أو التلفزيونية عن تقنية الاعمال الإذاعية .

    التمثيلية الإذاعية:

    لوحظ في كثير من المحطات الإذاعية إن البناء الدرامي في العمل الإذاعي يشكل استناد رئيس وقاعدة مهمة لتحقيق البث الإذاعي المتواصل والمؤثر فهناك كثير من المحطات الإذاعية تتعامل مع التمثيلية الإذاعية كوسيلة من وسائل الاستقطاب والتأثير في المستمعين ، كون إن التمثيلية الإذاعية تعمل على خلق صورة ذهنية عند المستمع وتبني خيال متصاعد ومتطور في بلورة مواضيع ذات متعة ومعرفة فقد لوحظ أن الأذن تستسيغ كثيرا للبناء الدرامي المنبلج من مقومات وعناصر الدراما غير المرئية كون إن التمثيلية الإذاعية تتضمن في أكثر الأحيان مجموعة من المؤثرات الصوتية و الموسيقى والحوارات والأغاني والصمت والتعليق وهي العناصر الرئيسة في الحقل الصوتي لأي عمل سينمائي أو تلفزيوني ، وهو الأمر الذي يشكل في نهاية المطاف محاكاة مناظرة للمحاكاة التي تقوم بها السينما أو التلفزيون ، وبحكم التقنيات والافتراضات المتوافرة والمسموحه للعمل الإذاعي شكلت التمثيلية الإذاعية توازن للأفكار التي يطمح لها المستمع وحققت مزيد من التواصل والتلاحم ما بين المستمع والعمل نفسه حيث إن العمل الإذاعي كثيرا ما يجرف الأذن وكثيرا ما يحاكي المتلقي وكثيرا ما يجبر بالاستمرار في التلقي من خلال الخيال الذي يفتعله العمل بأدواته التي تناظر وأدوات الحقل الصوتي في الفيلم.
    إن المناظرة التي تنشدها التمثيلية مع الحقل الصوتي في الفيلم السينمائي أو التلفزيوني إنما هي مستندة في الأساس على المهارة والخيال الذي يفترضه الكاتب الإذاعي للتمثيلية والواقع إن هذا الخيال وتلك المهارة لا يمكن أن تتحقق بالشكل الذي ببغيه العمل نفسه ما لم تتوافر مزيد من المواصفات والشروط الواجب اعتمادها، فهناك متغيرات عديدة في تلك الأدوات التي يتعامل معها العمل الإذاعي والكاتب الإذاعي نفسه وهي متغيرات تحتمل العديد من الافتراضات والعديد من الأشكال والتنويعات التي تبلور مزيد من الأنواع الإذاعية الدرامية وتبلور مزيد من الجماليات ومزيد من المتعة ومزيد من الاستقطاب والإبهار والتأثير ، وهي كثيرا ما تتحقق في الفيلم التلفزيوني أو السينمائي بصور مغايرة وبعيدة عما تتحقق في مخيلة المتلقي كون إن مخيلة المتلقي في العمل الإذاعي تستند الى الإصغاء الذي يعتمد الاستماع عن طريق الأذن بينما نرى الفيلم التلفزيوني يستند الصورة من خلال العين التي تخلق حقيقة افتراضية غير الحقيقة الافتراضية في الإذاعة كون ان الصورة التي تبرز العمل التلفزيوني أو السينمائي كثيرا ما تصاغ وتتطور مع متغيرات إضافية من العناصر الصورية، فلذلك يفترض العمل التلفزيوني افتراض مباشر كيف ما شاء عبر عناصره الصورية متجاهلا في اغلب الأحيان الخيال الذي تستند إليه الإذاعة وذلك بحكم الصورة المرئية التي تعبر في أكثر الأحيان عن الكثير من الحوارات والأصوات التي تستند لها الإذاعة .
    حين نفكر في أن نكتب تمثيلية إذاعية لابد لنا وان نأخذ في نظر الاعتبار مسائل عديدة عند الكتابة ، كون إن التمثيلية الإذاعية تسمع ولا تشاهد كما هو الحال في الفيلم السينمائي أو التمثيلية التلفزيونية وهو الأمر الذي يحتم على كاتب التمثيلية الإذاعية أن يراعي جملة من الأمور التي تجعل من العمل الإذاعي عملا مقبولا أو عملا ناجحا وهي أمور تكاد تكون نفس الأمور الواجب اتخاذها في كتابة العمل الدرامي التلفزيوني أو السينمائي من حيث البناء الدرامي ، حيث إن العمل الدرامي التلفزيوني أو الإذاعي لا يختلف عن الدراما السينمائية أو التلفزيونية أو المسرحية كون ان للعمل الإذاعي بداية ووسط ونهاية ، وعموما البناء الدرامي في الإذاعة يستند على أسس البناء الدرامي العام والمعروفة من فكرة وشخصيات وحوار وحبكة وهي كما حددناها في البناء الدرامي ملازمة في أي دراما أي أنها لابد من ان تتوافر لتخلق عملا دراميا مقنعا يحمل من الصراع ما يستقطب المتلقي ويبهره أو يثير انتباهه .
    وهنا لابد من معرفة مزيد من الأمور الواجب إتباعها في العمل الإذاعي بشكل محدد لخلق عمل إبداعي إذاعي مقبول يمكن ان يذاع من الراديو كما حددها خبراء العمل الإذاعي .
    1- استثمار المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية في العمل الإذاعي بالشكل الذي يسعف المسامع الصوتية في التعبير عن الانتقال أو في التعبير عن الجو العام.
    2- الابتعاد عن الوصف الأدبي المركب الذي يعيق الفهم ويبطئ الإدراك من قبل المتلقي في فهم المعنى الكامل للعمل بالوقت المناسب ، كما ينصح في الابتعاد عن الزخارف الأدبية ذات الانعكاسات المتعددة أو المردودات البلاغية .
    3- اللجوء الى الروايات أو القصص أو الموضوعات الأدبية التي تصلح للإذاعة والابتعاد عن دون ذلك ، فهناك الكثير من الاعمال الأدبية التي لا تصلح أن تكون تمثيليات إذاعية كالروايات الطويلة التي تستند على القراءة وتستند على التعبيرات الأدبية البليغة كالمسرحيات التي تستند التعبير الإيمائي أو تعتمد جماليات الحركة أو ما شابه ذلك .
    4- الاعتماد على الحوارات ذات الدلالة والتعبير لتكون بديلة عن الصور التي يستخدمها الفيلم السينمائي والتلفزيوني.
    5- الدقة في تحديد معالم الشخصيات كي يتأملها المتلقي ومن ثم يتعاطف معها أو ضدها وبالتالي يتحقق أهم عنصر من العناصر الأساسية في التشويق وهو التعاطف.
    6- التأكيد على ان العمل الإذاعي بأنه عمل مسموع أي أن تكون الكتابة للأذان فقط والابتعاد عن الكتابة التي تقرأ .
    7- مراعاة أخلاقيات الإذاعة ، فالإذاعة منتشرة بشكل واسع للغاية ومن غير اللائق أن تكون في الأعمال الإذاعية مفردات لا تتواءم والمجتمع الذي نكتب له من حيث الأخلاقيات والمنطق والأدب .
    8- هناك الكثير الذين يستمعون للإذاعة لا يملكون التحليل المنطقي للإشارات والرموز والإيحاءات التي تظهر في السينما أو التلفزيون ، لذا توجب أن يكون الوضوح والدقة في الحوار والمؤثر والموسيقى في العمل ككل ليكون العمل مسموع وناجح .
    9- الإقلال من الحوارات الداخلية المعقدة التي تربك فهم المتلقي كون الشخصيات غير مرئية وبالتالي قد تختلط مع الحوارات الأخرى وتبدو كأنها مخاطبة.
    10- الابتعاد عن الحشو والتكرار والجمل القصيرة التي لا تغني المتلقي في أن يفهم المغزى الحقيقي للعمل.
    11- التأكيد على ان تكون الشخصيات حية وبسيطة أي ان لا تكون شخصيات معقدة ومركبة وتحمل من الألوان والأنماط المتعددة التي تربك الإدراك أو الفهم لطبيعة الشخصية .
    12- الاستناد في الكتابة على موضوع مثير يخلق التشويق ويمتع المستمعين وذلك من خلال تناول موضوعات تهمهم وتؤثر بهم ومن ثم الابتعاد عن الموضوعات التي لا تشغلهم أو التي لا تهمهم أو تثيرهم .
    13- المحافظة على إيقاع العمل الإذاعي بشكل متساوي ومتناسب مع حجم العمل كون أن العمل الإذاعي عمل بالأساس يستند الى الدفق الصوتي وهو الأمر الذي يؤكد الاهتمام بالإيقاع لموازنة العمل بالشكل الذي يؤمن وصول الفكرة أو الموضوع بيسر وسهولة .
    15- اللجوء الى المنطق والعلمية في كتابة الحوار والابتعاد عن كل ما هو غير معقول أو غير منطقي ذلك لان عملية تغيير القناة الإذاعية بالنسبة للمستمع تكون غاية في السهولة ومن ثم تكون هناك محطات أو قنوات إذاعية كثيرة تراهن على كسب المستمع لتحقيق النجاح .

    عناصر التمثيلية الإذاعية :

    كما ذكرنا إن أي عمل درامي مهما يكون شكله لابد أن تتوافر به مقومات أو عناصر الدراما والتي هي الفكرة والشخصيات والحوار والحبكة ، والعمل الإذاعي لا يختلف أو يتعارض في درامته مع بقية أنواع الدراما ، فهو بالإضافة الى ضمه العناصر الخاصة بالدراما نراه يضم عناصر أخرى تعمل على أن يكون العمل الدرامي عملا دراميا في الإذاعة ، وهذه العناصر كما يأتي .
    1- الموضوع أو الفكرة.
    2- الخطة.
    3- الشخصيات.
    4- الأمكنة.
    5- الحوار.
    6- المؤثرات الصوتية.
    7- الموسيقى.

    البناء الدرامي في السيناريو
    إن أي فيلم روائي أو أي تمثيلية تلفزيونية أو مسلسل لابد من وان يحوي على بناء درامي يسلسل الأحداث ، حيث ان البناء الدرامي إنما يكون المخطط الذي ينتهج العمل ككل ، فالبناء الدرامي يتواجد بشكل إجباري في أي عمل روائي فهو الذي يؤسس العمل ككل كونه الموجه نحو موضوع العمل وكونه الأساس الذي تنشا عليه الأحداث والموضوعات ، لذا كان البناء الدرامي هو المحطة الرئيسية التي يستند عليها كاتب السيناريو في بناء أي عمل روائي يقدم عليه ، والبناء الدرامي بالرغم من انه يشكل الأساس الرئيس للعمل الروائي فهو يختلف من كاتب الى آخر كون الرؤيا أو المخيلة التي يتمتع بها الكاتب تتفاوت من واحد لآخر ومع ذلك تبقى المقومات التي يستند عليها البناء الدرامي واحدة وأساسية ، فالأعمال مهما اختلفت ومهما تباينت لابد وان تحمل عناصر ثابتة تركز العمل الروائي ، فهي عناصر لا يمكن الاستغناء عنها مهما كانت طبيعة الاعمال ، وهي في نفس الوقت العناصر التي تتوالد وتتطور اثر العلاقات التي تربطها لتحقق في النتيجة دراما متكاملة ، حيث إن كل عنصر من عناصر الدراما إنما يرتبط بالعناصر الأخرى بشكل أو بأخر وهو واجب توفرها بالاجمع لإكمال البناء الصحيح ، فلا يمكن أن يستغنى عن أي عنصر من العناصر التي تخلق الدراما إلا ما ندر ، والعناصر الرئيسية للدراما هي :
    الفكرة
    الحوار
    الشخصيات
    الحبكة
    حيث ان هذه العناصر مهما كانت الاعمال ومهما أصبحت أو بلغت لابد وان تتوافر ، وفي نفس الوقت مهما تباينت الاعمال الدرامية أو الروائية ومهما تباين عرضها وطريقة طرحها فهي واحدة ولا يمكن أن تكون مختلفة ، ومع ان هناك ممن يظن ان الاعمال السينمائية الجيدة هي التي تعبر من خلال الصور وليس الحوار، وممن يظن ان أعمالا سينمائية روائية لا تشمل على شخصيات حقيقية بان لا تحوي على ممثلين يقومون بادوار الشخصيات في العمل فأن هذا الظن إنما هو لا ينطبق في كل الأحوال والظروف، فصحيح ان هناك أعمالا روائية لا تحوي على الحوار أو لا تحوي على الشخصيات لكن الحوار والشخصيات موجودة بشكل أو بآخر وبوسائل للتعبير تفوق ما يتصوره المتلقي، فعلى سبيل المثال هناك أعمال روائية تجمع بين شخصيات كارتونية ولا يمثل فيها أي ممثل لكنها بالنتيجة تحوي على الشخصيات ذلك لان الذي يقوم بالأحداث الشخصيات ، كما هو الحال في أفلام كارتون ( توم وجيري ) ، فالقط توم إنما هو شخصية مستقلة بحد ذاتها وجيري أيضا، فهما يقومان بأحداث يمكن أن يقوم بها ممثل حقيقي ويكون عمل روائي للكبار وليس للصغار ، وكذلك هو الحال مع الأفلام التي تعتمد على الحيوانات فقط كأن تكون الأحداث في غابة ما أو أي مكان يحوي تلك الحيوانات كفيلم (lion king) أو حتى فيلم (Garfield) .
    وهنا لابد من أن نتعرف على ان أي عمل درامي إنما هو بداية ووسط ونهاية ، أي إن العمل كما حدده سد فيلد في كتابه (السيناريو) لابد من أن يتضمن بداية (set up) ويتضمن وسط (confrontation) ويتضمن نهاية (resolution) .
    البداية تحوي عادتا المقدمة أو الاستهلال تمهد الى دخول الأحداث وتبشر في سير نوع العمل ومن ثم تعمل على خلق الافتراض الذي يسعى له العمل وفي نفس الوقت تفصح عن الشخصيات والعلاقات التي تربط تلك الشخصيات وتحدد في ذات الوقت أيضا الزمان والمكان والشكل العام لطبيعة الموضوع، وتنذر بما سينجم أو يحدث من تطور وتبلور لكل مجرى الأحداث لكي تكون مقبولة ، وبعد ذلك تأتي نقطة الهجوم ( point of attack ) في مرحلة الوسط وهي نقطة لبداية تأزم الأحداث كون أن هذه النقطة هي التي تشعل الفتيل وتصعّد بالأحداث بعد أن يمهد لها، وهي في ذات الوقت تكون المقدمة للصراع أو المقدمة للأزمة التي تفتعل الحبكة وتبلور الصراع، حيث لا قيمة للعمل ما لم تكن هناك أزمات أو يكون هناك صراع لكي تكون الحبكة، حيث ان الحبكة لا يمكن ان تكون ما لم يكن هناك صراع ، وكان الكاتب فخري قسطندي في موضوعه بناء الحبكة قد أكد ذلك حين قال (لا حبكة بدون صراع ولا صراع بدون حبكة) ، وما أن تظهر الأزمة بعد نقطة الهجوم تتوالى أزمات مرتبة ومنتظمة تعقد سير أحداث العمل الدرامي وتخلق في نفس الوقت أزمات درامية أخرى ليكون الصراع متطور ومتشتت ومعقد للغاية من الصعب حله أو فكه وهو الأمر المطلوب في العمل الدرامي الناجح، كون ان الصراع المفضوح أو السهل يكون غير مرغوب لأنه مكشوف ، وكونه لا يحمل من الأسرار ما تحفز المتلقي في أن يكشفها، وفي نفس الوقت يكون المتلقي غير راغب في أن يصارع صراع العمل الدرامي البسيط، أي أن لا يشترك في أحداث الدراما السهلة ، فالمشاهد كثيرا ما يرغب في أن يحل بنفسه التعقيدات الدرامية والأحداث التي يتلقاها على أن تكون معقدة ومحبوكة بالشكل الذي يتواءم وإمكانياته وتوجهاته وهو الأمر الذي يعزز في النتيجة أن يكون العمل ناجح أو مقبول .
    إذن لابد من خلق أزمات ، ولابد من هذه الأزمات أن تكون متعددة ومعقدة في العمل ليكون الصراع مركب أو معقد يسهم في تحقيق موازنة درامية مرغوبة ومعقولة في نفس الوقت ، وهذه الأزمات إنما هي الأساس الذي يطور الحبك الدرامي ويشعل الفتيل الدراماتيكي في فحوى الأحداث المتعاقبة ، لذا فان أي أحداث متعاقبة أو متراكبة في سير العمل لا تحدث ما لم تكن هناك مجموعة من الأزمات ، وهذه الأزمات تسلط وتركز الأحداث لتجبرها في نهاية المطاف على أن تتبلور عبر مساحة معقولة من سير العمل الفني .
    وبعد أن تتطور الأزمات تكون هناك جملة من التعقيدات التي تكوّن مجتمعة التعقيد أو الحبك، كون ان الأزمات تخلق الحبكة الدرامية أو الصراع والواقع هذا الصراع يبقى مع مرحلة الوسط مستمر ومتناوب ، فمرة نرى إن الصراع يتأرجح مع البطل ومرة أخرى يتأرجح ضد البطل وبشكل متوالي ومستمر حتى تأتي الذروة التي تحسم ذلك التأرجح وتحدد فيما لو ينتصر البطل أو يخسر أمام الخصم ، أي أن الذروة تكون هنا قمة الأحداث التي ستنفرج أو تنحل حلا سلبيا أو ايجابيا ، فالذروة يسعى لها الكاتب دائما ويخطط من بداية الأحداث حتى نهايتها على أساسها كونها المنطق المقنع لكل ما يحدث وكونها المرحلة الأخيرة من الأحداث ، حيث إن الحل ياتي مباشرة بعد الذروة ، وفي أكثر الأحيان لا تكون قيمة للحل إزاء الذروة التي تمهد الى نهاية العمل وتكشف المصير وتنذر بالنهاية فهي قمة التأزم المنفرج أي أنها اللحظة الأخيرة التي ستكشف انتصار البطل أو اندحاره أمام الغريم أو الند أو الخصم .
    ويمكن عبر المخطط الآتي ملاحظة التطور والتصاعد الذي يحدث في البناء الدرامي عبر المسيرة التي تبدأ بالبداية وتنتهي بالحل:-


    *ـــــــــــــــــــ*ــــــــــــــــ
    البداية الوسط النهاية
    Set up Confrontation Resolution


    سيناريو للسينما وسيناريو للتلفزيون
    (موجة هجوم حادة انصبت فوق رأس الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة عندما طرق أبواب السينما في أفلام (كتيبة الإعدام ) ، ( الهجامة ) ، ( تحت الصفر ) ، وقالوا كيف له وهو التلفزيوني ان يدخل أعتاب السينما ... وكأنه مبدع أجرم عندما قدم محاولاته السينمائية تلك)(3).
    يلاحظ ان الهجوم الذي لحق بالكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة فيه تصور واضح حول الفرق ما بين الكتابة للتلفزيون أو للسينما ، بمعنى ان هناك فرق ما بين الاثنين ، وهنا لابد من الإشارة الى ان هذا الهجوم الذي نتحدث عنه لا يعني ان أسامة أنور عكاشة هو كاتب للتلفزيون فقط ، بل على العكس فالكاتب المبدع أسامة أنور عكاشة اثبت ومن خلال أفلامه السينمائية قدراته المتميزة في الكتابة ، بدليل انه كتب العديد من الأفلام .
    قد يعرض الفيلم السينمائي من على شاشة التلفزيون ويصبح عملاً تلفزيونياً كونه أصبح مادة تلفزيونية تبث عبر ساعات البث التلفزيوني ، إلا ان هناك مسالة في غاية الأهمية وهي الأهداف والأسس التي يستند عليها الفيلم السينمائي قبل ان يظهر على شاشة التلفزيون، حيث ان الإمكانات المادية الهائلة التي تنفق على إنتاج الفيلم السينمائي تتجاوز الحدود المرسومة للإنتاج التلفزيوني، وهو الأمر الذي يدعو في النتيجة الى إن العمل السينمائي يحمل مناخ خاص في الإنتاج والتوزيع والعرض والإيرادات، حيث ان الفيلم السينمائي يحمل من الأجواء ما لا تحمله الاعمال التلفزيونية، وهي ما تمنح العمل السينمائي الخصوصية التي تجعل من الفيلم السينمائي يتميز في الجاذبية أو في الاستقطاب .
    إن الأهداف أو الأسس التي يستند بها الفيلم السينمائي يمكن أن تندرج ضمن الصناعة الفيلمية أو التجارة التي تحقق الفيلم وتمنحه الديمومة أو الاستمرار في التدفق لحجم الإنتاج السينمائي، فهذه الأسس إنما تختلف عما عليه في الإنتاج التلفزيوني كونها تتجاوز الحدود المعقولة في الناتج التلفزيوني ، فكميات الأموال التي تنفق في السينما لصناعة فيلم ما إنما هو تكريس وإصرار في الانفراد أو الخصوصية إزاء التلفزيون، كونها أموال تبدو خيالية فعلى سبيل المثال الأجر الذي قد يتقاضاه المؤلف الموسيقي في فيلم سينمائي عالمي قد يصل الى أجرة إنتاج عمل تلفزيوني كامل كما هو معروف في أفلام حرب النجوم أو جيمس بوند أو تايتنك أو ماتركس وغيرها ، فاجرة الموسيقى في فيلم(Dai another day)( مت في يوم آخر )للمؤلف الموسيقي( ديفيد ارنولد) تقترب الى المليون دولار وهو المبلغ الذي ينفق على إنتاج عمل تلفزيوني كامل ، ففي لقاء مع الموسيقار العربي الكبير عمر خيرت ، أجاب عن سؤال وجه له عن أجرة المؤلف الموسيقي في بعض الأفلام الأمريكية كأفلام جيمس بوند أو أفلام المخرج ستيفن سبيلبرغ، إن الأجرة تصل الى مليون دولار وذلك لحجم الإنتاج ولحجم الحالة التي يكون فيها الفيلم السينمائي والبهاء والطبيعة التي يتمتع بها الفيلم عن المسلسل ، والواقع إن الإجابة هذه للموسيقار عمر خيرت تنطبق معه في أعماله السينمائية والتلفزيونية فهو يتقاضى اجر لموسيقاه في الفيلم السينمائي ما يفوق الأجر الذي يتقاضاه في العمل التلفزيوني ففي فلم ( سكوت هنصور ) للمخرج يوسف شاهين تقاضى اجر تفوق عما يأخذه في العمل التلفزيوني، لا لسبب ان الفيلم السينمائي أجوره اكبر من التلفزيون أو من هذا القبيل بل إن الموسيقار عمر خيرت سيبذل جهود أكثر وسيقدم عمل اكبر وأصعب ولربما اعقد ، وذلك لأنه سيتناول الصورة السينمائية من خلال مخيلة له تتفاوت وتختلف مع طبيعة العمل الذي يقدم عليه في التلفزيون، أي إن هناك مخيلة للفيلم السينمائي وتصور غير اعتيادي أمام الاعمال التلفزيونية ، لذلك فهناك كم من التصورات وكم من الجهود للبحث عن ما هو يلاءم المشاهد الضخمة في الإنتاج السينمائي الذي عادة ما يكون في غاية من الدقة والوضوح إبان عرضه من على شاشات العرض السينمائي، سيما وان هناك من الخصوصيات في العرض السينمائي ما تمنح المتفرج مزيد من التمعن أو الإمعان بكل تفاصيل العمل .
    إن العرض السينمائي وما يحتويه من خصوصية أو نكهة تمنح الفيلم السينمائي أولويات عديدة في أن يتفوق على العرض التلفزيوني ، فشدة الوضوح أو النقاوة الصورية وعمق الصورة النابع من الأفق الضوئي لطبيعة العرض السينمائي وتضخيم الصوت ورخامته إنما هي أسباب كافية لجعل المتلقي يميل الى المشاهدة السينمائية الضخمة ، أما في التلفزيون وما يحويه من كم هائل وشامل وواسع من الاعمال المتنوعة والأخبار والبرامج فلا يحظى بهذا الميل الذي ينشى عند المتلقي ، وذلك لأسباب أخرى غير التي ذكرناها من عمق ورخامة ودفق ووضوح ، حيث التقاليد في المشاهدة السينمائية أجبرت الى حد بعيد أن تكون مرحلة الاستقطاب عند المتلقي بهذا الشكل أو بهذه الصورة التي تميز السينما ، وهنا لابد من التذكير الى ان التقاليد ليس كفيلة في ان تتفوق السينما على التلفزيون وإنما الأجواء والمتعة والخصوصية للفيلم هي الأساس في أن يكون الفيلم السينمائي بصالة العرض السينمائي هو الأفضل ، ولعل الاعمال السينمائية التي تعرض الآن من على صالات العرض عبر أجهزة التلفزيون ( L.C.D) أو (Data show) وهي تشابه الى ما يعرض في السينما، لعلها دليل واضح على العمق السينما وارجحيتها أو جدواها إزاء التلفزيون ، فهذه العروض عبر (LCD) أو (Data shoe) لم ترتقي الى السينما رغم أنها تعرض نتاجات سينمائية بالأساس ، وهو ما يوعز الى ان السينما تشكل طقوس للعرض لتمنحها الجاذبية والأولوية والأفضلية في الاستمتاع والمشاهدة.
    قد تكون السينما متمتعة بهذه الخصال قبل ظهور التلفزيون، إلا أنها تطورت الى حدود واسعة إزاء ظهور التلفزيون، وذلك لخلق منافسة وخلق أفضلية لها بحيث أنها ابتكرت آليات جديدة في التصوير وفي العرض وفي الصوت وفي المونتاج ، أو في التقنيات التي تتعامل معها وهو ما جعلها تتميز لتحافظ على مكانتها ، وهنا تحديداً لابد من الإشارة الى ان هذا الأمر هو الذي ساق الى أن يكون للسينما سيناريو مخالف أو منافس لسيناريو التلفزيون، حيث إن المنافسة والتقنية والطقوس التي يخلقها وغيرها من الخصوصيات للسينما تجعل من كاتب السيناريو أن يتخطى حدود كبيرة كي يكتب للسينما ويقدم رؤيا منفردة ومتقدمة عما عليه في التلفزيون ، ولربما يكون ذات السينارست الذي يكتب للتلفزيون يغير طموحاته وأفكاره ليمنحها الى السينما، وهي ما قد يتشدق بها في نتاجه التلفزيوني المنعكس عن السينما .
    إذن السينما تحمل سيناريو يقارع السيناريو التلفزيوني كون أن السينما في كل الأحوال ابلغ وأوسع وأطور ، فكل التقنيات التي تظهر في التلفزيون إنما هي بالأساس تقليد لما يظهر في السينما ، ومن هنا كان للسينما أن تغوص وتبحث بعمق لكي تحافظ على نموذجيتها في العرض عما هو عليه في التلفزيون ، ولكي تصل الى ما ترموا لها فهي في استمرار دائم على عرض المزيد من الحداثة من الابتكارات التي تفوق بكل الأشكال والأحوال ما يتوصل له التلفزيون ، لذلك فان كاتب التلفزيون لا يمكنه ولو حتى التخيل أو التصور الذي يتصوره أو يتخيله بالكتابة للسينما ، أي ان ذات المصدر الذي يكتب للسينما ويكتب للتلفزيون لا يقدم الرؤيا بنوع واحد في الكتابة للسينما وللتلفزيون ، هو يكتب بشكل للسينما ويكتب للتلفزيون بشكل آخر ، فعملية تخيله للأحداث وهو يكتب للسينما غير عملية تخيله لذات الحدث لو فكر ان يكتب للتلفزيون، وكذلك هو الحال ما سيعرض من إمكانيات متوقعة للعرض التلفزيوني هي الأخرى لا يمكن أن تحفز السينارست على أن يكتب بذات الطريقة ، فالسينارست حين يكتب السيناريو يضع بالحسابات الحالة التي تنشا عند المتلقي إزاء العرض وما سيشاهد المتلقي من مناظر ولقطات ، بل إن السينارست يضع في حسابه إن المتلقي الذي يستقبل العمل وهو في المنزل كان يشاهد العمل من على الساتلايت وهو يمسك بيده بجهاز التحكم بالقنواتRemote control) ) سيكون المتلقي بحال مغاير لما هو الحال عندما يكون المشاهد في صالة العرض السينمائي التي تكون بالعادة في عتمة شديدة لإبراز الفيلم الذي يظهر على الشاشة بحجم يفوق حجم شاشة التلفزيون بعشرات المرات ، إضافة الى التركيز المنبعث من الفيلم السينمائي الذي يتواجد دون التلفزيون بحكم ان التلفزيون غالباً ما يكون التركيز فيه اقل منه في السينما حيث تكون العائلة مجتمعة تشاهد البرامج أو الأفلام من التلفزيون وهي لا شك تكون منغمسة في أحيان كثيرة بحديث اسري مع المشاهدة للأحداث في التلفزيون بل إن هناك من العوائق العديدة التي لا تمنح فرصة في أن تكون المشاهدة في التلفزيون مركزة كان يطرق الباب لحضور ضيف مفاجئ أو أن يرن هاتف المنزل أو يصرخ طفل الخ ، ناهيك عن ان الإعلانات التجارية التي تقحم في الأعمال التلفزيونية أو (subtitle)(العناوين الفرعية أو الحاشية – الكلام المطبوع أدنى الشاشة ،الإخباري) أو انقطاع الأعمال في التلفزيون في بعض الأحيان وظهور خبر عاجل أو خطاب مهم أو تافه لرئيس جمهورية (حفظه الله) أو ما شابه ذلك، بينما تنعدم هكذا عراقيل على الإطلاق في السينما ، لذلك يفكر السينارست بان يكتب للسينما كل ما هو ساحر ومثير ومبهر وكل ما هو ينقل الأذهان الى عالم آخر ، أي أن يكتب لأحلام عميقة جداً وان يجسد مالم يكن مجسد بالواقع وان يخرج خليط ما بين الحقيقة والوهم ليحقق حالة تكاد تكون سحر .

    الكتابة للقنوات الفضائية
    بحكم تعدد القنوات وتنوعها ، وبحكم السهولة التي تتمتع بها القنوات في الوصول الى المنازل وبحكم كل الخصائص التي تمنح القنوات ان تتنافس على الاستقطاب لأكبر كم من المتلقين ، تبلورت جملة من المواصفات والمهام للكتابة في القنوات الفضائية ، فهناك مئات القنوات التي تبث من الأفلام والأخبار والتقارير والبرامج الأخرى المتنوعة، تبث باليوم الواحد ما لا يقل عن عشرين ساعة يومياًَ ، وبطبيعة الحال مثل هكذا قنوات تتنافس في ما بينها لتحصل على مكانة مرموقة، وهذه المكانة لا يمكن أن تترصن أو تتطور ما لم يكون خلفها كادر نشط يعمل بجد لتحقيق كل ما يؤثر ويكسب رضا الجمهور ، وكما ذكرنا إن الجمهور في التلفزيون يختلف عما هو عليه في السينما، وفي أكثر الأحيان يسمى بالجمهور المدلل(1)، كون ان جمهور التلفزيون يتلقى على الحاضر ، أي انه يستقبل البرامج والأفلام وهو بالبيت بينما في السينما يكون عليه الذهاب واجب إن أراد مشاهدة الفيلم ، وعلى اثر ذلك ابتكرت القنوات الفضائية سبل عديدة لكسب المتلقي وبكل الأشكال حيث نرى إنها تعمل جاهدة لعرض المزيد من التنويع والمزيد من الكم للبرامج أو الأعمال السينمائية والتلفزيونية وذلك لكي تحقق ما تروم إليه ، فيكون السينارست في القنوات الفضائية بظروف تختلف عن الظروف التي تتوافر في الكتابة للسينما ، لذلك فقد كان الكتاب للقنوات الفضائية عديدين جداً وبذات الوقت بمستويات تختلف عن مستويات الكتابة للسينما ، فحجم البث وطبيعته في التلفزيون لا يمنح فرصة لان يبدع السينارست كما في السينما، وبذات الوقت الإمكانيات المتاحة للإنتاج في التلفزيون هي الأخرى لا تمنح فرص حقيقية للكتاب بم
    sla7

    مُساهمة 2011-04-05, 13:24 من طرف sla7

    :::::4
    المخرج وشكل ومضمون الفيلم المخرج وما يمتلك من صلاحية ودور فاعل في خلق الفيلم وقياده العمل فيه نحو توجه درامي خاص من خلال فهمه وإدراكه للشكل والمضمون في العمل رغم ان هناك إشكالية قائمة منذ زمن بعيد في دور الشكل والمضمون، فلا يزال الشكل والمضمون يشكل قضية مهمة عند كثير من المنظرين والفلاسفة لاختلاف وجهات نظرهم في تحديد معايير ثابتة وواحدة للشكل والمضمون حيث اختلف كثير من المنظرين حول أهمية الشكل بالموازنة مع المضمون، فهناك من يرى بان الشكل أهم من المضمون وهناك من يرى إن المضمون أهم من الشكل وهناك أيضا من يرى إن الشكل والمضمون عنصرين متلازمين يكمل احدهما الآخر ولا يمكن أن يحمل أحدهما أهمية أكثر من الآخر ( ). إن هذه الجدلية تعود الى زمن بعيد جداً يمتد الى عصر أرسطو وربما ما قبله حيث إن أرسطو كان قد تناول موضوع الشكل والمضمون وعده وحدة متلازمة على حد قول الدكتور رشاد رشدي : (( إن التميز المفتعل بين الشكل والمضمون لم يقره أرسطو ، فقد كانت المسرحية بأكملها في نظره عبارة عن حدث كامل ، بناء قائم بحد ذاته واحد .. موحد.. وكان ( أرسطو) بهذا أول من أرسى نظرية الدراما على أنها بناء عضوي ))( ). وعلى الرغم من عدم إمكانية الفصل بين الشكل والمضمون وتلازم العلاقة المتبادلة بينهما قديمة قدم ( أرسطو ) فقد عاد النقد الرومانسي الى تأكيده عندما عد ((إن المضمون الحقيقي للفن الرومانسي يتكون من الداخلية المطلقة ويتكون شكله المطابق من الذاتية الروحية الواعية لاستقلالها وسؤددها وحريتها ))( ) . ويرى المؤلف إن التوغل في جدلية الشكل والمضمون يحتاج الى إسهاب في تناول موضوعات عديدة قد تجرفنا عما نهدف إليه ، لذا فإننا سنبين عناصر الشكل وعناصر المضمون في الدراما. عن المظاهر يقول ( رودولف ارنهايم ) في الفيلم لكونه دراما (( فنان الفيلم يقدم فقط تمثيلاً للواقع ويركز اهتمام المشاهدين على ما يمثله الفيلم لا على الوسيلة التي عن طريقها يقوم بهذا التمثيل )) .فبما ان الفيلم فن فقط الى الذي يختلف فيه الشكل الفني عن التصوير الصحيح للواقع يسرد ارنهايم كل مظهر غير واقعي للشكل الفني وتشمل هذه المظاهر( ) :- 1- عرض الأجسام على سطح ذي بعدين . 2- نقص الإحساس بالعمق ومشكلة حجم الصورة المطلق . 3- الإضاءة وعدم وجود اللون . 4- تأطير الصورة . 5- غياب المتصل المكاني الزماني الموجود في الواقع بسبب التوليف . 6- عدم استخدام الحواس الأخرى ( ). وهنا أيضا لابد من ترسيخ ما قاله المخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ : (( أحيانا اهجر الأسلوب تماماً في سبيل المحتوى أي أن اجعل خطاً مشتركاً في عملي الفني لأوضح الاتجاه الذي سأسلكه ، اعتقد ان جزءاً من وظيفتي هو شرح الفيلم بوساطة المشاهد ، بمعنى تحديد اتجاهات الكاميرا وتحديد الهدف المستخدم وزاوية ورؤية الممثل، فهذه في رأيي هي التي أتكفل بها تجاه القصة ، إن الاهتمام بالقصة بالنسبة لي هو الجزء الأكثر إثارة في إخراج فيلم ، ثم يأتي بعد ذلك تركيب عناصر الفيلم المختلفة))( ). إن ما قاله سبيلبرغ في الواقع يقود الى أن القصة وما تحتويه في الفيلم لكونها الدراما هي المحتوى أو المضمون وان ما يقوم به سبيلبرغ كمخرج للفيلم كي يوصل القصة للمتلقي من تحديد اتجاهات الكاميرا وتحديد الهدف المستخدم وزاوية رؤية الممثل إنما هو الشكل . في ضوء ما تمخض مما قاله سبيلبرغ فإننا نرى إن عناصر الشكل في العمل الدرامي هي ما ينبغي أن يقوم بها المخرج والتي يشاهدها ويسمعها المتلقي أثناء العرض ، أما المضمون فهي القصة وما تهدف إليه ، حيث ان القصة لا يمكن أن تبدو كما يدركها المتلقي في الفيلم لولا تدخل المخرج ذلك لان إدراك أي قصة يختلف من مخرج لآخر أي إن كل مخرج له رؤيته الخاصة ويخرج القصة بشكل مغاير ومختلف عما يخرجها مخرج غيره( ) ، ولا داعي لأن نغوص في عمل المخرج إن كان قد تدخل في تغيير القصة أو تطويرها بقدر ما أن نهتم في كشف العناصر المسموعة والمنظورة في العمل الدرامي للوصول الى فهم الشكل ومن ثم المضمون ، (( حيث إن المضمون يبدو واضحاً من خلال الشكل ))( ). إذ ان الدراما التلفزيونية تحمل شكلاً خاصاً بها يتمثل في صوراً وأصوات ذلك لأن (( بنية الدراما مجسدة على صورة وأصوات من خلال الديكور والملابس والماكياج والإضاءة والحوار والموسيقى والمؤثرات الصوتية بوساطة إشارات ورموز ضوئية وضرورية ))( ) . أما المضمون في الدراما التلفزيونية فهو وكما ذكر في دراسات سابقة (( المحتوى الذي تكشف عنه حكاية الدراما التلفزيونية وتوحي به في نفوس المشاهدين بوساطة الشكل ))( ). وهنا لا بد من استعراض عناصر الشكل وعناصر المضمون بغية الوقوف على ما ستقود تلك العناصر إلى التأثير في المتلقي، وعناصر الشكل كما حددتها الدراسات السابقة هي ( ):- 1 - الإضاءة: الإمكانيات الهائلة في الإضاءة أسهمت ولحدود في تأسيس ثأثيرات مرئية بالعمل الفيلمي، حيث تساعد الإضاءة كثيراً على خلق أشكال متعددة قد تؤدي دوراً بارزاً في تجسيد قيم ومبادئ للمضامين في الدراما التي هي بالأساس تحمل مضامين عديدة وهنا لابد من الإشارة الى أهمية دور الإضاءة في رسم الأشكال لكثير من الأعمال الدرامية سواء في السينما أم في التلفزيون ، حيث تقود الإضاءة الى خلق جو نفسي عام من خلال قدرتها على خلق اللون من استخدام مؤثراتها في تقنية جهاز الإضاءة ذاته ، ولعل فيلم ( دوك تريزي ) للممثلة الشهيرة مادونا خير دليل على قدرة الإضاءة في استخدام اللون ، حيث أدت الإضاءة دوراً بارزاً في الفيلم لخلق جو نفسي عام فيه ، كما إن الإضاءة تحمل قدرة في توصيل المضامين من خلال رسمها في الموضوعات التي تعمل بها( ) ، فكثير من الاعمال الدرامية استندت الى الإضاءة في رسم الشخصيات وتوصيل الأفكار من تصوير الشخصية للمتلقي بالبقع الضوئية أو بألوان الإضاءة أو بالظل( ) ولعل فيلم صمت الحملان ( هانيبال ) الجزء الثاني من الاعمال التي اعتمدت الإضاءة في رسم الشخصية للمتلقي ، حيث نرى شخصية ( لكتر ) التي مثلها الممثل الشهير (أنتوني هوبكنز ) شخصية سلبية وتحمل الكثير من الغموض والقلق، إلا أنها في نفس الوقت تحمل شيء من الخير وقد جسد المخرج هذا التعبير من خلال جعل الإضاءة لوجه هذه الشخصية خافتة جداً وعليها بصيص من الضوء على جبهة الشخصية في إحدى المشاهد ليعبر عن شيء من الأمل في الشخصية . 2 -الديكور: لقد تيقن العمل الفيلمي ومنذ تأسيسه الدور الذي يلعبه الديكور في خلق التأثيرات بالمتلقي، فللديكور إمكانياته وقدراته الواسعة في إبراز مظاهر مؤثرة في نفسية المتلقي لما يتضمن الديكور عناصر كثيرة ومفردات عدة في تعزيز الموقف على وفق المضمون ، والديكور بحكم امتلاكه مجموعة عديدة من المفردات المتغيرة في تكوين الشكل من كتل وألوان وتراكيب متعددة يساعد في خلق كثير من الأجواء والمضامين ذات التأثير في المتلقي حيث انه غالباً (( ما يعمل على خلق عنصر الإبهار والتشويق عند المتلقي ))( ) لما يشكل من نتيجة في إظهار أو إبراز أمور مقصودة أو غير مقصودة عند المتلقي وتلجأ كثيراً من الأفلام الأمريكية الى الاستعانة بكثير من الديكورات الفخمة والواسعة في المشاهد بغية خلق رهبة لدى المتلقي فيلاحظ على سبيل المثال في فيلم ( اليوم السادس والأخير) الذي مثله (آرنولد) أو في فيلم (الجزيرة) الذي أنتج في عام 2005 أي بعد أربع سنوات من إنتاج فيلم ارنولد(اليوم السادس والأخير) يلاحظ فيه ديكور فخم وكبير للغاية في مختبرات أمريكية للاستنساخ البشري وكأنه كما يظهر في الفيلم معمل ضخم لإنتاج مكوكيات فضائية ، في الواقع هذا الديكور يعكس للمتلقي مضموناً قد يقوده الى تفرد أمريكا في امتلاك هذه المختبرات العملاقة لا سيما وان هذا الديكور مرتبط أيضا وبواقع دراما الفيلم في ديكور آخر لمختبرات أخرى في مجال الهندسة الالكترونية ذات القدرات الفائقة ،والديكور كثير ما تعتمد عليه الجهات الإنتاجية في التعبير عن كثير من المضامين ذلك لأنه بالإضافة إلى ما يحمله من دلالات فانه يمتلك الجمالية والتي كثيرا ما يبحث عنها المتلقي 0 3 - الماكياج: قد يكون الماكياج بمثابة أجهزة الإضاءة أو التصوير في بعض الأحيان بحكم انه متوافر في الأعمال السينمائية بشكل حتمي ومستمر فهو يساهم بأغلب الأحيان بخلق العديد من الأشكال الجديدة أو الغريبة التي غالبا ما تشد المشاهد وتنقله الى عالم مغاير أو مختلف، وذلك بحكم القدرات التي يتمتع بها الماكياج على خلق المؤثرات المرئية التي غالبا يحتاجها العمل السينمائي، لذا فالماكياج ذا أهمية بالغة في خلق الافتراضات التي يعتمدها المخرج في العمل ، حيث إن كم كبير من الأعمال الدرامية استندت الى الماكياج في خلق حقائق افتراضية ، ولما يعمل الماكياج من تلك الإمكانيات في تعزيز الافتراضات التي تعتمدها السينما ، فقد استعان في الكثير من الاعمال ليعطي أشكالا جديدة وكثيرة ، وقد حفزت هذه الأشكال لعكس مضامين للمتلقي ، ومن هذه المضامين ما استغلت لخلق حالة من التعجب أو اليأس أو الرهبة أو الخنوع عند المتلقي وذلك من خلال خلق شخصيات يبتكرها دور الماكياج في الخلق المقنع لدى المتلقي ، وقد استفادت السينما العالمية والتلفزيون أيضا من قدرة الماكياج وعملت على استثماره في العديد من الأفكار التي لا يمكن أن تنجز بغير الماكياج فهناك مجموعة كبيرة من الأفلام استندت للماكياج في خلق شخصيات غريبة ومؤثرة كأن تكون تلك الشخصيات القادمة من كواكب أخرى أو الشخصيات المهجنة وما شابه ذلك والواقع إن مثل هذه الشخصيات استطاعت بأشكالها أن تعكس عند المتلقي كثرة من التأويلات في أفكار ومضامين عديدة فعلى سبيل المثال في فيلم (fantastic 4) أو (the mask)أو (كودزيلا) أو ( حرب النجوم ) يؤدي الماكياج دوراً بارزاً في خلق الحيوانات الوحشية العملاقة أو الحيوانات الغريبة الموجودة في كواكب أخرى والتي قد تشكل تهديد لكوكب الأرض حيث تحتويها القوات الأمريكية وتؤمن كوكب الأرض من تهديد تلك الحيوانات، والواقع إن لهذا المضمون الذي ينبلج من تلك الفكرة في الفيلم استناد الى دور الماكياج في خلق الشخصيات التي دعمت العمل وفكرته بشكل عام . ((للماكياج دور كبير في تحقيق العديد من التأثيرات المرئية بالمتلقي، إلا ان التأثيرات المرئية نفسها التهمت من قبل العمليات الكومبيوترية)) 4 - الأزياء: تشكل الأزياء تأثير حقيقي للعمل الفيلمي بما فيها من إمكانيات على دعم العمل والتأثير فيه، حيث حقق دور الأزياء نجاحاً كبيراً في خلق التشويق والدهشة لما له من قدرة في تحقيق الإقناع( ) ، حيث ان كثير من الأزياء التي تظهر في الاعمال التلفزيونية أثرت بالمجتمعات وخلقت في نفس الوقت ظاهرة في شرائح الناس ، فالزى لما يمتلك من جمالية جعل من المتلقين فريسة للتعلّق به، فهناك كثير من الناس ينقادون وراء شخصيات التلفزيون والسينما أيضا لما لها من تأثير كبير في نفوس المجتمع الأمر الذي يجعل من تلك الشخصيات أنموذجا في اختيار الزى من قبل المتلقي حتى ان كثيراً من الموديلات انتشرت في المجتمعات لأنها كانت في بعض الأعمال الفنية التي تظهر في التلفزيون أو السينما ، بل إن أزياء ((الميني جوب))* على سبيل المثال لم تكن منتشرة في كثير من المجتمعات الشرقية لولا ظهورها في شاشات السينما والتلفزيون ، وهنا لا بد من أن نشير الى ان كثير من المجتمعات تأثرت كثيراً في الأعمال التلفزيونية الأجنبية المدبلجة التي ظهرت في شاشات التلفزيون ، حيث ان كثيراً من الشباب والشابات على وجه الخصوص ارتدوا الكثير من الأزياء التي ظهرت في المسلسلات المدبلجة مما عكست مضامين متعددة ومتنوعة، الأمر الذي جعل من دور الأزياء يشكل أهمية بالغة في عكس مضامين في كثير من المجتمعات لتروي قيم قد تكون جديدة أو دخيلة ، وللأزياء قدرة كبيرة في تحقيق المزيد من الإثارة والمصداقية للأعمال السينمائية بحكم أنها تكمل للحركات والديكورات والأداء فتخلق افتراض يتقبله المشاهد في السينما كما هو الحال في فيلم (spider man) الذي خلق افتراض ووهم للعالم ومن ثم قد المتابعين الى الانشداد والتوتر في أحداث الفيلم علما ان الفيلم مبني على اكذوبه مفادها إنسان يتحول الى عنكبوت، فتتحول هذه الأكذوبة الى حقيقة على الشاشة السينمائية ويستمتع بها المتلقي لدرجة ان انه يدفع كم من المال ليشاهد الفيلم (spider man) . 5 -الإيقاع: لا يخلو أي فيلم أو أي عمل درامي مهما كان نوعه من الإيقاع ، فكل عمل مرئي درامي له دفق من اللقطات التي توعز بكم من الأشكال والألوان والحركات والمكونات الأخرى للصورة والتي تشكل مجتمعة حصيلة تدعى الإيقاع، هذا الإيقاع يولد عند المتلقي حالة من الانسجام ضمن نوع من المتابعة للأحداث في الفيلم، وهو الأمر الذي يعطي بالنتيجة طبيعة للموود الخاص بالفيلم ككل، والإيقاع بالواقع ليس من السهل تعريفه لمن لا يهتم بالسينما أو العمل الفيلمي كونه نتاج لصانع الفيلم الذي تنعكس أساليبه من خلال الفيلم، والإيقاع ورد في كثيراً من المصادر المتخصصة بأنه موجود في أي عمل سواء كان سينمائياً أم تلفزيونياً أم إذاعيا (( فهو حصيلة ناتجة ساهمت فيه كل عناصر العمل الخلاقة المرئية منها والمسموعة مضافاً إليها القدرات العملية والنظرية والتقنية للمتخصصين في فريق إنتاج الفيلم ، حيث يختلف إيقاع الفيلم من فيلم لآخر وذلك لاختلاف الزمان والمكان واختلاف فريق العمل الذي ينتج الفيلم السينمائي ))( ) . والواقع إن الإيقاع ينعكس من خلال الشكل الذي يظهر في الفيلم أو طريقة الترابط بين الشكل والآخر حيث يبرز الإيقاع ليكون وليد تتابع في توالي عدة أجزاء من مكونات الفيلم ، وهذا الشيء لا بد أن يخلق حالة نفسية في المتلقي تقود الى تحقيق أهداف يمكن أن تكون مضامين لكثير من الأفكار ، وكان ( كارل رايس ) قد أكد ذلك حين بين ان المضمون أو جوهر الصورة هو الذي يحدد الإيقاع حيث قال : ( إن العامل الوحيد الذي يحدد الإيقاع في الفيلم الصامت كان المضمون أو جوهر الصورة لكن في الفيلم الناطق الإيقاع نحصل عليه من خلال ترابط المؤثرات الصوتية والصورية التي قد لا تكون صادرة من الصورة وحدها أو شريط الصورة وحده ))( ). 6 - الميزانسين : استخدمت مفردة الميزانسين في المسرح كثيرا كونها تؤسس للمناظر الناجحة على خشبة المسرح التي من شانها شد المتلقي والتأثير فيه، حيث يخلق الميزانسين تناغماً كبيراً لإحداث العمل الدرامي لما له من عناصر متعددة ذات أهمية بالغة في الفيلم فهو نتاج ( موضع الجسم + المستوى + المنطقة + الفضاءات والمسافات + التكرار + التقوية + التناقض + التركيز ))( ). إن أي عنصر من تلك العناصر يمتلك قدرة في بذر مضامين مهمة في شكل العمل الدرامي حيث يظهّر كل عنصر من تلك العناصر العديد من الأمور التي قد تحمل قصد في إفشاء ظاهرة أو إعلان حقيقة لصالح غرض أو هدف من الأهداف التي يخطط لها في أفكار العمل الدرامي فيلاحظ على سبيل المثال إن عديد من الأعمال السينمائية الأمريكية تبرز الكثير من المعالم الأمريكية في أعمالها على وفق تنسيق مقصود في الميزانسين بغية نشر تلك المعالم أو بغية التباهي بها أمام المتلقين في الدول التي لا تملك مثل تلك المعالم فهي غالباً ما تظهر العمارات العالية جداً ( ناطحات السحاب) في وفرة من المشاهد أو أنها تظهر طائرات عديدة ومطارات حديثة ومتطورة أو أنها تظهر مواقع لمشاهد درامية عملاقة كالمفاعل النووي أو المصانع العملاقة للمكوكيات الفضائية أو المجمعات العسكرية التي تشكل أمام المتلقي حالة أشبه بما تكون تهديداً له أو إحباط لهمته وذلك لان ما استعرضه العمل الدرامي لم يتوافر في بلاد المتلقي لا سيما حين يكون المتلقي من بلدان الدون النامية . لقد حقق الميزانسين عبر الأشكال التي يخلقها حالات مؤثرة في خلق مضمون فكري ، حيث إن الأشكال التي تتولد من فعل الميزانسين إنما هي تعبيرات لدعم مضمون العمل الدرامي ، فكثير من الأشكال التي برزت في السينما العالمية استطاعت أن تعبر عن مضامين دعمت أفكار الفيلم كما هو الحال في فيلم ( جيمس بوند)( Golden Eye ) الذي مثله (بيرس بروسنان) حيث يفصح الميزانسين في أحد مشاهد الفيلم عن سقوط تمثال لينين في الاتحاد السوفيتي ( سابقاً ) وذلك للتعبير عن انهيار الشيوعية ، لقد عكس الميزانسين قي هذا المشهد عن مضمون مهم للغاية وهو ما كانت تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية لمدة طويلة إبان الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي سابقاً . وبعد استعــراض عناصر الشكل ننتقل الى عناصر المضمون التي حددت في العديد من الدراسات السابقة وهي :- 1 - الفكــرة: قيمة كل الاعمال تكمن بالفكرة التي تحقق العمل أساسا ، فهناك فكرة وراء كل عمل ، ومهما كانت نتائج العمل فلابد أن تكون وراء العمل فكرة سواء تحققت الفكرة من وراء إنتاج العمل أم أنها لم تتحقق، وكل الاعمال التي تنتج لها أفكار، قد تكون هذه الأفكار مخفية وراء المزيد من المشاهد أو أنها تكون حصيلة وراء عرض فلمي كبير، وفي بعض الأحيان تتأجل الفكرة لتنضج مع بروز كم من العلاقات بعد عرض الفلم أو العمل الدرامي الذي ضم فكرة ما، ويقول تيرنس سان مارنر بكتابه الإخراج السينمائي حول الفكرة (روح السيناريو الفكرة الرئيسية التي يختارها المخرج أو الكاتب (السينارست) . وسوف تنتقل هذه الفكرة الى المشاهدين من خلال تدفق الصورة المرئية ، التي سيكون لها معنى إذا شوهدت كل منها على انفراد ، وسيكون لها معنى آخر إذا شوهدت مرتبطة ببعضها ) ، لتقود الفكرة في أي عمل درامي الى جملة من الأشكال التي تظهر في العمل ذاته بناءً على ما تحمله الفكرة من موضوعات عديدة حيث ان أي عمل درامي له فكرة مسبقة وهذه الفكرة توجه المخرج قائد العمل الدرامي في اختيار جملة من الأشكال التي تعكس بدورها جملة من التفاصيل الدقيقة والموضوعات ذات الأهمية في نفس المتلقي حيث إن كثيراً من الاعمال السينمائية والتلفزيونية ترمي لأهداف وتنكشف هذه الأهداف من خلال فكرة العمل ، فعلى سبيل المثال فيلم ( رامبو ) للمثل سلفستر ستالون الذي يستعرض الجندي الأمريكي بشكل خرافي، حيث يظهر هذا البطل الذي يحارب مجموعات كبيرة جداً وينتصر عليها بشكل مقنع ضمن أجواء العمل السينمائي الذي يبلور الفكرة في هذه الشخصية الخارقة والتي تعبر جملةً وتفصيلاً عن عظمة الجندي الأمريكي وقدرته في التصدي لقوات مسلحة كبيرة جداً ، الواقع ان كل التفاصيل التي تظهر في الفيلم إنما هي بفعل الفكرة التي كانت وراء إنتاج هذا الفيلم ، حيث ان الفكرة هي القاعدة التي يستند إليها المخرج في وضع الشكل للعمل (( فهي المرتكز والمنطق للمادة الدرامية ليست بوصفها وحدة نسيج النص فحسب ، وإنما تشكل كل مجتمع الدراما ، انطلاقاً بالنص مروراً بفهم المخرج ومعالجاته وتفاعلاته مع الممثلين وصولاً الى آلية التقنيات التلفزيونية ))( ) وهي بالنتيجة قادت إلى أن تحقق أهدافاً ومآرب تستغل لصالح المنتج ففيلم ( رامبو ) إنما هو ليس حقيقة بل هو من صنع السياسة الأمريكية لخلق المفاهيم الامبريالية التي ترمي إليها فلذلك جعلت من الفكرة في الفيلم وسيلة من الوسائل التي تستند إليها في بث السياسة الخاصة وإرسائها من تمجيد الجندي الأمريكي ورفع شأنه وخلق حضارة للمواطن الأمريكي عبر مجموعة من الأفكار التي تقود كماً هائلاً من الأفكار ، وعلى سبيل المثال في فيلم ( الرقص مع الذئاب ) للمثل والمخرج ( كيفن كوسنر ) الذي استعرض مجموعة من الهنود الحمر وكأنهم أقوام جديدة على المتلقي حيث ظهروا في هذا الفيلم على عكس ما كانوا يظهرون في الأفلام التي سبقت الثمانينات والسبعينات من القرن الماضي ، فقد ظهروا أقوام تحمل قيماً ومبادئ إنسانية وإنهم أصحاب عقيدة تستند الى الخير والسلام وليس كما كانوا يظهرون في أفلام ( الويسترن ) بأنهم برابرة ووحوش بشرية تسعى الى الشر والرذيلة ( ). إن فكرة الفيلم ( الرقص مع الذئاب ) ترمي إلى تغيير تاريخ كامل لقارة كاملة على الكرة الأرضية ، فبعد أن تيقنت الولايات المتحدة بأنها لا تملك حضارة وإنها وليدة عصور حديثة جداً ارتأت الى خلق تاريخ لها وحضارة، ولم تجد سوى الهنود الحمر فكرة جاهزة لإقناع المتلقي ، لذا لجأت الى الكف عن الإساءة الى الهنود الحمر وتمجيدهم ليكونوا فيما بعد الحضارة التي تستند إليها الولايات المتحدة الأمريكية لتكون جديرة بقيادة العالم على وفق مفهوم العولمة التي اشرنا إليها في بداية الفصل الثاني من هذه الدراسة . إن الفكرة في أي عمل تشكل المضمون المباشر للعمل ككل لأنها هي التي تقود العمل في كل مراحله ، حيث إن المخرج والممثل والمؤلف والموسيقى وباقي العاملين في العمل كلهم يستنبطون من فكرة العمل مسارهم في انجاز العمل ككل ، ومن ثم ينشأ العمل ويتكامل في ضوء الفكرة التي تجمع كل المضامين الخاصة بأهداف العمل. وهنا تأكيد على ما ورد من قبل الكاتب الأمريكي جون هوارد لوسون في كتاب الفيلم في معركة الأفكار حول هذا الموضوع عندما قال (( انه جرى الاتفاق على وجوب الحكم على الفيلم بوصفه أداة للسياسة الخارجية وان الأفلام التي ترسل الى البلاد الأخرى لابد أن تخدم احتياجات الدعاية الحكومية وهو اتفاق ظل سارياً حتى في عصر تفوق فيه التلفزيون على السينما في كم الإنتاج ))( ) ذلك لان الاعمال التلفزيونية تحمل من الأفكار التي تعكس جملة من القيم التي لا تتلاءم وأفكار كثير من الشعوب ومعتقداتها فهناك مسلسلات تلفزيونية ركزت ( إبراز قيم الأنا وتضخيمها بشكل غير مرضي والتأكيد على الإحساس بالذاتية والفردية وخلق الاحترام والتبجيل للنموذج الأمريكي – الغربي وتأكيد قوة الغرب التي لا تقهر ))( ). 2 – الصراع: إن قيمة الأعمال الدرامية تكمن وراء الصراع الذي تحمله وقوته، حيث إن أقطاب الصراع في العمل الدرامي تشكل دوراً أساسياً لبناء تلك الدراما ، لذلك كان للصراع دوراً أساسياً في عملية تأسيس الدراما ، وطبيعة الصراع في أي عمل إنما هي تشكيل واضح لصدام إرادتين ، ولغرض تحقيق الصراع يخلق الموقف الدرامي إرادتين متعارضتين تمثل الأولى على سبيل المثال الخير والإرادة والثانية تمثل الشر، حيث تتضارب هاتين الإرادتين وينشأ الصراع الذي سيغرس وفرة كبيرة من المضامين بحكم انه سيمر بمجموعة من الأزمات التي سنبين دورها لاحقاً في تجسيد الأهداف وتحقيقها لغرض غرس مجموعة من المفاهيم التي تتوخاها الجهة المنتجة للعمل الدرامي ، ذلك لان العمل الدرامي أساسا لا يكون مشوق ما لم يكن هناك صراع ، حيث إن تعقيد الأحداث لأجل خلق حبكة مشوقة يبدأ مع الصراع وينتهي مع انتهاء الصراع ، وكان فخري قسطندي قد أكد ذلك حين أشار الى ( إن بداية الصراع بداية الحبكة ، ونهاية الصراع نهاية الحبكة ، وما يكون بين البداية والنهاية يكون تطور الأحداث ))( ). حيث إن للصراع بداية تكون مع نقطة الهجوم (Point of attack ) هذه النقطة التي ستبرز كل الأفعال التي تنشأ خلال العمل الدرامي ، فأي صراع لا يمكن أن يكون، إلا بوجود مجموعة من الأفعال تقوم بها الشخصيات( )، وأي عمل درامي هو ناتج عن مجموعة الأفعال ، وهذه الأفعال تخلق تعبيرات ثانوية ورئيسية ، تكون تغييرات ليس فقط في أحداث الدراما بل للمتلقي أيضا لأنه عرضه للدراما وما تمنحه ، فهي تخلق الانعكاسات في المتلقي بصورة وأخرى أي لا بد من أن يدرس بالشكل الكافي كي لا تكون أهدافها غير صحيحة لما كان مخطط ، في ضوء ذلك كان لا بد من أن يكون الصراع مدروساً بشكل جيد لأنه الأساس الذي ستبنى عليه في خلق الأحداث لغرس المضامين الفكرية . 3 – الشخصيات: قد تكون الشخصيات من ابرز المؤثرات التي تؤدي دوراً أساسيا في نقل أو عكس المضامين لما يؤهلها في التوغل بالمتلقي حيث إن الشخصيات تقوم بدور رئيس في خلق التعاطف مع المتلقي لما يجد المتلقي من صفات ذاتية لنفسه في أكثر الشخصيات في الدراما ، حيث إن الشخصيات تنقل الواقع للمتلقي بصورة تكاد تكون مباشرة لأنها تمتلك كثيراً من الصفات المشتركة مع المتلقي، لذا كانت مؤهلة لأن تنقل كثيراً من التقاليد والقيم الى المتلقين بحكم كونها الأكثر شبهاً مع المتلقي ، فالإنسان ميال للتقليد أو المحاكاة كما ذكر أرسطو ، فحين يتمكن من ان يحاكي قيمة أو سلوكاً معيناً وبصورة يسيرة فأنه سوف لا يتردد في الأغلب في أن يفعلها عندما يراها سيما وإنها تتكرر أمامه في الدراما ، وهو ما استندت إليه ماكينة الإعلام الأمريكية في خلق النموذج لها لتحقيق المآرب المرجوة ( )، حيث تمكنت السينما الأمريكية من ابتكار كثير من الشخصيات ذات التأثير المباشر في المتلقي بل أنها نقلتها حتى في أفلام الرسوم المتحركة لتحقيق أكبر قدر من التأثير بالمتلقي ، فهناك عشرات الشخصيات الأمريكية التي ترسخت في ذهنية المتلقي لما كان لها من رسم دقيق في المعالم وإسهاب في طرحها على المتلقي ، فكثير من المتلقين الآن يتذكرون ( روكي ، سوبرمان ، جيمس بوند ، فاندام ) وشخصيات أخرى عديدة كان للسينما والتلفزيون فضل في انتشارها ، إن الشخصية كما وصفها وارن (( التنظيم العقلي الكامل للإنسان عند مرحلة معينة من مراحل نموه ، وهي تتضمن كل ناحية من النواحي النفسية ، عقله ، مزاجه ، ومهاراته ، وأخلاقه ، واتجاهاته التي كونها خلال حياته))( ) . فالنواحي الشخصية التي ذكرت هي نفس النواحي المتوافرة في أي إنسان، إلا أنها متباينة في الصفات من شخص لآخر على وفق ما يمتلكه من مواهب ، لكن عندما تكون تلك النواحي متوافرة في شخص معين ووفق ظروف خاصة ومحددة وتظهر على الشاشة السينمائية أو التلفزيونية على شكل شخصية درامية تشترك بنفس ظروف الإنسان العادي أو أنها تناظره في الإمكانيات الجسدية والمادية وتظهر بصورة دائمة أمامه، فإنها ستشكل محل إثارة للاهتمام أو التغير، حيث إن المتلقي سيكون فريسة سهلة للانصياع وراء ما تتصرف تلك الشخصية التي تظهر على الشاشة . الواقع إن أكثر المصادر تشير الى إن الشخصيات في أي عمل درامي إنما هي الموجه والمؤثر للملتقي وذلك بحكم الإحساس بالعطف المتولد في المتلقي إزاء مشاهدة الشخصيات ، حيث إن التشويق يعتمد عنصراً مهماً جداً وهو عنصر التعاطف ، وقد أكد ذلك ستيوارت كرفش في كتاب صناعة المسرحية عندما أشار الى انه (( يقتضي التشويق التعاطف مع الشخص لأننا إن لم نتعاطف معهم لن يهمنا كثيراً إذا مروا بانقلاب أو تحول شديد في أوضاعهم ولن نبقى في حالة الترقب الدائمة والمتكونة من الخوف عليهم والأمل في ان تتحسن أحوالهم))( ). إن هذا الأمر يحتم ان تدرس الشخصية بشكل جيد كي لا تكون عرضة سهلة لنقل العديد من الأمور التي قد لا تحمل توائُم وأفكار العمل الدرامي أو القيم المرجوة في المجتمعات، وفي هذا الأمر يلاحظ إن شركات عديدة اعتمدتها في تحقيق المزيد من الترويج لبضاعتها ، فبعد أن تيقنت الكثير من الشركات العالمية دور الشخصية في الأعمال الدرامية بدأت تتسابق على كثير من الممثلين النجوم بغية اقتناء أو التعامل مع منتجاتهم داخل وخارج العمل الدرامي. 4 - الحــوار: الحوار من أهم الوسائل التي يستند إليها في نقل المضامين الفكرية بصورة مباشرة للمجتمع وليس في الدراما فحسب ، بل حتى في الحياة اليومية للمجتمعات ، فالحوار جزء أساس من الخط الصوتي في الدراما التلفزيونية والسينمائية بل إن الإذاعة تصنع درامتها من خلال الحوار ، إن الحوار هو الذي ينقل المعلومات والأفكار للمتلقي لأنه يعرب عن صدى كل شخصية من شخصيات العمل ليحقق الصراع في الدراما من خلال الميولات والرغبات للشخصيات التي تتفاوت وتتصادم كي يتحقق الصراع ، فالحوار هو الذي يحرك الشخصيات ويطور الأحداث ليدفع الدراما الى الأمام ، وبهذا الشأن يقول اوزويل بليكتون في كتابه ( كيف تكتب السيناريو) : (( إن سطراً واحداً من الحوار يمكن أن يوحي ويوضح شخصية المتحدث وان يؤكد موقفه لرفاقه وان يصنع كثيراً من الأعاجيب بالنسبة لسرد القصة))( ). يقترب الحوار من المتلقي للدراما بشكل قد يكون مباشر لأنه يساهم في حياة المتلقي اليومية، فأكثر الحوار الذي يستخدم في الدراما إنما هو مأخوذ من الحياة اليومية للناس لذلك فان الحوار قريب جداً من المتلقين وفي بعض الأحيان يكون راسخاً في ذهن المتلقين ،فهو مؤثر للغاية في أن يعكس مضامين وأفكار للمشاهدين للدراما ، فهناك كثير من الحوارات التي قدمتها الدراما سواء كانت في التلفزيون أم في المسرح أو السينما، ظلت راسخة في أذهان الكثير من المتلقين أوقات طويلة حتى ان إعلانات تلفزيونية استخدمت كثيراً من الحوارات ظلت راسخة في أذهان الكثير من المتلقين ولمدة طويلة . وهذا ما جعل لكثير من صناع الدراما دوراً واسعاً في أن يمجدوا أو يطعنوا بالكثير من القيم والمبادئ كيف ما شاءوا ، فعلى سبيل المثال يلاحظ في فيلم (Born in 7th of July ) للمخرج جيمس كاميرون حواراً يتضمن العديد من المفردات المفسدة للأخلاقيات ، فهناك شتائم عديدة في الفيلم لا تتلاءم والأوضاع الاجتماعية لكثير من المجتمعات المحافظة . في ضوء ذلك نرى إن الحوار في التلفزيون أو في السينما أصبح أحيانا دون رقيب أو حدود في استخدام أي مفردة فأكثر الأعمال الدرامية أخذت تقترب من الواقع الحياتي من خلال التقرب الى ما كان محرماً في السابق استخدامه في أي عمل درامي وهذا يعود الى تأثيرات العولمة بشكل أو بآخر . 5 - الحبكــة: تعتمد الحركة الدرامية على الحبكة في خلق الأحداث ذلك لان الحبكة هي روح الدراما، فليس هناك دراما من غير حبكة، لان الدراما صراع ولا يوجد صراع من دون حبكة (( لا حبكة بدون صراع ))( ). الحبكة هي التي تنظم الأفعال الدرامية وتخلق الأحداث من خلال الحركة المنتظمة للشخصيات على وفق الخط الدرامي المدروس ، حيث أنها تخلق منطقية للدراما مما تجعلها مقبولة أمام المتلقي فهي تبرز المواقف لتخلق سببية لكل فعل من الأفعال التي تنشأ في العمل. تؤدي الحبكة دوراً في غاية الدقة لتنشئة الدراما حيث أنها ترتب الفعل كما تقول إليزابيث دبل : (( الحبكة ترتب الفعل ، والفعل يسير خلال وسط الزمن الذي لا غنى عنه فيستمد منه جميع مفرداته التي منه – تشكل البداية والوسط والنهاية مسيرة خلال التاريخ الزمني وفي التدفق توجد السببية ))( ) . إن عملية ترتيب الفعل كفيلة بصنع مزيد من الأحداث كيف ما تطلب الأمر وهو ما جعل كثيراً من قصص الخيال العلمي يقبلها المتلقي، فهناك وفرة كثيرة من أفلام الخيال العلمي عرضت على صالات العرض وحققت نجاحاً واسعاً ، فعلى سبيل المثال يلاحظ إن فيلم (Independence day ) يوم الاستقلال ، قد حظي بجمهور غفير على الرغم من الأكاذيب التي حملها في موضوعه الذي مجد الولايات المتحدة الأمريكية بشكل واضح وصريح في قيادة العالم لحماية الكرة الأرضية . قدرة الحبكة في بلورة الأحداث وفبركتها أهلتها لان تجعل من الأكاذيب أحداثا مقنعة يصدق بها المتلقي ويقنع بها ، فقد استطاعت الحبكة أن تجعل من الصحيح خطاً ومن الخطأ صحيحاً وبشكل أشبه ما يكون حقيقة أمام الناظر كي يتعاطف معها لدرجة بالغة ، فكثير من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية حملت مزيداً من الكذب المفضوح وظهر في الدراما على انه واقع ، فعلى سبيل المثال أفلام ( فاندام ، هرقل ، فانتاستك فور، سيد الخواتم ، بات مان) تتضمن مشاهد خرافية وغير واقعية ذلك لأنها تستعرض فاندام الأعزل أو جيمس بوند يقاتل جيشاً بأكمله وينتصر عليه، وهو أمر لا يمكن لعاقل أن يصدقه لكن في الدراما يكون هذا الأمر معقولاً ومقنعاً ومقبولاً لكثير من المشاهدين، وذلك بفضل الحبكة التي نسقت الأفعال والأحداث ، وجعلتها أشبه ما تكون بالحقيقة أمام الأعين ، إن الحبكة ليس مجرد أن تنظم الأحداث أو الأفعال لتجد لها سببيات أو منطق كي تكون مقنعة أمام الأعين ، بل هي أكثر واكبر من ذلك كونها الخط المتشابك ومع الخطوط في سير الأحداث بسلاسة وانسيابية دون أي إشكاليات تشوش ذهن المتلقي وتجعله ينفر أو يعزف المشاهدة ، لذلك فان قدرة السينارست تكمن بالقدرة التي يمتلكها على حبك الأحداث وتطويرها أو دفعها إلى الأمام لتكون دراما قوية مؤثرة ومقنعة بل ومحبوبة . العمل الإخراجي و تأثيراته الموازية للعمل المخابراتي القدرات الساحرة للإخراج يمكن لها أن تناور وتراوغ في العديد من المجالات الثقافية والنفسية والتعبوية والإيديولوجية... الخ، وذلك بحكم العناصر التي تتمتع بها من قوة في التأثير والإقناع إزاء الصورة التي تتمتع بها القدرات الإخراجية، فكم الصور التي تظهر من على الشاشة إنما هي كفيلة بان توهم أو تقنع أو تكسب المتلقي وتنقله الى عالم آخر يحمل في طياته كم من التوجهات أو الافتراضات التي من شانها أن تخلق فكرة أو توجه لدى المتلقي ومن ثم تجبره على الاقتناع بكل المضامين التي تظهر بالعمل الإنتاجي الفيلمي، فعلى سبيل المثال في يوم الجمعة الموافق 28-10-2005 بثت قناة (الحرة – عراق) في الساعة الرابعة فجرا فيلم بعنوان(كنز الصحراء) ، وهو فيلم تناول موضوع النخيل والتمور، حيث تناول أهمية التمور في جسم الإنسان وأهميته كعلاج طبي للعديد من الأمراض كما قدرته على قتل الفطريات والميكروبات وكيف انه غذاء مهم للعديد من الأصحاء وانه تتناوله العديد من الحيوانات كغذاء أساس لها لما يحمل التمر من أهمية، والفيلم ظهر وكأنه تقرير علمي عن الفوائد الخاصة بالتمور وكيف انه غذاء مرغوب فيه حتى في دول أوربا من خلال استيراد الدول الأوربية آلاف الأطنان من التمور من دولة الإمارات العربية في الخليج العربي، وأيضا تناول الفيلم النخيل والصحراء القاسية التي لا يمكن أن تعيش فيها النباتات، كما تناول الفيلم الجماليات للنخيل وكيف انه يعيش وسط الصحراء وبذات الوقت يزين به الكثير من المباني العصرية كفندق برج العرب الحديث، والذي هو أعلى فندق ارتفاعا بالعالم، حيث اظهر الفيلم العديد من المدن الخاصة بدولة الإمارات وهي تحمل المزيد من الجمال اثر النخيل الذي يزينها، أيضا استعرض الفيلم المزيد من الخيول التي تعتمد التمور غذاء أساس لها وكيف إن هذه الخيول تقطع الصحراء العربية الحارقة من شدة حرّها، وأيضا استعرض الفيلم المختبرات العلمية والتجارب المختبرية على أشجار التمور، بل إن الفيلم استعرض من المشاهد ما هي تراقب طيور الخفافيش ليلا وهي تتغذى على التمور، لقد ظهر هذا الفيلم على أساس انه من أفلام الاكتشافات أو الأفلام العلمية، إلا انه في الواقع فيلم مدفوع أجره لصالح الإمارات العربية، هذا الفيلم لم يظهر على شكل فيلم تعبوي كما تقوم به بعض الدول النامية بان تستعرض دولتها بأسلوب ساذج عبر فيلم مباشر لا يحمل من التأثير في المتلقي كالأفلام العيد الوطني التي توزعها الدول وتنفق عليها آلاف الدولارات لتعرضها المحطات التلفزيونية ومن دون أن يشاهدها المزيد، بل إن هذا الفيلم اتخذ من التجربة الأمريكية في صنع الأفلام طريقة مناسبة لتحقيق الدعاية، فالأفلام الأمريكية تأتي بمزيد من التأثيرات والإمكانيات الدرامية أو الفيلمية ممتزجة بكم كبير من المعلومات لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الفيلم جاء بكم هائل من المعلومات العلمية المؤثرة بالمتلقي وجاء بكم هائل من الجماليات والمتعة التي يبحث عنها المتلقي، ومن ثم زج من المعلومات والدعاية لمصنع التمور أو فندق برج العرب أو المرافق والمدن الخاصة بدولة الإمارات العربية وذلك من خلال طيات مضمون العمل، ومن دون أن يشعر المتلقي غير المتخصص بذلك، بل ان كم المعلومات العلمية الجليلة تجعل المتلقي يشاهد العمل حتى وان عرف بان الفيلم هو دعاية لدولة الإمارات، وما تجدر الإشارة هنا إننا قمنا الآن بدعاية لهذا الفيلم ودون قصد، وذلك من خلال استعراض تحليل مبسط له، بالواقع إننا لم نقصد ان ننحاز لهذا الفيلم كون ان الإمارات العربية لم تدفع أجور لمؤلف هذا الكتاب، بل ان الصنعة الإبداعية المؤثرة لمخرج العمل وكادره الفني هي التي جعلت من ان ننحاز كي نأخذ هذا الفيلم مثال حول القدرات التأثيرية في العمل الإخراجي، فالفيلم كان قد حقق تأثيرا مهم بالمتلقين بحكم انه جاء بكم هائل من الأسرار التي توازي أسرار الدراما الممتعة بالمتلقي، وهو ما قاد بالنتيجة ان يتعرف المتلقي بالعديد من الأمور التي ترموا لها دولة الإمارات، وهنا لابد ان نؤكد مرة أخرى على ان القدرات التي يتمتع بها المخرج هي الأساس لتحقيق كل ما ذكر من التأثير، فليس مهم ان تعطى معلومات دون تأثير صوري، بمعنى ان لا قيمة للعمل وان حمل المزيد من المعلومات الهامة ما لم يكون العمل قد حمل من الأشكال والصور المرئية المؤثرة، والتي يكون المخرج مسئولا عنها بالدرجة الأساس، ففلم (كنز الصحراء) الذي تحدثنا عنه كان قد حمل من المشاهد المرئية ما هي كفيلة بان يستمر المتلقي بالمتابعة له، أنا أتحدث هنا وكنت قد تابعت الفيلم وقد أجلت أمر في غاية الأهمية لكي أكمل مشاهدة الفيلم حتى نهايته، وذلك بحكم التدفق الصوري والمعلوماتي في الفيلم، فقد استعرض الفيلم كم كبير من الدفوقات المرئية والمضمونية ما هي جديدة بالنسبة لي وهو كفل بان استمر بالمتابعة، والواقع لم يأتي الفيلم بالمعلومات إلا وكان هناك انسجام مع تم عرضه من مشاهد صورية مزدوجة في المضمون، أي ان العمل كان قد تضمن مشاهد مزدوجة الأغراض فمن ناحية يستعرض العمل النخيل وأهميته في بناء بنيه الرجال الأشداء نراه يستعرض العمل البدو وهم يرقصون كدليل عن الصحة وفي نفس الوقت كان هذا المشهد للتراث الإماراتي الذي كثيرا ما يتفاخر به، ومن جهة أخرى يستعرض الفيلم جماليات النخيل نرى ان الفيلم يروج للسياحة في الإمارات، أو ان الفيلم يستعرض المختبرات العلمية التي تجرى بها التجارب على النباتات والتمور والنخيل، نرى ان هناك دعاية للإمارات كون ان هذه المختبرات هي في مدينة إماراتية،وهناك العديد من هذه المشاهد التي تعتمد هذا الأسلوب في طرح المعلومات العلمية والدعائية في ذات الوقت، وهو الأسلوب الذي يمكن ان يضخ كم من المشاهد التي يتقبلها المشاهد من دون ان يتحسسها، وهو ذات الأسلوب نراه في العديد من الأفلام الأمريكية التي تضخ عبر برامجها أو عبر أفلامها الروائية المزيد من المعلومات الجديدة التي تشد المتلقي وتروج لصالح أمريكا، وهنا يبرز دور المخرج وقدراته في التأثير بالمتلقي واستقطابه، فقدرة المخرج على خلق إيقاع دفقي للمعلومات، يوازي الأشكال التي تظهر في الفيلم والتحسس من الكم في إبراز أو إظهار الصور المرئية للمتلقي التي تؤمن حالة اللا رتابة من خلال كم الألوان أو الحركات أو العناصر الصورية في الفيلم، وقدرة المخرج في إبراز كم جديد من الحالات الجديدة للمتلقي عبر إبداعاته كاستخدام المؤثرات الصورية أو استخدامات الـ (3 dimensions) البرامج الثلاثية الأبعاد أو استخدام المؤثرات الصوتية، هي القدرة التي لابد ان يتمتع بها المخرج كي يحقق التأثير، وهنا لابد من التأكيد على ان الاحتيال الذي تتمتع به بعض المؤسسات الاستخباراتية في العالم إنما يعتمد النهج الذي يعتمده المخرج في خلق الرأي العام لدى المتلقي أو في خلق التأثيرات التي يبغي لها المخرج من انجاز الفيلم، حيث ان اغلب المؤسسات المخابراتية في العالم هدفها الأساس هو التأثير بالمجتمع بغية تامين حياة خاصة ضمن نمط مخطط له من قبل الرؤوس التي تتخذ القرارات للشعوب، وهنا لابد من ان نقارن ما بين الدور الذي يمكن ان يحققه الفيلم من استعراض عضلات الدول لتحقيق المركزية أو الأمان أو إلى ما ذلك من أهداف تنشدها الدول وطموحاتها وما بين أجهزة المخابرات التي تعمل ليل نهار وتنفق ملايين الدولارات لتحقق ذات الهدف من خلال جمع المعلومات أو البيانات التي ستعتمد في إيجاد الحلول أو المشورات للدول في تامين المركزية لها أو تحقيق الاستقرار وتجنب المخاطر، إذا هي أسباب واحدة ودوافع متساوية تقريبا من حيث العمل، إلا إنها تختلف من حيث النتائج ومن حيث التكاليف والقدرات الاقناعية، بل نجد ان الكثير من المؤسسات الاستخباراتية أو المخابراتية نرى إنها كثيرا ما لجئت الى اعتماد الأعمال الفيلمية في تحقيق الأهداف التي تنشدها من خلال تكليف مخرجين كبار في انجاز أعمال تعمل على تحقيق الأهداف المنشودة من قبل إدارات الدول وذلك لعجز كل الأجهزة المخابراتية في تحقيق الأهداف المنشودة . العنف كمظهر من مظاهر السينما والتلفزيون برزت مظاهر العنف في العديد من الأعمال الأمريكية من خلال الأشكال التي تركز على الملامح الصريحة للعنف، وكذلك من خلال المواضيع التي تطرحها الأفلام السينمائية والتي ستكون مواد تلفزيونية بعد م
    اتهى الجزء الرابع
    يتبع الجزء الخامس
    sla7

    مُساهمة 2011-04-05, 13:25 من طرف sla7

    :::5
    الطفل نموذج بشري للسينما الطفل واحد من أهم النماذج البشرية التي تسعى لها الشركات في النمذجة كونه مستهلك جيد ومضمون ومن ثم يمكن ان يحقق الإرباح التي تبحث الشركات عنها ، لذا كان هناك كم من التدابير لجعل الطفل ضمن قبضة هذه الشركات ، حيث تتعمد هذه الشركات في طرح كم هائل من المنتجات للطفل من خلال التخطيط المبرمج ضمن استراتيجيات كبيرة لكسب الطفل نحو الإنتاج، فهناك كم هائل من المنتجات نرى إنها وضعت ضمن مخططات بالغة في الدقة ، فعلى سبيل المثال نرى ان شركة الإنتاج السينمائي التي أنتجت فيلم عن وللأطفال (Harry Potter)-(هاري بوتر) استرسلت في طرح منتجات مكملة ومرافقة لهذا الفيلم كالحقائب المدرسية المرسوم عليها شخصيات الفيلم أو الأزياء لصقت عليها الشخصيات بل ان من المنتجات التي تسوق للطفل ما هي على شكل أطعمة فانا اذكر حين دخلت لهذا الفيلم لمشاهدته في صالات العرض السينمائية بالعاصمة المصرية ، أتذكر ان الوعاء الذي كان توضع فيه الأطعمة (الفشار) كان مطبوع عليه بوستر الفيلم و بشكل أنيق للغاية ، وكذلك هو الحال مع الفيلم الأمريكي(Incredible) – الخارقون ، الذي شاهدته في شباط2005 ، وكان مفعم بالمنتجات المرافقة له من اسطوانات الألعاب وأفلام الفيديو والـ (DVD) ، والمقتنيات الأخرى ، والواقع ان الفيلمان هما رمزان للعنف وللمطاردات والقتل والجريمة فأجواء هاتين الفيلمين ضمن محيط مليء بالجريمة والعنف ،وهناك أمثلة أخرى عديدة مشابهة لهاتين الفلمين كأفلام (Lord of rings) و(spider man) ، وهو ما يؤكد ما أردنا التوصل إليه في تأكيد التخطيط بهذه الشركات لتحقيق الأرباح من خلال تنويع المنتجات ، إذن هناك غرف للعمليات لهذه الشركات تخطط لتحقيق أعلى مستويات للإنتاج وذلك لتأكيد الجوانب الاقتصادية التي تناشدها تلك الشركات . العالم اليوم يزخر بجملة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهذه المتغيرات خلقت جملة من التأثيرات على المجتمع العربي الذي بداء يتغير يوم بعد يوم ، وذلك بحكم العولمة التي تمكنت من أن تتوغل في المجتمع العربي الذي يعد من مجتمعات الدول النامية بشكل سريع ومؤثر ، وللأسف استطاعت العولمة النيل من المجتمع العربي بكل الأشكال والأصعدة ومن دون مواجهة تذكر ، رغم أنها من الظواهر التي أفرزت ما يجب تصديه ، فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عموماً كانت أفضل مما هي عليه الآن في أبرز مراكز العولمة وهو أمريكا فكيف الحال في غيرها ، فقد تظاهرت العديد من النقابات والمنظمات في سياتل (قلب أمريكا وقلب العولمة) على هذه الظاهرة واحتجت وشجبت ما تؤول لها العولمة ، ذلك للخطورة التي بدأت تتفاقم يوم بعد يوم وتتبلور بالشكل الذي يعطي التصور الواضح إزاءها وإزاء الخطورة المباغتة والمراوغة التي تهدد بها ، حيث ان للعولمة جملة من الآثار السلبية كزيادة معدلات الفقر وتهميش الطبقات الاجتماعية وتهميش الثقافات ونشر الأنموذج الغربي وما الى ذلك من سلبيات . هناك تأكيد في العديد من الدراسات والندوات الفكرية كندوة ( العرب والعولمة ) التي نضمها مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت أو مؤتمر ( العولمة والهوية ) الذي أقيم في جامعة فيلادلفيا في الأردن ، على إن العولمة غير واضحة وغير صريحة في واقعها، فهي لحد هذه اللحظة تحمل من الغموض والمفاجئات التي لا يمكن التكهن بها رغم ظهور سلبياتها ، وذلك لحداثة ظهورها وعدم اكتمال ملامحها ،ويذكر السيد ياسين في كتابه (العولمة والطريق الثالث) الذي يعرف العولمة على أساس أنها غير مستقرة أو غير ضابطة ضمن ضوابط محددة وإنها صعبة حيث يقول ((ان صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة، نظراً لتعدد تعريفاتها والتي تتأثر أساسا بانحيازات الباحثين الإيديولوجية واتجاهاتهم إزاء العولمة رفضاً وقبولاً ))( ) ففي كتاب دور الدولة والمؤسسات في ظل العولمة إشارة صريحة لذلك (يعتبر تحديد مفهوما للعولمة أمرا على درجة كبيرة من الصعوبة نظرا لحداثة ظهورها وعدم اكتمال ملامحها ، حتى الآن نعتبر العولمة مصطلحا غامضا ومبهما وغير مكتمل الأركان ) ، لقد تمادت العولمة في طرح أفكارها وتوجهاتها ، فهي تنتهج العديد من الوسائل والأساليب المناشدة للغريزة البشرية لتحقيق مآربها من خلال الادعاءات الكاذبة بتوسيع المعرفة التكنولوجية أو تحرير التجارة الخارجية أو تعاظم الحريات أو ما إلى ذلك من الادعاءات التي بانت فيما بعد إنها تنقل المجتمعات وخصوصا النامية من وضع سيئ إلى أسوء ، ان هذا الأمر قاد الكثير من المختصين وغير المختصين الى ان يعرّفون ويفهمّون العولمة على إنها التقدم والتكنولوجيا والقفزات العلمية في الحاسبات والاتصالات الرقمية ، متوقعين ومتصورين إنها الخير القادم لهم ، بينما يتضح الواقع الحقيقي للعولمة على عكس ذلك أبان مرور الوقت الذي مضى من ظهور التسمية التي استقرت عليها هذه الظاهرة . العولمة وكما جاءت في العديد من الدراسات تعني الأمركة أو الرأسمالية الجديدة وهناك الكثير من التسميات على هذه الظاهرة انشقت من مفاهيم النظام الرأسمالي ومن بين تلك التسميات ( المكدنة "ماكدونالد" أو الكنتكة "كنتاكي" أو الكوكبة أو الانسنة...الخ)( ) والواقع إن كل هذه التسميات هي تقود في النتيجة الى هدف واحد وهو السيطرة المطلقة لرأس المال بمعنى آخر سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية كونها أم الرأسمالية في العالم ، فهناك مصادر عديدة تؤكد ان العولمة تهدف إلى سيطرة المركز (( الولايات المتحدة الأمريكية)) على الأطراف وتكشف عنها ، بحكم تهميش الثقافات الأخرى غير ثقافة المركز في العالم لتوصيل ثقافة المركز إلى الأطراف وتعميقها فيها بعد غسل الأطراف من ثقافاتها ، فالعولمة ترمي الى تحقيق طريق واحد في التعامل الإنساني ولعل هذا الطريق هو بمثابة سلوك ينتشر في كل أرجاء العالم ولا بد ان تفهمه كل الجنسيات في العالم ويفهمه الكبير والصغير، لا ان يفهم وينشر فقط بل يستخدم ليحقق الأهداف المخطط لها، حيث اعتمدت العولمة على الافتراض والأكاذيب لخلق مفهوم مؤثر عند الأطفال بغية التسلل للعقول ومن ثم الهيمنة، لذلك فهي استخدمت الإعلام أولا وأخيرا في تحقيق ذاتها لتخلق مواقف غاية في الصعوبة (ان عملية تسلل المعلومات والأنباء الخاطئة والكاذبة إلى عقل الإنسان، والى المجتمع مسالة مهمة جدا ، بل وخطيرة ، لأنها تدخل في التكوين الفكري للإنسان لتؤسس للقاعدة التي يبني عليها أفكاره وآراءه ومتبنياته ، وبالتالي فإنها تؤثر على عالم الفعل فترسم المواقف والاتجاهات ، فالعلاقة وثيقة بين الإعلام والثقافة من جهة تأثير الأول بالثاني ) ، لقد اقتحمت العولمة الكثير من البشر في فرض أفكارها وتوجهاتها المتعددة ولتحقيق ذلك استخدمت (( العولمة )) الإغراءات الكثيرة لجعل الإنسان في العالم ينساق لاستخدام هذا السلوك ، ومن بين أهم تلك الإغراءات الترفيه والمتعة والسهولة في الاستخدام من حيث الإشارات والرموز الواضحة والجذابة وغير المعقدة في الوقت نفسه ، التي لا تحتاج إلى تفكير بقدر ما تحتاج إلى غرائز في الطفل، الأمر الذي قاد إلى أن ينساق الأطفال والكبار للالتفـات إلى هذا السلوك كمرحلة أولى ومن ثـم التأثر به و الانجراف نحوه كمرحلـة ثانية . ان هذا السلوك والثقافة الجديدة يتحقق في الأعمال الدرامية التلفزيونية في البث المحلي والفضائي ويتحقق في استخدام الألعاب الإلكترونية (Lord of rings) و(spider man) والتي يلاحظ ان الكثير منها تمجد بشكل أو بآخر الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك يتحقق من خلال الحاسبات الإلكترونية التي غزت الأسواق ومن شبكة المعلومات العالمية (الانترنيت) ، إلا ان الأهم من بين الوسائل التي تحقق انعكاسات لهذه الظاهرة هي الدراما التي تنتقل عبر البث المحلي والفضائي ، فمن خلال شكل ومضمون تلك الأعمال الدرامية استطاعت العولمة ان تدخل المجتمعات بصورة غير ملحوظة ذلك لان الدراما السينمائية والتلفزيونية دخلت قبل دخول الكومبيوتر وترعرعت بانسيابية بالغة في التخطيط والتنظيم، وهو ما جعلها تمهد وبيسر لإقحام كل الأفكار التي ترتئيها وتهدف لها العولمة ، حيث ان العولمة توغلت بخفية في نشر المضامين وذلك من خلال دمج العديد من المشاهد والحركات والسلوكيات في العديد من الأعمال الدرامية ولعل ما ذكر في رسالة مظاهر العولمة تأكيد لذلك(انتشرت مفاهيم العولمة في العينات بصور متعددة ومتكررة داخل أحداث الدراما وبشكل يعتمد التلاشي والانسيابية والسلاسة في الطرح(Dissolution)أي مزج مفاهيم ومظاهر العولمة بأحداث العمل الدرامي بصورة اعتيادية وكأنها غير مقصودة بالوقت أنها مقصودة لتوافر تكراراتها) . الكومبيوتر الذي بدا يدخل الكثير من المنازل هو وشبكة المعلومات العالمية (الانترنيت) فضح وبشكل طبيعي السلوك الذي تهدف له القطبية الأمريكية ، وقبل أن يدخل هذا السلوك أو اللغة الجديدة كانت هناك جملة من التحضيرات والدراسات العميقة لتحقيق ما وصل إليه الوضع الحالي من خلال ترويج نمط وطريقة العيش الغربية ونشر وترويج طرق الاستهلاك وإدماجها بالثقافـة والترويج للعنف والجريمة ومـا إلى ذلك من مظاهر خاصة بالعولمة . توصلت إحدى الدراسات المختصة في ظاهرة العولمة إلى تحديد مجموعة من المظاهر الخاصة بالعولمة وهي المظاهر التي أكدتها الدراسة من أنها متوافرة في الأعمال السينمائية والتلفزيونية الأمريكية بشكل واسع وصريح وهذه المظاهر هي :تقليص دور الحكومات وتهميشه، تهميش دور الثقافات الأخرى أمام ثقافة العولمة، تغليب القيم المادية على الإنسانية، تأكيد المواطنة العالمية، الترويج للعنف والجريمة، تمجيد طريقة العيش الغربية، التركيز على القطبية الأمريكية، طمس هويات الشعوب، ترويج المنتجات الأمريكية، تأكيد الانبهار بالغرب، ترويج القيم الغربية بوصفها أنموذجا عالمياً أو كقيمة عالمية (Universal values)، إشاعة النمط الغربي في الاستهلاك على مستوى العالم، التوسع في الاستخدامات التكنولوجية، تأكيد هيمنة أصحاب رؤوس الأموال، إضعاف القيم السماوية، تمجيد الفردية والأنانية، التلويح بتخلف الأنظمة الحكومية في العالم، تمجيد الشخصيات الأمريكية، إرضاء النزعات والغرائز البشرية، إظهار القوة الأمريكية المتفوقة . ان هذه المظاهر متوافرة عن قصد مسبق ومدروس في اغلب الاعمال الدرامية الموجهة للأطفال لتحقق المزيد من الأهداف التي تناشد بها الرأسمالية في العالم أو العولمة ،فهناك العديد من التكرارات للقيم التي ترومها العولمة في الدراما المخصصة للأطفال وهو تأكيد لزج تلك القيم كي يكون مسموح بها التداول أو التناول أو التعامل أو مشروعة أو مقبولة على اقل تقدير، ومن بين أهم تلك المظاهر نجد العنف ، فالعنف مظهر من المظاهر التي كثيرا ما ناشدته العولمة وذلك لتحقيق كم هائل من المكاسب الاقتصادية التي تترجاها الشركات العملاقة في عملها ، فهناك تدابير كبيرة ودقيقة للغاية تقوم بها تلك الشركات لتامين تسويق إنتاجها ، بحكم ان هناك إدارة ناجحة لتلك الشركات ، فنرى أنها تعتمد الدراسات الاستطلاعية في ضخ إنتاجها الاستهلاكي لتحقيق الربح ، ان الشركات تعتمد دراسات الجدوى والاستطلاعات الدقيقة على المستهلكين قبل ان تضخ الإنتاج ، لذلك هي حريصة كل الحرص بان تقدم منتوج يتقبله المستهلك ، فتستغل عواطفه وغرائزه لتمشية عملها وتدرس كل أوضاعه المادية والنفسية وغيرها لتؤمن أرباحها ، ومن ثم تنسق على أعلى المستويات لتنفيذ برامجها الاستهلاكية ليتحقق النجاح لها ، لذا نرى ان من هذه الشركات ممن تقدم قروض مالية للحكومات ومن ثم تسوق وتستثمر تلك الحكومات وفق ما ترتئيه ، وذلك بحكم القدرات المالية الهائلة ، والنتيجة ان المستهلك الفرد هو الضحية أولا وأخيرا ، ان هذه الشركات العملاقة تتعامل بمبالغ خيالية ، لدرجة ان هذه المبالغ تصل في بعض الأحيان الى أرقام تتفوق أرقام ميزانيات دول كبيرة ، وهدف هذه الشركات الأول والأساس هو المادة ، ومهما تطلب الأمر فان الغاية هو المكسب المادي لها ، بمعنى أنها تفعل ما تريد لكي تنجح ولها إمكانيات تفوق إمكانيات بعض الدول ، لذا فإنها حين تخطط لا يقف أمامها من ينادي بالفضيلة وينبذ الرذيلة ، فمهما تكن قدرة المنادي لايستطيع ان يصمد أو يحقق أي شيء ينافي أو يعارض توجهات تلك الشركات ، فهي إخطبوط عملاق يستطيع ان يبتلع العديد أو الكثير ممن يقفون أمامه ، فيفعل هذا الإخطبوط ما يشاء ليطرح ما يشاء كي يحقق المكسب الذي يتأمله ، ومن أهم تلك الأفعال ان يكون المستهلك تحت رحمته ، ليكون أشبه بالمدمن الذي يقدم على المخدرات بقرار ذاته ودون ان يرغمه احد على الإقدام للمخدرات ، رغم ان المخدرات مضرة للصحة ، والعنف واحد من الأمور التي يمكن ان تجعل من المتلقي مدمن على مخدرات العولمة أو مخدرات الشركات العملاقة ، انه فخ صنع بتقنيات هائلة وبإمكانيات عملاقة لايمكن تجنبه إلا بصعوبة بالغة . هناك العديد من الدراسات المتخصصة في ظاهرة العولمة تشير وتؤكد ان العولمة إنما هي ليس وليدة صدفة و تؤكد إنها حالة جاءت ليس كتحصيل حاصل و لابد من التماشي معها لأنها ولدت نتيجة ظروف حتمية جراء التقدم والتطور ، ففرنسا ومنذ الثمانينات من القرن الفائت شعرت بخطورة العولمة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية إزاء الغزو الثقافي الذي حققه الفيلم الأمريكي وهو الأمر الذي جعل الكثير من المثقفين الفرنسيين يتداركون الخطورة الكبيرة القادمة محاولين التصدي لها بكل الأشكال والسبل ، إلا انه وعلى ما يبدو إن الزخم القادم من الولايات المتحدة الأمريكية اكبر مما تتوقعه تلك الطبقات المثقفة ، حيث إن كثير من التقارير تشير إلى الثقافة الأمريكية غزت فرنسا كالفيلم الأمريكي الذي تفاقم بغزوه لحدود واسعة وبالغة التصور، ولعل ما يؤكد ذلك ما أعربته النجمة السينمائية الفرنسية ( صوفي مارسو ) في موضوع نشر في مجلة الجيل من "إنها سئمت الأعمال الفرنسية المملة التي تتناول دائما موضوع واحد وتتناول فكرة واحدة رئيسية ذات إيقاع بارد لا يحفز المتلقي في الاستمرار في المتابعة " ، في الواقع إن ما قالته النجمة الفرنسية إنما هو دليل كاف لتردي الإنتاج السينمائي أمام الإنتاج السينمائي الأمريكي الذي حقق لها أرباح خيالية وشهرة ونجومية أوسع، وهو تأكيد في الوقت ذاته على القدرة الواسعة للفلم الأمريكي في الهيمنة على السوق العالمية و على التفوق الكمي والنوعي الذي يتمتع به . لعل ما ورد فيه نوع من التحيز أو الدعاية للسينما والإعلام الأمريكي، إلا إن الواقع هو امرّ بكثير مما قد يتصوره الفرد في التحيز أو الدعاية ، ذلك من خلال النتائج التي تشير إلى الخطورة المتبلورة جراء الإعلام الأمريكي الخطير الذي أصبح أشبه بالإخطبوط المتعدد الأيدي ، ففرنسا التي تمتلك قدرة إنتاجية بالغة في الإعلام تتعرض لهذه الهجمة الإعلامية وتعرب عن مخاوفها إزاءها فكيف هو الحال مع دول لا تملك من الإنتاج ربع ما تنتجه فرنسا مثل دول العالم الثالث أو دول البلاد العربية (يشتد ويحتدم الصراع حول تدفق الإنتاج السمعي – البصري حتى بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية المتطورة، فرنسا خاصة.يكفي ان نتذكر رد الفعل الفرنسي عند إقامة ديزني لاند في فرنسا ) . الإنتاج الأمريكي السينمائي والتلفزيوني استطاع أن يغزو الكثير من العقول البشرية في كافة أرجاء المعمورة بأن يحقق الكثير من الانعكاسات الفكرية على المتلقين ، ولعل الطفل باعتباره متلقي وما يحمله من براءة وشفافية في ان يتعلق بمزيد من القيم والمبادئ الجديدة وبسرعة تفوق سرعة الكبير في التعلم كان من أول الأهداف التي ناشدتها العولمة ، حيث إن الطفل وما يحمل من قدرة في الالتقاط تهجن وبسرعة شديدة في الثقافة الأمريكية حتى أصبح في كثير من الأحيان يتصرف دون وعي أو قصد بتصرفات غريبة ، ففي أمريكا على سبيل المثال ظهرت مزيد من الجرائم نفذها الطفل من خلال مشاهداته للجرائم التي تظهر على الشاشة وبحكم ما تدعو إليه العولمة في الترويج للعنف والجريمة ،فالعولمة تمهد للعنف وهذا الأمر ذكر في العديد من المصادر (ان العولمة في طبيعة ثقافتها تمهد للعنف من خلال إقامة ثقافة جديدة تبشر بنشأة أجيال كاملة تؤمن بالعنف كأسلوب حياة، وكظاهرة عادية وطبيعية) ، وهناك ظواهر عديدة في الاستهلاك على طريقة النمط الغربي نجدها اليوم متأصلة في الطفل العربي وهو الأمر الذي يدعو في الواقع إلى التمعن في العديد من الأمور والقضايا التربوية إزاء الطفل العربي الذي أصبح أسير ثقافة مجبر عليها جراء دور التلفزيون الذي يرفده بالمزيد من الأفكار والمضامين التي تدعوها العولمة . من هنا كان لزاما أن تكون هناك دراسات تهتم بالأسرة المربية للطفل ودراسات لبيئة الطفل العربي الفكرية بغية حمايته ومنعه من كل خطر قد يتسرب إليه ، وتحديدا من التلفزيون الذي يلعب دور أساس في حياة الطفل ،حيث لابد من متابعة الطفل متابعة دقيقة وحساسة إزاء ما يشاهد الطفل ، وذلك لخطورة ما قد يصل إليه الطفل العربي من افتراض واقعي جراء الدراما التلفزيونية الموجهة له والتي قد تدخله في متاهات مظلمة فهو في متابعته وتعلق لدراما التلفزيون المتعولمة ،وقد أكد ذلك الدكتور فتحي في دراسته (المضامين التلفزيونية الموجهة إلى الأطفال ومسالة العنف والانحراف) حيث يشير ( تؤثر التلفزة بطريقة غير مباشرة على انحراف الأطفال وذلك من خلال اكتساب سلوكيات عنيفة ، أو التأثير على النمو الذهني للطفل أو على مردودية العمل المدرسي ، أو في فقدان الفرص لتعلم مهارات وخبرات اجتماعية إيجابية وتعويضها بقيم سلبية مستوحاة من المضامين التلفزية) ، حيث لوحظ في المدة الأخيرة إن الكثير من الأطفال العرب باتوا يتصرفون على النهج الذي يصوره التلفزيون لهم ، في اختيار الملبس أو في استخدام العديد من المفردات اللغوية أو في اقتناء الألعاب التي يفضلوها أو في اختيار الطعام والشرب.... الخ  ، وبما إن التلفزيون هو رهن الإنتاج الغربي كان النهج الذي ينتهجه الطفل العربي نهجا يتوافق وأفكار العولمة ، فقد ذكرنا ان الإنتاج الأمريكي امتد إلى حدود بالغة في النجاح والدليل على ذلك هو الانتشار الذي حققه الإنتاج الأمريكي في العالم والسيطرة على السوق من خلال الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي غزت كل دور العرض السينمائية وغزت اغلب القنوات والمحطات التلفزيونية في العالم فهناك العديد من القنوات العربية بدأت بتقليد القنوات الأمريكية وبدأت تنتهج النهج المتبع في تلك القنوات ، وقد حظيت تلك القنوات بمتابعة واهتمام من الأطفال وقد أكدت ذلك دراسة تقدمت بها الدكتورة هبة الله بهجت السمري (سلوك الاستماع والمشاهدة للبرامج الموجهة الى الأطفال) حيث تذكر في دراستها (يتابع الأطفال برامجهم من خلال مختلف القنوات المحلية والعربية والخاصة ، لكن القنوات العربية الخاصة تأتى في مقدمة القنوات التي يتابع من خلالها الطفل برامجه .ويقول الأطفال ان برامج تلك القنوات تتوافر بها عناصر الجذب والإبهار ، والمعلومة تقدم من خلال الحركة والفعل لا من خلال قالب الحديث المباشر، كما حظيت القنوات المخصصة للأطفال مثل قناة (Universal values) وديزني باهتمام ملحوظ من قبل الأطفال ) . هناك إحصائيات في كتاب نسمة البطريق (التلفزيون والمجتمع) تؤكد إن النسبة الكبيرة من المشاهدين في جمهورية مصر العربية تفضل مشاهدة الفلم الأجنبي على الكثير من البرامج وان الأطفال يفضلون أفلام الكارتون على البرامج الأخرى ، والواقع إن اغلب الأفلام الأجنبية وأفلام الكارتون إنما هي أمريكية أو مؤمركة ، فغزارة الإنتاج الأمريكي المتفوقة من حيث الكم والنوع سيطرت وبشكل لا يقبل الشك على العديد من القنوت التلفزيونية المحلية والفضائية وقاد في الوقت ذاته إلى أن تتأثر العديد من الجهات الإنتاجية غير الأمريكية بالنجاح الذي تحقق جراء الإنتاج الأمريكي ، لذا سارت العديد من تلك الجهات الإنتاجية على الطريق الذي يسير عليه الإنتاج الأمريكي متأملة النجاح الذي حققه الإنتاج الأمريكي وهو الأمر الذي جعل تلك الجهات تنتهج نهج مواضيع وأفكار الإنتاج الأمريكي حتى أصبح الإنتاج وان لم يكن منتج في أمريكا متامركا بشكل أو بآخر ومما تجدر الملاحظة على الدراما العربية إنها غالباً ما تميل إلى تناول موضوعات مشابهة لموضوعات الأعمال الأجنبية بغية تحقيق النجاح الذي حققته الدراما الأجنبية الأمر الذي يجعل من الدراما العربية تحمل مضامين مشابهة لمضامين الدراما الأجنبية وهو مما ينعكس عبر كثير من الإيديولوجيات الفكرية في المشاهد العربي ( ). في كتاب الدكتور أديب خضور (سوسيولوجيا الترفيه في التلفزيون) تأكيد صريح على البرامج الأمريكية المخصصة للأطفال ودورها في نشر المفاهيم والأفكار السياسية الأمريكية فهناك إشارة واضحة لدور (والت ديزني) في تحقيق المكاسب السياسية للحكومة الأمريكية من خلال نشر كل الأفكار الرأسمالية التي تدعـوها الإدارة الأمريكية لتحـقيق القطبية الأمريكية في العالم ،(ليست أعمال والت ديزني تسلية صرفة بل هي تعليم وسياسة وأيديولوجيا ، وهذا ما أبرزته الدراسات السوسولوجية الأمريكية الجادة) . لقد حلل الباحثان الأمريكيان (أريل دورفمان) و (ارماند ماتيلارت) أعمال والت ديزني في سياقها الكلي ، الذي يقدم " عالما ليس فيه صراع اجتماعي … عالما مليئا بالسعادة "وقد كتب ماتيلارت : "تمثل الطفلية الخيالية التي تخصص بها ديزني اليوتوبيا السياسية لطبقة ما ، ففي كل الهزليات يستخدم ديزني الحيوانية والصبيانية والبراءة لتغطية النسيج المتشابك من المصالح الذي يؤلف نظاما محتوما من الوجهة الاجتماعية والتاريخية متجسدا في الواقع الملموس ، أي إمبريالية أمريكا الشمالية " وأظهرت تحليلات دورفمان وماتيلارت لمجلات "دونالد دوك" أن بطلها إمبريالي - عنصري - استعماري . إن السلوك المستخدم في تحقيق مفهوم العولمة اتخذ التلفزيون وسيلة مهمة للانتشار فالتلفزيون بحكم سرعة انتشاره وسهولة استخدامه والمتعة التي يحملها والمصداقية المتصورة فيه ، لا بد أن يكون هو الأهم من بين تلك الوسائل ، ان هذا الأمر قاد المنتفعين من العولمة إلى التفنن في طرح أفكار العولمة في التلفزيون بشكل غير مباشر ودقيق وممتع لزرع الأمان والثقة في المتلقي العربي أو غير العربي بجرفه نحو الضفة الجديدة التي تسعى الجهات المنتفعة من العولمة لإيصاله أليها . مع انتشار دراما التلفزيون بدء المجتمع العربي بخطواته نحو ذلك الانجراف ، وقد استطاع البث الفضائي ان يوسع ذلك الانتشار لأنه أسرع وأوضح وأسهل وأيسر فهماً، وفي الوقت نفسه هو خالٍ من مراحل الترشيح (( الفلترة )) أي ان البث الفضائي قد يُستَقبَل بشكل مباشر دون حذف أو إضافة فهو خالٍ من المونتاج ، ورقابة غير المراسل مقارنتاً بالقنوات المحلية التي تخضع إلى رقابة شديدة في بعض الأحيان . ان البث الفضائي يقدم العديد من البرامج والأعمال الدرامية، والأعمال الدرامية هي الأكثر تأثيراً في المتلقي لواقعيتها أو لاقترابها بحكم إنها أعمال ترى نفسها واقعية وجذابة وقريبة من الموضوعية ، الأمر الذي جعل الدراما أكثر اهميتاً في نظر الجمهور مما دعا المنتجين إلى دعمها مالياً لأنها ستعود عليهم بمردود مالي . الدراما تحتاج إلى أموال هائلة كي تكون مؤثرة ومنتشرة بشكل كبير حيث ان غزارة إنتاج الدراما تحتاج إلى أموال طائلة فما ورد في المصادر يتبين ان غزارة الإنتاج الدرامي تبرز في الولايات المتحدة الأمريكية بحكم قدرتها على الإنفاق في إنتاج تلك الأعمال ، من هنا لم تتمكن أوربا بكاملها أن تنتج ربع إنتاج الولايات المتحدة الأمر الذي دعي كل قنوات البث العالمية وليس العربية فقط إلى أن تستعين بالإنتاج الأمريكي لتؤمن استمرار البث وتشبع رغبات المتلقي فالمتلقي دائم البحث عن الأفضل والأحداث والأمتع ، الواقع أن غزارة الإنتاج التي تتمتع بها أمريكا اكسبها التقنية العالية والخبرة في الإنتاج ليكون إنتاجها هو الأفضل والأمتع والأحدث ، وهذا الأمر قاد الجهات المنتجة في العالم إلى تقليد الإنتاج الأمريكي الممتع والحديث والمفضل فهو أنموذجا يستعان به في إنتاج أي عمل جديد تنتجه الجهات المنتجة خارج أمريكا ، أي إن الأساليب الإنتاجية والأفكار والموضوعات التي تطرحها الأعمال الأمريكية أصبحت تقليداً لكل الجهات المنتجة الأخرى لضمان نجاحها وتسويقها . هنا سيقوم المؤلف بتحليل نموذج يبين الدور الإخراجي في خلق التأثيرات بالأطفال عنوان العمل : تيمون وبومبا (مسلسل كارتوني للأطفال) ( Timon & Pumbbaa ) Produced by Walt Disney -TV Animation Directed by Tony Carig &Roberts Cannaway Story board by Cynthia Perovic –Mark Swan & Wendell Washer Story editor Roberts cannaway Music by Stephen James Taylor Main title theme Elton John عناوين حلقات المسلسل التي تم تحليلها Isle of manhood Bumble in the jungle –plus: Beethoven’s whiff Beetle Romania Putting on The Brits اختار المؤلف عمل خاص بالأطفال كان قد عرض من قنوات عربية حيث حلل المؤلف لعمل مسجل من قناة الـ(mbc) العربية ، وهذا العمل ببساطته التي لا تلفت النظر قد حمل موضوعات مثيرة ، حيث تناول العديد من الأفكار والتوجهات التي تقود الطفل ان ينغمس بالعولمة ومن دون ان يشعر ، حيث ان هذا العمل بالواقع قد تناول الحيوانات البريئة التي لا يمكن لرب الأسرة ان يشعر بأنها ذات أهداف وأغراض تعرب عن العنف أو العولمة ،كون ان التناول قد أتى بجملة من التوهين أو الانسيابية التي لا يتحسسها المشاهد العادي ، لذا فان المؤلف سيسلط الضوء على بعض الحلقات من هذا العمل الكارتوني الخاص بالأطفال مبينا فيه كل الأمور المتعلقة بالأفكار والتوجهات الخاصة التي تناشد العنف أو العولمة . تناول العمل موضوع خنـزير اسمه بومبا مع صديقه المرافق له تيمون ، العمل يستعرض جملة من المواقف الطريفة التي كثيرا ما تضحك المتلقي ويرغبها الأطفال ، وهذا الأمر كثيرا ما يحقق استقطاب للمتلقين ، إلا ان العمل وضمن جملة من المواقف أو المشاهد التي تناولها طرح العديد من القضايا التي لا يمكن وان تتواءم مع التوجهات التربوية النافعة للطفل ، حيث كان العمل قد تناول جملة من المواقف التي تشجع الطفل على العنف الذي كثيرا ما نادت به العولمة ، فهناك الكثير من المشاهد الخاصة بالتحطيم والتكسير وخصوصا مشاهد تحطيم وتكسير الآلات الموسيقية عندما قامت الحيوانات بالعزف على تلك الآلات الموسيقية ، فالعمل كان قد تناول في حلقة (Bumble in the jungle –plus: Beethoven’s whiff ) سيمفونية معروفة لبيتهوفن (القدر) وبأسلوب ساخر ، إلا ان المشاهد عبرت عن العنف في تحطيم كل الآلات الموسيقية المستخدمة في العزف وهذا الأمر في الواقع هو كثيرا ما يتردد قي الأعمال الكارتونية التي غالبا ما تظهر العديد من الأشياء من أمتعة وآوني وأغراض ثمينة تظهر وهي تتحطم أو تتلف بصورة مضحكة ومشجعة ، وعلى ما يبدو ان الهدف من هذا الحال هو التشجيع على الاستهلاك بشكل أو بآخر ، أيضا العمل كان قد تناول الهيمنة الأمريكية من خلال المشاهد التي تعبر عن دور الشخصيات الأمريكية وهيمنتها على مجرى أحداث العمل ، فهناك العديد من المواقف التي تظهر في العمل كانت ترتهن دوما بظهور ملك الغابة الذي يفصل الأحداث ، العمل على سبيل المثال كان قد اختتم أو انتهى بظهور الملك الذي هو الأسد وذلك بان تكون المكانة للملك في إنهاء وحسم الأمور ، فهناك مشاهد عبث ومطاردات عنيفة لا تنتهي في العمل إلا بتدخل الأسد الذي تهابه كل الحيوانات فيفصل الموقف ، والملك هنا مرتبط ارتباط شكلي وضمني بالأسد الملك (Lion King's) ، ذلك العمل الكارتوني المشهور الذي حقق أرباح خيالية وشهرة واسعة للغاية ، حيث ان هذا الفيلم الكارتوني عبر بكل صراحة عن هيمنة أمريكا على العالم من خلال هيمنة الأسد على الغابة ، حيث صور هذا العمل العالم على شكل غابة، وصور أيضا أمريكا على أنها الأسد في هذه الغابة ،وكون ان الملك هو تجسيد لأمريكا المرتسمة بالأسد فقد ظهر الأسد في العينة على هذا الأساس ، ومن الجدير بالذكر ان هذا العمل هو بالأساس مشتق من الفلم الكارتوني Lion King's ) لأنه كثيرا ما ظهرت هذه المفردة في العمل التي تشير الى الملك الأسد ،والفيلم بالأساس يؤكد على ما ذكر من هيمنة أمريكا على العالم عبر هيمنة الأسد وسيطرته التامة على الغابة . لقد تناول العمل العديد من المشاهد التي أعربت عن العنف والقوة، فهناك تأكيد واضح للعنف من خلال استخدام القوة الجسمانية العنيفة في حسم الأمور وهناك العديد من الاستخدامات التي تناشد العنف في العمل ، فبالإضافة الى استخدام القوة الجسمانية هناك تأكيد صريح لاستخدام الأسلحة العسكرية ، فكثير من المشاهد بالعمل استعرضت الصورايخ العسكرية وكثير من المشاهد في العمل استخدمت المدافع الثقيلة خصوصا في الحلقة التي تناولت موضوع الحدود وجواز السفر ، حيث استخدمت العديد من الوسائل العسكرية أو الوسائل العنيفة التي أظهرت حجم كبير للعنف ، لقد استعرض العمل الدور الذي يحققه الجندي في قمع الموقف الإنساني ،ففي مشهد لمحاولة المرور عبر الحدود بين العمل من الدور الذي يعبث به الجندي في الموقف الإنساني من خلال المطالبة بوثائق السفر للمرور، أيضا هناك استخدام صريح للموسيقى التصويرية التي تعرب عن العنف بكل أشكاله ، فالموسيقى كثيرا ما تضمنت العديد من الاستخدامات الخاصة بالمؤثرات الصوتية العنيفة والتي تتمثل بأنواع عديدة لأصوات الأسلحة الفتاكة أو المعدات الثقيلة أو الاستخدامات المشابهة ، الواقع ان العنف كثيرا ما ناشدت به العولمة وهو الأمر الذي يؤكد ما ذهب إليه المؤلف في نشر الأفكار العولمية . لقد تناول العمل موضوع يبدو خفي وغير ملموس بأغلب الأحيان ، وهو موضوع الابتعاد عن القيم السماوية وذلك من خلال التأكيد على القيم التي لا تتواءم مع ما تناديه القيم السماوية من حسن الأخلاق والفضيلة والنبل ، ففي العمل العديد من المشاهد التي تؤكد الإغواء والرشوة والاقتراب من الغرائز البشرية ، لقد وجدت العديد من المشاهد الواضحة والصريحة التي تحث على دور المرأة المغرية في قضاء الحاجات أو الرشوة أو حسم المواقف ،فقد كان العمل جمع العديد من المشاهد التي تؤكد الإغراء عبر التعري أو عبر الأجساد النسائية ،حيث هناك مشاهد كثيرة تناولت المرأة المغرية وخصوصا في مشهد إغواء الجندي الذي يقف على الحدود والذي لا يرضخ أمام كل القوى ويستسلم أمام المرأة المغرية ، وهناك مشاهد للنساء يظهرن بالمايوه للإغراء ومشاهد أخرى للتأثيرات الجنسية عبر الكعكة التي تظم فتاة شبه متعرية ، وهناك مشاهد أخرى تؤكد التغييب للقيم السماوية من خلال الاستعانة بالعراف أو الاستعانة بالخرافات ، ففي إحدى الحلقات تأكيد واضح على هذه الأمور من خلال تعزيز دور العرافات في إحلال اللعنات أو من خلال الكرات السحرية أو الكرات البلورية ، أيضا هناك أمر مهم في العمل بهذا الجانب ألا وهو موضوع خلق التعاطف مع بومبا الذي هو أساسا من الحيوانات التي حرمها الله سبحانه وتعالى ،فهذا الأمر إنما هو تهميش للقيم السماوية ، من جانب آخر هناك تناول للعمل في قبول الإذلال أو الاهانه، فالعمل قد بين ان التنازلات التي يمكن ان يدفع بها بومبا وتيمون يمكن ان ترضي الجندي الذي يقف على الحدود في العبور ،كذلك العمل أكد على مبدأ المحاصرة لتحقيق الأغراض فالعمل يشير بشكل أو بآخر بان هناك أمر مهم للغاية ألا وهو الحصار ،حيث تناول العمل موضوع الحصار الذي يفرض كعقوبة على تيمون وبومبما في حال عدم الموافقة على المطالب أو الشروط ،وهذا الأمر بالواقع إضافة إلى انه يؤكد الإذلال أو الاهانه فانه في ذات الوقت يؤكد أيضا على الهيمنة أو الغطرسة الممكنة في أي وقت ،وكأنه نوع من التهديد للردع أو الارتداد . لقد بين العمل في طياته العديد من المواقف التي دائما ما تركز على الأفكار العولمية التي تدعوا الى اللامركزية أو الى تهميش دور الحكومات وذلك من خلال العديد من الأحداث في مجرى العمل والتي لا تمنح الحكومات دور فعال ، فهناك العديد من المواقف التي أعربت عن الفوضى أو الـلا التزام بالقواعد والأنظمة وهي كثيرا ما تحفز على حالة اللامركزية للحكومات، بل أنها كثيرا ما تهدد وتؤكد التمرد أو الانفلات ، فالعمل كثيرا ما استعرض الفوضى المتعمدة أو حالة اللا التزام بالقوانين أو الوحشية المفرطة في التعامل اليومي ،حيث استعرض العنف أو الفوضى أو الوحشية على أساس أنها المكاسب والانتصارات من خلال استغلال الفرص ، وكأن الحياة مبنية على أساس الكسب أو الربح في استغلال الفرص ، ان العمل قد بين في كل حلقاته تقريبا حالة الكراهية والنفور والعداء المستمر إما بين تيمون وبوبمبا أو ما بينهم وبين قطب آخر ، لتظهر كل المشاهد على أساس ارتجالي عنيف ، بل ان من بين المشاهد ما هو تأكيد على الرجولة من خلال القوة الجسدية ومن خلال القدرة على حسم الأمور بالقوة ،فهناك حلقة بعنوان (isle of manhood )تستعرض أحداث لاختبار الرجولة من خلال القدرة على استخدام الأسلحة الفتاكة والقدرة على العمل الحربي العنيف ،كاستخدام الأسلحة العسكرية من مدافع وصواريخ وقنابل ، وهنا لابد من الإشارة إلى ان العمل كثيرا ما أكد على موضوع الصواريخ الحربية حيث ان العمل في اغلب حلقاته استخدم الأشكال والصور التي تستعرض الصواريخ النووية ، بل ان الكارتات التي تطهر عناوين بعض الأحداث أو الحلقات كثيرا ما ضمت في رسوماتها أشكال الصواريخ التي تحيط بالكلمات التي تعرب عن الدلالات في العناوين . على ضوء التحليل توصل المؤلف إلى النتائج آلاتية: 1.توافر العنف والأفكار والتوجهات الخاصة لظاهرة العولمة والموجهة للطفل في العينة . 2.توافر العديد من القيم والأفكار التي تمهد لنشر العنف وأفكار العولمة للمراحل القادمة. 3.اعتماد الكثير من التقنيات الدرامية لبلورة العنف والمضامين الجديدة كأسلوب من الأساليب التي تعتمده العولمة في نشر الانعكاسات الجديدة المؤثرة في الأطفال . 4.تغافل العديد من الجهات المسئولة عن الأطفال للتوجهات التي تأتى من البرامج الخاصة بالطفل والدليل على ذلك عرض هذه الجهات المزيد من البرامج المناظرة لعينة البحث للأطفال. على سبيل التقديم والختام : ((هنالك الكثير ممن يمتلكون المحطات التلفزيونية وخصوصا الفضائية يساهمون بقصد أو دون قصد في تحطيم المفاهيم السائدة عند الشعوب من خلال إقحامهم المزيد من المظاهر الغربية وفرضها على المجتمعات بشكل أو بآخر بحجة ( الجمهور عاوز كده) ويشاركهم في هذا التحطيم كل من المخرج والسينارست ومن يعمل معهم ، كونهم القادة الفعليين للمجتمعات من خلال قيادتهم للأعمال الفنية ، لذلك فان الكثير من الأنظمة الدكتاتورية تخشى على كرسي العرش فتهيمن على كافة أنواع ووسائل الإعلام ، بل أنها تنفق ملايين الدولارات على إعلامها الداخلي والخارجي ليقينها بالتأثيرات أو المشاكل التي يمكن ان تسببها السينما أو القنوات التلفزيونية )) . لماذا هذا الكتاب ولمن ؟ مع تفاقم أعداد القنوات وزيادة مساحة البث الفضائي العربي تزايدت الحاجة للكوادر العاملة في مجال الكتابة للنصوص ومجال الإنتاج الفيلمي للقنوات ، وهو ما دعا إلى ان تنخرط العديد من الفئات البشرية المختصة وغير المختصة في العمل الفيلمي لتلك القنوات ، فهناك كم هائل ممن لا تتوافر فيهم الشروط اللازمة للعمل في القنوات أو البث الفضائي تربعوا على عرش التخصصات الدقيقة والمهمة في العمل الفيلمي أو البث الفضائي ، وهو ما قاد إلى ان تتردى الكثير من القنوات الفضائية بحكم اللا تخصص ، وبذات الوقت برزت من القنوات الفضائية ما هي متفوقة ومثيرة ومتميزة على الكثير من القنوات الفضائية الاخر لتستحوذ على إعجاب المتلقين . التميز أو التفوق الذي حصل عند بعض القنوات لم يكن يأتي من فراغ أو من قبيل الصدفة بل هناك كثير من الدواعي والأسباب ما جعلت النتيجة تكون لبعض القنوات دون الأخرى ، والواقع ان حتى التردي لبعض القنوات هو سبب لان تبرز وتظهر القنوات المتدربة أو المنتظمة من حيث أعداد كوادرها المتخصصة ، وكل ذلك على حساب القنوات المتردية من حيث التنظيم أو التخصص لدى كوادرها لتكون محط مقارنة مع القنوات الجيدة وبالتالي تتفوق عند المقارنة القنوات المتدربة أو المنتظمة على القنوات غير المنتظمة ، فهناك كم كبير من القنوات الفضائية العربية لا تزال لا تدرك أو تعي معنى التخصصات الفنية في العمل الفضائي ولا تعي حجم التطور الذي يمكن ان يحدث لو أنها دربت كوادرها لتكون متخصصة بالعمل . التفوق الذي نحن بصدده كان أولى دواعيه هو التخطيط والإعداد الجيد للكوادر العاملة وكل ذلك يكمن بحكم التخصص والتدريب والخبرة، فهناك متابعة وتنسيق وتركيز على كل مفاصل العمل في البث الفضائي، واهم من ذلك هو التخصص والخصوصية للعاملين الذين يعملون دون أي تدخل أو تجاهل للعمل الذي يقومون به، والواقع ان من أولى التخصصات المهمة في البث الفضائي هي تلك التخصصات التي تنـتج العمل الفني أو الدرامي الذي هو بالنهاية الهدف المنشود من القناة بحكم انه هو الذي يصل للمتلقين، واهم أولئك العاملين بهذا التخصص السينارست والمخرج ، فهاتين التخصصين من التخصصات الرئيس في البث الفضائي كونهما الأساس لطبيعة المواد التي ستوثر بالمتلقي، وكذلك ان هاتين التخصصين هما الأساس لخلق الكوادر الصحيحة، كون ان كل الأعمال في البث الفضائي تتأسس على هاتين التخصصين ، بما في ذلك التنسيق أو التخطيط أو الإدارة للقناة التلفزيونية أو السينمائية، حيث ان مهندس الإرسال على سبيل المثال ليس له دور مؤثر على المتلقي، وكذلك هو الحال مع الفنيين الآخرين في البث من كهربائيين أو عاملين في الفيديو أو محاسبين أو موظفي خدمات أو ما الى ذلك من المهن التي يمكن الحصول عليها بسهولة وبساطة بحكم أنها مهن متوافرة كثيرا في المجتمعات أو الحياة اليومية ، على العكس من تخصصات السيناريو أو الإخراج أو التخصصات المرتبطة والمساعدة لها . اغلب العاملين في مجال الإنتاج التلفزيوني بالقنوات الفضائية المتميزة هم ممن تدربوا وتمرسوا على العمل في القنوات الفضائية ، ناهيك عن ان اغلب هذه النخبة هم ممن درسوا وتخرجوا من كليات أو معاهد ومراكز متخصصة في الإنتاج التلفزيوني ، لذلك يبرز تفوق وتميز في العمل عبر هذه النخبة المتمرسة بالمقارنة مع عمل اقرأنهم غير المتدربين أو غير المتمرسين ، هنا تظهر إشكالية القنوات غير المتميزة فهي بأغلب الأحيان لا تستقطب المتلقين، فهذه القنوات لديها الرغبة بان تحقق المزيد من التفوق والتميز ببثها بل وإنها تحلم بان تناطح القنوات العالمية ، لكن يبقى الطموح مغاير بأغلب الأحيان للواقع ، وهذا لا يعني ان هذه القنوات عليها الركوع أو الخنوع للحال كما هو، لتغلق بثها وتستجيب للفشل الذي حل بها بعد ان أنفقت ملايين الدولارات لتحقيق البث، بل ان هناك رأي أو حل آخر ..... ؟ بالتأكيد ان لديها المزيد من الفرص لكي تحقق ما تحلم أو ما تطمح له ، ولكن ؟ !!!. التجارب العديدة للعمل الفني تشير الى ان كم هائل من الحلول الناجعة من شانها ان تقلب الحال وتجعل من أي قناة ناجحة لو إنها اعتمدت الحكمة ، من خلال التوسم بالتخصصات الدقيقة وتدريبه وتوعيتها للعمل كي تكون مؤهلة ، بمعنى ان العمل يمكن ان يكون ناجح في حال توافر من هو متخصص ليسهم ويعمل على تطوير الممارسين أو المشتركين في العملية الإنتاجية ، ان الفن هو بالأساس هو وليد تراكمات ان لم يكن أساسا محاكاة للعديد من التجارب حسب ما جاء في العديد من الآراء في الفن ، حيث يمكن الاستفادة من المتخصصين في بلورة إمكانيات ممن هم غير متخصص ليكونوا متخصصين مع مرور الزمن واستمرار التجربة، فاغلب الكبار من الفنانين تتلمذوا على يد أساتذة سبقوهم في التجربة، ومن بعد ذلك تطور فنهم وأصبحوا في عداد المتخصصين في العمل الفني . في البث الفضائي الأمر هذا يمكن ان يطبق ويتحول الى حقيقة في حال تبنيها ، هناك كم كبير من المختصين في الحرفة الفنية يمكن الاستعانة بهم لتطوير أو خلق كوادر تجيد العمل في البث الفضائي ، وهنا لابد من التأكيد على ان من يطور العمل هم ممن لهم الخبرة والقدرة على الإبداع والخلق في مجال العمل التلفزيوني ، وأيضا هنا لابد من التأكيد على ان ليس كل من له خدمة في العمل التلفزيوني هو مؤهل لان يطور العمل بل بالعكس لربما يكون هو الفي
    انتهى

      الوقت/التاريخ الآن هو 2024-05-17, 03:09